يواصل صندوق النقد الدولي توقعاته الإيجابية بخصوص الاقتصاد السعودي، نظراً للزخم القوي الذي يعيشه القطاع غير النفطية، متوقعاً أن يشهد نمواً قوياً بمتوسط 5 في المائة خلال العام الجاري، مبيناً في الوقت ذاته أن فائض الحساب الجاري يبلغ أعلى المستويات منذ 10 أعوام، وسجل فائض إجمالي الناتج المحلي 13.6 في المائة، مؤكداً أن بعض القطاعات تجاوزت مستهدفات «رؤية 2030».
قوة العملة
وقال صندوق النقد الدولي، في ختام مشاورات المادة الرابعة مع السعودية، إن معدل التضخم لا يزال منخفضاً وآخذ في التراجع حالياً، وإن الحكومة قادرة على احتوائه عند 2.8 في المائة في العام الحالي، بفضل قوة العملة وإعانات الدعم والحدود القصوى لأسعار الوقود.
وتوقع الصندوق أن يظل زخم النمو غير النفطي قوياً ويصل إلى 5 في المائة حتى نهاية العام الحالي، ليظل متجاوزاً لمستواه الممكن بفضل الإنفاق الاستهلاكي القوي والتعجيل بتنفيذ المشروعات ودورهما في تعزيز الطلب.
وطبقاً للصندوق، سجلت المالية العامة السعودية فائضاً للمرة الأولى منذ 2013 بما يعادل نصف التوقعات الأولية للخبراء البالغة 5.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ما يعكس أساساً زيادة السلع والخدمات والإنفاق الرأسمالي.
الدين العام
ويعد الدين العام منخفضاً وفي حدود يمكن الاستمرار في تحملها، حيث بلغ 23 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مع توفر الحيز المالي اللازم للتصدي لعوامل المعاكسة المحتملة.
وشدد تقرير صندوق النقد على أهمية نظام ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي ليظل ملائماً، نظراً للهيكل الاقتصادي الحالي، حيث عادت هذه السياسة بالنفع على البلاد من خلال مساعدة دعم الاستقرار النقدي.
القروض العقارية
ولفت تقرير صندوق النقد إلى أنه رغم انتعاش القروض العقارية في الأعوام الأخيرة، تشير التقييمات إلى أن المخاطر التي یفرضها الإسكان على القطاع المصرفي لا تزال محدودة حتى الآن.
وأبان بأن تحقيق نمو قوي ومستدام وشامل وأكثر خضرة وتنفيذ خطة الإصلاح في ظل «رؤية 2030» لا يزال مستمراً دون معوقات نحو تحقيق اقتصاد منتج وأخضر.
وبين أنه مع مرور منتصف الفترة للأھداف المحددة لـ«رؤية 2030» أظهرت مدى التقدم على صعيد التحول الرقمي، والبيئة التنظيمية والخاصة بالأعمال، وانضمام المرأة للقوى العاملة، وزيادة استثمارات القطاع الخاص، مفيداً بأن بعض الحالات تجاوزت الأهداف المحددة.
الطاقة المتجددة
ورحبت بعثة صندوق النقد الدولي بالخطط الجارية لزيادة مصادر الطاقة المتجددة بطاقة إنتاجية إضافية قدرها 2.1 غيغاواط بحلول 2024، وتوليد وفورات من خلال البرامج التي تهدف إلى تحقيق الكفاءة «ترشيد»، ونشر احتجاز الكربون، وتكنولوجيات الاستخدام والتخزين، لجعل المملكة رائدة في تصدير الهیدروجين على مستوى العالم.
وأفاد الصندوق بأن تدخل البنك المركزي السعودي خفف ضغوط السيولة خلال العام المنصرم، مؤكداً أن زيادة نسب المشاركة في القوة العاملة وتراجع مجموع البطالة إلى 4.8 في المائة مع نهاية العام الفائت مقابل 9 في المائة خلال جائحة كوفيد، يعكسان ارتفاع أعداد العاملين السعوديين في القطاع الخاص، وتزايد الوافدين مجدداً مقارنة بمستويات ما قبل كورونا.
الأسرع نمواً
ووفقاً للصندوق، المملكة كانت الأسرع نمواً بين اقتصادات مجموعة العشرين خلال العام المنصرم، ليبلغ 8.7 في المائة بسبب قوة الإنتاج النفطي، ونمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 4.8 في المائة، نظراً لصلابة مستويات الاستهلاك الخاص والاستثمارات الخاصة، بما في ذلك المشروعات العملاقة.
أهمية المبادرات
من جهة أخرى، أشار خبراء لـ«الشرق الأوسط»، إلى أهمية المبادرات والبرامج التي تقوم بها الحكومة السعودية لتنمية القطاع غير النفطي مما يعود إيجاباً على الاقتصاد الوطني، متوقعين أن يشهد في المرحلة المقبلة نمواً كبيراً يضاف على الناتج المحلي الإجمالي.
تنفيذ المشروعات
وذكر الدكتور سالم باعجاجه، أستاذ الاقتصاد في جامعة جدة لـ«الشرق الأوسط»، أن صندوق النقد يؤكد على النمو السريع الذي يشهده الاقتصاد السعودي بين اقتصادات مجموعة العشرين، نظراً لخطط البلاد التي تسير وفق «رؤية 2030» نحو اقتصاد مزدهر.
وتابع الدكتور سالم باعجاجه، أن الناتج المحلي للسعودية ارتفع بنسبة 8.7 في المائة بسبب ارتفاع الإيرادات النفطية وغير النفطية معاً، ومع ذلك زاد الإنفاق الاستهلاكي وكذلك تسريع تنفيذ المشروعات، مما يعكس النمو في الاقتصاد السعودي.
الاستقرار المالي
من جانبه، أوضح عبد الرحمن الجبيري، المحلل الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، أن توقعات الصندوق الدولي استمرار نمو القطاع غير النفطي في السعودية بنسبة 5 في المائة يؤكد دور الحكومة في تنويع مصادر الدخل وتعزيز استثمارات القطاع الخاص التي أظهرت نتائجها على الميزانية العامة للبلاد.
وواصل الجبيري، أن البنك المركزي السعودي يقوم بجهود كبيرة للمحافظة على الاستقرار المالي ورفع الملاءة البنكية والبنية التحتية التقنية المتطورة، مؤكداً في الوقت ذاته مواصلة الدعم والمتابعة من قبل «ساما» لتعزيز قدرات النظام البنكي في ظل التحديات العالمية.
وأضاف أن المملكة تتمتع بقدرة قوية على تقديم الدعم للنظام المصرفي نظراً لاحتياطياتها الخارجية الكبيرة وزيادة وصولها إلى الأسواق العالمية، مما انعكس إيجاباً على البيانات والمؤشرات الصادرات من المنظمات الدولية.