مالي: هل يلتزم المجلس العسكري بـ«خريطة» تسليم السلطة؟

بعد الانتهاء من صياغة مشروع الدستور الجديد

متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)
متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)
TT

مالي: هل يلتزم المجلس العسكري بـ«خريطة» تسليم السلطة؟

متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)
متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)

مع إعلان الاتحاد الأفريقي استمرار تعليق عضوية مالي في المنظمة، تتجه السلطة العسكرية في مالي إلى إظهار التزام ولو «شكلياً» بالمضي قدماً في خطة انتقال السلطة، عبر مشروع لدستور جديد، لكن محللين قللوا من احتمال أن يهدف المشروع إلى «إقامة حكم ديمقراطي حقيقي في البلاد».
وتسلم رئيس المجلس العسكري الحاكم في مالي أسيمي غويتا، الاثنين، مشروع الدستور الجديد بصيغته المعدلة، لكنها لم تذكر متى سيُطرح هذا النص لإقراره في استفتاء عام. ووفق تقرير وكالة الصحافة الفرنسية، التي قالت إنها اطلعت على المسودة فإن النسخة الجديدة من مشروع الدستور «ستعزز سلطات الرئيس»، مقارنة بدستور عام 1992.
وقال التقرير إنه طبقاً للمسودة فإن رئيس الدولة، وليس الحكومة، هو الذي «يحدد سياسات الأمة»، ويعين ويقيل رئيس الوزراء والوزراء، ويتمتع بصلاحية حل الجمعية الوطنية. ويضيف مشروع النص أن الحكومة هي «المسؤولة أمام الرئيس»، على عكس البرلمان كما كانت الحال سابقاً.
وكان غويتا قد أعاد النسخة الأولى، التي وُضعت في أكتوبر (تشرين الأول)، الماضي لمزيد من المراجعة. ويُعد إقرار دستور جديد للبلاد خطوة أساسية على طريق الإصلاحات واسعة النطاق، التي وعد بها الجيش، وقدمها تبريراً لتمسكه بالسلطة. ومن المقرر أن يمهد الدستور الجديد لانتخابات مقررة في عام 2024، بهدف استعادة المدنيين السلطة، وفقاً لخريطة الطريق التي وضعها المجلس العسكري الحاكم.
ونقل البيان الذي أصدرته الرئاسة، عن الكولونيل غويتا قوله إنّ الوثيقة النهائية «ستجسّد حتماً أمل الأمّة بأسرها في قيام ديمقراطية حقّة». ووفق لجنة صياغة مشروع الدستور فإنّ أجزاءً من المسودّة الأوّلية «حُذفت، وأخرى دُمجت، وفقرات أخرى أعيدت صياغتها» في المشروع النهائي الذي تسلّمه غويتا.
ولم يحدّد البيان ما الذي تمّ حذفه أو تعديله في هذه الوثيقة، مكتفياً بالقول إنّ مشروع الدستور الجديد يتألّف من 191 مادّة بدلاً من 195 في المسوّدة السابقة. وبموجب الجدول الزمني الذي وضعه المجلس العسكري، كان من المفترض أن يطرح هذا النص على استفتاء عام في 19 مارس (آذار) المقبل، أي بعد أقل من 3 أسابيع.
وخلال قمته الأخيرة التي عقدت سابقاً في هذا الشهر، جدد الاتحاد الأفريقي تأكيد «عدم تسامحه المطلق» في مواجهة «التغييرات غير الدستورية» في حكومات الدول الأعضاء، وأبقى تعليق عضوية مالي بالإضافة إلى غينيا وبوركينا فاسو في المنظمة القارية، كما قررت الدول الأعضاء في منظمة «إيكواس» إبقاء عقوباتها ضد الدول الثلاث.
وعلق الاتحاد عضوية مالي عام 2021، على خلفية استيلاء الجيش على السلطة. وفي 18 أغسطس (آب) الماضي، شهدت مالي انقلاباً عسكرياً، إذ اعتقل المجلس العسكري رئيس البلاد ورئيس الوزراء وعدداً من كبار المسؤولين الحكوميين. وتعهد قادة الانقلاب، بتنظيم انتخابات «ذات مصداقية» مع إعلانهم تأسيس لجنة أطلقوا عليها «اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب»، يتزعمها غويتا، للإشراف على فترة الانتقال السياسي في البلاد.
ودفع المجلس العسكري الحاكم في مالي منذ 2020 والذي بات يتعامل مع مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية، رغم أنه ينفي ذلك، الجيش الفرنسي إلى مغادرة البلاد بعد انتشار لمدة تسع سنوات ونصف السنة في إطار مهمة مكافحة الجماعات المتطرفة.
ووفق مراقبين، لم تتضمن النسخة القديمة مواد خاصة بتجريم الانقلابات العسكرية، كما لم تحظر أي من مواده على الرئيس الانتقالي الحالي المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2024، ما يعني أن غويتا سيكون بإمكانه الترشح وحكم البلاد لفترة ما بعد المسار الانتقالي.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى محمد الأمين ولد الداه، المحلل المتخصص في شؤون الساحل الأفريقي، أن تقديم مسودة الدستور الجديد هي شكلياً خطوة في الاتجاه الصحيح، «لكن كان يجب الإعلان عن موعد الاستفتاء المقبل، وعدم حدوث ذلك يثير التساؤلات والشكوك من جانب المجتمع الدولي».
وتوقع ولد الداه أن تمضي عملية الانتقال السياسي الشكلية قدماً رغم التلكؤ والتأخير، لكن العسكريين قد يرسخون فكرة عودتهم إلى السلطة لكن عبر الانتخابات». وقال: «كان من المتوقع أن تعطي النسخة الجديدة من الدستور سلطات أكبر للرئيس، وإلا فإن السلطة العسكرية ستخاطر بإدانة نفسها».
وبدورها، قالت الخبيرة في الشؤون الأفريقية أماني الطويل، لـ«الشرق الأوسط» إن «طريقة إعداد الدستور في ظل عدم وجود جمعية وطنية شاملة والحديث عن صلاحيات إضافية للرئيس تشير بوضوح إلى أن السلطة الانتقالية سوف تتنصل من تعهداتها بشأن الانتقال لسلطة مدنية، وأنها ستجري الانتخابات في ظل السلطة العسكرية الحالية».


مقالات ذات صلة

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

العالم هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

هل تتسع المواجهات بين التنظيمات المتطرفة في مالي؟

وسط محاولات لإنقاذ «اتفاق سلام هش» مع جماعات مسلحة انفصالية، وتصاعد الصراع على النفوذ بين تنظيمات «إرهابية» في مالي، دعا تنظيم «داعش» جميع الجماعات المسلحة المتنافسة معه في البلاد، إلى إلقاء أسلحتها والانضمام إلى صفوفه. وهي الرسالة التي يرى خبراء أنها موجهة إلى «الجماعات المسلحة المحلية التي وقعت اتفاقية السلام لعام 2015، إضافة إلى تنظيم (القاعدة) في مالي ومنطقة الساحل»، الأمر الذي «يزيد من هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، ويدفع نحو مواجهات أوسع بين التنظيمات المتطرفة».

العالم العربي عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

عودة «النصرة» إلى الواجهة في مالي تعزز خوف الجزائر على «اتفاق السلام»

بينما تبنى تنظيم تابع لـ«القاعدة» في مالي اغتيال مسؤول بارز في البلاد، كثَفت الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية لإنقاذ «اتفاق السلم»، الذي ترعاه منذ التوقيع عليه فوق أرضها عام 2015، من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ بالمنطقة يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، التي تتبع لـ«القاعدة» في مالي، مقتل عمر تراوري، مدير ديوان الرئيس الانتقالي، العقيد عاصمي غويتا، وثلاثة جنود وأسر اثنين آخرين من الجيش المالي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطم مروحية عسكرية بحي سكني في باماكو

تحطمت مروحية عسكرية، السبت، في حي سكني بعاصمة مالي، باماكو، أثناء عودتها من عملية لمكافحة المتشددين، بحسب ما أفادت القوات المسلحة ومصادر. وسقط عشرات الضحايا بتفجير انتحاري ثلاثي في وسط البلاد. وجاء حادث المروحية إثر تعرض مهمة إمداد للجيش لهجوم في وقت سابق في شمال البلاد المضطرب. وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في بيان: «نحو الساعة الواحدة وعشر دقائق بعد الظهر، تحطمت مروحية هجومية تابعة للقوات المسلحة المالية في منطقة سكنية في باماكو أثناء عودتها من مهمة عملانية».

«الشرق الأوسط» (باماكو)
العالم جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

جماعة تابعة لـ«القاعدة» تتبنّى اغتيال مدير مكتب رئيس مالي

تبنَّت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة الإرهابي»، هجوماً قرب الحدود الموريتانية، أدى إلى مقتل عمر تراوري مدير ديوان رئيس المجلس العسكري الحاكم الانتقالي مع 3 من مرافقيه، إضافة إلى مسؤوليتها عن هجوم في كمين آخر نفذته (الأربعاء) الماضي أسفر عن مقتل 7 جنود ماليين. وأفادت الرئاسة المالية (الخميس) بأن عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا، هو أحد القتلى الأربعة الذين سقطوا في هجوم استهدفهم (الثلاثاء) بالقرب من بلدة نارا. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» أنها شنَّت هجوماً آخر (الأربعاء) أسفر عن مقتل 7 جنود في مكمن بين سوكولو وفرابوغو (وسط مالي)، فيما ق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

الجزائر تخشى انهيار «اتفاق السلام» في مالي

بعد اغتيال مسؤول بارز في مالي على يد تنظيم متشدد، تكثّف الجزائر لقاءاتها مع الأطراف السياسية الداخلية في البلد الأفريقي لإنقاذ «اتفاق السلم» - الموقّع في 2015 - من الانهيار، وتفادي إحداث فراغ في المنطقة قد يتيح للجماعات المسلحة الانتشار من جديد. وأعلنت جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة» في مالي، اغتيال عمر تراوري مدير ديوان الرئيس الانتقالي العقيد عاصمي غويتا و3 جنود، إضافة إلى أسْر اثنين آخرين من الجيش. وذكرت الجماعة في بيان أنها نصبت «مكمناً للجيش بين نارا وغيري، الثلاثاء الماضي، وقتلت مدير الديوان و3 جنود وأسَرَت اثنين، واستحوذت على أسلحة، فيما أصيب عنصر من الجماعة»، وت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.