دعت نجلاء بودن، رئيسة الحكومة التونسية، أمس، مسؤولي الدولة إلى تمرير ملفات الجرائم المالية إلى «لجنة الصلح الجزائي مع مرتكبي الجرائم المالية»، التي شكلها الرئيس قيس سعيّد لاسترجاع الأموال المنهوبة، وتوجيهها لمشروعات تنمية في المناطق الفقيرة. ودعت المسؤولين الحكوميين إلى إحالة الملفات التي «لها علاقة بالأعمال والممارسات التي ترتبت عنها أو يمكن أن تترتب عنها منافع غير مشروعة، والتي تسببت في ضرر مالي للدولة، حتى لو لم تترتب عنها جرائم أو تتبعات قضائية أو إدارية، في عدة مجالات» إلى هذه اللجنة.
وعددت رئيسة الحكومة المجالات التي يمكن أن تمثل فرصاً لنهب الثروات العمومية، وأبرزها المال العام، وملك الدولة العام والخاص، والرشوة وغسل الأموال، والضرائب، والجمارك والصرف، والسوق المالية والمؤسسات المالية.
وتأمل الدولة التونسية من هذه الخطوة، التي عدّها البعض تسامحاً مع ناهبي المال العام والمفسدين، في استرجاع ثروة مالية تقدر بنحو 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.3 مليار دولار)، بعد أن نُهبت خلال العقود الماضية. غير أن بعض الخبراء في المجالين الاقتصادي والقانوني يتوقعون مجابهة صعوبات كثيرة في هذا الملف، وأبرزها عزوف المتهمين بالفساد المالي عندما يتعرضون للتشهير عن تمويل مشروعات تنمية في المناطق الفقيرة والمهمشة.
وطالبت رئيسة الحكومة الوزراء والولاة ورؤساء البلديات والمديرين العامين ورؤساء المؤسسات العمومية، وكذا رؤساء الهيئات العمومية، بتمكين «اللجنة التونسية للصلح الجزائي» من جميع المعلومات والمعطيات والوثائق، وغيرها من الأدلة المتصلة بمطالب الصلح الجزائي، دون مجابهتها بالسر المهني، أو بحماية المعطيات الشخصية أو سرية الأبحاث الجزائية، موضحة أنه يتعين على الجهة المعنية أن تجيبها عن الطلب في أجل أقصاه 10 أيام من تاريخ توصلها بالمطلب، وهو ما سيتيح لهذه اللجنة تحصيل الأموال المنهوبة في مدة زمنية أقصاها 6 أشهر كما حددها الرئيس حين تعيينه لأعضاء هذه اللجنة.
وكان الرئيس سعيد قد عين أكرم بن منا رئيساً لـ«لجنة الصلح الجزائي»، ودعا خلال شهر فبراير (شباط) الماضي إلى ضرورة تذليل كلّ الصعاب من أجل أن تحقق اللجنة أهدافها «حتى تعود الأموال المنهوبة من الشعب إلى الشعب»؛ وفق تعبيره.
من جانبه؛ أكد رئيس هذه اللجنة تلقيه عشرات الطلبات لإجراء الصلح طبقاً لأحكام المرسوم الرئاسي، المتعلق بـ«الصلح الجزائي وتوظيف عائداته»، موضحاً أن المبالغ المالية التي يمكن استعادتها «ستكون مهمة، وقد تصل إلى مئات المليارات».
يذكر أن المرسوم الرئاسي المتعلق بالصلح الجزائي مع «مرتكبي الجرائم المالية والاقتصادية» حدد 5 مراحل لإتمام ملف الصلح. وتتمثل المرحلة الأولى في إحالة الطلب إلى القطب القضائي للصلح الجزائي. أما المرحلة الثانية فتتمثل في إبرام الصلح طبقاً لأحكام القانون الجزائي وقانون الصلح، بينما تشترط المرحلة الثالثة إيداع الأموال المستخلصة بعنوان الصلح الجزائي، وحفظها في حساب الخزينة العامة للبلاد. وبعد ذلك يجري تحديد المشروعات من قبل الشركات الأهلية ذات النفع الاجتماعي، والتي يجري إحداثها للغرض في مستوى كل منطقة. وتنتهي هذه المراحل بتوقيع الصلح من قبل القطب القضائي للصلح الجزائي بعد إيداع الأموال كاملة لدى الخزينة العامة وفقاً لمضمون الحكم القضائي.
الحكومة التونسية تتحرك لاسترجاع «الأموال المنهوبة»
تقدر بنحو 4.3 مليار دولار... ويُعوّل عليها لدفع التنمية
الحكومة التونسية تتحرك لاسترجاع «الأموال المنهوبة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة