باخموت في الميزان العسكريّ

TT

باخموت في الميزان العسكريّ

تعتمد روسيا في الحرب الأوكرانيّة مبدأ الهجوم الاستراتيجيّ، مقابل الدفاع التكتيكي. بكلام آخر، هي تهاجم دائماً، لكن عند الضرورات الميدانيّة تلجأ إلى الدفاع مؤقّتاً. فالدفاع التكتيكي بالنسبة إليها، هو مرحلة مؤقّتة استعداداً للهجوم مجدّداً. هكذا تبني قواها، وهكذا تجهّزها وتدرّبها. هكذا هي قدريّة القوى العظمى والكبرى. فهي غنيّة، وقادرة نسبياً، ولديها أهداف وطموحات تتعدّى مداها الجغرافي حسب القانون الدولي. أليست هذه القوى هي من يصنع القانون الدوليّ؟
في المقابل، تعتمد أوكرانيا عكس المقاربة الروسيّة. فالهجوم بالنسبة إليها تكتيكي، كما حصل في إقليم خاركيف. لكنّ الدفاع هو خيارها الاستراتيجيّ. تريد أوكرانيا تحرير أرضها، من هنا الاستعداد للهجوم لكن داخل الأراضي الأوكرانيّة التي يعترف بها القانون الدوليّ. وفي حال إتمام المهمّة، تعتمد أوكرانيا الدفاع الاستراتيجيّ. ولتأمين الدفاع الاستراتيجيّ، لا بد من رادع استراتيجيّ. قد يكون هذا الرادع عبر تأمين سلاح رادع كالنووي مثلاً، أو الانضمام إلى تحالف يردع روسيا كحلف الناتو. لكن للتذكير، تخلّت أوكرانيا في العام 1994 عن السلاح النووي السوفياتي الذي كان على أراضيها، وذلك مقابل ضمانات أمنية لم تُحترم من روسيا.
أدخل Enter باخموت في المعادلة الحاليّة!
لا يمكن لأوكرانيا أن تعتمد الحرب الدفاعيّة والاستنزاف ضد روسيا على المدى الطويل. فالقدرات البشريّة والماديّة هي لصالح روسيا. لذلك قاتلت أوكرانيا بشراسة في مدينة سيفيريدونتسك، لكنها انسحبت تكتيكيّاً من مدينة ليسيشانسك بهدف الحفاظ على القوى (المدينتان في إقليم الدونباس).
إذاً لماذا قاتلت بهذه الشراسة في بلدة باخموت؟
الجواب عن هذا السؤال قد يكون على الشكل التاليّ:
• إن ظروف سيفيريدونتسك وليسيشانسك مختلفة تماماً عن الواقع الميداني الحالي في باخموت كما في كل المسرح الأوكرانيّ. فسقوط باخموت قد يعني فتح الباب على مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك، وقد يعني هذا الأمر سقوط كلّ إقليم الدونباس بيد الجيش الروسيّ.
• إن باخموت، بالنسبة إلى الجيش الروسيّ، نقطة وسطيّة مهمّة تربط من الشمال إلى الجنوب كلاً من: كوبيانسك، وسفاتوف، وكريمينا، وأفديفكا، حتى بلدة واوغليدار التي بدورها تعد الباب من الدونباس إلى شبه جزيرة القرم وذلك عبر الجسر البرّي. لذلك يُعدّ القتال الروسي على هذه الجبهة والتي تقدّر بـ600 كلم، كأنه عملية تثبيت للقوى الأوكرانية، كما عمليّة استنزاف لها.
• تعتمد أوكرانيا عبر صمودها في باخموت، استراتيجيّة الوقت مقابل المساحة. بكلام آخر، تقاتل أوكرانيا في باخموت حتى الرمق الأخير، بهدف استنزاف القوات الروسيّة إلى الحدّ الأقصى وتثبيتها، وذلك مقابل التخلّي عن المساحة.
• تحتاج أوكرانيا في باخموت الكثير من الوقت كي تحضّر هجومها الموعود، والمقدّر أن يبدأ في نهاية شهر مارس (آذار). فالقوى لهذا الهجوم ليست جاهزة. كما أن الدبابات القتالية لم تبدأ بالوصول إلى الميدان. هذا عدا الكثير من منظومات الأسلحة الغربيّة.
• لكنّ قرار الانسحاب الأوكراني التكتيكي من باخموت قد يأتي قريباً ولعدّة أسباب منها: أصبحت كلفة البقاء أكبر بكثير من الأرباح. الانسحاب قد يوفّر الكثير من القدرات البشريّة، كما الكثير من العتاد والذخيرة. وأخيراً وليس آخراً، قد يكون الانسحاب الأوكراني من باخموت لكن إلى خطّ دفاع آخر، قد يكون حسب المؤشرات التكتيكيّة إلى بلدة شافيز يار، التي تبعد نحو 12 كلم غرب باخموت. فحسب المعلومات التكتيكيّة الأخيرة، استقدم الجيش الأوكراني بعض الدبابات من نوع «ليوبارد» والتي أتت من بولندا مؤخراً إلى بلدة شازيف يار.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
TT

عطل يضرب تطبيقي «فيسبوك» و«إنستغرام»

انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)
انقطعت خدمة منصة «إنستغرام» عن أكثر من 23 ألف مستخدم (د.ب.أ)

أظهر موقع «داون ديتيكتور» الإلكتروني لتتبع الأعطال أن منصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» المملوكتين لشركة «ميتا» متعطلتان لدى آلاف من المستخدمين في الولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء).

وأبلغ أكثر من 27 ألف شخص عن وجود أعطال في منصة «فيسبوك»، وما يزيد على 28 ألفاً عن وجود أعطال في «إنستغرام»، وبدأ العطل في نحو الساعة 12:50 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة.

وذكر موقع «داون ديتيكتور» أن «واتساب»، تطبيق التراسل المملوك لـ«ميتا»، توقف عن العمل أيضاً لدى أكثر من ألف مستخدم. وتستند أرقام «داون ديتيكتور» إلى بلاغات مقدمة من مستخدمين.

وربما يتفاوت العدد الفعلي للمستخدمين المتأثرين بالأعطال. وقالت «ميتا» إنها على علم بالمشكلة التقنية التي تؤثر في قدرة المستخدمين على الوصول إلى تطبيقاتها. وذكرت في منشور على منصة التواصل الاجتماعي «إكس»: «نعمل على إعادة الأمور إلى طبيعتها بأسرع ما يمكن ونعتذر عن أي إزعاج».

وكتب بعض مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» على منصة «إكس» منشورات تفيد بمواجهتهم عطلاً يعرض لهم رسالة «حدث خطأ ما»، وأن «ميتا» تعمل على إصلاح العطل. وأدّت مشكلة تقنية في وقت سابق من العام الحالي إلى عطل أثّر في مئات الألوف من مستخدمي «فيسبوك» و«إنستغرام» عالمياً. وواجهت المنصتان عطلاً آخر في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنهما عادتا إلى العمل إلى حدّ كبير في غضون ساعة.