روبوتات مطورة لإبداعات فنية تحاكي إبداع الإنسان

مدمجة بنظم ذكاء صناعي توليدي لرسم اللوحات الزيتية

الروبوت «فريدا»
الروبوت «فريدا»
TT

روبوتات مطورة لإبداعات فنية تحاكي إبداع الإنسان

الروبوت «فريدا»
الروبوت «فريدا»

ما هو الفن عندما لا يبدع فكرته دماغ بشري أو لا تبتكره يد بشرية؟
يقلق هذا السؤال راحة الفاعلين في الصناعة والمفكرين منذ استباحة الذكاء الصناعي التوليدي للمشهد في السنوات القليلة الأخيرة. هل تستطيع تدرجات الألوان أو الأشكال والخطوط التي ترسمها نظم الذكاء الصناعي تحريك العواطف نفسها التي تحركها لوحات رسمتها أنامل فينسنت فان غوغ في منزله الأصفر جنوب فرنسا، هذا الفنان الذي عانى من اضطراب نفسي أوصله أخيراً إلى قطع جزء من أذنه؟ هل تستطيع هذه الأعمال الفنية المجردة من الفكر البشري الإيحاء بالفخامة نفسها التي اشتهر بها كلود مونيه الذي زرع حدائق كاملة من زهور الزنبق ليرى العالم من منظور أكثر رومانسية؟

فنون روبوتية
ماذا يحدث عندما نمزج الذكاء الصناعي التوليدي مع الروبوتيات؟ علماء من جامعة كارنيغي ميلون يجيبون. لنأخذ هذه اللوحة الزيتية للفنانة فريدا كالو المفبركة في ستوديو في جامعة كارنيغي ميلون والتي لم ينتجها عقل أو يد بشريان، بل أنتجها «فريدا»، روبوت مجهز بذراع آلية قادرة على تغطيس الفراشي بالماء، وضربها في لوحات الطلاء، ومن ثم نشر الألوان على قماشة اللوحة وتشكيل صورة قد تبدو أقرب إلى رسومات الأطفال أو إلى بدعة أحد الفنانين – الأمر يعتمد على تحليلكم لها.

لوحة الفنانة المكسيكية «فريدا»

في فيديو يستعرض الروبوت فريدا، يقول بيتر شالندنبراند، طالب في مرحلة الدكتوراه في كلية علوم الكومبيوتر في جامعة كارنيغي ميلون: «توجد لوحة لضفدع يرقص الباليه أعتقد أنها جميلة جداً. إنها بسيطة ولكن الأمر يختلف عندما تفهمها...».
ولد الروبوت «فريدا» FRIDA في معهد الروبوتيات في الجامعة وأسمي تيمناً بالفنانة المكسيكية الشهيرة، ولكن اسمه يمثل أيضاً اختصار «مبادرة أطر العمل والروبوتيات لتطوير الفنون» «Framework and Robotics Initiative for Developing Arts». باللغة الإنجليزية. يستخدم «فريدا» تعلماً آلياً شبيهاً ببرنامجي «دال - إي» و«جي.بي.تي». اللذين أنتجهما مختبر «أوبن إي.آي». لتوليد صور بناءً على الطلب البشري. ولكن روبوت معهد الروبوتيات يسير أبعد من ذلك ويحول هذه الصور إلى مواد في العالم الحقيقي – بصباغ حقيقي على الأوراق بدل بيكسلات على الكومبيوتر.
اعتبر جان أوه، أستاذ مساعد في معهد الروبوتيات في الفيديو نفسه، أن «الناس يملكون أفكاراً عالية المستوى عن الأشياء التي يريدون رسمها ولكن قلة فقط يملكون فكرة واقعية عما سيكون عليه العمل الفني، فيبدأون ببعض الأهداف الدلالية».
لذا، إذا كنتم تتخيلون في عقلكم مثلاً مشهداً من قصيدة الجحيم لدانتي مستوحى من نهاية العالم منفذاً بأسلوب بابلو بيكاسو التكعيبي (كيف سيبدو هذا العمل الفني؟) – يمكنكم تزويد «فريدا» بهذا الطلب وانتظار تحقيق رؤياكم.

لوحة «ضفدع يرقص الباليه»

تحف فنية
يمكن للطلب حتى أن يكون تجريدياً أكثر. فقد شغل المطورون خلال التجارب أغنية «دانسينغ كوين» على مسامع «فريدا» وطلبوا منه رسم المشهد. ينتج فريدا هذه التحف الفنية ببضع ضربات بالفراشي، يزيدها للحصول على لوحة كثيرة التفاصيل، أو يقللها للحصول على جمالية بسيطة. ولكن الروبوت ليس كامل المهارات طبعاً لأنه غير قادر حتى اليوم على مزج الطلاء، إلا أنه يعلمكم بالكميات الدقيقة التي يجب أن تمزجوها للحصول على الألوان التي تريدونها. (وكشفت جامعة كارنيغي ميلون أن كليتي التعلم الآلي والهندسة المعمارية تعملان حالياً على تطوير خلاط طلاء آلي).
رغم دقة العلم التي تتطلبها برمجة روبوت يقوم بكل وظائف فريدا، يعتبر المطورون أن طبيعة الفن التي تتسم بغياب الدقة -يعتمد الفن بشكل أساسي على نشر ضربات الطلاء بواسطة مجموعة صغيرة من الشعيرات– من شأنها أن تبث الحياة في الآلة. وإذا اقترف فريدا أي خطأ، كجر الفرشاة بقوة زائدة أو ترك بقعة عشوائية على قماشة اللوحة، يعمل الروبوت على الاستفادة من الخطأ، فتتغير تصميماته الخوارزمية لعكس حقيقة الصورة.
يقول المطورون إن فريدا بهذه الطريقة قد ينجح في فهم جمال الفن البشري الغامض والكامن بطبيعته البعيدة كل البعد عن المثالية.
ولكن فريدا لا يستطيع القيام بكل العمل وحده، إذ يشدد فريق العمل في كارنيغي ميلون على أن الروبوت طور ليعمل مع البشر وليكون وسيلة لازدهار إبداعهم. وقال أوه إن «الناس يتساءلون ما إذا كان ربوت فريدا سيستولي على وظائف الفنانين، ولكن الهدف الأساسي من هذا المشروع هو العكس تماماً. أنا شخصياً أردت أن أكون فناناً واليوم يمكنني التعاون مع فريدا للتعبير عن أفكاري في الفن».
ولكن أخيراً، وبالعودة إلى السؤال الملح الذي طرحناه في بداية هذا المقال: ماذا يعني الفن لنا؟ لا يملك مطورو فريدا الجواب ولكن جيم ماك كان، أستاذ مساعد في معهد الروبوتيات، لديه بعض التفسيرات.
يقول الأخير في فيديو استعراض الروبوت: «يمكنكم أن تكونوا شديدي الاختزالية وأن تقولوا إن التعبير الفني هو أمر غامض لا نفهمه. نحن نفهم كيف يعمل فريدا؛ إنه عبارة عن أرقام ترصف في جدول، وهذه الأرقام مصدرها مجموعات كبيرة من الصور والكلمات، ولهذا السبب، لا يوجد مكان للتعبير الفني. ولكن يمكننا أيضاً أن نعكس هذا الأمر ونقول: (حسناً، ماذا يفعل الفنان غير استخلاص أفكاره من روح العصر –أي مما يفعله الناس ويقولونه حوله– وتحويله إلى تعبير؟) وهذا بالتحديد ما يفعله فريدا».
* «فاست كومباني»
ـ خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».