الأسهم الهندية تتكبد خسائر تاريخية بقيمة تريليون دولار

وسط موجة تراجع هائلة تهدد إنفاق المستهلكين ونمو الاقتصاد

يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)
يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)
TT
20

الأسهم الهندية تتكبد خسائر تاريخية بقيمة تريليون دولار

يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)
يقف الناس خارج بورصة بومباي للأوراق المالية في الهند (رويترز)

تشهد سوق الأسهم الهندية أطول موجة تراجع منذ ما يقرب من 3 عقود، ما أدى إلى فقدان ما يقارب تريليون دولار من القيمة السوقية. وقد انعكست هذه الخسائر بشكل مباشر على مستثمري التجزئة، الأمر الذي يُلقي بظلاله على إنفاق المستهلكين ويهدد بإبطاء نمو خامس أكبر اقتصاد في العالم.

ويحذر المحللون من أن المستثمرين الباحثين عن الاستقرار قد يضطرون إلى انتظار فترة أطول حتى تنحسر موجة البيع. فالضبابية التي تكتنف تداعيات سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب على النمو العالمي، إلى جانب ضعف الأرباح المحلية واستمرار تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الخارج، تُفاقم من حالة القلق في الأسواق، وفق «رويترز».

ويتوقع الاقتصاديون أن يتباطأ النمو الاقتصادي الهندي إلى أدنى مستوياته في 4 سنوات خلال السنة المالية الحالية، بسبب تراجع الطلب في المناطق الحضرية. ويُشكل الإنفاق الاستهلاكي، الذي يعاني بالفعل من تباطؤ نمو الدخل وارتفاع معدلات التضخم، ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي للهند.

وقالت غورا سين غوبتا، الخبيرة الاقتصادية في بنك «آي دي إف سي فيرست»: «قد يؤدي تصحيح سوق الأسهم إلى تقليص الاستثمار الأسري وتراجع الطلب الاستهلاكي في المدن، مما قد يضر بالنمو الاقتصادي».

وأيّد هذا الرأي محللو بنك «نومورا»، مشيرين إلى أن «ضغوط الدخل والمخاوف المتعلقة بالميزانيات الشخصية ستؤثر سلباً على الاستهلاك والنمو في المناطق الحضرية».

ضغوط على المستثمرين الأفراد

وتفاقمت الأزمة بالنسبة للعديد من المستثمرين، بمَن فيهم فيلاس سهاي، البالغ من العمر 31 عاماً والمقيم في مومباي، الذي شهد انخفاضاً حاداً في قيمة استثماراته. ومع خسارة مؤشر «إن إس إي نيفتي 50» ومؤشر «بي إس إي سينسكس» نحو 14 في المائة منذ سبتمبر (أيلول)، وانخفاض مؤشرات الشركات الصغيرة والمتوسطة بأكثر من 20 في المائة، انزلقت شركة «ساي» إلى حالة من الركود المالي.

وكان سهاي قد انضم إلى موجة الاستثمار التي شهدت دخول نحو 100 مليون مستثمر جديد إلى الأسواق، مستفيدين من الطفرة التي تضاعفت خلالها قيمة المؤشرات القياسية منذ جائحة «كوفيد – 19» وحتى أواخر العام الماضي. ومع ذلك، بعدما قادته الأرباح السريعة إلى اللجوء إلى الاقتراض للاستثمار في تداول الخيارات، وجد نفسه غارقاً في الخسائر عند تراجع السوق.

«المشكلة في تداول الخيارات أن المكاسب قد تكون هائلة، لكنني لم أكن مستعداً لمواجهة الخسائر»، قال سهاي، الذي اضطر إلى تقليص إنفاقه هو وعائلته إلى الحد الأدنى.

تأثير مباشر على الاستهلاك والاستثمارات

عبّرت «رويترز» عن قلق المستثمرين الأفراد في عدة مدن رئيسية، مثل مومباي وتشيناي ونيودلهي؛ حيث أكد معظمهم أنهم يخططون لخفض أو إيقاف إنفاقهم مؤقتاً، بما في ذلك تقليل استثماراتهم في الأسواق المالية.

على سبيل المثال، اضطر بونيت غويال، البالغ من العمر 36 عاماً من أودايبور في ولاية راجستان، إلى تأجيل شراء منزل كان ينوي تمويله من أرباحه السوقية. إذ تسببت التراجعات الأخيرة في خسارته نحو 14 في المائة من محفظته الاستثمارية، أي ما يعادل مليوني روبية، مما دفعه إلى إعادة النظر في قراراته المالية.

ويبدو أن التأثير السلبي لتراجع سوق الأسهم بدأ ينعكس على قطاع السيارات؛ حيث أظهرت بيانات رسمية انخفاض مبيعات الدراجات النارية بنسبة 9 في المائة في فبراير (شباط)، بينما نمت مبيعات سيارات الركاب بنسبة متواضعة بلغت 2 في المائة فقط.

وعزا محللو «نومورا» هذا التباطؤ جزئياً إلى تراجع ثقة المستهلكين بسبب تقلبات السوق، في حين أشار سي إس فيجنيشوار، رئيس قطاع التجار في كبرى شركات السيارات الهندية، إلى أن اضطراب الأسواق المالية يؤثر بشكل واضح على قرارات الشراء في المناطق الحضرية؛ حيث أصبح العملاء أكثر حذراً في إنفاقهم.

وقد يُفاقم هذا التباطؤ أزمة الاقتصاد الهندي، إذ تسهم صناعة السيارات بنسبة 7.1 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وفقاً لمؤسسة «إنديا براند إكويتي» الحكومية.

تراجع اهتمام المستثمرين الأفراد بالأسواق

مع استمرار ركود الأسواق، يُحذّر مديرو صناديق الاستثمار من أن التدفقات المالية التي عززت صمود الأسهم الهندية أمام موجات البيع الأجنبية قد تتراجع. فقد ارتفعت ملكية المستثمرين الأفراد إلى 18.2 في المائة من إجمالي الشركات المدرجة في بورصة «إن إس إي»، متجاوزة المستثمرين الأجانب لأول مرة منذ عام 2006.

لكن مع تصاعد المخاوف، بدأ العديد من المستثمرين يعيدون النظر في استثماراتهم.

«أفكر جدياً في إيقاف استثماراتي مؤقتاً أو تحويلها إلى أصول أكثر أماناً، مثل الذهب»، قال منصور خان، البالغ من العمر 29 عاماً، الذي بدأ الاستثمار في 2019.

ووفقاً لمحللين في «سيتي ريسيرش» و«إتش إس بي سي»، فقد شهدت التدفقات المالية عبر آليات الاستثمار المنهجي التي ضخت 1.8 مليار دولار شهرياً في الأسواق خلال السنوات الأربع الماضية، تباطؤاً ملحوظاً مؤخراً، وهو ما قد يزيد الضغوط على الأسواق إذا استمر الاتجاه الهابط.

الأسواق على حافة الهاوية؟

كشفت بيانات يوم الأربعاء أن صافي التدفقات المالية إلى الأسواق انخفض إلى أدنى مستوى له في 10 أشهر في فبراير، كما تراجع عدد المستثمرين الأفراد النشطين في سوق النقد إلى أدنى مستوى له في 9 أشهر.

«إذا لم تحقق الأسواق أداءً جيداً خلال العام المقبل، فقد تتراجع مشاركة المستثمرين الأفراد بشكل أكبر»، قال أجاي تياغي، رئيس استثمارات الأسهم في شركة «يو تي آي» لإدارة الأصول، التي تدير أصولاً بقيمة 240 مليار دولار.

وأضاف تياغي: «عندما تسود موجة صعود، يعتقد المستثمرون أنهم قادرون على بناء ثروات بسرعة عبر سوق الأسهم، لكن مع تحقيق معظم القطاعات عوائد سلبية، يدرك الكثيرون أن هذه ليست طريقة مضمونة لكسب المال كل عام».


مقالات ذات صلة

سوق الأسهم السعودية ترتفع بدعم قطاع البنوك 

الاقتصاد مستثمر يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية بالرياض (أ.ف.ب)

سوق الأسهم السعودية ترتفع بدعم قطاع البنوك 

أغلق مؤشر سوق الأسهم السعودية على ارتفاع 0.24 في المائة، وبفارق 28.42 نقطة، ليقفل عند مستويات 11784 نقطة، بدعم من قطاع البنوك الذي زاد 0.28 في المائة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (رويترز)

بعد أسبوع مربح... الحذر يخيّم على «وول ستريت»

تراجعت الأسهم الأميركية، يوم الاثنين، في ظل الترقّب بشأن تطورات محتملة قد تُثير مزيداً من التقلبات في الأسواق المالية خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أحد المتداولين في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

الأسواق الخليجية تختتم تعاملات الأحد على تباين

اختتمت أسواق الخليج تعاملاتها، اليوم (الأحد) بتباين، حيث تراجع «تاسي» السعودي، بينما ارتفعت مؤشرات الكويت وقطر ومسقط، وسط ترقب لنتائج مالية وتوزيعات أرباح.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركة «سابك للمغذيات» في المعرض الزراعي السعودي بالرياض (الشركة)

أرباح «سابك للمغذيات الزراعية» السعودية ترتفع إلى 261 مليون دولار بالربع الأول 2025

ارتفعت أرباح «سابك للمغذيات الزراعية» 27 % بالربع الأول 2025 إلى 985 مليون ريال بدعم من زيادة المبيعات والأسعار وحصص شركات زميلة.

الاقتصاد شعار «ألفابت» على شاشة في سوق «ناسداك ماركت سايت» بنيويورك (أ.ب)

أرباح قوية من «ألفابت» تُنعش أسهمها مع تنامي أثر الذكاء الاصطناعي

قفزت أسهم «ألفابت» 4 في المائة بعد تقرير أرباح قوي أظهر أن استثماراتها في الذكاء الاصطناعي تعزز نمو إيراداتها الإعلانية، مبددةً مخاوف المنافسة والرسوم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

صندوق النقد الدولي يعقد مؤتمراً حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة

شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)
شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)
TT
20

صندوق النقد الدولي يعقد مؤتمراً حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة

شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)
شعار صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق)

يعقد صندوق النقد الدولي مؤتمره السنوي الأول للبحوث الاقتصادية حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القاهرة، حيث يهدف إلى إنشاء منتدى للحوار حول القضايا الاقتصادية المُلحة، وتعزيز البحث الأكاديمي المُوجه نحو السياسات، والمُصمم خصوصاً لتلبية احتياجات المنطقة وتحدياتها الفريدة.

وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، الدكتور جهاد أزعور، والمستشار الاقتصادي ومدير إدارة الأبحاث في صندوق النقد الدولي، بيير أوليفييه غورينشاس، في بيان، إن الصدمات العالمية تُفاقم من حدة العوامل الإقليمية، مما يُؤدي إلى بيئة اقتصادية غير مستقرة للغاية في اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كذلك، تُغير الصراعات والتوترات التجارية وتقلب أسعار السلع الأساسية وتغير الظروف المناخية والتحولات في مجال الطاقة والتقدم التكنولوجي السريع؛ المشهد الاقتصادي للمنطقة، مُشكلةً تحدياتٍ جسيمة، ولكنها تُتيح في الوقت نفسه فرصاً لإصلاحاتٍ جريئةٍ تحمي استقرار الاقتصاد الكلي، وتبني المرونة، وترفع مستويات المعيشة للجميع. يُعد البحث الاقتصادي أمراً أساسياً لتوفير تحليلاتٍ موثوقةٍ وتطوير استجاباتٍ سياسيةٍ عمليةٍ ومبتكرة، وفق البيان.

وأشار البيان إلى أن صندوق النقد الدولي سيُنظم لهذا الغرض مؤتمراً سنوياً للبحوث الاقتصادية حول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالشراكة مع جامعاتٍ رائدةٍ في المنطقة.

ويهدف المؤتمر إلى إنشاء منتدى للحوار حول القضايا الاقتصادية المُلحة، وتعزيز البحث الأكاديمي المُوجه نحو السياسات، والمُصمم خصوصاً لتلبية احتياجات المنطقة وتحدياتها الفريدة. كما سيوفر منصةً لتبادل الأفكار والرؤى للأكاديميين والباحثين وصانعي السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحول العالم.

وسيُنظم المؤتمر الافتتاحي، بعنوان «توجيه السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية في ظل المشهد الاقتصادي العالمي المتغير»، بالتعاون مع كلية «أنسي ساويرس» لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية بالقاهرة، يومي 18 و19 مايو (أيار) 2025. وسيتضمن عروضاً تقديمية وحلقات نقاش يقدمها كبار الاقتصاديين وصانعي السياسات.