هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

عقب دعوة «داعش» الجماعات المسلحة للانضمام إليه

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟
TT

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه.
وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».
وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت «تنسيقية حركات الأزواد»، في مارس (آذار) الماضي، عدم اعترافها بمسودة الدستور الجديد لمالي.
وكانت التنسيقية قد علَّقت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مشاركتها في آليات تنفيذ «اتفاق الجزائر للسلام»، وانضمت إليها غالبية المجموعات المسلحة الموقِّعة على الاتفاق.
وتتهم حركات «أزواد» الحكومة بعدم تطبيق الاتفاق الموقع عام 2015، فيما ترد الحكومة بـ«انشغالها في مكافحة الحركات (الإرهابية)».
من جهتها، تحاول الجزائر إنقاذ اتفاق السلام المهدد بالانهيار، وقالت الخارجية الجزائرية إن الوزير أحمد عطاف «أجرى لقاءات شملت مباحثات مع القيادات العسكرية للسلطة الانتقالية في مالي، وممثلي الحركات المالية الموقّعة على الاتفاق».
وتوجت اللقاءات حسب بيان صدر عن الوزارة الخميس بـ«تأكيد التزام الجميع بالاتفاق».
وكانت المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي أجلت الاستفتاء الدستوري الذي كان من المقرر إجراؤه في 19 مارس الماضي، ليتجاوز الجيش الموعد النهائي الأول للبرنامج الزمني للمشاورات الذي وضعه بنفسه، وكان يفترض أن يفضي إلى انتخابات في فبراير (شباط) 2024 بهدف عودة المدنيين إلى السلطة.
وطرد العسكريون الماليون الجنود الفرنسيين في 2022 في أجواء من التوتر الشديد وطلبوا مساعدة روسيا عسكرياً وسياسياً.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال محمد أغ إسماعيل، الباحث المالي في العلوم السياسية، إن «دعوة تنظيم داعش للجماعات المسلحة للانضمام إليه تمثل استثماراً في الخلافات بين السلطة و(الحركات الأزوادية)».
وتوقع إسماعيل أن «يؤدي استمرار الخلافات إلى زيادة النفوذ (الإرهابي)». مشيراً إلى أن «الدعوة تعد تطوراً خطيراً يثبت فشل الاستراتيجية الراهنة لجميع الفاعلين في مالي».
ورأى أن «تزايد العنف في البلاد يعرقل عملية الانتقال السياسي»، داعياً إلى «العمل على تسوية الخلافات مع (الحركات الأزوادية)، ما يدعم التنسيق معها في مواجهة (الإرهاب)».
وأشار الباحث المالي إلى «ضرورة الإسراع في تسليم السلطة للمدنيين، الأمر الذي من شأنه أن يخفف التوتر مع المجتمع الدولي ويوفر دعماً لوجستياً للبلاد لفرض الأمن».
وفي فبراير (شباط) الماضي، قالت تقارير إن مباحثات سرّية جرت بين أحد قيادات تنظيم «القاعدة» في منطقة الساحل وجماعات مسلحة في شمال مالي.
وحسب التقرير، فإن القيادي في «القاعدة» هو إياد أغ غالي، وهو من عرقية الطوارق، ويرأس «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تقاتل تنظيم «داعش» من أجل النفوذ في منطقة الساحل.
ونشر منبر إعلامي تابع لجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، تسجيل فيديو لما وصفه بـ«بيعة قبائل» في ولاية ميناكا، شمال مالي، لقائد الجماعة أغ غالي.
وتشهد ولاية ميناكا ومناطق أخرى في مالي منذ العام الماضي تنافساً على النفوذ والموارد بين تنظيمي «داعش» و«القاعدة». وتسبب ذلك في مقتل العشرات من الجانبين ومئات المدنيين.
وزاد عدد الهجمات «الإرهابية» المنفذة في غرب أفريقيا بمعدل 55% خلال العام الماضي، وفقاً لتقديرات «مؤشر الإرهاب» للعام 2022، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام الدولي.
وارتفعت حصة المنطقة من مجمل وفيات في العالم الناجمة عن عمليات إرهابية من 1% في 2007 إلى 35% عام 2022.
وتصدرت بوركينا فاسو ومالي والنيجر قائمة بلدان المنطقة من حيث عدد ضحايا الإرهاب، إذ سقط في الدول الثلاث مجتمعة نحو ألفي شخص خلال 2022.
ورأى أحمد سلطان، الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، أن «تنظيم (داعش) يحاول كسب مزيد من الزخم في منطقة الساحل، واستثمار انتصارات حققها في الآونة الأخيرة على (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين)، وسيطرته على عدد من القرى في شمال مالي كانت تقليدياً منطقة نفوذ (القاعدة)».
وأوضح سلطان أن «(داعش) يحاول استغلال الهشاشة الأمنية في الدولة والتي أدت إلى زيادة وتيرة المجندين المنضمين للتنظيم».
وأضاف أن «(داعش) يرى أن الصراع مع فرع (القاعدة) في تلك المنطقة هو صراع صفري، لذلك يحاول استقطاب كل العناصر المحتملة من الجماعات المسلحة بما في ذلك مقاتلو القاعدة و(الجماعات الأزوادية)».
ورأى سلطان أن «نفوذ (القاعدة) في هذه المنطقة لا يزال أقوى وأكبر، لكن (داعش) يحقق انتصارات لافتة مؤخراً». وتوقع أن «تحتدم المواجهة العنيفة بين (داعش) و(القاعدة) في الفترة المقبلة».


مقالات ذات صلة

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم هجوم إرهابي يودي بحياة مدير ديوان رئيس مالي الانتقالي

هجوم إرهابي يودي بحياة مدير ديوان رئيس مالي الانتقالي

أعلنت الرئاسة الانتقالية في دولة مالي، أمس (الخميس)، مقتل مدير ديوان الرئيس و3 أشخاص آخرين، كانوا ضمن وفد تابع لرئاسة الدولة، تعرض لهجوم إرهابي في منطقة نارا الواقعة على بعد 400 كيلومتر إلى الشمال من باماكو، غير بعيد من الحدود مع موريتانيا، وهي المنطقة التي ينشط فيها مسلحون تابعون لـ«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب». وقالت الرئاسة في بيان صحافي إن الهجوم أسفر عن مقتل الضابط عمر تراوري، الذي كان يشغل منصب مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد آسيمي غويتا، كما قتل في الهجوم محمد سانغاري، وهو رقيب أول كان يعمل عنصر أمن في الرئاسة، وألاسان ديالو وكان سائقاً في الرئاسة، بالإضافة إلى موسى توري وهو مقاول ي

الشيخ محمد (نواكشوط)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».