لماذا تلجأ مصر إلى تنمية حقولها المتقادمة؟

بعد إعلان وزارة البترول أول مزايدة عالمية من نوعها

وزير البترول المصري يشهد توقيع اتفاقية بين المدير العام للمرصد المتوسطي للطاقة وأمين عام منتدى غاز شرق المتوسط على هامش مؤتمر «إيجبس 2023» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري يشهد توقيع اتفاقية بين المدير العام للمرصد المتوسطي للطاقة وأمين عام منتدى غاز شرق المتوسط على هامش مؤتمر «إيجبس 2023» (وزارة البترول المصرية)
TT

لماذا تلجأ مصر إلى تنمية حقولها المتقادمة؟

وزير البترول المصري يشهد توقيع اتفاقية بين المدير العام للمرصد المتوسطي للطاقة وأمين عام منتدى غاز شرق المتوسط على هامش مؤتمر «إيجبس 2023» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري يشهد توقيع اتفاقية بين المدير العام للمرصد المتوسطي للطاقة وأمين عام منتدى غاز شرق المتوسط على هامش مؤتمر «إيجبس 2023» (وزارة البترول المصرية)

أثار طرح الهيئة المصرية العامة للبترول، ما وصفتها بأنها «أول مزايدة عالمية من نوعها لتنمية حقول النفط المتقادمة» الكثير من التساؤلات بشأن القرار، في وقت تسعى فيه مصر إلى «زيادة إنتاجها من الطاقة للاستفادة من الارتفاع الراهن في الأسعار العالمية».
وأعلن وزير البترول والثروة المعدنية طارق الملا، أن «المزايدة ستتم عبر بوابة مصر الإلكترونية للاستكشاف والإنتاج (EUG)، وتشمل 8 حقول مُنتجة في منطقتي خليج السويس والصحراء الشرقية». وكشف الوزير، في بيان (الجمعة)، أن طرح هذه المزايدة لأول مرة «جاء بعد دراسات جارية منذ مدة للحقول المُتقادمة التي لا تزال تحتوي على كميات من النفط الخام»، مشيراً إلى «اهتمام قطاع النفط في مصر بجذب شركات البحث والإنتاج والخدمات للعمل في هذه الحقول التي تتطلب استعمال أحدث الطرق التقنية، إذ يمكن إنتاج النفط الخام من الخزانات بدلاً من الطرق التقليدية». وأضاف الملا أن هذه الحقول «تمثل فرصة استثمارية في ظل الأسعار العالمية المرتفعة التي تشجع الشركات على الاستثمار في أعمال التنمية والإنتاج من هذه الحقول».
وتشمل الحقول الثمانية المطروحة بالمزايدة -حسب البيان- حقلي «رأس بدران» و«خليج الزيت» تحت إشراف شركة «سوكو»، بالإضافة إلى حقول «شقير» البحري و«غازورينا» و«رأس العش» و«إيست زيت» و«أشرفي» تحت إشراف شركة «أوسوكو»، ومنطقة تنمية وادي السهل.
وبدأت وزارة البترول عام 2016 تنفيذ خطة لزيادة جذب الاستثمارات للبحث عن الغاز والبترول. وأعلنت تنفيذ برنامج عمل مكثف خلال عام 2022 لزيادة الاحتياطيات البترولية والغازية من خلال طرح المزايدات العالمية وتكثيف عمليات البحث والاستكشاف لزيادة معدلات الإنتاج المحلي من البترول والغاز وبهدف خفض استيراد البترول الخام وبعض منتجاته.
وطرحت مصر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي مزايدة عالمية للبحث عن الغاز الطبيعي والزيت الخام في 12 منطقة بالبحر المتوسط ودلتا النيل بواقع 6 مناطق بحرية ومثلها برية.
وأشار الدكتور أحمد قنديل، رئيس وحدة العلاقات الدولية ورئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن المزايدة الأخيرة «غير معتادة» في سلسلة الطروحات التي تقدمها وزارة البترول، لافتاً إلى أن تطوير الحقول المُتقادمة «قد يكون مفاجئاً بعض الشيء»، بالنظر إلى أن تلك الحقول قد «تَوقف الإنتاج فيها منذ سنوات بعدما صار غير ذي جدوى اقتصادياً».
وأضاف قنديل لـ«الشرق الأوسط» أن ارتفاع أسعار الطاقة العالمية، ورغبة وزارة البترول المصرية في توفير موارد إضافية للنقد الأجنبي، هما السبب الرئيسي وراء هذا النوع «غير المعتاد» من الطروحات، مشيراً إلى أن تقييم الخطوة «سيتوقف على الدراسات التي ستُجريها الشركات العاملة في مجالات البحث والتنقيب، والتي تعتمد على مدى الجدوى الاقتصادي، وهل هناك بالفعل كميات قابلة للاستخراج يمكنها تغطية تكلفة التشغيل؟».
ولفت رئيس برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن سعي مسؤولي قطاع الطاقة في مصر لتوفير موارد للنقد الأجنبي، يُمكن أن يتحقق عبر عدة مسارات إضافية، من بينها طرح المزيد من مزايدات البحث والتنقيب في مناطق واعدة وجاذبة للشركات العالمية، إضافةً إلى إعادة تقييم الاتفاقات الموقَّعة مع شركات عاملة حالياً لتحسين شروط التعاقد، إذا كان ذلك ممكناً قانونياً، خصوصاً في ظل تعطش أسواق الطاقة العالمية والتنافس القوي بين شركات الإنتاج. وأشار كذلك إلى أهمية البحث عن شركاء جدد من الشركات العالمية، تكون لديها قدرات أعلى على التنقيب والإنتاج، مع ترشيد الإنفاق، بما يعود بالنفع على الجانب المصري، والشركات الأجنبية العاملة.
وكان تقرير رسمي لوزارة البترول المصرية، قد أشار إلى أن الإنتاج الإجمالي من الثروة البترولية خلال عام 2022 بلغ 79.5 مليون طن بواقع نحو 27.8 مليون طن زيت خام ومتكثفات، ونحو 50.6 مليون طن غاز طبيعي، و1.1 مليون طن بوتاغاز وذلك بخلاف البوتاغاز المنتج من مصافي التكرير والتصنيع.
وحققت مصر أعلى دخل من صادراتها من الغاز الطبيعي خلال العام الماضي، إذ بلغت قيمة صادراتها من الغاز نحو 8.4 مليار دولار مقارنةً بـنحو 3.5 مليار دولار خلال عام 2021، أي بنسبة زيادة 140 في المائة بسبب زيادة أسعار تصدير الغاز الطبيعي المسال عالمياً.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، نهاية العام الماضي، إن «مصر تستهدف الوصول بحجم صادرات الغاز الطبيعي إلى مليار دولار شهرياً في عام 2023»، وفق ما نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».