الصين تعيد فتح أبوابها للسياحة بعد إغلاق 3 سنوات

«كبار السن» يدفعون بكين لرفع سن التقاعد

سيارات في أحد شوارع العاصمة الصينية بكين بينما تضرب عاصفة ترابية البلاد (إ.ب.أ)
سيارات في أحد شوارع العاصمة الصينية بكين بينما تضرب عاصفة ترابية البلاد (إ.ب.أ)
TT

الصين تعيد فتح أبوابها للسياحة بعد إغلاق 3 سنوات

سيارات في أحد شوارع العاصمة الصينية بكين بينما تضرب عاصفة ترابية البلاد (إ.ب.أ)
سيارات في أحد شوارع العاصمة الصينية بكين بينما تضرب عاصفة ترابية البلاد (إ.ب.أ)

تستأنف الصين بدءاً من الأربعاء، إصدار «كل أنواع تأشيرات الدخول»، بما فيها السياحية، بعد قيود مشددة فُرضت لمدة 3 أعوام أدت إلى إغلاق البلاد أمام العالم بسبب وباء «كوفيد - 19».
وكانت الصين، أول دولة ينتشر فيها الفيروس الذي كان غير معروف آنذاك، أغلقت فجأة في مارس (آذار) 2020، كل حدودها أمام حاملي تأشيرات الدخول، وبينهم حاملو تصاريح الإقامة، خشية انتشار موجة جديدة من الإصابات الوافدة من الخارج.
وفي أوج الوباء، وجد كثير من المقيمين الأجانب أنفسهم غير قادرين على دخول البلاد بعد مغادرتهم الصين، فيما خفضت السلطات الصينية عدد الرحلات الدولية بشكل كبير. لكن تم تخفيف هذه الإجراءات تدريجياً مع استئناف منح تأشيرات الدخول الخاصة بالأعمال أو للم شمل العائلات. لكن الحركة بين الصين والخارج بقيت محدودة جداً على مدى نحو 3 سنوات، بسبب فرض حجر إلزامي عند الوصول إلى الأراضي الصينية لكل الوافدين.
ورفعت الصين فجأة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، معظم الإجراءات التي فرضتها خلال 3 سنوات، وكانت من بين الأكثر صرامة في العالم وأثرت بشدة على اقتصادها وأثارت احتجاجات في كل أنحاء البلاد.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، تخلت السلطات الصينية عن الحجر الصحي الإلزامي للمسافرين الوافدين من الخارج، وهو كان من أبرز الإجراءات في إطار استراتيجية «صفر كوفيد» التي اعتمدتها الحكومة. وكان تعليق تأشيرات الدخول السياحية منذ عام 2020، آخر إجراء لا يزال سارياً ضمن السياسة الصحية المشددة هذه.
وبدءاً من الأربعاء، ستبدأ الصين مجدداً بإصدار «كل أنواع تأشيرات الدخول» للرعايا الأجانب، بحسب مذكرة نشرتها وزارة الخارجية الصينية. ونشرت سفارتا الصين في الولايات المتحدة وفرنسا إلكترونياً، مذكرة مماثلة. وبالإضافة إلى طلبات جديدة ستتم دراستها والموافقة عليها، ستتيح التأشيرات الصادرة قبل 28 مارس (آذار) 2020، التي لا تزال صالحة، لحامليها دخول الصين، كما ورد في المذكرة.
وسيتيح الإعلان للوافدين إلى شنغهاي على متن سفن سياحية أو إلى جزيرة هاينان السياحية (جنوب)، وكذلك لبعض المجموعات السياحية الوافدة من هونغ كونغ ومكاو ومن دول منضوية برابطة دول جنوب شرقي آسيا، السفر من دون تأشيرة.
ويأتي هذا الإعلان غداة اختتام الدورة السنوية المهمة للبرلمان الصيني الذي صادق على تولي الرئيس شي جينبينغ ولاية جديدة من 5 سنوات، هي الثالثة له على رأس البلاد وتعيين رئيس وزراء جديد. وقد حذر رئيس الوزراء الصيني لي كيانغ الاثنين، من أنه سيكون من الصعب لبلاده أن تحقق هذه السنة هدفها؛ النمو البالغ «نحو 5 في المائة»، أحد أدنى مستويات النمو منذ عقود في القوة الاقتصادية الثانية في العالم.
وسجلت الصين في عام 2022 نمواً بنسبة 3 بالمائة، بفارق كبير عن الهدف الأساسي المحدد بـ5.5 بالمائة، تحت تأثير القيود الصحية وأزمة العقارات التي انعكست بشكل فادح على النشاط الاقتصادي.
وقبل إغلاق حدودها أمام العالم، استقبلت الصين في 2019 نحو 65.7 مليون زائر دولي، بحسب أرقام منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة. ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي، بات بإمكان الرعايا الصينيين مغادرة البلاد مجدداً للقيام بجولات سياحية. وخلال الوباء، وحدها التنقلات لأسباب طارئة كان يسمح بها، فيما علقت السلطات الصينية إصدار جوازات سفر.
وفي سياق منفصل، قالت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية يوم الثلاثاء، نقلاً عن ‬‬خبير كبير يعمل بوزارة الموارد البشرية الصينية، إن الصين تخطط لرفع سن التقاعد بشكل تدريجي، وعلى مراحل للتعامل مع زيادة أعداد كبار السن في البلاد.
وقال جين ويغانغ، رئيس الأكاديمية الصينية لعلوم العمل والضمان الاجتماعي، إن الصين تتطلع إلى «مسار تقدمي ومرن ومتنوع لرفع سن التقاعد»، ما يعني أنه سيزيد لعدة أشهر في بادئ الأمر وسيرتفع تباعاً فيما بعد.
ونقلت صحيفة «غلوبال تايمز»، المدعومة من الدولة، عن جين قوله إن «من قاربوا على سن التقاعد سيكون عليهم تأجيل التقاعد لعدة أشهر». وأضاف أن الشباب قد يعملون لعدة سنوات أكثر، ولكنهم سيتمتعون بفترة ‬‬تكيف وانتقال طويلة، موضحاً أن «أهم ميزة في الإصلاح هي السماح للأفراد باختيار موعد تقاعدهم وفقاً لظروفهم وحالتهم».
ولم تعلن الصين بشكل رسمي بعد رفع سن التقاعد الذي يصنف ضمن الأدنى في العالم، وهو 60 عاماً للرجال و55 عاماً للنساء العاملات في وظائف إدارية، و50 عاماً للنساء العاملات بالمصانع.
وقال رئيس الوزراء الصيني الجديد لي كيانغ يوم الاثنين، إن الحكومة ستجري دراسات وتحليلات دقيقة لطرح سياسة حكيمة في هذا الشأن. وبينما يتراجع عدد سكان الصين البالغ 1.4 مليار نسمة وتتقدم أعمارهم، يتزايد الضغط على ميزانيات المعاشات، وهو ما يجعل الأمر أكثر إلحاحاً لصانعي السياسات لمعالجة الأمر... ويرجع ذلك جزئياً إلى سياسة تحديد النسل التي لم تكن تسمح لكل زوجين سوى بإنجاب طفل واحد منذ عام 1980 إلى عام 2015.
وتتوقع اللجنة الوطنية للصحة في الصين أن عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فأكثر سيزداد من 280 مليوناً إلى أكثر من 400 مليون بحلول عام 2035، ليتساوى مع إجمالي عدد السكان الحالي في بريطانيا والولايات المتحدة مجتمعتين.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.