تركيا: شكاوى من تراجع الاهتمام بمناطق الزلزال بسبب التوتر السياسي

موجة هجرة من إسطنبول خوفاً من زلزال قد يصل إلى 10 درجات

إردوغان خلال تفقده منطقة متضررة من الزلزال في 8 فبراير (رويترز)
إردوغان خلال تفقده منطقة متضررة من الزلزال في 8 فبراير (رويترز)
TT

تركيا: شكاوى من تراجع الاهتمام بمناطق الزلزال بسبب التوتر السياسي

إردوغان خلال تفقده منطقة متضررة من الزلزال في 8 فبراير (رويترز)
إردوغان خلال تفقده منطقة متضررة من الزلزال في 8 فبراير (رويترز)

بينما لا تزال الجهود تبذل في إزالة الأنقاض وتأمين احتياجات المتضررين في الولايات الـ11 المنكوبة بكارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي، بدا أن الأزمة السياسية الحادة التي فجرتها رئيسة حزب «الجيد» المعارضة بإعلان عدم قبول ترشيح 5 من أحزاب «طاولة الستة» لأحزاب المعارضة ترشيح رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، حولت الاهتمام من مناطق الكارثة إلى الصراع السياسي في أنقرة.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريحات السبت: «نحن نعمل على مداواة جراح المتضررين من الزلزال، وبينما نواصل العمل من أجل تلبية احتياجات مواطنينا ونقلهم بأسرع ما يمكن من الخيام إلى منازلهم مرة أخرى، ونركز على إنقاذ الأرواح، يتصارع غيرنا على المناصب».
وأضاف: «لقد عقدنا، الجمعة، اجتماعاً في قصر دولمه بهشة في إسطنبول بحضور 110 من الوزراء والمسؤولين والعلماء في إطار نموذج درع الحماية الوطني التركي، وناقشنا كيفية إعادة إعمار المناطق التي دمرها الزلزال وإنشاء مبانٍ على أرض صلبة تقاوم الزلزال، وسنعيد المناطق المهمة إلى سابق عهدها بمواصفات أعلى».
وتصاعدت شكاوى المواطنين في المناطق المتضررة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أمس، من تراجع الاهتمام بأحوالهم في ظل الانشغال بالتطورات السياسية. وبعثت رئيسة فرع «حزب الشعب الجمهوري» في إسطنبول جنان قفطانجي أوغلو، برسالة إلى المواطنين عبر «تويتر»، مؤكدة أن «الأحداث السياسية لا يمكن أن تؤثر على استمرار القيام بالواجب تجاه مواطنينا المتضررين، نقوم بجمع الملابس ومواد الإغاثة، ومستمرون في إرسالها بمساعدة بلديات الحزب».
في الوقت ذاته، علق وزير الداخلية سليمان صويلو على ما تردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن عدم وجود مياه في ولاية هطاي، أكثر الولايات المتضررة بكارثة الزلزال، قائلاً: «لدينا ماء في مخزوننا منذ اليوم الأول، وهو يتزايد يوماً بعد يوم، نحن في هطاي منذ مساء الجمعة، يقول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي إن هناك حاجة للمياه، منذ اليوم الأول، لدينا ماء في مخزوننا وهو يتزايد يوماً بعد يوم. كما نقوم بتوزيعه باستمرار على ضحايا الزلزال. ويتم تقديم شكاوى جنائية ضرورية حول الحسابات التي تروج الأكاذيب».
في السياق ذاته، أعلنت ولاية هطاي أنه تم حل الأعطال في شبكة المياه بسبب الزلازل في جميع أنحاء الولاية، نتيجة العمل المكثف للفرق المختصة، ولا توجد مشكلة في استخدام المياه الرئيسية لأغراض النظافة، ويجب استخدام المياه المعبأة للشرب.

رفع أنقاض... وهزات
وقالت الولاية، في بيان، إنه «يتم توصيل مياه الشرب باستمرار إلى المنطقة من قبل إدارة الكوارث والطوارئ، ولدينا مخزون مياه كافٍ، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مروجي الشائعات حول عدم وجود مياه».
وتتواصل أعمال إزالة الأنقاض في المناطق المنكوبة بالزلزال، وقال المدير العام للمديرية العامة للمنشآت الزراعية التي تشرف على أعمال إزالة الأنقاض في كهرمان ماراش، حسن غزغينتش، إنه تمت إزالة 468 ألف طن من أنقاض المباني التي دمرها الزلزال في كهرمان ماراش. وأضاف أنه تم الانتهاء من رفع الأنقاض في 118 موقعاً، فيما يتواصل العمل لإزالتها في 70 موقعاً بكهرمان ماراش.
وأعلنت إدارة الطوارئ والكوارث التركية (أفاد)، وقوع نحو 13 ألف زلزال وهزة ارتدادية في تركيا ومحيطها القريب، منذ 6 فبراير الماضي.
وصدر تحذير جديد من مخاطر زلزال مرمرة المحتمل، الذي يتوقع أن يؤثر في إسطنبول بشدة. وقال خبير الزلازل التركي الدكتور ناجي غورور، إن هناك فجوة زلزالية في مدينة إسطنبول، وعندما يتم سدها سيحدث زلزال مرمرة الكبير والمدمر المحتمل.
وحذر غورور، في مقابلة تلفزيونية السبت، من احتمالية وقوع زلزال تفوق شدته 10 درجات على مقياس ريختر في بعض مناطق إسطنبول.
وقال: «في بعض المناطق ستكون شدة الزلزال 10 درجات على مقياس ريختر، لأن الزلزال الذي سيضرب بعض الأماكن في مدينة إسطنبول سيكون عبارة عن زلزالين متتاليين وبسبب شدتهما، يمكننا اعتبارهما 4 زلازل في وقت واحد».
وأضاف الخبير التركي أن الشطر اللآسيوي في إسطنبول سيتأثر بنسبة أقل من الشطر الأوروبي في الأماكن القريبة من الساحل، حيث سيكون قوياً جداً وتكون شدته بمقدار 10 درجات على مقياس ريختر، وستنخفض شدته وتصبح 9 درجات على مقياس ريختر، في الأجزاء الموازية للساحل ونحو المناطق الشمالية.
وعلى مدى أكثر من عقد كامل، يحذر عدد من علماء الزلازل في تركيا من وقوع زلزال مدمر في إسطنبول، لأنها تقع عند تقاطع الصفائح التكتونية الأناضولية والأوراسية على بُعد من 15 إلى 20 كيلومتراً جنوب ذلك الجزء من فالق شمال الأناضول، الذي يمر تحت بحر مرمرة، وهذا هو ما يحدد مسبقاً التهديد الزلزالي.
ووجه رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الأسبوع الماضي، نداء عاجلاً إلى سكان المدينة، التي يقطنها 16 مليون نسمة، للإسراع في إجراء الكشف اللازم على قوة تحمل المباني التي أنشئت قبل عام 1999 للزلازل.
وارتفعت وتيرة بيع المباني والأراضي في إسطنبول خلال الأيام العشرين الأخيرة، بعد كارثة زلزالي 6 فبراير (شباط) الماضي بجنوب تركيا، ورصد مختصون في المجال العقاري ومسؤولون، اتجاهاً متزايداً لبيع العقارات في إسطنبول والتوجه إلى ولايات قريبة أكثر أماناً حال وقوع الزلزال مثل إديرنه وكيركلار إيلي، ولم يتم تفضيل تكيرداغ، التي تقع على خط الصدع.
وقال رئيس غرفة التجارة والصناعة في كريكلاإيلي، سونر إييليك، إنه تم بيع المنازل والأراضي لأكثر من ألفي شخص من إسطنبول في آخر 20 يوماً، مشيراً إلى أن الولاية ينظر إليها على أنها أكثر أماناً من المحافظات الأخرى، لأنها تقع خارج منطقة الزلزال.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
TT

إسرائيل تمهد لضربة عسكرية لإيران بعد تدمير قدرات الجيش السوري

نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)
نتنياهو وغالانت في غرفة تحت الأرض يتابعان الضربة الموجهة لإيران يوم 26 أكتوبر 2024 (الدفاع الإسرائيلية)

إلى جانب الأهداف المتعددة، بما في ذلك الإقليمية والداخلية، التي حققتها الهجمات الإسرائيلية ضد القدرات العسكرية للجيش السوري، حقق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطوة كبيرة نحو التحضير لهجوم واسع على إيران. فالحلم الذي راوده منذ 13 عاماً بتوجيه ضربة للمشروع النووي الإيراني أصبح، من وجهة نظره، أمراً واقعاً. ولديه شريك مهم يشجعه على ذلك، وهو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

كان نتنياهو، ومن خلفه الجيش والمخابرات، مقتنعين بأن توجيه ضربة قاصمة للمشروع النووي الإيراني هو مشروع ضخم يفوق بكثير قدرات إسرائيل.

لذلك، حاول نتنياهو خلال الحرب جرّ أقدام الولايات المتحدة للقيام بالمهمة، لكنه فشل. فالرئيس جو بايدن ظل متمسكاً بموقفه مؤيداً للحوار الدبلوماسي مع طهران. غير أن الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران في 26 أكتوبر (تشرين الأول) غيّر القناعات. فقد كانت نتائج الهجوم قاسية على القدرات الدفاعية الإيرانية، وإيران أول من يعلم بذلك لكنها تفضل الصمت. وإذا أضفنا إلى ذلك أن خطة طهران لتطويق إسرائيل بأذرع عسكرية فتاكة تلقت ضربة قوية، حيث تم تدمير 60 إلى 70 في المائة من قدرات «حماس» العسكرية في غزة والضفة الغربية، وتدمير نصف قوة «حزب الله» على الأقل، فإنها قلّمت أظافر «الحرس الثوري» الإيراني.

طائرة مقاتلة إسرائيلية في مكان غير محدد في صورة نشرها الجيش في 26 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ومع سقوط نظام بشار الأسد، أتيحت لإسرائيل فرصة مفاجئة ونادرة لضرب الجيش السوري، فاستغلتها دون تردد. وفي غضون أيام قليلة، دمرت سلاح الجو السوري وقواعده، وكذلك سلاح البحرية وموانئه، إلى جانب معظم الدفاعات الجوية وبطاريات الصواريخ. وكل ذلك دون أن تتعرض لإطلاق رصاصة واحدة، ليخرج الجيش الإسرائيلي من الهجوم بلا أي إصابة.

كما هو معروف، نفذ الجيش الإسرائيلي هذه العملية ليؤكد مكانته كأقوى جيش في المنطقة، ولإظهار أنه يرد على المساس به بمقاييس ضخمة غير مسبوقة في الحروب. كما كانت رداً على الانتقادات الداخلية في إسرائيل، خصوصاً بعد نقاط ضعفه التي ظهرت في 7 أكتوبر 2023 وخلال الحرب.

بالنسبة لنتنياهو، كانت العملية وسيلة لإثبات قوته السياسية لخصومه الذين يرونه «قائداً فاسداً ومحتالاً»، ولإظهار أنه يدير حرباً تحقق مكاسب هائلة. ومع سهولة انهيار نظام الأسد وتحطيم الجيش السوري، أصبحت هذه العملية تحقق مكسباً استراتيجياً لم تتوقعه أي مخابرات في العالم، ولم تتخيله أعتى الساحرات، حيث مهدت الطريق أمام نتنياهو للضربة التالية: إيران.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اليوم، تناقلت جميع وسائل الإعلام العبرية تصريحات صريحة لمسؤولين كبار في الحكومة والجيش الإسرائيليَّيْن، يؤكدون فيها أن «الهدف المقبل للجيش الإسرائيلي هو توجيه ضربة لإيران». وذكر هؤلاء المسؤولون أن العمليات العسكرية الجارية في سوريا تهدف إلى «تنظيف الطريق، جواً وبراً»؛ لتمهيد الطريق لضربة مباشرة ضد إيران. كما أشار البعض إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يدرس توجيه ضربة قاصمة للحوثيين في اليمن كجزء من هذه الاستعدادات.

بالطبع، يعتقد الخبراء أن ضرب إيران «ليس بالمهمة السهلة. فهي لا تزال دولة قوية، تخصص موارد هائلة لتعزيز قدراتها العسكرية، وتتبع عقيدة لا تعترف بالهزيمة أو الخسارة».

بالنسبة لإيران، حسابات الربح والخسارة ليست محورية؛ إذ تحتفل بالنصر دون هوادة مهما كان الثمن الذي تدفعه باهظاً، خصوصاً عندما يكون الآخرون هم من يتحملون التكلفة.

وفي إسرائيل، كما في دوائر سياسية عديدة في الولايات المتحدة والغرب، يزداد الاقتناع بأن القيادة الإيرانية تدرك التحديات والأخطار المتراكمة ضدها. ويُعتقد على نطاق واسع أنها قد ترى الحل الوحيد أمامها يكمن في تسريع تطوير قدراتها النووية العسكرية، وصولاً إلى إنتاج قنبلتها الذرية الأولى.

صورة جوية تظهر سفناً للبحرية السورية استهدفتها غارة إسرائيلية في ميناء اللاذقية الثلاثاء (أ.ف.ب)

هذا الواقع يشجع إسرائيل على المضي قدماً في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، ليس فقط دفاعاً عن نفسها، بل أيضاً نيابة عن دول الغرب وحماية لمصالحها المشتركة. تدعم دول الغرب هذا التوجه. وقد بدأت إسرائيل بطرح هذا الملف منذ عدة أشهر أمام حلفائها، لكنها تطرحه الآن بقوة أكبر بعد انهيار نظام الأسد وتدمير قدرات الجيش السوري.

رغم إعجاب الغرب بالقدرات الإسرائيلية وإشادته بجيشها، الذي استطاع قلب الموازين وتحقيق مكاسب عسكرية بعد إخفاقه المهين أمام هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، حيث يُتوقع أن تصبح هذه المكاسب مادة دراسية في الكليات الحربية، فإن هناك تساؤلات ملؤها الشكوك: هل هذه الحسابات الإسرائيلية واقعية ودقيقة؟ أم أنها تعتمد بشكل كبير على الغرور والغطرسة أكثر من التحليل المهني والتخطيط الاستراتيجي؟

إعلان مناهض لإسرائيل في طهران يظهر صواريخ إيرانية أبريل الماضي (إ.ب.أ)

وماذا سيكون موقف إسرائيل إذا تبين أن القيادة الإيرانية بدأت بالفعل الاستعداد للتحول إلى دولة نووية منذ التهديدات الأولى لها، وقد تُفاجئ العالم اليوم بإعلان تجربة نووية ناجحة، على غرار ما فعلته كوريا الشمالية عام 2007؟

وفي الداخل الإسرائيلي، تُطرح تساؤلات صعبة؛ أبرزها: «هل نخوض مغامرة كهذه، نخدم فيها الغرب وكل خصوم إيران في المنطقة، بينما ندفع نحن الثمن كاملاً؟».