تفجيرات منفصلة نفّذتها انتحاريات في باكستان تنذر بموجة قادمة

مخاوف من إرهابيات محتملات يتهيأن للعمل ذاته

استنفار أمني في العاصمة إسلام آباد بعد هجوم إرهابي (متداولة - أرشيفية)
استنفار أمني في العاصمة إسلام آباد بعد هجوم إرهابي (متداولة - أرشيفية)
TT

تفجيرات منفصلة نفّذتها انتحاريات في باكستان تنذر بموجة قادمة

استنفار أمني في العاصمة إسلام آباد بعد هجوم إرهابي (متداولة - أرشيفية)
استنفار أمني في العاصمة إسلام آباد بعد هجوم إرهابي (متداولة - أرشيفية)

في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، كشف محققون باكستانيون شخصية انتحاري قتل ثلاثة مواطنين صينيين في كراتشي، مشيرين إلى أنه امرأة مسلحة على صلة بتنظيم انفصالي من البلوش، الأمر الذي أثار صدمة بالغة في الدوائر الأمنية الباكستانية. وكانت تلك أول عملية تفجير انتحارية تنفذها امرأة في باكستان. وأفاد مسؤولون باكستانيون في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» بأن هذا الأمر كان صادماً لسببين: الأول أنه داخل باكستان حتى ذلك الوقت، ظلت التفجيرات الانتحارية حكراً على الذكور. والآخر أن الجماعات الانفصالية من البلوش لم تكن قد استخدمت قط من قبل أسلوب التفجيرات الانتحارية كأداة في قتالها ضد الدولة. ولاعتبارات ثقافية، لا تقْدم قوات الأمن والشرطة الباكستانية على تفتيش النساء بشكل عشوائي لأغراض أمنية. وحتى قوات الشرطة التي جرى نشرها عبر نقاط أمنية على الطرق السريعة، تسمح بمرور المركبات التي توجد امرأة بين ركابها. والمؤكد أن هذا التطور الجديد يزيد صعوبة مهمة قوات الأمن الباكستانية، التي أصبح يتعين عليها منع انتحاريات من تنفيذ مهام تفجير داخل المجتمع.
إلا أن قوات الأمن الباكستانية تغلبت على الحاجز الذي كان يمنعها من القبض على النساء، في 19 فبراير (شباط) 2023، عندما ألقت القبض على انتحارية مشتبه بها تدعى مهال بلوش من مدينة كويتا. كانت مهال بلوش عضواً في تنظيم بلوشي انفصالي يحمل اسم «جبهة تحرير البلوش». وعثرت قوات الأمن على سترة انتحارية في حقيبة كانت تحملها مهال وقت إلقاء القبض عليها. كما عثرت القوات على خمسة إلى ستة كيلوغرامات من المتفجرات في الحقيبة.
عن ذلك، قال مسؤول أمني سابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون ذلك مجرد قمة جبل الجليد... مهال بلوش مجرد فرد... ربما يكون هناك الكثير من الانتحاريات المحتملات يتهيأن للعمل ذاته».
يُذكر أن جماعات انفصالية بلوشية تورطت في أعمال مسلحة وتمرد بنشاطٍ منذ عام 2006، لكن لم يسبق لها قط اللجوء إلى التفجيرات الانتحارية كأداة في قتالها.
وكانت شاري حياة بلوش أول امرأة تنفذ تفجيراً انتحارياً بباكستان، وهي مدرّسة علوم وحاصلة على درجة الماجستير في علم الحيوان. كما أنها أمٌّ لطفلين وسبق لها أن كانت عضواً في تنظيم بلوشي انفصالي. وقد نجحت في تجنب رصدها وإلقاء القبض عليها، نظراً لأن القوات الأمنية الباكستانية تتعامل بتسامح شديد تجاه النساء على الطرق وفي الشوارع.
وتمكنت شاري حياة من إحداث أضرار هائلة بالاقتصاد الباكستاني، بعدما تباطأت وتيرة الاستثمارات والأعمال الصينية بالبلاد جراء قتلها ثلاثة صينيين في كراتشي. المعروف أن جماعة «طالبان» الباكستانية لطالما تورطت في تفجيرات انتحارية واستغلتها كأداة في حملاتها الإرهابية في شمال غربي البلاد الذي يعد معقلها، لكنها لم تعتمد قط على انتحاريات.
وأفاد مسؤولون بأنهم توصلوا لوجود بعض الروابط بين «طالبان» الباكستانية والانفصاليين من البلوش خلال الأشهر الأخيرة.
تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي تستقي «طالبان باكستان» إلهامها من توجهات دينية، فإن انفصاليّي البلوش يتحركون بدوافع آيديولوجية علمانية، مثل الماركسية. ومع ذلك، يواجه الاثنان عدواً مشتركاً يتمثل في الحكومة الباكستانية. وثمة احتمال أن الانفصاليين البلوش نتيجة ميولهم العلمانية، أكثر استعداداً للاستعانة بنساء في المهام الانتحارية.
من جهته، قال مسؤول أمني: «لا يمكننا طرح أي نتائج بثقة، فنحن لا نزال في المرحلة الأولى من التحقيقات، ولا ندري ما إذا كانت حالتا الانتحاريتين منفصلتين أم أنهما مجرد رأس جبل جليدي. ومع ذلك، أشار مسؤولون باكستانيون إلى أنه كي تصبح التفجيرات الانتحارية شائعة الحدوث، من الضروري توافر بنية تحتية معينة، في الوقت الذي لا يسيطر البلوش على أي منطقة بعينها داخل باكستان. وقبل انتصار «طالبان» في أفغانستان، كان الانفصاليون البلوش يعملون من داخل أفغانستان، لكن «طالبان» طردتهم بالقوة من الأراضي الأفغانية. والآن، يعملون من المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان.


مقالات ذات صلة

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

العالم إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

إسلام آباد: «طالبان باكستان» قد تستهدف عمران خان

ذكرت وسائل إعلام باكستانية أمس (الاثنين)، نقلاً عن تقرير سري لوزارة الدفاع، أن رئيس الوزراء السابق عمران خان وزعماء سياسيين آخرين، قد يجري استهدافهم من قبل تنظيمات إرهابية محظورة خلال الحملة الانتخابية. وذكر التقرير على وجه التحديد عمران خان، ووزير الدفاع خواجة آصف، ووزير الداخلية رنا سناء الله، أهدافاً محتملة لهجوم إرهابي خلال الحملة الانتخابية. وقدمت وزارة الدفاع تقريرها إلى المحكمة العليا في وقت سابق من الأسبوع الحالي.

عمر فاروق (إسلام آباد)
العالم 3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

3 قتلى بقنبلة استهدفت مركزاً للشرطة في باكستان

أسفر اعتداء بقنبلة استهدف اليوم (الاثنين) مركزا لشرطة مكافحة الإرهاب الباكستانية عن ثلاثة قتلى وتسبب بانهيار المبنى، وفق ما أفادت الشرطة. وقال المسؤول في الشرطة المحلية عطاء الله خان لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قنبلتين انفجرتا» في مركز الشرطة «وأسفرتا عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل» في مدينة كابال الواقعة في وادي سوات بشمال غربي باكستان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

باكستان: 358 قتيلاً بثلاثة شهور بسبب الإرهاب

تمكّن الجيش الباكستاني من القضاء على ثمانية مسلحين من العناصر الإرهابية خلال عملية نفذها في مقاطعة وزيرستان شمال غربي باكستان. وأوضح بيان صادر عن الإدارة الإعلامية للجيش اليوم، أن العملية التي جرى تنفيذها بناءً على معلومات استخباراتية، أسفرت أيضًا عن مقتل جنديين اثنين خلال تبادل إطلاق النار مع الإرهابيين، مضيفًا أنّ قوات الجيش صادرت من حوزة الإرهابيين كمية من الأسلحة والمتفجرات تشمل قذائف». ونفذت جماعة «طالبان» الباكستانية، وهي عبارة عن تحالف لشبكات مسلحة تشكل عام 2007 لمحاربة الجيش الباكستاني، ما يقرب من 22 هجوماً.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

باكستان تقترب من اتفاق مع صندوق النقد بعد تعهد الإمارات بمليار دولار

قال وزير المالية الباكستاني، إسحق دار، اليوم (الجمعة)، إن الإمارات أكدت تقديم دعم بقيمة مليار دولار لإسلام أباد، ما يزيل عقبة أساسية أمام تأمين شريحة إنقاذ طال انتظارها من صندوق النقد الدولي. وكتب دار على «تويتر»: «مصرف دولة باكستان يعمل الآن على الوثائق اللازمة لتلقي الوديعة المذكورة من السلطات الإماراتية». ويمثل هذا الالتزام أحد آخر متطلبات الصندوق قبل أن يوافق على اتفاقية على مستوى الخبراء للإفراج عن شريحة بقيمة 1.1 مليار دولار تأخرت لأشهر عدة، وتعد ضرورية لباكستان لعلاج أزمة حادة في ميزان المدفوعات. ويجعل هذا التعهد الإمارات ثالث دولة بعد السعودية والصين تقدم مساعدات لباكستان التي تحتاج إل

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

باكستان: مقتل أربعة رجال شرطة في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين

أعلنت الشرطة الباكستانية مقتل 4 رجال شرطة باكستانيين على الأقل في معركة بالأسلحة النارية مع الإرهابيين في مدينة كويتا في الساعات الأولى من الثلاثاء. وقال قائد شرطة العمليات في كويتا، كابتن زهيب موشين، لموقع صحيفة «دون» الباكستانية، إنه جرى شن العملية لتحييد الإرهابيين الذين شاركوا في الهجمات السابقة على قوات الأمن في كوتشلاك. وأضاف زهيب أن العملية أجريت بالاشتراك مع أفراد شرطة الحدود، حسب موقع صحيفة «دون» الباكستانية. وقال زهيب إن عناصر إنفاذ القانون طوقوا، خلال العملية، منزلاً في كوتشلاك، أطلق منه الإرهابيون النار على رجال الشرطة ما أدى إلى مقتل أربعة منهم.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.