هل يتسبب «كوفيد ـ 19» في تلف الدماغ؟

هل يتسبب «كوفيد ـ 19» في تلف الدماغ؟
TT

هل يتسبب «كوفيد ـ 19» في تلف الدماغ؟

هل يتسبب «كوفيد ـ 19» في تلف الدماغ؟

س - كيف يتسبب «كوفيد - 19» في تلف الدماغ؟ وهل يمكن أن يكون التلف دائماً؟
ع - عندما ظهر الوباء بداية عام 2020، لم يكن الأطباء يعلمون الكثير عن «كوفيد»، واعتقدوا أنه لا يؤثر على الدماغ. لقد كنا مخطئين!
أصبحنا ندرك الآن أنه، لسوء الحظ، يمكن لـ«كوفيد» أن يُتلف الدماغ بعدة طرق، فعندما يصاب المرء بالفيروس للمرة الأولى، فإنه قد يصاب بالتهاب الدماغ «encephalitis»، مما يتسبب في الإحساس بالارتباك، وصعوبة في التركيز، وحدوث مشكلات في الذاكرة. يمكن لـ«كوفيد» أن يؤدي إلى ظهور اضطرابات نفسية جديدة، مثل الاكتئاب الحاد والقلق. ويمكن للفيروس أيضاً أن يصيب المريض بالذهان «psychosis» –أن يرى ويسمع المرء أشياء غير حقيقية. وغالباً ما يضر الفيروس بالجهاز العصبي اللا إرادي، ما يؤدي إلى اضطراب في معدل ضربات القلب وضغط الدم.
علاوة على ذلك، يمكن للفيروس المسبب لـ«كوفيد» أن يصيب ويخدش بطانات الأوعية الدموية ويزيد من احتمالية تجلط الدم. ويمكن أن يؤدي هذان الأمران إلى حدوث سكتات دماغية ونوبات قلبية حتى بين فئة الشباب، فقد تعرّض ابن صديق لي يبلغ من العمر 30 عاماً ويتمتع بصحة جيدة لعدة سكتات دماغية عندما أُصيب بـ«كوفيد». ويمكن للسكتات الدماغية الناجمة عن «كوفيد» أن تتسبب في حدوث صعوبات دائمة في التحدث أو في استيعاب الكلام، وفي ضعف في جانب واحد من الجسم، وغيرها من الأعراض.
حتى إن نجا الناس من تلف الدماغ عقب إصابتهم في المرحلة الأولى من هجوم الوباء، فإنهم يستمرون عُرضة لخطر الإصابة بأمراض الدماغ المختلفة، منها الاكتئاب، والقلق، والذهان لسنوات طويلة قادمة.
أما الأشخاص الذين أُصيبوا بمرض شديد جراء «كوفيد» في بداية انتشاره، فهم عُرضة أكثر من غيرهم للإصابة بتدهور الإدراك بعد شفائهم. وحتى الأشخاص الذين أُصيبوا بدرجة أقل لا يزالون عُرضة لذلك التدهور بدرجة كبيرة. وأظهرت دراسة موسَّعة لفحوصات تصوير بالرنين المغناطيسي جرت قبل وبعد الإصابة بـ«كوفيد» أن «كوفيد» قد يتسبب في تقلص حجم الدماغ بدرجة ما.
أخيراً، قد يكون سبب أعراض الإرهاق، والألم، وصعوبة التفكير التي تستمر لعدة سنوات بعد الإصابة –تسمى «كوفيد طويل الأمد long COVID» أو متلازمة «ما بعد كوفيد الحادة post - acute COVID syndrome»– والتي ربما تكون ناجمة عن التهاب الدماغ المستمر منخفض الدرجة الذي تسببت فيه الإصابة بالفيروس.
لحسن الحظ، فإن غالبية المصابين بـ«كوفيد» لا يعانون من تلف الدماغ، لكنّ البعض يعاني، وحتى الأشخاص الذين يصابون في البداية بأعراض «كوفيد» خفيفة هم عُرضة أيضاً لتلف الدماغ. ولذلك فإن خطر الإصابة بتلف الدماغ لهو سبب آخر يدعونا لفعل المستحيل لتجنب الإصابة بالمرض. ولهذا، فإن ارتداء الأقنعة ومراعاة التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة المزدحمة والمغلقة أمر مهم.
لم تقلل اللقاحات من فرص الإصابة بـ«كوفيد» والمعاناة من المرض بدرجة كبيرة فحسب، بل قللت أيضاً من خطر المعاناة طويلة المدى، ومنها تلف الدماغ الناجم عن «كوفيد».

* رئيس تحرير رسالة هارفارد الصحية
ـ خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
TT

دراسة: الحروب تلحق أضراراً بالحمض النووي للأطفال

أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)
أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

خلصت دراسة جديدة إلى أن الأطفال الذين يعيشون في بلدان تمزقها الحروب لا يعانون فقط من مشكلات في الصحة النفسية بل من المحتمل أيضاً أن يتعرضوا لتغيرات بيولوجية في الحمض النووي (دي إن إيه) يمكن أن تستمر آثارها الصحية مدى الحياة.

وأجرى الباحثون تحليلاً للحمض النووي لعينات لعاب تم جمعها من 1507 لاجئين سوريين تتراوح أعمارهم بين 6 أعوام و19 عاماً يعيشون في تجمعات سكنية عشوائية في لبنان، وراجعوا أيضاً استبيانات أُجريت للأطفال والقائمين على رعايتهم شملت أسئلة عن تعرض الطفل لأحداث مرتبطة بالحرب.

وظهرت في عينات الأطفال الذين تعرضوا لأحداث الحرب تغيرات متعددة في مثيلة الحمض النووي، وهي عملية تفاعل كيميائي تؤدي إلى تشغيل جينات أو تعطيلها.

وقال الباحثون إن بعض هذه التغيرات ارتبطت بالجينات المشاركة في وظائف حيوية مثل التواصل بين الخلايا العصبية ونقل المواد داخل الخلايا.

وقال الباحثون إن هذه التغيرات لم تُرصد لدى مَن تعرضوا لصدمات أخرى، مثل الفقر أو التنمر، ما يشير إلى أن الحرب قد تؤدي إلى رد فعل بيولوجي فريد من نوعه.

وعلى الرغم من تأثر الأطفال من الذكور والإناث على حد سواء، ظهرت في عينات الإناث تأثيرات بيولوجية أكبر، ما يشير إلى أنهن قد يكن أكثر عرضة لخطر التأثيرات طويلة الأمد للصدمة على مستوى الجزيئات.

وقال مايكل بلوس، رئيس الفريق الذي أعد الدراسة في جامعة سري في المملكة المتحدة، في بيان: «من المعروف أن للحرب تأثيراً سلبياً على الصحة النفسية للأطفال، إلا أن دراستنا خلصت إلى أدلة على الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذا التأثير».

وأشار بلوس أيضاً إلى أن التعبير الجيني، وهو عملية منظمة تسمح للخلية بالاستجابة لبيئتها المتغيرة، لدى الأطفال الذين تعرضوا للحرب لا يتماشى مع ما هو متوقع لفئاتهم العمرية، وقال: «قد يعني هذا أن الحرب قد تؤثر على نموهم».

وعلى الرغم من محاولات الباحثين لرصد تأثيرات مدى شدة التعرض للحرب، خلصوا في تقرير نُشر يوم الأربعاء في مجلة جاما للطب النفسي إلى أن «من المرجح أن هذا النهج لا يقدر تماماً تعقيدات الحرب» أو تأثير أحداث الحرب المتكررة على الأطفال.

وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن نحو 400 مليون طفل على مستوى العالم يعيشون في مناطق صراع أو فروا منها.