باريس تلجأ إلى «التهدئة» مع الجزائر بعد «أزمة تهريب بوراوي»

مصادر دبلوماسية تحدثت عن عودة السفير الجزائري لباريس «في غضون أيام»

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي في 25 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي في 25 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

باريس تلجأ إلى «التهدئة» مع الجزائر بعد «أزمة تهريب بوراوي»

الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي في 25 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري مستقبلاً نظيره الفرنسي في 25 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

بينما أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، أن حكومتها تبحث عن تسوية لمشكلات مع الجزائر طرأت مؤخراً، باتت عودة سفير الجزائر في باريس إلى منصبه وشيكة، بعد شهر من استدعائه لـ«التشاور» على خلفية «تهريب المخابرات الفرنسية الناشطة المعارضة أميرة بوراوي عبر تونس».
وحاولت كولونا، خلال كلمتها أول من أمس في «الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي)»، الدفاع عن سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون تجاه الجزائر، أمام انتقادات حادة من المعارضة، وأكدت أنه «بمعزل عن الحالات، التي قد تكون سوء فهم من جانبكم للعلاقة مع الجزائر، يتعين علينا جميعاً أن نعمل، كل من موقعه، من أجل أن تكون هذه العلاقة، وهي علاقة طويلة الأمد، مفيدة للجانبين».
وعرفت العلاقات الجزائرية - الفرنسية تدهوراً مفاجئاً الشهر الماضي، بعد انفراجة لافتة منذ الصيف الماضي، على أثر «هروب» الناشطة والطبيبة المعارضة أميرة بوراوي إلى تونس، ومنها إلى فرنسا، بينما كانت تحت طائلة إجراءات المنع من السفر في الجزائر. واحتجت الجزائر بشدة على تدخل قنصل فرنسا لدى تونس لمنع ترحيل بوراوي إلى الجزائر، بصفتها حاملة للجنسية الفرنسية أيضاً. كما اتهمت جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، بـ«اختراق ترابها لتنفيذ عملية إجلاء سري» للمعارضة، مشيرة إلى أن ذلك «تم بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين»، بعدما تمكنت الناشطة من السفر إلى فرنسا. وبعد هذه الأحداث العاصفة سحبت الجزائر سفيرها سعيد موسي من باريس.
ونفت المعنية بالأمر عبر حسابها على «فيسبوك» أن تكون استفادت من مساعدة أي جهة لكسر القيود التي كانت تمنعها من مغادرة الجزائر، وأوضحت أنها دخلت تونس عبر الحدود البرية، بواسطة جواز سفر والدتها من دون أن تتفطن شرطة الحدود إلى «الخطة». واللافت أن باريس لم ترد على الاتهامات الجزائرية، فيما صرح الرئيس إيمانويل ماكرون نهاية الشهر الماضي، خلال مؤتمر صحافي بباريس، بأن «أشياء كثيرة قيلت بعد عودة (فرنكو - جزائرية) إلى فرنسا عبر تونس، وما هو مؤكد أن هناك من لديهم مصلحة في أن ما نقوم به في الجزائر منذ سنوات عدة يكون مآله الفشل... سأواصل العمل الذي شرعنا فيه؛ فليست هذه هي المرة الأولى التي أتلقى فيها ضربة».
وأوحى كلام ماكرون بأن هناك في الجزائر من يسعى لعرقلة جهود تطبيع العلاقات مع باريس، وتسوية «أزمة الذاكرة» بينهما. وقد سبق لمسؤولين جزائريين أن اتهموا اليمين الفرنسي، المتنفذ، وفقهم، في الحكم، بـ«العمل على نشر التوتر بين البلدين، بسبب الحنين الذي يشده إلى الاستعمار».
ونقلت مجلة «جان أفريك» الفرنسية في عددها لشهر مارس (آذار) الحالي، عن «مصادر دبلوماسية»، أن السفير الجزائري موسي سيعود إلى باريس «في غضون أيام»، من دون ذكر تفاصيل أخرى. وفي حال أصبحت عودته رسمية؛ فإن ذلك يعني أن «حادثة بوراوي» كانت سحابة صيف عابرة سرعان ما مرت وانقشعت، علماً بأنه سبق للعلاقات غير العادية بين البلدين أن مرت بأزمات كثيرة، لكن جرى تجاوزها لما يربط بينهما من مصالح تجارية وروابط إنسانية متينة.
والأسبوع الماضي، صرح رئيس حزب «الجمهوريون» اليميني، البرلماني إيريك سيوتي، في «الجمعية الفرنسية»، بأن الجزائر أوقفت إصدار التصاريح القنصلية التي تسمح بترحيل مهاجريها غير النظاميين بفرنسا، وذلك بعد أسابيع قليلة من طي خلاف حاد استمر عاماً ونصف العام، تعلق بتقليص باريس حصة الجزائر من التأشيرات. وأكدت وسائل إعلام فرنسية أن تعليق التصاريح مرتبط بغضب الجزائر في «قضية بوراوي». وقال سيوتي إنه «لا يمكن لفرنسا طرد مزيد من الجزائريين الموجودين على أراضيها بطريقة غير قانونية»، داعياً وزير الداخلية جيرالد دارمانان إلى «وقف إجراءات التأشيرة الممنوحة للجزائريين»، التي جرى استئنافها بمناسبة زيارة الوزير ذاته إلى الجزائر أواخر العام الماضي.


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.