لبنان: اللواء إبراهيم يودع «الأمن العام»... وعينه على «الخارجية»

تقاذف مسؤوليات بين القوى السياسية حول فشل التمديد له

من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)
من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان: اللواء إبراهيم يودع «الأمن العام»... وعينه على «الخارجية»

من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)
من الحفل التكريمي الذي أقيم للواء عباس إبراهيم أمس لدى مغادرته المديرية العامة للأمن العام (الوكالة الوطنية)

اختتم اللواء عباس إبراهيم، أمس الأربعاء، مسيرة 12 عاماً في موقعه مديراً عاماً للأمن العام اللبناني، لكنه لم يغلق الباب على دور مستقبلي يرى أنه يناسبه، بتولي حقيبة الخارجية أو أي موقع وزاري يحب أن يتولاه.
وانتهت ولاية إبراهيم في المديرية أمس، بعد 12 عاماً قضاها في العمل «لمديرية تفتخرون بها»، كما قال في كلمته للعسكريين أمس. عينته الحكومة في موقعه بعد مسيرة قضاها في مخابرات الجيش اللبناني. وبعد وصوله إلى التقاعد من مديرية الأمن العام لبلوغه السن القانونية لعسكري برتبة «لواء» في عام 2017، مددت له الحكومة في موقعه كمدير مدني، ريثما يبلغ سن التقاعد القانونية (64 عاماً).
وإبراهيم الذي اكتسب لقب «لواء الأمن الدبلوماسي» في مرحلة حوادث الاختطاف واحتجاز الرهائن في سوريا في أوائل مرحلة الحرب السورية، ونشط على خط التواصل بين القيادات اللبنانية المتنافرة خلال السنوات الماضية، لم تتح له الخلافات السياسية المحلية فرصة التمديد في موقعه، رغم وعد تلقاه من رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بالتمديد له، ورغم اقتراحي قانون أعدهما معاون رئيس البرلمان النائب علي حسن خليل لإيجاد صيغة تبقيه على رأس مهامه في مديرية الأمن العام.
وتتضارب المعلومات حول أسباب الفشل في إيجاد مخرج قانوني لتمديد ولاية اللواء عباس إبراهيم، رغم علاقاته المتينة بجميع الأطراف في الداخل والخارج، وتتقاذف القوى السياسية الاتهامات. ففي وقت يتهم «التيار الوطني الحر» على لسان نوابه رئيس البرلمان نبيه بري بأنه لا يريد التمديد له، كما قال النائب جورج عطا الله في تصريح تلفزيوني أمس، يسخر المقربون من بري من تلك الاتهامات، ويعتبرونها «تهرباً من المسؤولية ورميها زوراً في اتجاه بري».
وقال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب قبلان قبلان لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الاتهامات لبري «تتناقض مع الواقع، كون رئيس مجلس النواب كان يتجه للدعوة إلى جلسة للبرلمان تقر اقتراح قانون يتيح التمديد للواء إبراهيم، لكن النائب باسيل أحبطها حين رفض المشاركة في الجلسة».
وأشار قبلان إلى أن أكثر من صيغة اقتراح قانون أعدها النائب علي حسن خليل تتيح التمديد لإبراهيم، إحداها تتعلق بتعليق مادة في القانون يستفيد من مفاعيلها قياديو الأجهزة الأمنية، وعملياً يستفيد منها اللواء إبراهيم ومدير عام قوى الأمن اللواء عماد عثمان ومدير الجمارك، أما الثانية فتتمثل في تعديل سن التقاعد للمديرين العامين من عمر 64 عاماً إلى 68 عاماً، ويستفيد منها اللواء إبراهيم كما سائر المديرين العامين (موظفي الفئة الأولى في لبنان) في سائر الإدارات الرسمية، وذلك كونه يستحيل قانوناً أن يكون هناك قانون على قياس شخص واحد، ويجب أن يكون القانون عاماً يستفيد منه الجميع.
والصيغة الثانية كان يُفترض أن تكون الأكثر قدرة على حيازة قبول نيابي من مختلف الأطراف، ومن ضمنهم «التيار الوطني الحر» الذي تردد أنه طلب أن يشمل أي تعديل مواقع المديرين العامين المحسوبين على التيار في الإدارات، حسب ما تقول مصادر نيابية قريبة من «الثنائي الشيعي» لـ«الشرق الأوسط»، وكانت المفاجأة في النهاية أن النائب باسيل «رفض المشاركة في الجلسة البرلمانية بسبب الخلاف الدستوري على عقد جلسة تشريعية في ظل الشغور الرئاسي».
وأكد قبلان أن «اللواء إبراهيم له تقدير كبير من قبلنا، وعلاقتنا به ممتازة، وتم إعداد اقتراحي القانون للتمديد له، لكن من أحبط الأمر هو باسيل نفسه».
والمدير العام للأمن العام هو بحكم القانون مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الأمنية والأمن الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب الملفات الإدارية والأمنية المتصلة بالمديرية. وجيّر إبراهيم علاقته المتينة بسائر الأطراف الداخلية، للعب دور الوسيط وحلقة الاتصال بين تلك القوى، كما ساعدته دبلوماسيته في لعب دور تفاوضي بين القوى الإقليمية للإفراج عن رهائن لبنانيين وسوريين ودوليين كانوا محتجزين في سوريا لدى مختلف الأطراف. وعبر إبراهيم عن علاقاته الجيدة مع الأطراف اللبنانية بالقول خلال احتفال وضع حجر الأساس لمبنى دائرة أمن عام بيروت الجديد: «أنا لا يغدرني أحد».
يختصر إبراهيم تجربته بالقول خلال وضع حجر الأساس للمقر الجديد أمس: «إن واجبي الوطني والعملي يفرضان علي أن أكون في أي موقع يخدم الإنسان وحقه، ويُسهل عليه إجراء المعاملات، واختصار المهل التي يفرضها الروتين الإداري. وقد شكلت هذه الأهداف البنود الرئيسية في الخطط التطويرية التي وضعتها منذ توليت سدة المسؤولية في المديرية العامة للأمن العام».
عُرف إبراهيم بعلاقات دولية متينة. هذا الأمر دفعه للقول في رد على أسئلة الصحافيين أمس في حفل تكريمي له في المديرية، إن الحقيبة الوزارية التي يحب أن يتولاها هي الخارجية، وتعهد بمتابعة العمل السياسي»، مضيفاً أنه لن يألو جهداً في القيام بأي شيء يخدم لبنان «ولن أوفر علاقاتي من أجل الوطن». وقال: «بيتي سيبقى مفتوحاً، كما كنت في الجيش والأمن العام، وسأبقى أستمع إلى هموم الناس ومعاناتهم وأقف إلى جانبهم».
وجرى العرف منذ عام 1998 أن يشغل هذا الموقع ضابط من الطائفة الشيعية، ضمن أعراف أخرى تقسم قيادة المواقع الأمنية للطوائف الأربعة الكبرى، حيث يشغل قيادة الجيش ماروني، ومديرية قوى الأمن الداخلي سني، ومديرية أمن الدولة أرثودوكسي.
وفي ظل الشغور الرئاسي حيث لا يمكن للحكومة أن تجري تعيينات، يتولى موقع مدير عام المديرية بالإنابة الآن نائبه العميد إلياس البيسري (ماروني) المقرب من وزير الدفاع الأسبق إلياس المر، الذي أصيب معه في انفجار استهدفه في عام 2006. وتوجه البيسري لإبراهيم بالقول: «أعدك باسمي وباسم رفاقي الضباط وكل عسكريي الأمن العام، بأن نسعى بكل ما أوتينا من قوة وعزم وإرادة من أجل أن نبقى على خطاكم في عملنا داخل المديرية، ولكي نكمل الخطط التي وضعتها والتي حالت الظروف القاهرة، اعتباراً من ملف النازحين السوريين، إلى جائحة كورونا، ثم إلى الانهيار الاقتصادي والمالي؛ من استكمال تنفيذها. وسنكون على قدر المسؤولية والثقة اللتين منحتهما لنا».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
TT

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية
جندي احتياط إسرائيلي يصدم فلسطينياً بسيارته أثناء الصلاة بالضفة الغربية

قال الجيش الإسرائيلي إن أحد جنود ​الاحتياط دهس بسيارته فلسطينياً بينما كان يصلي على جانب طريق في الضفة الغربية المحتلة، أمس الخميس، بعد أن أطلق النار، في وقت سابق في المنطقة.

وقال الجيش، في بيان: «تلقينا مقطعاً مصوراً لشخص مسلّح يدهس فلسطينياً»، مضيفاً أن الشخص جندي ‌احتياط، وخدمته العسكرية ‌انتهت.

وأضاف الجيش أن ‌الجندي ⁠تصرّف ​في «‌مخالفة خطيرة للقواعد العسكرية»، وجرت مصادرة سلاحه.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه محتجَز قيد الإقامة الجبرية.

ونُقل الفلسطيني إلى المستشفى؛ لإجراء الفحوصات بعد الهجوم، لكنه لم يُصَب بأذى وهو الآن ⁠في منزله.

ويظهر في المقطع المصوَّر الذي بثه التلفزيون ‌الفلسطيني، وتسنّى لـ«رويترز» التحقق من صحته، ‍رجلٌ يرتدي ملابس ‍مدنية ويحمل سلاحاً على كتفه وهو يقود ‍سيارة رباعية الدفع ليصدم رجلاً يصلي على جانب الطريق. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، كان العام الحالي هو الأعنف من حيث الهجمات المسجلة التي ​نفّذها مدنيون إسرائيليون على الفلسطينيين في الضفة الغربية، والتي أسفرت عن أكثر من ⁠750 إصابة.

وذكرت «الأمم المتحدة» أن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا في الضفة الغربية بين السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 و17 أكتوبر 2025، معظمهم في عمليات نفّذتها قوات الأمن، وبعضهم جراء عنف المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل 57 إسرائيلياً في هجمات فلسطينية.

من ناحية أخرى، قالت الشرطة الإسرائيلية، اليوم، إن مهاجماً فلسطينياً قتل رجلاً وامرأة ‌في شمال إسرائيل.


المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
TT

المؤسسة الدينية الشيعية تُهاجم الحكومة اللبنانية بسبب «حصرية السلاح»

دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)
دورية للجيش اللبناني قرب كنيسة متضررة جراء الحرب في بلدة الخيام بجنوب لبنان صباح عيد الميلاد الخميس (إ.ب.أ)

استبقت المؤسسة الدينية الشيعية في لبنان، انطلاق المرحلة الثانية من خطة «حصرية السلاح» بيد القوى الرسمية اللبنانية، بهجوم عنيف على الحكومة، إذ وصفها نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب بأنها «إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد»، فيما وصفها المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان بأنها «حكومة منبطحة».

ويأتي هذا الهجوم على الحكومة قبل نحو أسبوع من الإعلان عن استكمال المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح في منطقة جنوب الليطاني، والانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل المنطقة الواقعة بين نهري الليطاني والأولي، في عمق يمتد إلى نحو 40 كيلومتراً شمال الحدود مع إسرائيل. كما يتزامن ذلك مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية في العمق اللبناني، قبيل لقاء رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة.

وتعهّد الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، بمواصلة العمل لاستكمال تنفيذ قرار حصرية السلاح على كل الأراضي اللبنانية، وقال: «القرار اتخذ، وسنكمل الأمر»، مشيراً إلى أن «التطبيق وفقاً للظروف».

المجلس الشيعي

ودعا نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب، السلطة السياسية الى «وقف مسلسل التراجع أمام العدو الإسرائيلي وداعميه، والتوقف عن تقديم التنازلات المجانية ومن دون مقابل». وطالب الحكومة بـ«تحديد أولوياتها بتحرير الأرض وعودة النازحين، والبدء بمسيرة الإعمار وتحرير الأسرى».

نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ علي الخطيب (الوكالة الوطنية)

وقال الخطيب: «أسوأ ما طالعتنا به هذه السلطة على أبواب السنة الجديدة، نيتها الانتقال إلى حصر السلاح شمال الليطاني، وفق ما صرح به رئيس الحكومة (نواف سلام)، في مبادرة مجانية ومن دون أي مقابل أو ثمن من جانب العدو الإسرائيلي الذي لا يزال مصرّاً على احتلال الأرض واستمرار العدوان، والذي يُنزل بأهلنا القتل والدمار والخراب، وقد بلغ الفجور الصهيوني مداه من دون رادع أو وازع».

وتابع الخطيب: «إن هذه السياسة أقل ما يقال عنها إنها سياسة استسلام لإرادة العدو وداعميه، وسياسة تجاهل لكل آلام شعبنا ومعاناته اليومية، وتجاوز لكل المبادئ التي تقوم عليها الحروب أياً كانت نتائجها، إلا إذا كانت هذه الحكومة تعتبرنا أمة غير لبنانية أو أمة مهزومة، وعليها تقديم فروض الطاعة، وتجاوز كل التضحيات التي قدمها أهلنا طوال عقود ماضية على مذبح الوطن دفاعاً عن الأرض والعرض».

وسأل: «أي سياسة هذه التي تقوم على التنازلات، والتنازلات فقط؟ وأي مستقبل ننتظره في حال استمرار هذه السياسة؟»، وقال: «هناك انطباع بأن هناك إدارة تنفذ ما يفرضه الأميركيون وليست حكومة تحكم البلاد؛ لذلك ننصح هذه الحكومة بأن تراجع موقفها، وتوقف مسلسل التراجعات، فنحن لسنا ضعافاً، ولسنا مهزومين، وعليها أخذ القرارات بناءً على هذا المفهوم».

الإفتاء الجعفري

من جهته، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن ما نريده لهذا البلد حكومة وطنية بحجم مصالح لبنان وأهله، وليس حكومة لوائح دولية»، مضيفاً أن «الانبطاح الحكومي يُهدد مصالح لبنان».

وقال قبلان في خطبة الجمعة: «الحكومة هي حكومة بمقدار ما تتحمل من مسؤوليات إغاثة وإعمار وسيادة على الأرض، وليس من مصلحتها أن تتعامل مع البقاع والجنوب والضاحية ندّاً يتموضع بجانب الخارج، ولا قيمة للشعارات والمواقف التي لا تتحوّل إلى سياسات سيادية خاصة تجاه الإرهاب الصهيوني، وخيارنا لبنان وسيادة لبنان، والدفاع الشامل عن العقيدة الوطنية».

جندي في الجيش اللبناني يقف على مدخل كنيسة في بلدة الخيام بجنوب لبنان خلال احتفالات الميلاد (إ.ب.أ)

وقال قبلان: «إسرائيل لا يمكن أن تربح ما دام القرار السيادي موحّداً، والسيادة لا يمكن أن تتجزأ، فلبنان لبنان بكلّه، والوطنية لا يمكن أن تتفرّق، والدفاع عن الجنوب أو البقاع أو الضاحية دفاع عن كل لبنان، وقيمة الحكومة في هذا المجال هي بمسؤوليتها تجاه شعبها وأرضها وسيادتها الحدودية، لأنه لا يمكن التعويل على حكومة منبطحة، ولا على سلطة مشغولة بإحصاء واردات الخزينة»، عادّاً أن «الحلّ يكون بتغيير الفكر السياسي والرؤية السياسية والاستراتيجية السياسية الموحِّدة للبلد لا الممزقة له».

ضغط ناري إسرائيلي

وتستبق إسرائيل الإعلان اللبناني عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من حصرية السلاح، بتكثيف غاراتها في منطقة شمال الليطاني، وفي شرق لبنان؛ حيث شنّ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات، مستهدفاً جرود الهرمل في البقاع (شرق لبنان) وإقليم التفاح في الجنوب والواقع شمال الليطاني. كما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة صوتية على بلدة العديسة.

الدخان يتصاعد جرّاء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة الهرمل في شرق لبنان (متداول)

وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إنه أغار على عدة مواقع تابعة لـ«حزب الله» في لبنان، مستهدفاً مركز تدريب ومستودعات أسلحة.

وأوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، عبر منصة «إكس»: «جرى استهداف عدة مستودعات أسلحة وبنى تحتية إرهابية أخرى استخدمها (حزب الله) للدفع بمخططات إرهابية».

وأضاف أن الضربات شملت «مجمع تدريبات وتأهيل استخدمته وحدة قوة الرضوان في (حزب الله) لتأهيل عناصر الوحدة».

ورغم وقف إطلاق النار المبرم بين لبنان وإسرائيل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تواصل الدولة العبرية تنفيذ هجمات منتظمة تقول إنها تستهدف البنية التحتية لـ«حزب الله»، متهمة إياه بإعادة التسلّح.

وفي ظل ضغط أميركي شديد وخشية تكثيف إسرائيل لضرباتها، أقرّت السلطات اللبنانية خطة لنزع سلاح «حزب الله» وتفكيك بناه العسكرية بحلول نهاية العام في المنطقة الممتدة من الحدود مع إسرائيل وحتى نهر الليطاني الواقع على مسافة نحو 30 كيلومتراً شمالها. لكن إسرائيل شككت في فاعلية هذه العملية، واتهمت «حزب الله» بإعادة التسلح.

والخميس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل في لبنان أحد أعضاء «فيلق القدس»، المكلف بالعمليات الخارجية في «الحرس الثوري الإيراني»، متهماً إياه بالتخطيط لهجمات «من سوريا ولبنان». وحسب السلطات اللبنانية، أسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 3 أشخاص، الخميس.


أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

أحزاب عراقية تحت الضغط قبل تجاوز المدد الدستورية

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

مع اقتراب المُهل الدستورية لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، تتصاعد الخلافات بين الكتل السياسية الرئيسية؛ ما يهدد بتعطيل استحقاقات أساسية في العملية السياسية التي تقوم على توازنات عرقية وطائفية معقدة منذ عام 2003.

ويبدو العرب السُّنة أول المتضررين من ضيق الوقت، بعدما فشلت قواهم السياسية في الاتفاق على مرشح توافقي لرئاسة البرلمان، وهو المنصب الذي يُخصص تقليدياً للمكون السني.

ومن المقرر أن يعقد البرلمان جلسته الأولى الاثنين المقبل برئاسة النائب الأكبر سناً من بين النواب الفائزين في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وسط تحذيرات من تجاوز المُدد الدستورية.

وبينما يتمتع التحالف الشيعي الأكبر، المعروف باسم «الإطار التنسيقي»، بهامش أوسع من الوقت؛ نظراً لأن اختيار رئيس الوزراء يأتي في المرحلة الأخيرة من تشكيل السلطات، يواجه السنة خطر اللجوء إلى التصويت داخل البرلمان في حال تعذر التوافق، وهو خيار يُنظر إليه بوصفه خروجاً عن الأعراف السياسية السائدة.

ويتركز الخلاف السني بشكل أساسي بين حزب «تقدم» بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي، وتحالف «عزم» بقيادة مثنى السامرائي.

ويصر الحلبوسي على الاحتفاظ بالمنصب، مستنداً إلى ما يصفه بحصول كتلته على الوزن الانتخابي الأكبر داخل المكون السني.

وفي المقابل، لا تزال الخلافات الكردية قائمة بشأن منصب رئاسة الجمهورية، الذي يُعدّ من حصة الكرد، رغم أن لديهم وقتاً أطول نسبياً لمعالجة انقساماتهم الداخلية.

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

ما معادلة النقاط؟

تعتمد القوى السياسية العراقية في مفاوضاتها على ما يُعرف بـ«معادلة النقاط مقابل المناصب»، وهي آلية غير رسمية تقوم على تحويل عدد المقاعد البرلمانية التي تمتلكها كل كتلة رصيداً من النقاط.

وتُمنح المناصب السيادية والتنفيذية والنيابية قيماً رقمية متفاوتة حسب أهميتها، مثل رئاسة الوزراء أو رئاسة البرلمان أو مناصب النواب والوزارات.

وبموجب هذه المعادلة، تحصل الكتل الأكبر على مناصب أعلى قيمة، أو على مجموعة من المناصب الأقل أهمية التي تعادل وزنها الانتخابي، في محاولة لتحقيق توازن بين نتائج الانتخابات ومتطلبات التوافق السياسي.

انقسام شيعي

في المعسكر الشيعي، تواصل هذه المعادلة إثارة المزيد من التوتر. فإلى جانب تنافس رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، دخلت تحالفات جديدة على خط التفاوض، أبرزها التحالف بين هادي العامري، زعيم «منظمة بدر»، وشبل الزيدي، زعيم تحالف «خدمات».

ويرى مراقبون أن هذا التحالف يعمّق الانقسامات داخل «الإطار التنسيقي»، بعدما طرح توزيعاً جديداً للنقاط يستهدف مناصب موازية، من بينها منصب النائب الأول لرئيس البرلمان، الذي تُقدّر قيمته بما بين 15 و17 نقطة ضمن معادلة تقاسم السلطة.

ويضم التحالف الجديد نحو 30 نائباً؛ ما يمنحه فرصة قوية للمطالبة بهذا المنصب، إلى جانب وزارة خدمية وهيئة مستقلة، وفقاً لمصادر سياسية.

وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان قد شدد على أن الجلسة الأولى للبرلمان يجب أن تحسم انتخاب رئيس المجلس ونائبيه دون تأجيل، محذراً من أن تجاوز المدد الدستورية يشكّل مخالفة صريحة للدستور.

ومع استمرار الانقسامات، يبقى تشكيل الحكومة العراقية رهناً بقدرة القوى السياسية على التوفيق بين حسابات النقاط وضغوط الدستور، في مشهد يعكس هشاشة التوازنات التي تحكم النظام السياسي في البلاد.

وكان مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق، حذَّر من أن البلاد تقف عند «لحظة حاسمة»، داعياً القادة السياسيين والدينيين إلى اتخاذ قرارات موحدة لتجنب العودة إلى «التشرذم والانحدار».

وكتب سافايا على منصة «إكس»، أن المسؤولية تقع الآن على عاتق القادة العراقيين، مؤكداً أن قراراتهم المقبلة ستحدّد ما إذا كان العراق يتجه نحو الاستقرار والسيادة، أم سيعود إلى دوامة التراجع والاضطراب، محذراً من تداعيات اقتصادية وسياسية وعزلة دولية محتملة.