هدوء حذر بعد اقتتال عنيف بين ميليشيات مسلحة في طرابلس

مديرية أمن تاجوراء تعلن فض النزاع بوساطة الأعيان والمشايخ

الدبيبة مجتمعاً بقادته العسكريين والأمنيين بطرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مجتمعاً بقادته العسكريين والأمنيين بطرابلس (حكومة الوحدة)
TT

هدوء حذر بعد اقتتال عنيف بين ميليشيات مسلحة في طرابلس

الدبيبة مجتمعاً بقادته العسكريين والأمنيين بطرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة مجتمعاً بقادته العسكريين والأمنيين بطرابلس (حكومة الوحدة)

تجاهلت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مجددا اندلاع اشتباكات مفاجئة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في منطقة «بئر الأسطى ميلاد» بضاحية تاجوراء شرق العاصمة طرابلس، التي أسفرت، وفق تقارير غير رسمية، عن مقتل اثنين من المسلحين وإصابة 7 آخرين.
ولم يصدر تعليق من حكومة الدبيبة، أو الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لها، لكن وسائل إعلام محلية قالت إن مكتب إعلام الدبيبة، رفض التعليق على الاشتباكات، التي تعد الثانية من نوعها هذا العام بالعاصمة، مشيرة إلى أن الدبيبة لم يرد على محاولة بعض الأهالي التواصل معهم - بصفته وزيرا للدفاع - لإيجاد حل للاشتباكات.
كما التزم محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، الذي يعتبر نظريا القائد الأعلى للجيش الليبي، بالإضافة إلى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد، الصمت حيال هذه التطورات، لكن مصدرا عسكريا بالمنطقة الشرقية، أبلغ «الشرق الأوسط»، مشترطا عدم الكشف عن هويته، أن طرابلس «معرضة دائما للاشتباكات ولا يستطيع أحد منعها، نظرا لتفوق الميليشيات على أي قوات أخرى، وهي لا تمتثل للقانون والأوامر العسكرية».
وأعلنت مديرية أمن تاجوراء فض النزاع بوساطة من مشايخ وحكماء وأعيان تاجوراء، مشيرة إلى نشر دوريات للنجدة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية العاملة بالبلدية، وطمأنت المواطنين بأن «الطريق مفتوحة، والوضع تحت السيطرة».
وقال مجلس الحكماء في بيان، الاثنين، إنه تم التوصل لاتفاق يقضي بإنهاء الاشتباكات وتسلم الكتيبة الثالثة باللواء 51 جميع الطرق والنقاط التي شهدت اشتباكات بمنطقة بئر الأسطى ميلاد، بالتعاون مع مديرية أمن تاجوراء، واحتكام طرفي النزاع إلى القضاء.
ورغم تأكيد جهاز الإسعاف والطوارئ، عودة الهدوء الحذر للمنطقة، بعد قليل من إعلانه حالة النفير القصوى، جراء الاشتباكات التي طالت عددا من الشوارع، فقد طالب المواطنون بعدم التسرع بالخروج من منازلهم حتى يتم التأكد من تأمين الطريق حفاظا على سلامتهم.
ورصد شهود عيان استمرار توافد تحشيدات عسكرية لطرفي النزاع، كتيبتي «رحبة الدروع» و«أسود تاجوراء»، على خلفية خلافات بينهما، فيما أظهرت لقطات مصورة متداولة عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي كثافة النيران.
وأعلنت بلدية تاجوراء تعليق الدراسة بإحدى مدارسها، (الاثنين) بالإضافة إلى مدرسة أخرى بعين زارة نتيجة للظروف الأمنية، تزامنا مع نقل الناطق باسم جهاز الإسعاف عن فرعه في تاجوراء، استحالة التحرك داخل المنطقة دون توقف جزئي للاشتباكات، التي دفعت مستشفى في نطاقها لمطالبة أهالي نزلائه لإخراجهم.
ونصحت هيئة السلامة الوطنية السكان القاطنين بجوار مناطق الاشتباك بأخذ الحيطة والحذر والتزام البيوت والنزول للطوابق الأرضية، وعدم ترك الأطفال بمفردهم.
وأعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن قلقها البالغ حيال المُواجهات المسلحة التي شهدتها بلدية تاجوراء بين التشكيلات المسلحة التابعة لرئاسة الأركان العامة التابعة لقوات حكومة الدبيبة، ووزارة الداخلية، وأبدت استياءها الشديد حيال ما وصفته بحالة ضعف النظام الأمني بمدينة طرابلس وضواحيها ومناطق الساحل الغربي، وما جاورها، وما له من تأثير على تعميق الأزمة الإنسانية والأمنية في البلاد.
وطالب بيان للجنة المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الدبيبة ووزارة داخليته بتحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية في إيقاف الاشتباكات الدائرة هُناك فورا، وضمان سلامة السكان وتجنيبهم ويلات الحروب، وطالبت بفتح تحقيق شامل في ملابسات الأحداث المؤسفة، وضمان ملاحقة الجُناة وتقديمهم للعدالة ومحاسبتهم، وإنهاء الإفلات من العقاب.
وجاءت هذه الاشتباكات بعد ساعات قليلة من اجتماع عقده الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» باعتباره أيضا وزير الدفاع، بالعاصمة طرابلس، بحضور مسؤولين عسكريين واقتصاديين وآمري المناطق العسكرية، لبحث تنظيم ملف المتقاعدين بالمؤسسة العسكرية، ومراجعة الإجراءات المعتمدة من وزارة المالية وصندوق الضمان الاجتماعي لتسوية أوضاع المتقاعدين.
كما أعقب الاشتباكات، إعلان عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة الدبيبة، بعد اجتماعه مع محمد الحداد رئيس الأركان العامة لقواتها، بحضور رئيسي أركان قواتها البرية وجهاز الأمن الداخلي، إطلاق خطة أمنية لتأمين الحدود والمنافذ والصحراء لمكافحة التهريب.
وقال الطرابلسي، في بيان إن وزارته تعمل وفق رؤى استراتيجية تضمن تحقيق الأمن ومحاربة الجريمة بشتى أنواعها على كل التراب الليبي، من خلال التنسيق والتعاون بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الهلال الأحمر: غرق 4 في انقلاب قاربي مهاجرين قبالة سواحل ليبيا

عناصر من الهلال الحمر الليبي ينتشلون جثث مهاجرين غير نظاميين غرق قاربهم قبالة سواحل ليبيا (الهلال الأحمر الليبي عبر «فيسبوك»)
عناصر من الهلال الحمر الليبي ينتشلون جثث مهاجرين غير نظاميين غرق قاربهم قبالة سواحل ليبيا (الهلال الأحمر الليبي عبر «فيسبوك»)
TT

الهلال الأحمر: غرق 4 في انقلاب قاربي مهاجرين قبالة سواحل ليبيا

عناصر من الهلال الحمر الليبي ينتشلون جثث مهاجرين غير نظاميين غرق قاربهم قبالة سواحل ليبيا (الهلال الأحمر الليبي عبر «فيسبوك»)
عناصر من الهلال الحمر الليبي ينتشلون جثث مهاجرين غير نظاميين غرق قاربهم قبالة سواحل ليبيا (الهلال الأحمر الليبي عبر «فيسبوك»)

أفاد الهلال الأحمر الليبي، اليوم (السبت)، بغرق أربعة أشخاص على الأقل جراء انقلاب قاربين كانا يقلان 95 مهاجراً غير نظامي قبالة سواحل مدينة الخمس الساحلية الليبية، يوم الخميس.

وأوضح الهلال الأحمر، في بيان له على موقع «فيسبوك»، أن القارب الأول كان يقل 26 مهاجراً من بنغلاديش، لقي أربعة منهم حتفهم.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»، أن القارب الثاني كان يقل 69 مهاجراً، بينهم مصريان وعشرات السودانيين، دون تحديد مصيرهم.

وتقع الخُمس على بعد نحو 118 كيلومترا شرقي العاصمة طرابلس.

وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة، يوم الأربعاء، أن ما لا يقل عن 42 مهاجرا صاروا في عداد المفقودين ويُعتقد أنهم لقوا حتفهم بعد انقلاب قارب مطاطي قرب حقل البوري النفطي، وهو منشأة بحرية تقع شمال غربي الساحل الليبي.

وتحولت ليبيا لطريق عبور للمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر إلى أوروبا عبر البحر المتوسط ​​منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 إثر انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي.

وأظهرت صور نشرها الهلال الأحمر بالخمس صفا من الجثث في أكياس بلاستيكية سوداء ملقاة على الأرض، بينما يُرى المتطوعون وهم يقدمون إسعافات أولية للناجين.

وعرضت صور أخرى مهاجرين يجلسون على الأرض بعد إنقاذهم وهم يغطون أنفسهم بدثر حرارية.

وذكر بيان الهلال الأحمر أن فريق الطوارئ التابع له «شارك في عملية الإنقاذ بالتعاون مع جهاز حرس السواحل وأمن الموانئ (في) الخمس، إلى جانب انتشال جثث الضحايا والتعامل مع الحالات وفق الإجراءات المتبعة».

وجرى في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) انتشال مجموعة من 61 جثة لمهاجرين على الساحل غرب العاصمة الليبية طرابلس. وذكرت المنظمة الدولية للهجرة في سبتمبر (أيلول) أن ما لا يقل عن 50 شخصا لقوا حتفهم إثر اندلاع حريق في سفينة كانت تقل 75 لاجئا سودانيا قبالة سواحل ليبيا.

وحثت عدة دول من بينها بريطانيا وإسبانيا والنرويج وسيراليون ليبيا في اجتماع للأمم المتحدة بجنيف الأسبوع الماضي على إغلاق مراكز الاحتجاز التي تقول جماعات حقوقية إن المهاجرين واللاجئين يتعرضون فيها للتعذيب وسوء المعاملة وأحيانا القتل.


مبعوث ترمب لشؤون أفريقيا: الحرب في السودان «أكبر أزمة إنسانية في العالم»

نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)
TT

مبعوث ترمب لشؤون أفريقيا: الحرب في السودان «أكبر أزمة إنسانية في العالم»

نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)
نازحون سودانيون فروا من الفاشر بعد سقوط المدينة في قبضة «قوات الدعم السريع» (أ.ف.ب)

وصف مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، الحرب في السودان بأنها «أكبر أزمة إنسانية في العالم»، معرباً لوكالة الصحافة الفرنسية عن أمله بأن تحرز الجهود الدبلوماسية تقدّماً نحو السلام.

منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، قُتل عشرات آلاف الأشخاص ونزح نحو 12 مليوناً.

في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، سيطرت «قوات الدعم السريع» على الفاشر، بعد حصار استمر 18 شهراً للمدينة ذات الأهمية الاستراتيجية والواقعة في إقليم دارفور بغرب السودان، وسط تقارير عن عمليات قتل جماعي وأعمال عنف جنسي.

أطفال نزحوا في مخيم طويلة لجأوا إليه هرباً من القتال في الفاشر يوم 3 نوفمبر (أ.ب)

وقال بولس لوكالة الصحافة الفرنسية، في مقابلة أجريت معه في الدوحة، إن «النزاع في السودان، الجانب الإنساني من هذا النزاع، هو أكبر أزمة إنسانية في العالم اليوم، وأكبر كارثة إنسانية في العالم».

وأضاف: «خصوصاً ما حدث في الفاشر في الأسبوعين أو الأسابيع الثلاثة الأخيرة. لقد شاهدنا جميعاً تلك الفيديوهات. لقد رأينا تلك التقارير. تلك الفظائع غير مقبولة على الإطلاق. هذا الأمر يجب أن يتوقف سريعاً جداً».

تحضّ واشنطن الطرفين المتحاربين على إرساء هدنة في السودان.

وأشارت الحكومة السودانية الموالية للجيش إلى أنها ستمضي قدماً في الحرب، بعد اجتماع عقدته بشأن مقترح أميركي لوقف إطلاق النار.

وفي حين أعلنت «قوات الدعم السريع» موافقتها على مقترح الهدنة الإنسانية الذي قدّمه الوسطاء، تواصل هي أيضاً القتال.

وقال بولس إن الولايات المتحدة تدعو مع شركائها الوسطاء في السودان، الطرفين إلى الموافقة على «هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر».

وأوضح المبعوث الأميركي أن الهدنة «قيد النقاش والتفاوض... نحن نحضّهما على قبول هذا المقترح وتنفيذه فوراً، دون تأخير».

عناصر من «الدعم السريع» في الفاشر (أ.ف.ب)

في سبتمبر (أيلول)، وجّهت الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر دعوة مشتركة لإرساء هدنة إنسانية على أن يليها وقف دائم لإطلاق النار وعملية انتقالية نحو حكم مدني، لكن الدعوة نصت على عدم مشاركة أي من الطرفين المتحاربين في العملية الانتقالية.

ولفت بولس إلى أن الولايات المتحدة تأمل، مع شركائها، في «إحراز بعض التقدم في الأسابيع المقبلة» على مسار الخطة الأشمل، بما في ذلك الانتقال إلى حكم مدني.

وشدّد على أن «الأولوية القصوى تبقى حالياً الجانب الإنساني والهدنة الإنسانية».


ارتفاع الأسعار يقود عائلات مصرية لتغيير وسائل التنقل

ارتفاع أسعار الوقود يغير سلوكيات المصريين تجاه وسائل النقل (وزارة النقل)
ارتفاع أسعار الوقود يغير سلوكيات المصريين تجاه وسائل النقل (وزارة النقل)
TT

ارتفاع الأسعار يقود عائلات مصرية لتغيير وسائل التنقل

ارتفاع أسعار الوقود يغير سلوكيات المصريين تجاه وسائل النقل (وزارة النقل)
ارتفاع أسعار الوقود يغير سلوكيات المصريين تجاه وسائل النقل (وزارة النقل)

تركت الزيادات المتتالية في أسعار الوقود وارتفاع خدمات صيانة السيارات تأثيراتها على سلوكيات المصريين المرتبطة بالتنقل، وانعكس ذلك على مزيد من التوجه لاستقلال وسائل المواصلات العامة أو الاستعانة بـ«الدراجات البخارية» أو «التوك توك»، والمشي لبعض المسافات إذا استدعى الأمر ذلك.

لم يعد أسامة سيد، وهو رجل أعمال في الخمسينات من عمره يعمل بمجال المقاولات، محبذاً لاستخدام ثلاث سيارات خاصة به وبزوجته وثالثة للأبناء، ورغم أنه يقطن في أحد «الكمباوندات» الراقية بمنطقة الشيخ زايد في محافظة الجيزة، لكنه يشجع أبناءه الثلاثة الآن على استقلال وسائل النقل العامة أو «الحافلات الحديثة المكيفة»، ويعدّها أقل كلفة من استهلاك وقود لثلاث سيارات بشكل يومي.

ينتقل سيد يومياً من منزله إلى مدينة السادس من أكتوبر، حيث عمله، وفي طريقه يصطحب معه ابنته وهي الثانية في ترتيب الأخوات، إلى إحدى الجامعات الخاصة بالمدينة ذاتها، وفي أحيان عديدة ينتظرها في طريق عودته.

وفي المقابل، فإن زوجته التي تعمل مُعلمة بإحدى المدارس الحكومية في منطقة فيصل الشعبية تتكفل بنقل ابنها الذي تخرج حديثاً ويعمل بإحدى الشركات الخاصة في منطقة وسط القاهرة، لكنها تُقله إلى أقرب نقطة يستقل منها إما «ميكروباص جماعي» أو «إحدى الحافلات المكيفة»، أو «مترو الأنفاق»، وهو الوضع ذاته بالنسبة لبنته الصغيرة الثالثة التي تكون مع والدتها لتوصيلها إلى المدرسة واصطحابها معها في طريق العودة، بحسب ما يؤكد سيد.

ويوضح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الصعب تحمل دفع فاتورة وقود يومية لثلاث سيارات تنتقل إلى مناطق متفرقة يومياً وقد تصل في تلك الحالة إلى 1000 جنيه (الدولار يساوي 47 جنيه تقريباً)، بالإضافة إلى تكلفة الصيانة التي تضاعفت، وفي كل شهر تحتاج السيارات الثلاث إلى ما يقرب من 5000 آلاف جنيه نظير تغيير (زيت الموتور) فقط.

«مترو الأنفاق» خيار جيد للمصريين مع ارتفاع الأسعار (وزارة النقل)

وفي الوقت ذاته، هناك وسائل مواصلات عامة متطورة يمكن استقلالها، توفر الوقت والمال أيضاً، خاصة «مترو الأنفاق»، والأمر سيأخذ مزيداً من التغيير في سلوك التنقل مع وصول الخط الرابع للمترو إلى السادس من أكتوبر، ومع بدء تشغيل (المونوريل)، وفقاً لأسامه سيد.

وشهدت مصر تطوراً في منظومة النقل على مدار السنوات العشر الماضية، حيث تم دعم المدن بمحاور ربط إضافية، وتحديث وسائل النقل بشكل عام، بعد إضافة وسائل نقل جديدة تعمل في مصر لأول مرة مثل، (المونوريل والقطار السريع)، بجانب التوسع في استخدام المترو في القاهرة، وفق بيانات صادرة عن وزارة النقل المصرية.

أما محمد سمير، مدير عام بـ«الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي» (حكومية)، في نهاية الخمسينات من عمره ويقطن في منطقة فيصل بالجيزة، فإنه يترك سيارته في أحد الجراجات القريبة من منزله لاستخدامها فقط للضرورة، ويتنقل أبنائه الأربعة بين وسائل النقل المختلفة.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أستقل أنا وأبنائي مترو الأنفاق وحافلات المواصلات العامة من (ميكروباصات) أو (حافلات) للانتقال إلى جامعاتهم ومدارسهم، أما سيارتي الخاصة فتحولت لوسيلة نقل جماعي في المناسبات العامة أو للتنزه»، مشيراً إلى أنه في السابق كان يستقل سيارته للذهاب إلى عمله بمنطقة وسط القاهرة بالقرب من ميدان رمسيس؛ لكنه توقف عن ذلك منذ أربع سنوات، ويعتمد على حافلة جماعية توفرها الشركة.

في السابق كان يشترك لأبنائه في حافلات لتوصيلهم إلى المدرسة؛ لكنه توقف عن ذلك، حيث يعتمد على أن ابنه الثالث أضحى في الصف الثالث الإعدادي، لاصطحاب أخته الصغيرة معه إلى المدرسة الرسمية التي يلتحقون بها، لكنهما يحتاجان يومياً إلى 40 جنيهاً نظير استقلال «توك توك» إلى الشارع الرئيسي ومنه حافلة جماعية إلى المدرسة والعودة كذلك، وفق سمير.

ويحتاج الموظف المصري يومياً إلى 200 جنيه أو أكثر للانتقالات فقط، وهو يشمل انتقالات أبنائه الكبار إلى جامعتي القاهرة وعين شمس وصغاره إلى المدرسة، مضيفاً أن «تكاليف النقل تصل شهرياً إلى 7000 جنيه، وهو ما يشكل نصف راتبي الذي أحصل عليه من عملي الحكومي».

وسجلت أسعار المواصلات زيادة بنسبة 33.7 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، إلى جانب زيادة شهرية بلغت 7.5 في المائة عن مارس (آذار)، بحسب بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء».

«المونوريل» أداة نقل جماعية حديثة في مصر (وزارة النقل)

أما فتحي محمود، أربعيني يعمل موظفاً بإحدى شركات بيع الأجهزة الكهربائية الخاصة، فهو يبحث عن الأقل سعراً لاستقلاله بحثاً عن الوصول إلى عمله في ضاحية التجمع الخامس (شرق القاهرة)، ويجد ضالته في «الميكروباص» الذي يستقله من بيته القريب من ميدان السيدة عائشة بالقرب من وسط القاهرة إلى شارع التسعين الرئيسي بـ«التجمع»؛ لكنه يحتاج إلى أن يستقل «دراجة بخارية» يطلبها من إحدى التطبيقات الرقمية للوصول إلى الشركة.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «تبقى المهمة الأصعب بالنسبة لزوجتي وهي تعمل بـ(مشغل خياطة) خاص بالقرب من منطقة الهضبة الوسطى التابعة لحي المقطم، وهي تستقل (توك توك) و(ميكروباص)، ثم تسير ما يقرب من كيلومتر سيراً على الأقدام لمدة تقترب من ثلث ساعة، وفي بعض الأحيان تستغنى عن (التوك توك) لتوفير 20 جنيهاً يومياً».

خبير الاقتصاد السياسي، كريم العمدة، يرى أن تغير سلوكيات المواطنين تجاه وسائل الانتقال يعود إلى أن تكلفة استخدام السيارات الخاصة مرتفعة للغاية مع تزايد خدمات الصيانات، إلى جانب الإرهاق البدني والعقلي بالنسبة للأماكن البعيدة مع التوسع في تدشين طرق ومدن جديدة على أطراف العاصمة القاهرة، ويبقى مترو الأنفاق بديلاً جيداً للغاية، إلى جانب وسائل مواصلات أخرى منتشرة وتتماشى مع ظروفهم الاقتصادية.

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة مطالبة بالتعامل مع هذه التغيرات عبر تخفيض قيمة الوقوف لدى الجراجات العامة وتوفيرها بالقرب من محطات «مترو الأنفاق»، وهو ما سيشجع المزيد من المواطنين على استقلال وسائل النقل العامة.