«الوحدة» الليبية لتشديد إجراءات تأمين العاصمة

«النواب» ينفي اجتماع رئيسه مع بلحاج في الأردن

مجلس النواب الليبي (النواب الليبي)
مجلس النواب الليبي (النواب الليبي)
TT

«الوحدة» الليبية لتشديد إجراءات تأمين العاصمة

مجلس النواب الليبي (النواب الليبي)
مجلس النواب الليبي (النواب الليبي)

نفى مجلس النواب الليبي، تقارير عن اجتماع رئيسه عقيلة صالح، الذي يزور الأردن حالياً، مع عبد الحكيم بلحاج، الزعيم السابق للجماعة الليبية المقاتلة، لكنه التزم الصمت حيال إعلان رئيس لجنة تابعة لمجلس النواب، عقد اجتماع مع سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي.
وقال رئيس لجنة «التواصل السياسي» بمجلس النواب، فتح الله السعيطي، في تصريحات إنه «بحث مع نجل القذافي آخر تطورات المشهد السياسي في ليبيا، وسبل دعم إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية»، لافتاً إلى أنه «أكد توحيد الجهود السياسية الوطنية، وضرورة انعقاد الانتخابات من دون إقصاء أو تهميش، وأدرج الاجتماع في إطار مساعي تحريك حالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد».
ويرى مراقبون أنه «إذا صحت هذه المعلومات فسوف يكون هذا هو أول لقاء من نوعه بين نجل القذافي ومسؤول في مجلس النواب بعد مرور 12 عاماً على الثورة التي أطاحت بنظام القذافي عام 2011».
ورداً على معلومات نشرتها وسائل إعلام محلية ليبية، ادعت عقد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، اجتماعا سريا مع بلحاج في العاصمة الأردنية عمان، بتنسيق من عبد الباسط البدري سفير ليبيا هناك. قال عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»: «لا علم لي بالاجتماع، ولا أعتقد حدوثه». بينما لم يرد البدري على اتصالات متكررة بالخصوص.
وكان صالح، قد استغل اجتماعه مع رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، ورئيس مجلس الأعيان الأردني، فيصل الفايز، للإعراب عن شكره وتقديره للملك عبد الله الثاني على ما وصفه بـ«دعم الأردن المتواصل والدائم لليبيا وشعبها».
ونقل عن الفايز تأكيده على «مواقف الأردن الثابتة تجاه الشعب الليبي في دعم خياراته، وتحقيق تطلعاته في التنمية والازدهار، ومن أجل وحدة ليبيا واستقرارها، وتوحيد الصف الليبي، والتوصل إلى حل سياسي يعيد الأمن والاستقرار لشعبها، ويساهم في بناء المؤسسات فيها».
كما نقل عن الخصاونة استعداد حكومته للتعاون مع ليبيا في مختلف المجالات، لا سيما فيما يتعلق ببناء القدرات في المجال الطبي والبنية التحتية.
واجتمعت (الأربعاء) في تونس، اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 التي تضم طرفي النزاع العسكري في ليبيا بحضور عبد الله باتيلي، رئيس البعثة الأممية. وقالت مصادر عسكرية إن الاجتماع الذي يحضره عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان الجيش الوطني، ومحمد الحداد، رئيس أركان قوات حكومة الدبيبة، سيستكمل النقاش حول توحيد المؤسسة العسكرية واختيار رئيس أركان موحد. وكان باتيلي قد أعلن أن لجنة 5 + 5 ستتولى إلى جانب عملها، إجراء الحوارات الأمنية لتهيئة الأجواء للانتخابات الرئاسية المؤجلة.
واستبق الحداد، الاجتماع، بالتأكيد خلال زيارة إلى مركز التدريب التخصصي بحرس الحدود، على ضرورة المضي قُدماً لفرض قوة الدولة والقانون لحماية الحدود من أي اختراقات وتهديد للأمن.
من جهتها، أعلنت إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد بقيادة المشير خليفة حفتر، اعتقال وحدات من الجيش لأحد أفراد التنظيمات الإرهابية، في عملية خاصة استغرقت ساعة، مشيرة إلى أنه من الأعضاء الفاعلين للآلة الإعلامية الداعمة لهذه التنظيمات في تسويق الافتراءات على وحدات الجيش. وأوضحت أن العملية تمت، تنفيذا لتعليمات قيادة الجيش بفرض القانون في الجنوب، والاستمرار في متابعة ورصد أفراد الجماعات الإرهابية.
وكان حفتر قد اجتمع بمقره في بنغازي (مساء الثلاثاء) مع المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى ليبيا، وسفير فرنسا مصطفى مهراج، لكنه لم يفصح عن فحوى اللقاء.
بدوره، قال مهراج إنه تم خلال ما وصفه بالاجتماع البناء مع حفتر «تأكيد دعم فرنسا للمبعوث الأممي، بعد إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، وخريطة الطريق التي اقترحها من أجل انتخابات في نهاية العام الجاري».
إلى ذلك، سعى عماد الطرابلسي وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لتأكيد سيطرته على مقاليد الأمور الأمنية، بعد الاحتقان الذي شهدته العاصمة طرابلس أخيراً على خلفية خلافه مع العقيد محمد الخوجة، رئيس جهاز «الهجرة غير المشروعة»، وما تلاه من تحشيدات متبادلة.
وقال الطرابلسي إنه تابع مع مديري أمن طرابلس، والجفارة، وجنزور، وتاجوراء، النواحي الأربع، آخر المستجدات والنتائج حول الخطة الأمنية لتأمين العاصمة طرابلس وضواحيها. كما ناقش الصعوبات التي تواجه سير العملية الأمنية ووضع الحلول العاجلة لها من أجل تقديم أفضل الخدمات الأمنية للمواطنين.
إلى ذلك، أبلغ اللواء مصطفى الأسود، مدير مديرية أمن شحات، وكيل وزارة الداخلية، بإغلاق مقر مجلس شحات البلدي، تجنباً لحرقه من قبل متظاهرين يطالبون بإقالة العميد وأعضاء المجلس، بسبب «قوائم القروض السكنية» التي أعلنتها البلديات أخيراً بتوجيه حكومي. وقال في رسالة نشرتها وسائل إعلام محلية إن «هذا الإجراء يأتي عقب إحراق متظاهرين لمقر مجلس سوسة البلدي».
في المقابل، استغل فتحي باشاغا، رئيس حكومة الاستقرار الموازية، غير المعترف بها دوليا، حادث قارب للمهاجرين قرابة السواحل الإيطالية، للمطالبة بفتح تحقيق دولي ووضع سياسات ناضجة من قبل السلطات الإيطالية والاتحاد الأوروبي. واعتبر أن ذلك «لن يتحقق مع وجود حكومة (غير شرعية) في طرابلس عاجزة عن الاضطلاع بمسؤولياتها الأمنية والإنسانية»، (في إشارة إلى حكومة الدبيبة).
لكن الدبيبة تجاهل هذه الملاحظات، واجتمع بمنزله مع وفد من أعضاء مجلس ورفلة الاجتماعي من مدن عدة، حيث نقل عن الحضور إشادتهم بجهود حكومته لعودة الحياة بكل المناطق الليبية، بما في ذلك مدينة بني وليد، بعد فترة تهميش خلال السنوات الماضية. كما أكدوا دعمهم للجهود المحلية والدولية لإجراء الانتخابات باعتبارها الحل الحقيقي لكل المشاكل السياسية والاقتصادية التي تعانيها البلاد.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟