المدعي العام اللبناني يوقف إجراءات القاضية عون ضدّ المصارف

ميقاتي مثنياً على الخطوة: إنها بداية طريق لمعالجة الخلل

مودعون أمام أحد المصارف في بيروت أول من أمس بعد عودتها من الإضراب (إ.ب.أ)
مودعون أمام أحد المصارف في بيروت أول من أمس بعد عودتها من الإضراب (إ.ب.أ)
TT

المدعي العام اللبناني يوقف إجراءات القاضية عون ضدّ المصارف

مودعون أمام أحد المصارف في بيروت أول من أمس بعد عودتها من الإضراب (إ.ب.أ)
مودعون أمام أحد المصارف في بيروت أول من أمس بعد عودتها من الإضراب (إ.ب.أ)

حدّد المدعي العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات الأطر القانونية للتحقيق مع المصارف، والسياق الذي تتحرك فيه الدعوى العامة ضدّها من دون المس بالمعلومات الشخصية العائدة للموظفين والمودعين، وبما يحول «دون تعريض أي شخص للتعسّف القانوني». وشدد على أهمية مراجعته في الجرائم الخطيرة. فيما طلب من المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون «وقف كافة التحقيقات التي تجريها مع المصارف إلى حين البتّ بدعاوى الردّ والمخاصمة المقامة بحقّها».
وتشكّل قرارات عويدات، حلّاً قضائياً للملاحقات التي تجريها القاضية عون بحق كبار المصارف اللبنانية، والتي أدخلت القطاع المصرفي بإضراب استغرق ثلاثة أسابيع، ويفترض أن تنهي الجدل المتعلّق بمذكرة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي كلّف بموجبها وزير الداخلية «الإيعاز إلى الأجهزة الأمنية بالامتناع عن تنفيذ المذكرات التي تصدرها القاضية عون بحق المصارف».
وفيما يضع المراقبون هذه الخطوة في سياق «تسوية سياسية - قضائية لهذا الملفّ الشائك»، أكد مصدر قضائي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن إجراءات عويدات «تحمي القضاء من التدخلات السياسية، وتصوّب بوصلة الملاحقات التي خرجت في أحيان كثيرة عن طابعها القانوني، وتبيان ما إذا كانت المصارف ارتكبت الجرائم المدعى عليها بها، وهي تبييض الأموال والاختلاس في أموال المودعين». وقال إن هذه القرارات «ستقود إلى انتظام العمل القضائي، وهذا لا يعني أنها أوقفت التحقيقات بملف المصارف بل وضعتها في سياقات قانونية، وتحت رقابة وإشراف النيابة التمييزية، خصوصاً عندما يتناول الادعاء جرائم خطيرة، من شأنها أن تضرب الثقة بالقطاع المصرفي وتعرضه للخطر».
ووجّه عويدات كتاباً إلى القاضية غادة عون، جاء فيه «بما أنكم تقومون بالتحقيقات الأولية مع عدد من المصارف اللبنانية، وبما أن ذلك يعد عملاً بأحكام الفقرة الثالثة من المادة 751 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تنص على أنه لا يجوز للقاضي المنسوب إليه الدعوى الناشئة عن مداعاة الدولة عن أعمال القضاة، ومنذ تقديم استحضارها أن يقوم (القاضي) بأي عمل من أعمال وظيفته يتعلق بالمدعي مقدم المراجعة»، أوضح أنه «لا يشترط إبلاغ القاضي الصادر عنه القرار المشكو منه (في إشارة إلى رفض القاضية عون تبلغ الدعاوى المقامة ضدها)، بل يكتفى فقط بتقديم استحضار الدعوى ليتوقف القاضي عن النظر بأي دعوى تتعلق بالمدعي في قضية مداعاة الدولة الناشئة عن أعمال القضاة». وخلص في كتابه إلى القاضية عون «نطلب إليكم وقف إجراءاتكم التحقيقية والاستقصائية مؤقتاً، إلى حين البتّ بالقضايا المثارة بحقكم».
وعكس هذا القرار ارتياحاً نسبياً لدى المصارف، التي تطالب بحلّ قانوني يوقف القاضية عون عن إجراءاتها، ورأى محامي جمعية المصارف أكرم عازوري أن القاضي عويدات «مارس صلاحياته في تطبيق القانون، بوصفه الرئيس الأعلى للنيابات العامة في لبنان». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ البداية كنّا نطالب السلطة القضائية بتصحيح الخلل الذي يعتري القرارات التعسفية التي تطال المصارف، والآن نجد أن المرفق القضائي قام بواجبه، من هنا بات كتاب الرئيس ميقاتي الموجه إلى الضابطة العدلية من دون موضوع». وعمّا إذا كانت قرارات عويدات تحقق مطلب المصارف وتوقف الإضراب نهائياً، أوضح المحامي عازوري أن «الجمعية العمومية للمصارف ستجتمع يوم الجمعة، وسأبلغها بالجهود التي بذلتها السلطة القضائية لمعالجة الأزمة الناشئة عن الملاحقات، على أن تتخذ القرارات المناسبة».
وتصحيحاً لتحريك أي ملاحقات بحق المصارف لاحقاً، طلب القاضي عويدات من النيابات العامة في كلّ المحافظات اللبنانية، بما فيها النيابة العامة المالية والنيابة العامة العسكرية «الامتناع عن طلب أي معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى العائدة لجرائم الفساد ومكافحة تبييض الأموال». وشدد على «تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب، بشكل لا يثير أي التباس حول تشابه الأسماء، وكذلك تحديد المعلومات المطلوبة، سواء كانت (نفدات حسابية) ومعلومات تتعلق بمستندات رسمية أخرى، وتضمين هذه الطلبات موجزاً للأفعال والأدلة التي جمعتها السلطة القضائية، وأدت إلى وجود شبهة تستوجب استكمالها بالمعلومات المطلوبة».
ودعا عويدات النيابات العامة إلى «الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية وغير متعلقة بوقائع مادية محددة، وعدم طلب أي معلومات تعرض أي شخص على نحو تعسفي أو غير قانوني للتدخل بخصوصياته أو تمس بشرفه وسمعته، مع التشديد على سرية المحافظة على الطلبات والمعلومات التي تم الاستحصال عليها من المصرف المعني والمحافظة على البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب بشكل لا يثير أي التباس حول تشابه أسماء لدى المصرف المعني». وأكد عويدات على ضرورة «إبلاغه عن الجرائم الخطرة والتقيّد بتوجيهاته في شأنها».
وأثنى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الخطوة التي اتخذها عويدات لجهة «تنظيم آلية تطبيق أحكام قانون السرية المصرفية المعدّل». واعتبر أنها «تشكل خطوة أساسية على صعيد معالجة الخلل القضائي الذي حتّم عليه توجيه كتابه إلى وزير الداخلية بهدف وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبداً حماية أحد أو تأمين الغطاء لمخالفات أحد». ودعا ميقاتي لتكون خطوة عويدات «بداية الطريق في العودة إلى انتظام العمل القضائي ضمن الأطر والأصول القانونية المرعية الإجراء حفاظاً على حسن سير العدالة». وأمل في أن «يتخذ مجلس القضاء الأعلى القرارات اللازمة بهدف تأمين كل الحقوق والضمانات التي يمنحها القانون لأي متقاضٍ بما يؤمن اطمئنانه لحيادية القاضي»، مجددا «تأكيده احترام مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

قائد الجيش اللبناني يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل

جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)
جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قائد الجيش اللبناني يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل

جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)
جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)

يخطئ من يستعجل الرهان، منذ الآن، على أن قائد الجيش اللبني العماد جوزف عون استُبعد من السباق إلى رئاسة الجمهورية كونه لا يزال يتصدر لائحة المرشحين، وفق ما تقول مصادر نيابية لبنانية لـ«الشرق الأوسط». وتؤكد أنه (عون) لا يزال يتمتع بتأييد محلي ودولي، ومن غير الجائز الدخول في بحث يتعلق بالخيارات الرئاسية ما بعد استبعاده بذريعة أنه في حاجة إلى تعديل دستوري بأكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، وبعدد مماثل لإيصاله إلى القصر الجمهوري في بعبدا.

وتؤكد المصادر النيابية، التي تدور في فلك الكتل الوسطية في البرلمان، ومعها عدد من النواب المستقلين، أن «ورقة عون الرئاسية لا تزال قائمة بقوة، ولا يمكن منذ الآن الانجرار وراء حرق المراحل» قبل ثلاثة أسابيع من الموعد الذي حدده رئيس المجلس النيابي نبيه بري في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

قائد الجيش العماد جوزف عون (رويترز)

وتلفت إلى أن الكتل النيابية تنصرف حالياً لإعادة تجميع صفوفها والالتفات إلى النواب الذين يتموضعون في منتصف الطريق بين المعارضة ومحور الممانعة في محاولة لكسب تأييدهم. وتكشف المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنها لم تحقق حتى الآن التقدم المطلوب، فيما قطع العدد الأكبر من النواب المنتمين إلى الطائفة السنية شوطاً على طريق التحضير للقاء جامع يرجّح بأن يُعقد قريباً فور الانتهاء من التحضير له تحت عنوان رفض المجيء برئيس من طرف سياسي واحد.

وتنقل عن عدد من النواب السنّة قولهم إن الاجتماع سيضم أكثر من 15 نائباً، وأن لا مانع من تطعيمه بنواب من الطوائف الأخرى ممن «نتوافق وإياهم على ضرورة انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد ويتمتع بالمواصفات التي حدّدتها اللجنة (الخماسية)، لأن من دونها لا يمكن تعبيد الطريق للانتقال بالبلد إلى مرحلة التعافي».

وتؤكد المصادر نفسها أن الحضور لن يقتصر على نواب من لون واحد، وأن المدعوين ينتمون إلى أبرز المكونات النيابية في البرلمان، وتقول بأن التحضير للقاء نيابي سني جامع نوقش في الاجتماع الذي عُقد بين النواب فؤاد مخزومي وعبدالرحمن البزري وفيصل كرامي ومسؤول «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش) عن الملف الرئاسي أحمد الدباغ. وتتوقع أن يشارك في الاجتماع، إضافة إلى مخزومي والبزري وكرامي، النواب سجيع عطية، وأشرف ريفي، وأحمد الخير، ووليد البعريني، ومحمد سليمان، ومحمد يحيى، وأحمد رستم، وعبد العزيز الصمد، وحسن مراد، وعدنان الطرابلسي، وطه ناجي، وعماد الحوت، ونبيل بدر، وبلال الحشيمي. ولم تستبعد أن ينضم إليهم المرشح نعمت أفرام وجميل عبود.

تحولات المنطقة

وتضيف أن المدعوين سيناقشون إمكانية مقاربة الملف الرئاسي من موقع موحد من دون الدخول في أسماء المرشحين، على الأقل في المدى المنظور. وتؤكد أن التحولات التي شهدتها المنطقة ستكون حاضرة على طاولة البحث في ضوء سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، والاستعداد لتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته.

وترى المصادر نفسها أن بعض النواب من المدعوين يستعدون، مع سقوط بشار الأسد، للتموضع محلياً وعربياً في الوسط لاعتقادهم أن التحولات أدت إلى إعادة خلط الأوراق محلياً وصولاً إلى إصرارهم على تشكيل قوة نيابية ضاغطة يُحسب لها حساب في انتخاب الرئيس، ولا يمكن تجاهلها في حال توافقت مع «اللقاء الديمقراطي» و«اللقاء النيابي المستقل» الذي يضم النواب الذين خرجوا أو أُخرجوا من «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل.

وتراهن على أن توصل النواب السنّة إلى إقامة تكتل نيابي يعني أنه انضم إلى عداد من يسمونهم بالرقم الصعب الذي لا يمكن تجاهله للتوصل إلى رئيس توافقي، وبالتالي تمكنوا من إثبات حضورهم في انتخابه بخلاف التعاطي معهم سابقاً على أنهم يفتقدون إلى المرجعية القادرة على التأثير في القرار السياسي.

خريطة التحالفات

وتكشف المصادر أن مجرد توافق النواب السنّة على إقامة تجمع نيابي شامل يعني حكماً أن البرلمان مع الاستعدادات الجارية لانتخاب الرئيس يشهد تحولاً في ميزان القوى لا يمكن تخطيه، خصوصاً أن خريطة التحالفات النيابية لم تعد كما كانت قبل سقوط بشار الأسد وانكفاء إيران إلى الداخل بعد أن افتقدت إلى وحدة الساحات.

استعجال باسيل

وتؤكد أن الاستعدادات، من وجهة نظر باسيل، لمرحلة ما بعد استبعاد العماد عون من السباق الرئاسي لا تلقى التجاوب المطلوب باعتبار أنه - أي عون، لا يزال يتقدم السباق، وأن استعجاله ليس في محله. وهذا ما اصطدم به باسيل لدى إقناعه، كما يقول خصومه، «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) للتحرك لضمان تأييد 65 نائباً أو أكثر لإيصال مرشحهما في دورة الانتخاب الثانية إلى الرئاسة، خصوصاً أنه يتعذر عليه تأمين العدد المطلوب، مع ميل زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية للتموضع في مكان آخر لن يكون في عداده باسيل، وهو يتحضر لتحديد موقفه النهائي من المرشحين، وإن كان أعلن سابقاً دعمه ترشيح العماد عون في حال عزوفه شخصياً عن الترشح.

تباين مع «الثنائي»

وتلفت إلى أن اجتماعه بالمعاون السياسي لرئيس البرلمان النائب علي حسن خليل انتهى على تباين، برغم أن مصادر في «الثنائي الشيعي» ما زالت تراهن على استرداده وكسب تأييده، وتتعامل مع موقفه المستجد على أنه ليس أكثر من رد فعل يمكن استيعابه قبل انعقاد جلسة الانتخاب.

وتقول المصادر إن باسيل بانفتاحه على «الثنائي الشيعي» يراهن على المجيء برئيس من طرف واحد، لكنه يواجه صعوبات، خصوصاً وأن «اللقاء الديمقراطي» (برئاسة النائب تيمور جنبلاط) ليس في وارد انتخاب رئيس هو أقرب إلى اللون الواحد بالمفهوم السياسي للكلمة، ويصر على أن يكون ثمرة تقاطع مع المعارضة. وتؤكد أنه جرت محاولة لكسب تأييد «اللقاء النيابي المستقل» كبديل عن «اللقاء الديمقراطي» لكنه لم يتردد في قطع الطريق، كما تقول مصادره، على من يحاول إيصال فريق من طرف واحد، خصوصاً وأنه يتعذّر على من يدعم هذا التوجّه تأمين 65 نائباً لإيصاله إلى بعبدا.

لذلك لا يزال العماد عون يتقدم المرشحين للرئاسة، ولا يمكن استباق ما سترسو عليه الاتصالات الجارية للانصراف منذ الآن للإعداد لمرحلة ما بعد استبعاده.