انفصال جبل جليدي عملاق بحجم لندن في القطب الجنوبي

هو الثاني من نوعه الذي يسجل خلال عامين

انفصال جبل جليدي عملاق بحجم لندن في القطب الجنوبي
TT

انفصال جبل جليدي عملاق بحجم لندن في القطب الجنوبي

انفصال جبل جليدي عملاق بحجم لندن في القطب الجنوبي

كشف الباحثون عن أول لقطات جوية للجبل الجليدي الضخم الذي انفصل من الجرف الجليدي بالقطب الجنوبي بيناير (كانون الثاني)؛ فقد تم تحديد A81 (قطعة الجليد التي هي بحجم لندن الكبرى) التي انفصلت عن الجرف الجليدي Brunt بأنتاركتيكا بعد عقد من ظهور الشقوق الأولى. وقد انضمت إلى أجزاء أخرى من الأنهار الجليدية تطفو في بحر «Weddell». وهذا هو ثاني انشقاق عملاق يتم تسجيله خلال عامين.
وفي حين أن هذا الانفصال عملية طبيعية في القطب المتجمد، إلا أنه لا يزال بإمكانه إحداث فوضى في محيطه.
وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، قال عالم البيئة جيرانت تارلينغ «سيكون لجبل جليدي بهذا الحجم تأثير كبير على النظم البيئية للمحيطات التي تدعم التنوع الغني للحياة البرية البحرية الموجودة في هذه المنطقة القطبية الجنوبية. قد تكون هذه التأثيرات إيجابية وسلبية». وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص.
وتُظهر اللقطات الجوية الديناميكية، التي سجلتها هيئة المسح البريطاني لأنتاركتيكا (BAS)، مدى كتلة الجبل الجليدي المنفصل، والتي تبدو وكأنها صفيحة لا نهاية لها حتى بارتفاعها في الهواء. لكن ما يمكننا رؤيته لا يزال مجرد جزء بسيط من كتلة الجبل الجليدي، حيث يمتد معظم كتلته مئات الأمتار في الأعماق.
وفي هذا الاطار، قامت BAS بنقل محطة أبحاث كاملة لتجنب الانزلاق على قطعة الجليد العائمة الآن. كما تم نقل محطة أبحاث «هالي» 23 كيلومترًا عام 2016 بعد أن كشفت أجهزة GPS عالية الدقة وبيانات الأقمار الصناعية عن اتساع الفجوة على طول الجرف الجليدي «Brunt».
والآن تطفو A81 على بعد 150 كيلومترًا من المكان الذي كانت متصلة به سابقًا بالقارة القطبية. حيث أنها لا تشكل تهديدًا للأنشطة البشرية فحسب، بل يمكن للجبال الجليدية بهذا الحجم أن تؤثر بشكل كبير على البيئة المحلية.
ويضيف تارلينغ «عندما يذوب الجبل الجليدي فإنه سيطلق الكثير من العناصر الغذائية التي يمكن أن تفيد نمو النباتات المجهرية مثل العوالق النباتية في قاعدة شبكات الغذاء المحيطية. لكن الجانب السلبي هو أن هذا الذوبان نفسه على هذا النطاق الواسع يفرغ الكثير من المياه العذبة في المحيط؛ ما يقلل مستويات الملوحة ويجعل المياه غير مناسبة للعديد من العوالق النباتية والعوالق الحيوانية التي تتغذى عليها. ويمكن أن تتدفق هذه التأثيرات بعد ذلك إلى أعلى شبكة من الغذاء للأسماك والطيور والفقمات والحيتان».
ويواصل فريق BAS مراقبة A81 عن كثب جنبًا إلى جنب مع الجبال الجليدية الأخرى في المنطقة، بما في ذلك A76a، لمواكبة أي مخاطر قد تشكلها.
ومن المتوقع أن يتبع الطريق A81 التيار الساحلي في القطب الجنوبي، لكن A76a ينحرف نحو بعض الجزر. وتبلغ مساحته 3200 كيلومتر مربع، ويُعد A76a حاليًا أكبر جبل جليدي عائم على الأرض؛ أي ضعف حجم A81.
من جانبه، يعلق مدير مصايد الأسماك والبيئة في حكومة جورجيا الجنوبية مارك بيلشير بالقول «يبدو كما لو أن A76a قد ينتهي به الأمر في اتجاه غرب جورجيا الجنوبية».
ويؤكد تارلينغ أن «مصدر قلقنا الرئيسي في الوقت الحالي هو الخطر المحتمل للسفن العاملة في المنطقة؛ حيث يبدأ الجبل الجليدي في التفتت وإحداث قطع أصغر من الجليد؛ فإذا استمر A76a على طول مساره نحو Shag Rocks، فإن التلاعب في قاع البحر الضحل قد يكون كارثيًا لمجتمعات قاع البحر المتنوعة بيولوجيًا، بما في ذلك مناطق حضانة الأرصدة السمكية القيمة».


مقالات ذات صلة

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».