حور القاسمي لـ «الشرق الأوسط»: بينالي الشارقة يتناول التاريخ والحاضر من وجهة نظر إنسانية ـ فنية

الشيخة حور القاسمي رئيسة «مؤسسة الشارقة للفنون» (الشرق الأوسط)
الشيخة حور القاسمي رئيسة «مؤسسة الشارقة للفنون» (الشرق الأوسط)
TT

حور القاسمي لـ «الشرق الأوسط»: بينالي الشارقة يتناول التاريخ والحاضر من وجهة نظر إنسانية ـ فنية

الشيخة حور القاسمي رئيسة «مؤسسة الشارقة للفنون» (الشرق الأوسط)
الشيخة حور القاسمي رئيسة «مؤسسة الشارقة للفنون» (الشرق الأوسط)

تدعونا رئيسة «مؤسسة الشارقة للفنون»، الشيخة حور القاسمي، قيّمة الدورة 15 من «بينالي الشارقة للفنون»، المستمرة حتى 11 يونيو (حزيران) 2023، إلى فتح دفاتر التاريخ وتفكيك حقبات الاستعمار وما بعده، لنتأمل في شكل حاضرنا من خلال 300 عمل فني، غالبيتها لفنانات رائدات من جنوب الكرة الأرضية.
تحاول القاسمي إعلاء صوت الشعوب الأصلية ومقاومتها للاستعمار وتوسيع رقعة الرواية الشعبية مقابل الرسمية، في المناطق المعتّم عليها في التاريخ الرسمي العالمي الاستعماري. فتحضر قضايا العُمّال، والعنصرية، والعنف، والتهجير، وطمس الهويات، واستغلال الثروات، والسجون، وأدوار الإخضاع الاجتماعي على مراحل زمنية متعددة.
تقول القاسمي في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، إن «(بينالي الشارقة) لا يمثل، العام الحالي، مجرد دورة واحدة، إنما ذروة لما سبقها من دورات، وبناء علاقات وحوارات متنامية على مدى 3 عقود، في إطار السعي نحو انتزاع الطابع الإقليمي من سياقنا المحلي، بالتعاون مع نظرائنا الإقليميين عبر منظومة ما بعد الاستعمار».
وترى أن «تناول التاريخ ليس جرأة ولا هروباً من الحاضر، إنما مسؤولية، لأننا إن لم نطرح هذه القضايا فلن يطرحها غيرنا، وإن لم نتجرأ بالمبادرة فلن يتجرأ أحد على طرحها». وتعترف: «تأثرت بثقافة والدي وولعه بالتاريخ، لكنني فنانة معاصرة وبصرية وأفكر بالإحساس والنفس البشرية، وأتناول التاريخ والحاضر من وجهتي نظر فنية وإنسانية غير أكاديمية وغير سياسية، لأن سياسات الدول بعيدة عن الإنسان أحياناً».
ركّزت القاسمي على أعمال النساء، «اخترت فنانات رائدات لديهنّ مشاريع فنية توثيقية تحمل قضايا ووجهات نظر أكثر حساسية، إنما لم أسوّق أو أستثمر ذلك في الإعلام».
تتميّز هذه الدورة برؤية واسعة المدى وجغرافيا مكثّفة مُحكمة. تشرح القاسمي: «أنا مهووسة بشغلي وأنظم طريقة عملي في رأسي بدقة كما ترون في البينالي، وأعرف كل الفنانين الذين أشتغل معهم، وأحياناً كثيرة أسافر إلى آخر الدنيا لأرى شغلهم وأعيش معهم تجارب واقعية في بلدانهم، ونتناقش في الفكرة ونبلورها معاً كي تتلاءم مع التيمة ومكان العرض».
حوار الأمكنة ولامركزية الفن
توظّف القاسمي رئيسة رابطة البينالي الدولية، هوية الشارقة والفضاءات التراثية المستضيفة للبينالي، لمحاورة الأعمال الفنية. وتقول: «المكان جزء أساسي من شغلي، وعندما بدأتُ العمل على الدورة الـ15، تساءلت: لماذا مركز الفن دائماً في الغرب؟ وأردتُ تحريكه من مكانه والاتجاه نحو جنوب الكرة الأرضية، فحرّرت الفن من المركزية وعدم حصره في العواصم، وهو نهج بدأناه منذ سنوات في الشارقة».
لكن هذه السنة تضاعفت الأعمال فوزّعت على 5 مدن، و«اخترنا مراكز تاريخية لها حكايات في الذاكرة الجَمعية، وافتتحنا فضاءات إضافية للفن، وحوّلنا مثلاً عيادة طبيّة في مدينة الذيد (شرق الشارقة) إلى مركز ثقافي، وقصر تراثي إلى متحف، وكذلك سوق جُبيل للخضار ومركز خورفاكان للفنون ومصنع كلباء للثلج وروضة كلباء...».
تضيف: «أردت أن يتواصل أهل المنطقة مع الأعمال المعروضة التي تحاكي تاريخهم مثل عمل (صحراء سيناء) المعروض في الذيد وهي منطقة زراعية. وكذلك تجهيز وعرض الفنان العراقي الأميركي مايكل راكويتز عن العودة، في مزرعة الشيخ خالد بن محمد».
هذه الأمكنة ستبقى مفتوحة للمجتمع المحلي طوال العام مع برمجة مخصصة لكل الفئات العمرية.
أفريقيا ونقص التمثيل
تحضر القارة الأفريقية وشتاتها بشكل لافت في هذه الدورة. تشرح القاسمي: «عندما نتحدث عن الاستعمار في التاريخ ونقص التمثيل والقضايا المعتّم عليها، تحضر أفريقيا الغنية بإرثها الثقافي، في بالنا أولاً. وعلاقتي بها هي استمرار لعلاقة الشارقة الجيّدة بالقارة السمراء، ومؤسسة الشارقة أقامت معارض في دول أفريقية وأسّسنا معهداً للدراسات الأفريقية في 2018».

سفير سياحي - ثقافي
بعد 20 سنة من إدارتها البينالي، تؤكد القاسمي أنه «يُعدّ اليوم من أهم التظاهرات على الخريطة الفنية الدولية، والفنانون يتحمسون للمشاركة به وممتنون لذلك، كما يجسّد عامل تسويق ثقافي وسياحي للشارقة أو لنقل هو سفيرها».
وبعد 30 سنة من تأسيسه، تفتخر القاسمي بالأثر الكبير الذي تركه البينالي على المجتمع الإماراتي. «كل عام يرتفع عدد الزوار لأضعاف، ولم يعد الفن المعاصر سؤالاً معقداً ومادة بعيدة عن متناول الأطفال والشباب والناس العاديين، بل عملنا ليكون جزءاً من الثقافة اليومية، وغالبية موظفي مؤسسة الشارقة كانوا متطوعين أو مشاركين بورشاتنا التي فتّحت عيونهم على عالم واسع من الفن المحفّز للتأمل والنقد الذاتي والحوار، ومنهم من تخصّص بالفنون وتنظيم المعارض في أهم الجامعات».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
TT

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)
كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)

عادت قضية «الأفروسنتريك» للواجهة مجدداً في مصر، مع انتشار إعلان لأحد قيادات حركة «الأفروسنتريك» ودعاتها المشهورين، يدعي البروفسير كابا كاميني، عن إنتاج فيلم وثائقي حول الأصول الأفريقية للحضارة المصرية القديمة، والإعلان عن قرب زيارته لمصر، وفق متابعين له.

وتصاعدت حملةٌ على وسائل التواصل تشير إلى أن «وجود كابا في مصر غير مرحب به»، وتصدر اسمه «الترند» على «إكس» في مصر، الأربعاء، تحت عنوان «مش عايزين كابا في مصر».

وأعلن «البروفسور كابا»، كما يسمي نفسه على صفحته بـ«فيسبوك»، عن فيلم وثائقي تم إنتاجه بالفعل، ومن المقرر عرضه يوم 20 يونيو (حزيران) الحالي بعنوان «نيجوس إن كيميت»، وترجمتها «الملك في مصر» أو «الملك في الأرض السوداء»، وقُوبل هذا الإعلان بسيل من التعليقات على صفحة الناشط الأميركي مفادها أنه «غير مرحب به في مصر».

ونشرت صاحبة حساب على «إكس» تدعى «جيسي يسري» صورة لكابا وهو يمسك مفتاح الحياة «عنخ» وكتبت معلقةً أن هذا هو «كابا» زعيم «الأفروسنتريك» الذين يقولون إنهم أحفاد المصريين القدماء، وإن المصريين الحاليين دخلاء على مصر. ولفتت إلى أن «كابا» سيأتي إلى مصر الجمعة المقبل 20 يونيو (حزيران) الحالي، وأنه نظم تجمعاً اسمه «زنوج كيميت»، ومن المعروف أن «كيميت» هو اسم قديم لمصر، ويعني «الأرض السوداء»، وطالبت صاحبة التعليق الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والسياحة بأن يتخذوا الاحتياطات اللازمة، وأن يحرصوا على أن يرافقه مرشدون سياحيون مثقفون وطنيون، لمنع المهازل التي حصلت في زياراته السابقة، وفق تعبيرها.

وعلّق البعض متسائلاً لماذا لا تمنعه وزارة الداخلية من دخول مصر طالما أنه غير مرغوب فيه؟ وتصاعدت تعليقات أخرى ترفض حضوره إلى مصر وتدعو لمنعه من دخولها، في مقابل تعليقات أخرى تدعو لتجاهله وعدم إعطائه قيمة كبيرة لأن الاهتمام به بهذا الشكل يمنحه شهرة.

بينما نشر آخرون ما يفيد بأن المصريين القدماء رسموا الأفارقة على المعابد كأسرى وعبيد مقيدين، رداً على مزاعم «الأفروسنتريك».

وتتكرر بين فترة وأخرى مزاعم من بعض أنصار «الأفروسنتريك» تنسب الحضارة المصرية القديمة إلى الأفارقة السود، وتدعي أن مصر الحديثة تستولي على هذا الإرث وتنسبه إلى غير أصله، وهو ما يصفه عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف مكتبة الإسكندرية، بأنها «ادعاءات تفتقر إلى الأساس العلمي، ولا تستند إلى أي أدلة أثرية، لغوية، أو بيولوجية معتمدة».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضارة المصرية القديمة نشأت على ضفاف النيل، وتميزت باستقلالها الثقافي والديني واللغوي، ولم تكن حضارة معزولة، بل تفاعلت مع محيطها، مع احتفاظها بهويتها المتفردة، والدراسات العلمية المستندة إلى تحليل المومياوات، والنقوش، والفن الجنائزي، واللغة المصرية القديمة، تؤكد جميعها أن سكان مصر القديمة كانوا من أصول محلية تشكلت تاريخياً داخل وادي النيل، ولا يمكن اختزالهم في تصنيفات عرقية حديثة».

أحد منشورات كابا حول الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويدعو عبد البصير إلى التعامل مع مثل هذه الحركات على 3 مستويات، «أولاً المنع إذا ثبت الضرر بالأمن القومي أو التحريض على الكراهية، ثانياً عدم التضخيم الإعلامي لهم حتى لا يحصلوا على شهرة لا يستحقونها، ثالثاً تقوية أدوات المعرفة والدفاع الثقافي الوطني عبر برامج وخطط التوعية المتنوعة».

وتأسست حركة «الأفروسنتريزم» أو «الأفروسنتريك» في ثمانينات القرن العشرين على يد الناشط الأميركي أفريقي الأصل موليفي أسانتي، الذي قدم العديد من الكتب، بل وأنشأ معهداً للأبحاث باسمه يسعى من خلاله لإعادة تقييم وتقدير الثقافة الأفريقية وإثبات مركزيتها في الحضارات القديمة، وفق تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية.

فيما يشير عالم الآثار المصري، الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، إلى وجود «حرب شرسة من (الأفروسنتريك) على الحضارة المصرية تتعدد أشكالها، تمثلت في عرض شبكة (نتفليكس) فيلم (الملكة كليوباترا) الذي يسيء إلى الحضارة المصرية، ويُظهر الملكة كليوباترا ببشرة سوداء ترويجاً لفكر (الأفروسنتريك) بأن الحضارة المصرية أصلها أفريقي في تحدٍ واضحٍ للرفض المصري من متخصصين وغيرهم لهذا الطرح».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «الدعوات التي تطالب بمنع دخول دعاة هذه الحركة إلى مصر تعتمد على رأي الجهات الأمنية، وإذا لم تتمكن فصراعنا هو صراع هوية ومجابهة الغزو الفكري تعتمد على تعزيز الهوية وبناء الإنسان المصري، وتأكيد عمق وجذور الشخصية المصرية وهو أقوى الأسلحة»، مطالباً بـ«خطة ممنهجة وممولة من وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار لمجابهة (الأفروسنتريك) عبر برامج إعلامية موجهة باللغة العربية وعدة لغات لتوضيح حقيقة الهوية والشخصية المصرية عبر العصور، لأن هذه الحركات هدفها الطعن في الهوية».

وسبق أن تصاعدت قضية «الأفروسنتريك» في مصر مع إنتاج شبكة «نتفليكس» فيلماً عن الملكة كليوباترا عام 2023، يظهرها ببشرة سمراء وشعر مجعد، وهو ما اعترضت عليه وزارة السياحة والآثار، ووصفته بـ«تزييف التاريخ» و«المغالطة الصارخة»، ونشرت أدلة تؤكد الملامح اليونانية التي كانت تتمتع بها الملكة البطلمية، صاحبة البشرة البيضاء والملامح الرقيقة، وأكدت الوزارة وقتها بالأدلة وفحوصات الحمض النووي للمومياوات أن «المصريين القدماء لا يحملون ملامح الأفارقة».

جانب من الصور التي نشرها كابا عن الفيلم الوثائقي (صفحته على «فيسبوك»)

ويرى الخبير السياحي والباحث في الحضارة المصرية القديمة، بسام الشماع، أن «(الأفروسنتريك) الذين يدّعون أن الحضارات الأفريقية القديمة التي كانت قائمة جنوب الصحراء تم السطو عليها من المصريين، لم ينجحوا في إثبات ما يدعونه، بل وأرى هناك مبالغة في إعطائهم أكثر من قدرهم»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «من واقع خبرتي كمرشد سياحي أرى مبالغة كبيرة في إعطاء هذه الحركة قيمة، فهم يحاولون منذ نحو 100 سنة أن يرسخوا فكرهم ولكنهم فشلوا، وحين تم إنتاج فيلم (الملكة كليوباترا) السمراء أثبتت الإحصاءات أنه حصل على أقل نسبة مشاهدة في تلك الفترة».

وأشار إلى محاولات أخرى لسرقة الحضارة المصرية أو تزييفها، موضحاً: «هناك محاولات من اليهود للسطو على الحضارة المصرية ومحاولات من الأميركيين والتقنيين لترويج فكرة أن الكائنات الفضائية هي التي صنعت الحضارة المصرية، وهذه الدعاوى هي ما يجب أن نواجهها بالتوعية العلمية المنضبطة».

وأضاف الشماع أن «زمن المنع انتهى، لن نستطيع منع هؤلاء من دخول مصر، بل بالعكس فكرة تصويرهم على أنهم عبيد أو المنع سيجذب التعاطف معهم عالمياً، لذلك يجب أن يتم مواجهتهم بشكل عملي أكثر جدية»، ودعا إلى «إقامة مؤتمر دولي أمام الأهرامات يضم كبار العلماء في الحضارة، ينتهي بتوصيات تنفي كل المزاعم التي تشاع عن الحضارة المصرية القديمة، مثل مزاعم (الأفروسنتريك) أو الكائنات الفضائية أو المزاعم اليهودية حول الحضارة المصرية».