نصف سكان سوريا «يواجهون الجوع»

أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد بعد 12 عاماً من الصراع... وزلزال مدمر

سيدة سورية تحمل مساعدات غذائية (برنامج الغذاء العالمي)
سيدة سورية تحمل مساعدات غذائية (برنامج الغذاء العالمي)
TT

نصف سكان سوريا «يواجهون الجوع»

سيدة سورية تحمل مساعدات غذائية (برنامج الغذاء العالمي)
سيدة سورية تحمل مساعدات غذائية (برنامج الغذاء العالمي)

قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، في بيان، إن متوسط الأجر الشهري في سوريا يغطي حالياً نحو ربع الاحتياجات الغذائية للأسرة فقط، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية في الوقت الذي ترزح فيه البلاد تحت آثار 12 عاماً من الصراع الدامي وبعد زلزال مدمر أوقع آلاف الضحايا الشهر الماضي.
وأوضح البرنامج أن نحو 12.1 مليون شخص، أي أكثر من 50 في المائة من السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي حالياً، كما أن هناك 2.9 مليون شخص آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع. ولفت إلى أن أحدث البيانات يظهر أن سوء التغذية «آخذ في الارتفاع، مع وصول معدلات التقزم بين الأطفال وسوء التغذية لدى الأمهات إلى مستويات غير مسبوقة».
وقال كين كروسلي المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا إن السوريين «يتمتعون بالمرونة بشكل ملحوظ ولكن هناك مدى لما يمكن للأشخاص تحمله... قصف وتهجير وعزلة وجفاف وانهيار اقتصادي والآن زلازل ذات أبعاد مذهلة. في أي مرحلة سيقول العالم كفى؟».
وأوضح البرنامج أن زلازل 6 فبراير (شباط) الماضي جاءت في ظل ارتفاع لأسعار المواد الغذائية في سوريا، مشيراً إلى أن سلة المواد الغذائية الأساسية التي يقيس عليها برنامج الأغذية العالمي نسبة تضخم أسعار الغذاء «تضاعف سعرها خلال 12 شهراً. ومن المتوقع أن يستمر المسار التصاعدي لسعر السلة الغذائية التي هي الآن أغلى 13 مرة مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات».
وقال برنامج الأغذية إن الزلازل الأخيرة سلطت الضوء على الحاجة الماسة إلى زيادة المساعدات الإنسانية في سوريا، ليس فقط للأشخاص المتضررين من الزلازل ولكن أيضاً للذين يعانون بالفعل من الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية، وأزمة الوقود، والصدمات المناخية المتتالية. وأضاف أن معدلات التقزم بين الأطفال وصلت إلى 28 في المائة في بعض أجزاء سوريا، وانتشر سوء التغذية لدى الأمهات ليصل إلى 25 في المائة في شمال شرقي سوريا.
وتصنف الآن سوريا التي كانت تتمتع بالاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم مع الاعتماد الشديد على الواردات الغذائية. وأدى تضرر البنية التحتية وارتفاع تكلفة الوقود والظروف الشبيهة بالجفاف إلى هبوط إنتاج القمح في سوريا بنسبة 75 في المائة.
ويقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدات غذائية لـ5.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا. لكن أزمة التمويل التي يواجهها البرنامج في سوريا تهدد بتقليص المساعدات في الوقت الذي فيه الناس في أمس الحاجة إليها، بحسب ما جاء في البيان الصحافي. وقال البرنامج إنه يحتاج «بشكل عاجل إلى 450 مليون دولار أميركي حداً أدنى لمواصلة المساعدات لأكثر من 5.5 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا حتى نهاية العام. ويشمل ذلك 150 مليون دولار أميركي لتوفير المساعدات الغذائية لمدة ستة أشهر لـ800.000 شخص تضرروا من الزلزال».
وقالت كورين فلايشر المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية إن العديد من السوريين يرددون عبارة «لقد نسانا العالم الآن». وأضافت: «نحن بحاجة إلى الأموال لمواصلة توفير الغذاء لملايين العائلات - حتى يتمكن السوريون من تأمين غذائهم من جديد».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: الاحتفاء الواسع بـ«6 أكتوبر» يتفاعل مع الاضطرابات الإقليمية

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان الاحتفال بتخريج دفعات جديدة من طلبة الكليات العسكرية الخميس الماضي (الرئاسة المصرية)

برغم مرور 51 عاماً على حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، تشهد مصر منذ أيام احتفالات واسعة بالنصر على إسرائيل، الذي تحلّ ذكراه بالتزامن مع مرور عام من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي امتدّت تداعياتها مؤخراً إلى لبنان، وسط مخاوف «عميقة» من زيادة حدة الاضطرابات الإقليمية.

وتصدّرت وسومات #انتصارات_أكتوبر_المجيدة و#النصر، و#الضربة_الجوية، وغيرها الترند في مصر، مع مشاركات لمَشاهد مصوَّرة من الحرب، واحتفاء بقادتها، وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تزامناً مع احتفالات رسمية وعروض عسكرية وفنية كبيرة، عدَّها خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، تحمل في طياتها رسائل «طمأنة وردع»، في ظل الاضطرابات الإقليمية الحالية.

السيسي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالقيادة الاستراتيجية ويهنئ الشعب المصري بذكرى 6 أكتوبر (الرئاسة المصرية)

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في منشور عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد: «سيبقى نصر أكتوبر المجيد نقطة فارقة في تاريخ مصر المعاصر، ورمزاً لشموخها وعزتها»، وأضاف: «النصر أكّد أن التلاحم بين الشعب والقوات المسلحة هو الحصن المنيع الذي يصون الدولة المصرية طوال تاريخها».

الاحتفالات بذكرى «6 أكتوبر» بدأت مبكراً مع حفل تخريج طلاب الكليات العسكرية، الخميس الماضي، الذي تضمّن عرضاً عسكرياً وفنياً «كبيراً ومبهراً»، عدّها مراقبون رسالة هامة، وتطرقت وسائل إعلام محلية عدة لرسائل الحفل، وفي برنامجه «على مسؤوليتي» على قناة «صدى البلد»، أشار الإعلامي أحمد موسى إلى تلك الرسائل، واحتفى بمقطع فيديو بثّ خلال الحفل يُظهر قوات الجيش المصري وهي تدمّر دبابات «ميركافا»، وطائرات «إف 35»، وقال إن هذا الفيديو «أرعب إسرائيل».

ونظمت القوات المسلحة المصرية معرضاً فنياً لإبداعات المحاربين القدماء، يستمر حتى الثالث عشر من شهر أكتوبر الحالي، بمقر «جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب» بالوفاء والأمل بمدينة نصر، كما نظمت هيئة البحوث العسكرية المعرض السنوي السابع عشر للثقافات العسكرية «ذاكرة أكتوبر 2024»، بـ«بانوراما حرب أكتوبر».

وبينما كثفت الفضائيات المصرية من عروضها الغنائية والسينمائية والدرامية التي تواكب ذكرى الحرب، حرص كبار رجال الدولة من وزراء ومسؤولين ومؤسسات رسمية على تهنئة الرئيس المصري احتفاءً بنصر «6 أكتوبر».

ولم يقتصر الاحتفال على الجانب الرسمي، بل امتد لوسائل الإعلام المحلية المقروءة والمسموعة والمرئية، عبر تقارير وأفلام تسجيلية وروائية تحتفي بالنصر، وببطولات قادة حرب «6 أكتوبر». وقالت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية المصرية، في أحد منشوراتها على «فيسبوك»: «نصر أكتوبر 1973... حرب أحدثت زلزالاً في إسرائيل».

وقال الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري، في منشور عبر حسابه على «إكس»: «ما أحوجنا اليوم إلى أن نستلهم روح أكتوبر، روح العزة والكرامة، لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه الوطن والأمة».

وشارك فنانون أيضاً في الاحتفاء، حيث كتبت الفنانة إنجي المقدّم، عبر حسابها على «إكس»: «في ذكرى نصر أكتوبر 1973، نحتفل بفخر ببطولات جيش مصر العظيم الذي أعاد للأمة كرامتها، واسترد أرضها، هذا اليوم سيظل رمزاً للإرادة والعزيمة التي صنعت المجد وحققت المستحيل».

وعدّ الخبير العسكري المصري اللواء سمير فرج هذا الاحتفاء الواسع بذكرى «نصر 6 أكتوبر»، بمثابة «رسالة طمأنة للشعب المصري»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاحتفاء الواسع يأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف في ظل استمرار الاضطرابات الإقليمية».

وأضاف: «كان لا بد من طمأنة المصريين بأن القوات المسلحة قادرة على الحماية والتطمين، وأيضاً توجيه رسالة للجيش بضرورة أن يكون مستعداً»، مشيراً إلى أن «الاحتفال هذا العام يحمل أيضاً رسالة لكل من يهمه الأمر خارج البلاد، مفادها أن مصر لديها جيش قوي، ولن تسمح لأحد أن يمسّ أرضها».

واتفق معه مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا الاحتفاء الرسمي الواسع أثبت جاهزية القوات المسلحة المصرية، وأنها تمتلك أحدث الأسلحة التي تتماشى مع العصر».

وأضاف: «الاحتفالات المصرية هذا العام حملت رسائل طمأنة للداخل المصري والمحيط العربي، وأكّدت أن القاهرة موجودة في قلب معادلة الاستقرار العربي والإقليمي».

من جانبه، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن الاحتفالات الرسمية بذكرى النصر جاءت «على النسق المعتاد متوافقةً مع الحدث التاريخي الجلل»، لكنها «توسّعت أكثر على المستوى الإعلامي محاوِلةً تحميل ذكرى النصر رسائل في ظل الاضطرابات الإقليمية بعد عام من حرب غزة التي لم يستطع أحد إيقافها حتى الآن»، وقال هريدي لـ«الشرق الأوسط»: «تم توظيف حرب أكتوبر هذا العام في ظل الاضطرابات الإقليمية».