«يوم العلم السعودي»... تلاحم وشموخ وتعزيز للثقافة والتراث

يمثل اهتماماً بالقيم الوطنية والأسس الراسخة والمكانة العظيمة

احتفى السعوديون السبت بمناسبة «يوم العلم» لأول مرة بعد الأمر الملكي بتسميته (واس)
احتفى السعوديون السبت بمناسبة «يوم العلم» لأول مرة بعد الأمر الملكي بتسميته (واس)
TT

«يوم العلم السعودي»... تلاحم وشموخ وتعزيز للثقافة والتراث

احتفى السعوديون السبت بمناسبة «يوم العلم» لأول مرة بعد الأمر الملكي بتسميته (واس)
احتفى السعوديون السبت بمناسبة «يوم العلم» لأول مرة بعد الأمر الملكي بتسميته (واس)

عبّر مسؤولون سعوديون عن أهمية مناسبة «يوم العلم»، الذي احتفت به البلاد، السبت، لأول مرة، حيث يصادف 11 مارس (آذار) من كل عام، وهو التاريخ الذي أقر فيه الملك عبد العزيز آل سعود، العلم بشكله الحالي شعاراً للبلاد ورمزاً لقيم التوحيد والعدل والقوة والنماء والرخاء، في حين أطلقت جهات منتجات تعزز الذكرى وتعمق المعرفة بهذا الرمز الوطني.

رسالة السلام
قال الأمير تركي بن محمد بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، إن السعودية وصلت إلى مصاف الدول العظمى، بعد طريق طويل وشاق من التحديات والصعوبات التي كلما اشتدت زادت من التفاف قيادتها وشعبها حول راية واحدة إيماناً بصدق المعتقد وسمو الغاية، مشيراً إلى أن العلم رمز رسالة السلام الخالدة والقوة، لا يغيب عن أي مشروع طموح أو منجز وطني، وهو مصدر اعتزاز للمواطن أولاً، ثم العربي والمسلم بوجود شهادة التوحيد تعلو دائماً، ولا تنكس تحت أي ظرف.

تلاحم وشموخ
أبان الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، أن العلم الوطني ظل رمزاً لقصة شموخ وبناء وعز، وشاهداً على مسيرة عظيمة لقادة عظماء، مشيراً إلى أن الأمر الملكي بتسمية يومه يعكس دعم خادم الحرمين الشريفين وولي العهد لكل ما من شأنه أن يعزز ثقافة وتراث الوطن. وأوضح أنه يحضر بما يحمله من رمزيات ثقافية وتاريخية، في وجدان السعوديين رمزاً للوحدة والتلاحم، مضيفاً أن خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يقودان البلاد إلى مصاف الدول العالمية، ويحضر العلم في المقدمة.

فضل واعتزاز
عدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء اتخاذ السعودية يوماً للعلم مناسبة للتذكير بفضل الله على شعب المملكة بهذه الدولة، التي يحق لكل سعودي ينتسب لها أن يعتز بذلك، وأن يشكر الله على هذه النعمة، وأن يسعى لأن تظل البلاد شامخة عزيزة.

اهتمام بالقيم
أكد عبد العزيز الهويريني، رئيس أمن الدولة، أن الأمر الملكي يجسد اهتمام القيادة بالقيم الوطنية، وقال، «هذا العلم الذي يرفرف بدلالاته العظيمة، فهي راية الوطن التي شرفها الله بكلمة التوحيد، وترمز للعدل والقوة والنماء والرخاء، واجتمعت عليها القلوب والتحمت بها الصفوف قيادة وشعباً، وقُدمت من أجل عزها التضحيات؛ لتبقى خفاقة شامخة أينما حلت، كيف لا؟ وهي راية لا تُنكس».

عدل ونماء
قال الشيخ سعود المعجب، النائب العام عضو هيئة كبار العلماء، «نحتفي بهذا اليوم الذي نستشعر فيه قيمة الأثر الذي نستمده من دلالة ومعاني بيرقنا الخفاق الأخضر»، مؤكداً أهمية الهوية الوطنية، التي تعكسها أمارات هذا العلم، حيثُ الترابط والتلاحم والحزم والعزم، والعدل، والنماء والرخاء. وأردف أن العلم الوطني يبعثُ في نفس السعوديين العزة والشموخ، موضحاً أن الأمر الملكي يدلل على قيمة العلم الوطنية، وهويته القوية، ورمزيته الشعبية.

عزة وعلو
أكد الدكتور عبد الله آل الشيخ رئيس مجلس الشورى، أن علم هذه البلاد المسطر بشهادة التوحيد، يحمله كل مواطن ومواطنة عالياً في وجدانهم، وبسواعد لا تعرف سوى العزيمة والتقدم والعمل والمنجزات، منوهاً بأنه سيظل رمزاً للعزة والشموخ وعلو الحكمة ودلالة على الرسالة السامية للعالم أجمع.

مكانة عظيمة
أوضح الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية، أن هذا اليوم يجسد الرؤية الحكيمة للقيادة، والمكانة العظيمة للعلم الوطني، الذي توحدت تحت ظلاله القلوب قبل الأجساد في هذه الأرض، وهو رمز العز والفخر والقوة وعنوان للتلاحم والائتلاف والوحدة الوطنية، مؤكداً أن المملكة تميزت منذ تأسيسها وحتى هذا العهد الزاهر بثبات منهجها واستقلالية مواقفها، ما يعكس مكانتها التي وصلت لها عالمياً.

ارتباط وتقدير
أشار الدكتور عبد الرحمن السديس الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين، إلى أن هذا اليوم يعزز من ارتباط المواطن بوطنه، واعتزازه بمكانة بلاده وما حققته في مختلف المجالات، حيث يعد نافذة مهمة لتقدير العمق التاريخي للبلاد. وقال إن العلم يمثل عنصراً رئيساً في الهوية الوطنية، وهو حفي بالاحتفاء، وجدير بالاهتمام، كما أن الاحتفاء به هو احتفاء بالوطن في أي وقت ومكان.

أسس راسخة
لفت الدكتور وليد الصمعاني وزير العدل، إلى أن تحديد يومٍ للعلم يعزز الهوية الوطنية كونها عنصراً رئيساً على امتداد تاريخ الدولة السعودية من نحو ثلاثة قرون، منوهاً بأن دلالات العلم تجسد قيماً راسخة قامت عليها البلاد، وتؤكد وحدتها وتماسكها وتلاحم الشعب مع القيادة، وتعد هذه المناسبة طريقة ملهمة لتقدير العمق التاريخي للمملكة.

اعتزاز وفخر
أكد ماجد الحقيل، وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، أن العلم يمثل مصدر اعتزاز وفخر للمواطن السعودي، ويعزز من ارتباط المواطن بوطنه ومكانة بلاده وما حققته في مختلف المجالات. ونوه بأن هذا اليوم يأتي في ظل رؤية طموحة تستشرف المستقبل، وتستكمل مسيرة البناء والتطور، لتصبح المملكة اليوم أنموذجاً عالمياً يحتذى به.

رمزية ودلالات
قال يوسف البنيان وزير التعليم، إن العلم يُعد إحدى أهم الركائز في مسيرة وحدة وسيادة الدولة، وأُسست دلالاته ومضامينه لنهج وطني ثابت وثقافة مستمرة تتوارثها الأجيال؛ وصولاً إلى مرحلة مفصلية نعيشها اليوم تقدماً ونهضة، مشيراً إلى أن يوم العَلم يلتقي مع شعور الفخر والاعتزاز بالهوية الوطنية والعمق التاريخي للمملكة المتأصل في كل مواطن ومواطنة.

وحدة وائتلاف
أبان المستشار تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، أن يوم العلم يعبر عن وحدة المملكة، واعتزاز شعبها بالمستويات الرفيعة التي حققتها في مختلف المجالات، ووصولها لمستويات متقدمة في الأمن والرخاء، وتطلعها لمستقبل أكثر نماءً وإشراقاً، منوهاً بأنه يمثل دلالة واضحة على الائتلاف والوحدة الوطنية، وراية عز يفخر السعوديون بشموخها وارتفاعها، الذي يعبر عن مكانة البلاد بين بلدان العالم.

تعميق المعرفة
دشنت دارة الملك عبد العزيز تطبيق «العلم السعودي»، الذي يهدف إلى تعميق المعرفة باستخدام الأساليب الحديثة، حيث يستهدف التوعية بالعلم في مجال التاريخ والثقافة والتراث السعودي، ويعد مرجعاً شاملاً عن تاريخه، ورمزيته، ودلالاته، ويعمل على زيادة الوعي بمراحل تطوره.

ختم خاص
أطلقت المديرية العامة للجوازات ختماً خاصاً بهذه المناسبة، حيث ختمت به جوازات المسافرين عبر مطار الملك خالد الدولي بالرياض، كتوثيق ورمز للذكرى، والاحتفاء بيوم العلم في جميع المنافذ الدولية.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
الخليج السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

السعودية تطلق خدمة التأشيرة الإلكترونية في 7 دول

أطلقت السعودية خدمة التأشيرة الإلكترونية كمرحلة أولى في 7 دول من خلال إلغاء لاصق التأشيرة على جواز سفر المستفيد والتحول إلى التأشيرة الإلكترونية وقراءة بياناتها عبر رمز الاستجابة السريعة «QR». وذكرت وزارة الخارجية السعودية أن المبادرة الجديدة تأتي في إطار استكمال إجراءات أتمتة ورفع جودة الخدمات القنصلية المقدمة من الوزارة بتطوير آلية منح تأشيرات «العمل والإقامة والزيارة». وأشارت الخارجية السعودية إلى تفعيل هذا الإجراء باعتباره مرحلة أولى في عددٍ من بعثات المملكة في الدول التالية: «الإمارات والأردن ومصر وبنغلاديش والهند وإندونيسيا والفلبين».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

«ملتقى النقد السينمائي» نظرة فاحصة على الأعمال السعودية

تُنظم هيئة الأفلام السعودية، في مدينة الظهران، الجمعة، الجولة الثانية من ملتقى النقد السينمائي تحت شعار «السينما الوطنية»، بالشراكة مع مهرجان الأفلام السعودية ومركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء). ويأتي الملتقى في فضاءٍ واسع من الحوارات والتبادلات السينمائية؛ ليحل منصة عالمية تُعزز مفهوم النقد السينمائي بجميع أشكاله المختلفة بين النقاد والأكاديميين المتخصصين بالدراسات السينمائية، وصُناع الأفلام، والكُتَّاب، والفنانين، ومحبي السينما. وشدد المهندس عبد الله آل عياف، الرئيس التنفيذي للهيئة، على أهمية الملتقى في تسليط الضوء على مفهوم السينما الوطنية، والمفاهيم المرتبطة بها، في وقت تأخذ في

«الشرق الأوسط» (الظهران)
الاقتصاد مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

مطارات السعودية تستقبل 11.5 مليون مسافر خلال رمضان والعيد

تجاوز عدد المسافرين من مطارات السعودية وإليها منذ بداية شهر رمضان وحتى التاسع من شوال لهذا العام، 11.5 مليون مسافر، بزيادة تجاوزت 25% عن العام الماضي في نفس الفترة، وسط انسيابية ملحوظة وتكامل تشغيلي بين الجهات الحكومية والخاصة. وذكرت «هيئة الطيران المدني» أن العدد توزع على جميع مطارات السعودية عبر أكثر من 80 ألف رحلة و55 ناقلاً جوياً، حيث خدم مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة النسبة الأعلى من المسافرين بـ4,4 مليون، تلاه مطار الملك خالد الدولي في الرياض بـ3 ملايين، فيما خدم مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة قرابة المليون، بينما تم تجاوز هذا الرقم في شركة مطارات الدمام، وتوز

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
TT

النزوح يضاعف معاناة المرضى اللبنانيين المصابين بالأمراض المزمنة

مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)
مرضى يخضعون لعلاج غسيل الكلى في مستشفى مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

خرج يوسف زريق (70 سنة) نازحاً من بلدته شقرا الجنوبية، منذ بدء الحرب الموسعة على لبنان في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى إحدى قرى شرق صيدا، وبعد 16 يوماً من النزوح خضع لجلسة العلاج الكيميائي الأولى، في مستشفى سبلين الحكومي.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «دواء الوزارة متوفر، لكن الطبيب المتابع ارتأى، بسبب وضعي الصحي ونتائج الفحوص التي أجريت لي، استبدال دواء آخر به، لا تؤمّنه الوزارة، دفعت ثمنه 62 دولاراً، وهي كلفة مرتفعة عليّ، ونحن نازحون، نحاول تأمين احتياجاتنا الأساسيّة والضرورية جداً ليس أكثر»، خصوصاً أن غالبية الناس، ممن نزحوا من مناطقهم، توقفت مصالحهم وأشغالهم، ولا مصدر رزق لهم، ولا يعلمون متى ستنتهي الحرب، وإن كانت أرزاقهم وبيوتهم لا تزال صامدة أو دمرتها الغارات الإسرائيلية.

وزريق، واحد من اللبنانيين المصابين بالأمراض المستعصية والمزمنة، الذين تضاعفت معاناتهم بفعل النزوح، بعدما انتقلوا للعيش في مراكز الإيواء ومساكن مستأجرة، وهم يحتاجون للعلاج والمتابعة المستمرة مثل مرضى السرطان وغسيل الكلى والقلب وغيرها.

ويشكو زريق من «عدم وجود جمعيات أو أيّ جهة تساعد في دفع تكاليف الدواء الخاص بجلسات أو بعلاج مرضى السرطان، على عكس أدوية الضغط والسكري والدهن، المتوفرة في كل مكان».

ويحتاج زريق راهناً إلى صورة أشعة لا تتوفر سوى في المستشفيات الخاصة، أو في المستشفى الحكومي في طرابلس (شمال لبنان) كما يقول، ومن الصعب عليه جداً أن يتنقل على الطرقات في لبنان بسبب تصاعد وتيرة الغارات والاستهدافات الإسرائيلية في غالبية المناطق، في حين كان يجريها سابقاً في أحد مشافي النبطية.

وقد تمّ تحويل مرضى السرطان الذين يخضعون للعلاج الكيميائي والإشعاعي إلى أقسام العلاج النهاري في المستشفيات القريبة لأماكن النزوح، لكن مشاكل عديدة واجهت كثيراً منهم.

مشكلة سابقة للحرب

وعن واقع المرضى والصعوبات والتحديات في ظل النزوح والحرب، يقول رئيس جمعية «بربارة نصّار»، هاني نصّار، لـ«الشرق الأوسط»: «من المعروف في لبنان أن مشكلة مرضى السرطان سابقة لوجود الحرب، رغم التحسن الكبير الذي طرأ في هذا الخصوص لدى وزارة الصحة، لا سيّما لجهة المكننة وتأمين الدواء إلى أقرب صيدلية لمكان السكن أو المشفى الذي يتلقى فيه المريض العلاج، وهذا سهّل تأمين العلاج للنازحين».

ولهذه الغاية، طلبت الوزارة من جميع مرضى السرطان النازحين الاتصال على الخط الساخن رقم 1214 لإعلامها بمكان السكن الجديد. وقد نزح منذ بداية الحرب، أكثر من ألفي شخص مصاب بالسرطان، تبدلت ملفاتهم، وتحولت أدويتهم من منطقة إلى أخرى، وتمّ ترتيب أمورهم، حسبما يؤكد نصّار.

لكن المشكلة المزمنة، والقديمة، تكمن في قدرة المرضى الشرائية، والتي تدنت كما غالبية اللبنانيين الذين يعيشون تبعات الأزمة الاقتصادية والنقدية في البلاد؛ إذ يقول نصّار: «الحرب ليس لها تأثير أكبر من تأثير الأزمة الاقتصادية بحد ذاتها على مرضى السرطان؛ إذ تؤمن الوزارة بعض العلاجات بشكل مجاني وليس جميعها، ويتحمل المريض تكاليف كبيرة جداً أحياناً، وتصل كلفة الجلسة الواحدة إلى الألف دولار تقريباً».

مشكلة أخرى يشير إليها نصّار، وهي الأدوية التي رُفع عنها الدعم وليست معتمدة من قبل وزارة الصحة حالياً، ولا تتكفل بإعطائها لمرضى السرطان، وتصل كلفتها إلى 6 و8 آلاف دولار، تؤمن الوزارة البديل عنها أحياناً، لكنه عادة يكون أقل فاعلية.

ووفق نصّار، «أحياناً كثيرة لا يتوافر البديل، كدواء مرضى سرطان المبيض الذي تبلغ تكلفته 6 آلاف دولار، وبالتالي تنجو الفتاة في حال كان لديها القدرة على تأمينه من لبنان أو خارجه، وتفقد حياتها في حال العكس، وللأسف الحالات المماثلة كثيرة». مع العلم أن هناك العديد من الأدوية المزورة التي تصل إلى أيدي مرضى السرطان.

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

مرضى الفشل الكلوي

تتوسع المعاناة لتشمل معظم مرضى الأمراض المستعصية من النازحين. ويُعدّ علي عز الدين (56 سنة) واحداً من بين نازحين كثر يعانون من الفشل الكلويّ، ويحتاجون لإجراء غسيل كلى دورياً، بمعدل ثلاثة أيام أو أكثر في الأسبوع.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أبحث عن مستشفى ألجأ إليه لإجراء غسيل الكلى، ومن ثمّ أؤمن مسكني، لذا تنقلت بين منطقتين، قبل أن أستقر راهناً في منطقة الروشة على مقربة من مستشفى رفيق الحريري الحكومي».

مرّ أكثر من أسبوع على بدء الحرب الموسعة (23 سبتمبر)، حتّى تمكن عز الدين من الخروج من منزله في بلدة العباسية، قضاء صور، لكن «قبلها أرسلت عائلتي إلى مكان أكثر أماناً، وبقيت أنا لوحدي هناك، كي أجري جلسات غسيل الكلى في موعدها ومن دون انقطاع في مستشفى اللبناني - الإيطالي في صور، وإلّا ستتدهور حالتي الصحّية»، كما يقول، علماً بأن محيط المستشفى تعرض للغارات الإسرائيلية مرات كثيرة.

ويضيف: «بداية لم نتوقع أن الحرب ستطول والضربات ستكون متزايدة وكثيفة خلال مدة قصيرة جداً، إلى أن شعرت بأن المسألة خطيرة، وأن سقف المنزل سيقع على رأسي في أيّ لحظة. عشت تجربة القصف في صور، وخاصة حين كنت أتنقل بين المنزل والمشفى».

ويقول: «تمكنت من ترتيب أمور المستشفى الجديد، في قرنايل بالقرب من عاليه، حيث نزحت واستأجرت منزلاً في المرة الأولى للنزوح، أجريت 4 جلسات غسيل للكلى، لكن الطقس لم يلائمني هناك؛ برد قارس وضباب في المكان»، لينزح مرة أخرى إلى منطقة الروشة، حيث يوجد راهناً؛ كونها آمنة نسبياً حتّى الآن، وعلى مسافة قريبة من المستشفى.

يقارن عز الدين بين الأماكن التي تنقل بينها، وفي المستشفيان «لم يتغير عليّ شيء، سوى أن مدة الجلسة انخفضت من 4 إلى 3 ساعات، بسبب الضغط الهائل على المستشفيات التي نزح إليها المرضى. وللصراحة لم أعتد الأماكن الجديدة، فرغم أنني أعاني من الفشل الكلوي، فإنني كنت أعمل وأمارس حياتي بشكل طبيعي قبل بدء الحرب، والآن ننتظر أن تنتهي، ونعود إلى منازلنا وحياتنا وحتّى المستشفى الذي كنت فيه فقط».

وعن شعوره بالخوف في أثناء التنقل، قال: «بالطبع لدي مخاوف، خصوصاً أن لا شيء يردع إسرائيل؛ إذ إنها تقتل بلا رحمة وتدمر المقدسات، وبالتالي يسهل عليها قصفنا، ونحن على الطرقات وحتّى على أسرّة المستشفيات».

متطوعون يعدون وجبات الطعام للنازحين إلى مراكز إيواء مؤقتة في بعلبك بشرق لبنان (أ.ف.ب)

أمراض أخرى أيضاً

تقصد عبير، النازحة من بلدتها في بنت جبيل إلى الفوار، قضاء زغرتا، أحد المستوصفات التي تقدم خدماتها للنازحين، لتحصل على الأدوية الضرورية التي تحتاج إليها وعائلتها؛ كالسكري والضغط والغدة والقلب.

تقول لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نزحنا إلى هنا، قبل نحو شهرين، قصدت المركز مرتين، وفي المرتين حصلت على ما يحتاج إليه والديّ، فهما يعانيان من أمراض مزمنة، ويحتاجان للدواء باستمرار، أو بالأحرى عند بداية كل شهر».

وتضيف: «يتوفر في المركز أيضاً أطباء باختصاصات مختلفة، وجميع هذه الخدمات كانت مجانية»، لافتة إلى أن الأدوية التي حصلت عليها كانت بديلاً متوفراً في المركز، وأن بعض الأدوية لم تتمكن من الحصول عليها في الزيارة الأولى، بسبب ازدياد طلب النازحين كما أخبروها.

وخصصت الوزارة الخط الساخن رقم 1787 للرد على أسئلة النازحين واستفساراتهم، وقد فاق عددهم أكثر من 1.5 مليون شخص أخرجوا من منازلهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان.