البرلمان الأوروبي يدعو لتعليق برامج دعم «الاتحاد» لتونس

بسبب «تدهور» وضع حقوق الإنسان وارتفاع وتيرة الاعتقالات

جانب من المظاهرات التي نفذها اتحاد الشغل رفضاً لسياسات الرئيس سعيد (رويترز)
جانب من المظاهرات التي نفذها اتحاد الشغل رفضاً لسياسات الرئيس سعيد (رويترز)
TT

البرلمان الأوروبي يدعو لتعليق برامج دعم «الاتحاد» لتونس

جانب من المظاهرات التي نفذها اتحاد الشغل رفضاً لسياسات الرئيس سعيد (رويترز)
جانب من المظاهرات التي نفذها اتحاد الشغل رفضاً لسياسات الرئيس سعيد (رويترز)

دعا البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، إلى تعليق برامج دعم الاتحاد الأوروبي لوزارتي العدل والداخلية في تونس؛ بسبب «تدهور» وضع حقوق الإنسان في البلاد. وعبّر، في بيان، عن قلقه العميق إزاء ما سماه «استغلال» الرئيس التونسي قيس سعيد للوضعيْن الاجتماعي والاقتصادي «السيئين» لعكس مسار التحول الديمقراطي في البلاد.
كما دعا البرلمان السلطات التونسية إلى إطلاق جميع المعتقلين «تعسفياً»، واحترام حرية التعبير، وتكوين الجمعيات وحقوق العمال، بما يتماشى مع دستور البلاد والمعاهدات الدولية، مديناً أيضاً خطاب الرئيس سعيد ضد المهاجرين الأفارقة، ووصفه بأنه «عنصري»، داعياً سلطات البلاد إلى الامتثال للقوانين الدولية.
وأعلن البرلمان، في بيان نشره، عقب جلسة خُصّصت لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في تونس وإيران وكمبوديا، قلقه العميق من «النزعة الاستبدادية» للرئيس سعيد، واستغلاله الوضعيْن الاجتماعي والاقتصادي الكارثيين في البلاد للانقلاب على الانتقال الديمقراطي التاريخي في تونس. وطالب بالإفراج عن الصحافيين المعتقلين، والقضاة والمحامين والنشطاء السياسيين والنقابيين، واحترام حرية التعبير، وفقاً للدستور التونسي والمعاهدات الدولية.
في سياق ذلك، حضّ أعضاء البرلمان الأوروبي الرئيس التونسي على وقف حملته «القمعية» ضد المجتمع المدني والإفراج عن جميع المعتقلين تعسفياً، كما طالبوا بوقف برامج دعم الاتحاد الأوروبي الموجهة لوزارتي العدل والشؤون الداخلية.
وتشنُّ قوات الأمن في تونس، منذ أسابيع، حملة إيقافات شملت سياسيين من المعارضة، ونشطاء ورجال أعمال للتحقيق في شبهات ترتبط بالتآمر على أمن الدولة وفساد مالي والإرهاب، وأودع القضاء عدداً منهم السجن.
وتقول المعارضة، ومن بينها أساساً «جبهة الخلاص الوطني»، التي تمثل أكبر تجمع سياسي معارض للرئيس سعيد، إن التهم «ملفقة وتستهدف تصفية الخصوم، وتقويض الانتقال الديمقراطي» للبلاد.
وطالب أعضاء البرلمان الأوروبي منسق السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل، والدول الأعضاء، بإدانة تدهور أوضاع حقوق الإنسان في تونس بشكل علني، وتعليق برامج الدعم المخصصة لوزارتي العدل والشؤون الداخلية. كما أدان البرلمان خطاب الرئيس قيس سعيد بشأن تشديد القيود على المهاجرين المنحدرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
ويقول الرئيس سعيد، الذي دفع بدستور وبرلمان جديدين بعد إعلانه التدابير الاستثنائية في 2021، إنه يعمل على مكافحة الفساد المتفشي بمؤسسات الدولة وتصحيح مسار الثورة.
وحظي قرار البرلمان الأوروبي بموافقة 496 صوتاً، واعتراض 28، وامتناع 13 نائباً عن التصويت.
يأتي هذا القرار قبيل ساعات قليلة من إعلان «وكالة أنباء تونس أفريقيا»، اليوم، ارتفاع الدَّين العام بنهاية ديسمبر 2022 إلى 114.7 مليار دينار تونسي. كما يأتي بعد توقيف مسؤول نقابي في وزارة الثقافة، وهو ثاني نقابي يجري توقيفه خلال شهرين، مما يهدد بتأجيج الخلاف بين «اتحاد الشغل»، الذي يتمتع بنفوذ قوي، وبين الرئيس قيس سعيد.
وقال مسؤول في «الاتحاد العام التونسي للشغل»، لوكالة «رويترز» للأنباء، إنه «جرى الاحتفاظ بعبد الناصر بن عمارة، كاتب عام النقابة الأساسية، لموظفي وأطر وزارة الثقافة، بدعوى إهانة الوزيرة عقب توجهه للقاء موظفين محتجّين على نقلة تعسفية في الوزارة».
كما ألقت الشرطة، الشهر الماضي، القبض على أنيس الكعبي، وهو مسؤول نقابي، عقب تنظيم إضراب في أكشاك الطرق السريعة، مما دفع صحيفة «الاتحاد العام التونسي للشغل» إلى اتهام سعيد بإعلان الحرب على النقابة التي تقول إنها تضم نحو مليون عضو. وبعد ذلك نظّم «اتحاد الشغل» احتجاجات حاشدة في العاصمة ومدن أخرى، منذ الشهر الماضي؛ في استعراض للقوة بعد حملة سعيد الأخيرة ضد المعارضين.
وإضافة إلى الكعبي، اعتقلت الشرطة، خلال الأسابيع الأخيرة، أكثر من 12 شخصية معارضة بارزة، واتهمتهم بالتآمر على أمن الدولة.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
TT

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)
مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

قرّرت محكمة الجنايات في مصر «رفع أسماء 716 شخصاً من قوائم الكيانات الإرهابية، والإرهابيين»، ووفق إفادة للنيابة العامة المصرية، الأحد، فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف جميع قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم».

ويحق للأسماء التي تم رفعها من «قوائم الإرهاب» التمتع بكامل حقوقها القانونية، سواء في التصرف في أموالها، أو السفر والانتقال، وفق القانون المصري.

ويقضي قانون أقرّته السلطات المصرية في عام 2015 بفرض عقوبات على الأشخاص المدرجين على «قوائم الإرهاب»، تشمل وضعهم على قوائم ترقب الوصول، ومصادرة جوازات سفرهم، وتجميد أصولهم المالية. وكلفت النيابة العامة المصرية الجهات الأمنية بمراجعة الموقف الأمني للمدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، للوقوف على مدى استمرار نشاطهم الإرهابي؛ تمهيداً لرفع كل من يثبت توقف نشاطه من تلك القوائم، وفق إفادة النيابة العامة، الأحد.

وأشارت «النيابة» إلى أن «تحريات الجهات الأمنية، أسفرت عن توقف 716 شخصاً، من المدرجين بقوائم الإرهاب، عن أنشطتهم غير المشروعة، ضد الدولة ومؤسساتها»، وأضافت أن «محكمة الجنايات، وافقت على الطلب المقدم من النائب العام المصري، المستشار محمد شوقي، برفع أسمائهم من تلك القوائم».

وفي مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية، بإلغاء قرار قضائي، بإدراج نحو 1500 شخص، بينهم لاعب كرة القدم المصري السابق، محمد أبو تريكة، على «قوائم الإرهاب»، وإعادة النظر في قضيتهم.

ويرى عضو لجنة «العفو الرئاسي» في مصر، طارق العوضي، أن إجراء رفع أسماء مدرجين من قوائم الإرهاب «خطوة إيجابية تعزز مناخ الحريات بمصر»، وقال إنه «لأول مرة تقوم السلطات المصرية برفع هذا العدد الكبير من المدرجين على قوائم الإرهابيين»، داعياً الحكومة المصرية «لمواصلة إجراءات مراجعة موقف المدرجين كافة بتلك القوائم».

وأوضح العوضي لـ«الشرق الأوسط» أن «الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وجّه بالإفراج عن المحبوسين من الأشخاص الذين تم رفع أسمائهم من قوائم الإرهابيين». وربط بين خطوة رفع أسماء من «قوائم الإرهاب»، وإجراءات الحكومة المصرية لإنهاء ملف المحبوسين احتياطياً، قائلاً إن «تلك الإجراءات تعكس إرادة سياسية لإنهاء تلك الملفات، وتعزيز مناخ الحريات».

واستجاب السيسي لتوصيات «الحوار الوطني» بمصر (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية «الحبس الاحتياطي»، وأكد على «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطي، وضرورة الحفاظ على طبيعته بوصفه إجراءً وقائياً تستلزمه ضرورة التحقيق، دون أن يتحول لعقوبة»، وفق إفادة للرئاسة المصرية في أغسطس (آب) الماضي.

جلسة محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» بتهمة «الانضمام إلى جماعة على خلاف القانون» (أ.ف.ب)

وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2013، وعدّتها «جماعة إرهابية». ويخضع مئات من قادة وأنصار الجماعة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا تعلّق معظمها بـ«التحريض على العنف»، وصدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن المشدد والمؤبد.

ورأى رئيس «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، طارق رضوان، أن «مراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية، خطوة نحو تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي»، مشيراً إلى أن «توجيه الرئيس المصري بمراجعة المدرجين على قوائم الإرهاب، يعكس التزامه بمبادئ العدالة وحقوق الإنسان».

وأوضح رضوان، في إفادة، الأحد، أن «ملف الكيانات الإرهابية والمدرجين على قوائم الإرهاب، من القضايا الحساسة التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار الاجتماعي»، ورأى أن مراجعة الحكومة المصرية لهذا الملف «خطوة تعزز قيم التسامح ومصداقيتها في محاربة الإرهاب»، وأشار إلى أن «هذه الخطوة ستسهم في تحسين الصورة العامة لمصر محلياً وخارجياً، وتُظهر التزامها بمبادئ حقوق الإنسان وحكم القانون».