كشفت أوراق الدعوى التي أقامتها شركة «دومينيون» المنتجة آلات التصويت الإلكتروني، ضد شبكة «فوكس نيوز»، بتهمة تشويه سمعتها عبر ادعاء كبار مقدمي الرامج فيها، بأن أجهزتها ساهمت في قلب نتائج انتخابات 2020، عن خلافات كبيرة، داخل الشبكة، ومع الرئيس السابق دونالد ترمب.
وبحسب الوثائق التي أُفرج عن بعضها يوم الثلاثاء، بدا أن الشبكة التي بنت علاقة وثيقة مع ترمب، على مدى سنوات حكمه، تعرضت لضغوط كبيرة، بعد أن أعلنت عن فوز جو بايدن في الانتخابات، وابتعادها «مؤقتاً» عن ادعاءات التزوير. وتسبب ذلك بقطيعة مع ترمب، الذي قام بمهاجمتها علناً معلناً ابتعاده عنها؛ ما ألهم العديد من المشاهدين الموالين له بالابتعاد أيضاً، لمصلحة قنوات يمينية منافسة. وتسبب الضغط الذي أعقب ذلك، في حدوث توتر، وخلافات داخلية في الشبكة، وصفت بأنها «أزمة وجودية»، جراء التراجع الحاد في عدد مشاهديها، بحسب أوراق الدعوى التي طالبت «فوكس نيوز» بدفع غرامة بقيمة 1.6 مليار دولار، جراء الضرر الذي لحق بسمعتها.
وكشفت أوراق الدعوى، التي قدمتها «دومينيون»، عن أن كبار مقدمي البرامج في المحطة، بمن فيهم تاكر كارلسون، الذي لطالما كان من كبار مؤيدي ترمب، قد كتب لزميل له في 4 يناير (كانون الثاني) 2021 «نحن قريبون جداً جداً من أن نكون قادرين على تجاهل ترمب في معظم الليالي». وأضاف كارلسون، الذي شارك في اجتماعات خاصة مع ترمب، ودافع عنه على الهواء، في نص «أكرهه بشدة... ما يجيده هو تدمير الأشياء. إنه بطل العالم بلا منازع في ذلك. يمكن أن يدمرنا بسهولة إذا لعبناها بشكل خاطئ».
وشكّل الكشف عن هذه الرسائل مفاجأة غريبة عن مواقف كارلسون، الذي اُتهم هذا الأسبوع، بأنه قام بتحريف لقطات كاميرا أمنية حصرية من مبنى الكابيتول، للتقليل من شدة مشاهد الهجوم الذي تعرض له في 6 يناير 2021، في سياق مساعيه للدفاع عن ترمب.
وتضمنت المواد التي تم الكشف عنها يوم الثلاثاء، مجموعة كبيرة من الاتصالات الداخلية والشهادات المحلفة، التي تشير إلى أن كبار المديرين التنفيذيين والمضيفين شككوا بشكل خاص في صحة مزاعم الاحتيال الانتخابي، حتى مع استمرار «فوكس» في بثها، بعد عودة كبار مقدمي برامجها إلى ترداد مزاعم التزوير، لوقف نزيف المشاهدين الداعمين لترمب، بحسب «دومينيون».
وبحسب أوراق الدعوى، كتب الملياردير روبرت مردوخ، المؤسس لشركة «فوكس نيوز»، رسالة إلكترونية إلى الرئيس التنفيذي للشركة «ربما ذهب شون ولورا بعيداً جداً»، في إشارة إلى نجمَي المحطة في أوقات الذروة، شون هانيتي ولورا إنغراهام، وهما اللذان روّجا بشكل كبير لنظرية المؤامرة الانتخابية على الهواء. وتابع مردوخ «أمر جيد لشون أن يخبرك أنه يشعر باليأس من ترمب، ولكن ماذا قال لمشاهديه؟» وبعد فترة وجيزة من رسائل مردوخ بشأن ما إذا كان مضيفوه قد «ذهبوا بعيداً جداً»، أرسل بيل سامون، أحد محرري الأخبار رفيعي المستوى في «فوكس نيوز»، رسالة نصية إلى أحد زملائه قال فيها «خلال 22 عاماً من الانتماء إلى (فوكس)، كان هذا أقرب شيء إلى أزمة وجودية، على الأقل من الناحية الصحافية... كانت الأزمة، هي التركيز المستمر للشبكة على تزوير الانتخابات المفترض».
مع ذلك، دافعت القناة عن قرارها بث مزاعم محامي ترمب بحجة أنها مواد تستحق النشر. وفي بيان صدر يوم الثلاثاء، رفض ممثلو «فوكس» أهمية الوثائق التي تم الكشف عنها، قائلين: إن «دومينيون»، استخدمت «تشويهاً وتضليلاً»، وإن الشركة «تحرف، بل وتخطئ في نسب الاقتباسات في تقديم المواد».
وتظهر المناقشات التي تتداولها وسائل الإعلام الأميركية بشكل مكثف خلال الأسابيع الماضية، عن هذه القضية، عمق أزمة الصحافة الأميركية، والصراعات الداخلية التي تمزقها، مترافقة مع الانقسام السياسي الحاد، الذي يلقي بثقله عليها. وهو ما أدى إلى تصاعد الجدل الدائر حول الموقف من ترمب، وتأثيره على وسائل الإعلام، المرئية والمكتوبة والمسموعة؛ ما تسبب بموجات نزوح وتغييرات هيكلية طالت كبرى وسائل الإعلام، بما فيها «فوكس نيوز» و«سي إن إن»، وانتقال العديد من مقدمي البرامج إلى محطات أخرى.
كما تُظهر الرسائل التي تم كشف النقاب عنها، الاهتمام غير العادي المكرّس لتهدئة ترمب وأنصاره المتشددين في الأيام التي أعقبت إعلان «فوكس نيوز» فوز بايدن في الانتخابات، التي كانت أول من أعلن النتيجة. وأرسل مقدم البرامج الشهير شون هانيتي رسالة نصية إلى منتجة برنامجه، متسائلاً عن نسبة المشاهدين. وردت بأن برنامج «هانيتي» نجح لأننا «لم نتحدث عن مزاعم الفوز، جماعة ترمب... غاضبون».
وفي إحدى الرسائل الداخلية، تبادل راج شاه، النائب الأول لرئيس شركة «فوكس كورب»، بيانات استقصائية مع زملائه، تظهر أن تصنيفات «فوكس» المفضلة انخفضت بشكل حاد بعد الانتخابات. وكتب: إن العلامة التجارية للشبكة كانت «تحت نيران كثيفة من قاعدة عملائنا... أود الحصول على تعليقات صادقة، أعمق من مشاهدي (فوكس) حول العلامة التجارية، والتعامل مع الانتخابات، وما إذا شعروا بأنهم تعرضوا للخيانة بطريقة ما من قِبل الشبكة». وفي رسالة منفصلة، وصف شاه ادعاءات تزوير الانتخابات بأنها «مجنونة تماماً».
وعلى الرغم من ذلك، حذر شاه كبار مسؤولي المحطة، من أن تراجع تفضيل «فوكس» بين جمهورها الأساسي «أصبح محفوفاً بالأخطار» وقال إنه شارك آراءه مع لاكلان مردوخ، الرئيس التنفيذي للشركة الأم للشبكة الإخبارية، بالإضافة إلى فيت دينه، رئيس الشؤون القانونية والسياسة في الشركة. وكتب في رسالة إلكترونية في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، أن آراءه كانت مفادها أنه «نحتاج إلى إجراء جريء وواضح وحاسم لكي نبدأ في استعادة الثقة التي نفقدها مع جمهورنا الأساسي».
«دومينيون» تطالب «فوكس نيوز» بـ1.6 مليار دولار غرامة «تشويه سمعة»
دعوى تكشف عن أزمة الإعلام الأميركي وتأثير ترمب على نسبة المشاهدين
«دومينيون» تطالب «فوكس نيوز» بـ1.6 مليار دولار غرامة «تشويه سمعة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة