واشنطن تعزز نفوذها في أفريقيا عبر بوابة مكافحة الإرهاب

أطلقت برنامجاً لتدريب قوات «الساحل والصحراء»

جندي من القوات الخاصة الأميركية خلال تدريبات مع عناصر من الجيوش الأفريقية في النيجر (أرشيفية - رويترز)
جندي من القوات الخاصة الأميركية خلال تدريبات مع عناصر من الجيوش الأفريقية في النيجر (أرشيفية - رويترز)
TT

واشنطن تعزز نفوذها في أفريقيا عبر بوابة مكافحة الإرهاب

جندي من القوات الخاصة الأميركية خلال تدريبات مع عناصر من الجيوش الأفريقية في النيجر (أرشيفية - رويترز)
جندي من القوات الخاصة الأميركية خلال تدريبات مع عناصر من الجيوش الأفريقية في النيجر (أرشيفية - رويترز)

بدأت الولايات المتحدة (الأربعاء) برنامجاً تدريبياً لمكافحة الإرهاب بمشاركة قوات أفريقية في غانا، بهدف تعزيز الدفاعات الحدودية في مواجهة من وُصفوا بأنهم «متشددون ينشطون جنوباً ويتوغلون إلى مناطق جديدة».
ويأتي انطلاق البرنامج وسط تقديرات بأن تكون «مكافحة الإرهاب» من بين الملفات التي تعزز نفوذ واشنطن في القارة الأفريقية، خصوصاً في ظل تبنيها استراتيجية جديدة تسعى لتدعيم حضورها في القارة، التي تشهد تنافساً دولياً غير مسبوق، خصوصاً مع روسيا والصين.
وأفاد بيان للقيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا بأن البرنامج بدأ في قاعدة عسكرية في بلدة دابويا شمال غانا (على بُعد أقل من 160 كم من بوركينافاسو) حيث تولى مدربون أميركيون وأوروبيون مهمة تدريب الجنود من جميع أنحاء أفريقيا على الإسعافات الأولية وتدريبات إطلاق النار وسط درجات حرارة حارقة.
وأضاف البيان أن البرنامج «يستهدف تعزيز قدرة الدول الشريكة الرئيسية في المنطقة على مواجهة المنظمات المتطرفة والتعاون عبر الحدود وتوفير الأمن لشعوبها».
ويأتي التدريب في وقت حرج تمر به دول غرب أفريقيا، حيث تواصل الجماعات الموالية لتنظيمي الدولة والقاعدة شن هجمات على المدنيين والعسكريين.
وأودت العمليات الإرهابية والمواجهات بين القوات الحكومية المدعومة دولياً والتنظيمات المتطرفة التي تنشط عبر مناطق واسعة من النيجر وبوركينا فاسو إلى البلدان الساحلية، بما في ذلك بنين وتوجو وكوت ديفوار، بحياة الآلاف، وشرّدت الملايين. وتعد منطقة الغرب الأفريقي ودول الساحل، وجنوب الصحراء، البؤرة الأكثر نشاطاً، حسب تقديرات مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022 الذي يصدره مركز الاقتصاد والسلام (IEP) ومقره مدينة سيدني الأسترالية، والذي أشار إلى وقوع نحو 48 في المائة من وفيات الأعمال الإرهابية في العالم (3461 فرداً) في إقليم أفريقيا جنوب الصحراء.
كما أفاد التقرير بوجود أربع من بين الدول العشر في العالم التي شهدت أكبر زيادات في وفيات الإرهاب في أفريقيا جنوب الصحراء، وهي بوركينا فاسو والكونغو الديمقراطية ومالي والنيجر.
ويشير الدكتور محمد يوسف الحسن، المحلل السياسي التشادي، والمختص في الشؤون الأفريقية، إلى أن الولايات المتحدة تمتلك حضوراً أمنياً فعلياً في منطقة الغرب الأفريقي، فقد أسهمت من قبل في تشكيل مجموعة «G5» التي تضم تشاد والنيجر ومالي وبوركينا وموريتانيا بالتعاون مع فرنسا والاتحاد الأوروبي الممثَّل بقوات عملية «برخان» الفرنسية.
ويضيف الحسن لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن تعمل أيضاً على تدريب عناصر محلية وتجهيزها بكامل العتاد وتتحمل نفقاتها، كما تُصدر لها التوجيهات العملياتية دون أي تدخل من السلطات المحلية، ومن أمثلة تلك القوات، ما تُعرف باسم «قوات PCI»، التي كانت توجد في تشاد، وشاركت في الحرب ضد الإرهاب في الساحل، وتتمركز حالياً في مالي تحت اسم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ويتابع أن الولايات المتحدة حريصة على تعزيز وجودها في المنطقة بطرق متنوعة، من بينها مكافحة الإرهاب، أو عبر مشروعات اقتصادية، مشيراً إلى أن واشنطن تدرك الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لتلك المنطقة التي تُعد واحدة من أغنى المناطق بالمعادن النفيسة، كالذهب واليورانيوم، فضلاً عن التنافس الدولي المحموم على المنطقة، والذي تخشى معه الإدارة الأميركية أن يقوى بها النفوذ الروسي والصيني، إن لم تبادر هي إلى الوجود فيها بقوة.
وأكدت الولايات المتحدة خلال القمة الأميركية الأفريقية التي استضافتها واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بحضور 49 زعيماً أفريقياً، سعيها إلى التعاون مع الدول الأفريقية من أجل مكافحة الإرهاب.
وتمتلك الولايات المتحدة ما تسميها «نقاط ارتكاز» في نحو 46 موقعاً في أفريقيا، ما بين قواعد رئيسية ووحدات دعم عسكري ومواقع خاصة بحالات الطوارئ، تعد أبرزها القاعدة العسكرية الأميركية في جيبوتي، التي أصبحت بعد هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 واحدة من أهم القواعد العسكرية الأميركية في العالم، وخصصها «البنتاغون» لمراقبة ومكافحة نشاط «الجماعات الإرهابية» في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، ويعمل بها حالياً أكثر من 3 آلاف جندي.
وقرر الرئيس الأميركي جو بايدن، في مايو (أيار) الماضي، إعادة انتشار القوات الأميركية في الصومال، متراجعاً عن قرار سلفه دونالد ترمب، في خطوة عدها مراقبون إشارة على تحول في نهج إدارة بايدن للتعامل مع مشكلة تفشى الإرهاب في القارة الأفريقية.
من جانبه، يرى رامي زهدي، الخبير في الشؤون الأفريقية، أن هناك مساعي مكثفة من جانب الإدارة الأميركية الحالية لتعزيز حضورها في القارة عبر الوجود الأمني الذي يتخذ أكثر من شكل، مثل إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع دول في القارة وخارجها، كالمناورات المقررة مع فرنسا والمغرب، أو عبر إجراء تدريبات للقوات المحلية، وبخاصة في الدول التي تعاني انتشاراً كثيفاً للتنظيمات الإرهابية.
ويضيف زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن خروج القوات الدولية عموماً، والفرنسية على وجه الخصوص، أدى إلى إحداث فراغ أمني، في ظل عدم قدرة القوات المحلية بمفردها على مواجهة خطر التنظيمات الإرهابية المتنامي، الأمر الذي يدفع واشنطن إلى محاولة ملء ذلك الفراغ، خشية أن تتمدد فيه دول مناوئة لها كروسيا والصين، والأخيرة بدأت تتبنى مقاربة أكثر تنوعاً للوجود في القارة، ولا تقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل تسعى أيضاً إلى الوجود العسكري.
ويعتقد زهدي أن الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دوراً أكثر نجاحاً مما قامت به فرنسا في مكافحة الإرهاب بالقارة الأفريقية، لافتاً إلى أن واشنطن لا ترتبط بتاريخ استعماري يثير حفيظة الأفارقة مثل باريس، رغم أن الولايات المتحدة كانت في السابق تركز على علاقتها بالأنظمة السياسية، ولا تمد تلك العلاقات إلى الشعوب، وهو ما أدركت عدم صوابه مؤخراً، وأعلنت في استراتيجيتها الجديدة للتقارب مع أفريقيا، أنها ستتجه إلى تعزيز علاقاتها مع الشعوب وليس الحكومات فقط، وربما يكون توفير الأمن ومكافحة الإرهاب، إضافةً إلى مشروعات التنمية أحد تلك المداخل للتقارب الأميركي - الأفريقي.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.