«يوم التصميم الإيطالي» رحلة من الإبهار في عالم يتقن فن الجمال

يعرض للإبداع الإيطالي في قلب بيروت

دار إيلي صعب شاركت في هذا الحدث الإيطالي (الشرق الأوسط)   -   واحد من أقدم الأعلام الإيطالية وهو مشغول حرفياً (الشرق الأوسط)
دار إيلي صعب شاركت في هذا الحدث الإيطالي (الشرق الأوسط) - واحد من أقدم الأعلام الإيطالية وهو مشغول حرفياً (الشرق الأوسط)
TT

«يوم التصميم الإيطالي» رحلة من الإبهار في عالم يتقن فن الجمال

دار إيلي صعب شاركت في هذا الحدث الإيطالي (الشرق الأوسط)   -   واحد من أقدم الأعلام الإيطالية وهو مشغول حرفياً (الشرق الأوسط)
دار إيلي صعب شاركت في هذا الحدث الإيطالي (الشرق الأوسط) - واحد من أقدم الأعلام الإيطالية وهو مشغول حرفياً (الشرق الأوسط)

وأنت تتنقل في معرض «يوم التصميم الإيطالي» في مركز «ريبيرث بيروت» في الجميزة تطبعك تفاصيل الجمال المصنوع بإتقان. كيف لا وهناك مجموعة من المصممين الإيطاليين أمثال أوكتافيا، وماركو ريفادوسي، وريفاراما، وأدرياني، وروسي، وفيرروكولو، وماركانتونيو، وتشيكوتي وغيرهم يوقعون التصاميم.
يأتي هذا المعرض الذي أطلقته سفيرة إيطاليا لدى لبنان نيكوليتا بومباردييري بمناسبة «يوم التصميم الإيطالي». وهو حدث سنوي تقوم به إيطاليا في مختلف عواصم العالم وبينها بيروت، للإضاءة على الإبداع الإيطالي في مجال التصاميم. «الجودة التي تضيء: طاقة التصميم للناس والبيئة» شكل شعار النسخة الجديدة له.
وألقت السفيرة بومباردييري كلمة بالمناسبة، أشارت فيها إلى أن التصميم الإيطالي يهدف إلى تسليط الضوء على واحدة من أهم ميزاته ألا وهي الجودة. وتابعت: «الجودة التي لا تفهم على أنها نوع من الترف بل كعامل للتنمية المستدامة المسؤولة».
المعروضات تم اختيارها من غاليريهات لبنانية كـ«ناتوتزي» و«غاليري سمعان» و«انترموبل» و«مجموعة بارودي» وغيرها. كما شاركت فيها دار إيلي صعب الذي قدم مقعداً من الحرير والقطن وقطع إنارة من تصميمه. فيما حملت غالبية المعروضات الأخرى تواقيع مهندسين داخليين إيطاليين.
وتضمن المعرض أيضاً مجموعة من التحف ومتممات الأثاث الإيطالية التي تجمع بين الجودة وسهولة الاستخدام والاستدامة. وبرزت التصاميم الحديثة ضمن عروض تفاعلية أعدت بفضل الذكاء الصناعي. وبينها تجهيز من نوع فن الـ«هولوغرافيك» الذي يولد الإنارة ديناميكياً من خلال نقاط يحركها الذكاء الصناعي.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكد رئيس المكتب التجاري في السفارة الإيطالية كلاوديو باسكوالوتشي على أن إيطاليا تحرص على إقامة هذا الحدث سنوياً في لبنان. ورأى أنه منذ وجوده في لبنان (نحو 3 سنوات) يتحسن التفاعل اللبناني مع هذا الحدث. وباسكوالي، الذي يبدي سعادته في الإقامة بلبنان منذ تلك الفترة، يرى أن بيروت لن ينطفئ وهجها مهما شهدت من معاناة، تماماً كما روما. وعن الفرق بين معرض السنة الحالية والسنوات السابقة يقول: «الاختلاف في المعرض يكمن هذه السنة في توجهنا إلى الناس مباشرة، وهو أمر مهم جداً. فأردنا أن نوصل لهم جمال التصاميم الإيطالية ونعرفهم إليها عن قرب. فيكوّنون بذلك فكرة عن جودتها وسهولة استخدامها، وفي الوقت نفسه عن أهمية استعمالها في يومياتهم».
وحضر المعرض آتياً خصيصاً من إيطاليا، المهندس باولو تزاني، الذي أشار خلال كلمته إلى أهمية هذا اللقاء السنوي بين لبنان وإيطاليا. وأعلن عن لقاء سيجمعه بطلاب ثلاث جامعات لبنانية (ألبا، والجامعة اللبنانية للفنون، وجامعة الروح القدس).
ويلقي تزاني محاضرات في موضوع يوم التصميم الإيطالي هذا العام، يُعرض خلالها وثائقي بعنوان «أهمية أن تكون مهندساً معمارياً»، أعده كل من جورجيو فيريرو، وفيديريكو بياسين.
وقال ماريو حداد، أحد المشاركين في المعرض من خلال جهاز إيطالي قديم لعرض الأفلام السينمائية، إن الحدث يبرز اهتمام الإيطاليين بتعاونهم التجاري مع لبنان. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال هناك العديد من اللبنانيين الذين يرون في التصاميم الإيطالية فسحة تلون بيوتهم ومكاتبهم ويومياتهم. كما أن السفارة الإيطالية تقوم بنشاطات بارزة لتوطيد هذه العلاقة بين البلدين». وختم: «شهادتي مجروحة لأنني أعتبر نفسي لبنانياً إيطالياً بالفطرة. فالإيطاليون يؤلفون شعباً يحب الحياة والطعام اللذيذ والسهر تماماً مثلنا. واليوم ونحن نمر بمرحلة عصيبة لا تزال إيطاليا تتمسك بلبنان. فهو بالنسبة لها يعد من الأسواق المزدهرة التي تعول على المنتجات الإيطالية».
وتضمن المعرض أيضاً علم إيطاليا المنقوش على قطعة قماش بأسلوب حرفي، ويعد أحد أقدم أعلامها في العالم.


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».