شكري في سوريا وتركيا... مؤازرة إنسانية تعزز التقارب السياسي

وزير خارجية مصر يُجري لقاءات نادرة لـ«تأكيد الدعم»

شكري والمقداد خلال مؤتمرهما الصحافي في دمشق أمس (رويترز)
شكري والمقداد خلال مؤتمرهما الصحافي في دمشق أمس (رويترز)
TT

شكري في سوريا وتركيا... مؤازرة إنسانية تعزز التقارب السياسي

شكري والمقداد خلال مؤتمرهما الصحافي في دمشق أمس (رويترز)
شكري والمقداد خلال مؤتمرهما الصحافي في دمشق أمس (رويترز)

عندما سُئل وزير الخارجية المصري سامح شكري، بينما كان يقف إلى جواره نظيره السوري فيصل المقداد، بشأن ما إذا كانت زيارته النادرة لدمشق مقدمة لعودة العلاقات الثنائية بين البلدين، جاءت إجابته المقتضبة مركَّزة على «الهدف الإنساني والتضامني»، من دون أن ينفي أو يصرّح بالمزيد على المستوى السياسي.
ومع ذلك فإن تقديرات خبراء ومحللين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» ذهبت إلى أن «تلك الزيارة وإن كان عنوانها إنسانياً، فإنها تُنبئ عن تحركات مقبلة على المستوي السياسي الثنائي، ليس فقط بين القاهرة ودمشق، بل بين دمشق وعواصم عربية أخرى».
ومصر التي قطعت علاقاتها مع سوريا في ظرف استثنائي في أجواء حقبة ما اصطُلح على تسميته بـ«الربيع العربي» لم يصل وزيرها إلى دمشق فجأة، إذ سبقته شواهد ومشاورات واتصالات تراكمت جميعها، لترسم مشهداً جديداً لافتاً في الإقليم.
ومثّلت كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا، محطة فارقة ربما سرّعت مسار قطار التقارب المصري مع البلدين، والذي مر بمحطات عدة قبل ذلك، كان أبرزها الاتصال الهاتفي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره السوري بشار الأسد، وكذلك المصافحة الشهيرة بين الرئيس المصري، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان في الدوحة قبل شهور.
ولا يبدو أن التقارب المصري مع سوريا وتركيا مسألة محصورة في النطاق الثلاثي، وفق ما يرى الدكتور محمد عز العرب، رئيس «وحدة الدراسات العربية والإقليمية» بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «محاولات متدرجة من الدول العربية لاستعادة العلاقات مع سوريا، وكذلك الأمر من الجانب السوري، خصوصاً بعد 3 زيارات لوزراء خارجية دول عربية هي: الأردن، والإمارات، ومصر، فضلاً عن الانفتاح في اللقاءات والاتصالات على مستوى القادة».
وعلى المستوى التركي فإن عز العرب يرى أيضاً أن «هناك مساعي لتخفيض التوترات بالإقليم ككل عبر الاتجاهات المختلفة، ولعل (دبلوماسية الكوارث) كانت فرصة مناسبة لتحريك تلك التوجهات إلى نقاط أكثر تقدماً».
ومن بين النقاط الأكثر تقدماً على المستوى السوري، تبرز مسألة «عودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية» بعد أكثر من 12 سنة على تجميده.
وخلال تلك الفترة الطويلة مرت العلاقات المصرية - السورية بمحطات مختلفة، فعلى المستوى الأمني زار رئيس مكتب الأمن الوطني السوري القاهرة مرتين في عام 2016 و2018 في لقاءات لم تنفها مصر أو تعلنها، لكنّ وكالة الأنباء السورية حرصت على إبرازها في حينها، وكذلك رأى شكري في عام 2019 أن دمشق «غير مؤهلة راهناً» للعودة إلى الجامعة.
لكن وقبل يوم واحد من وصول شكري إلى دمشق، كان رئيس البرلمان المصري حنفي جبالي في زيارة لها، وقال من مطارها إن «سوريا ستعود إلى مكانها الطبيعي في الجامعة العربية».
ويقول عز العرب إنه «لا تزال هناك حاجة لجهود على المستوى العربي، للحصول على الإجماع بشأن عودة سوريا للجامعة، وتبدو مسألة رصد التحضيرات لاجتماعات وزراء الخارجية العرب المقبلة جديرة بالاهتمام في هذا النطاق».
ومن سوريا إلى تركيا تحرك شكري أيضاً، إذ التقى مولود جاويش أوغلو، في ميناء «مرسين» التركي، حيث استقبلا سفينة مساعدات مصرية.
ومثل زيارة سوريا التي لم تحدث فجأة؛ فإن علاقة مصر مع تركيا تطورت عبر مسارات اتسمت بالخشونة والصعوبة حتى وصلت إلى مرحلة المباحثات الاستكشافية، وتُوجت بمصافحة رئيس البلدين.
وتماشياً مع اللحظة التضامنية، سيطرت على مفردات وزير الخارجية المصري تعبيرات المؤازرة، إذ قال: «إن المساعدات التي قدمتها مصر لتركيا أقل ما يمكن فعله في إطار حرص مصر على رفع المعاناة عن المتضررين جراء الزلزال الذي ضرب تركيا»، مشيراً إلى أن «هناك توجيهات بإعطاء أولوية لمرور سفن المساعدات من قناة السويس».
وبحفاوة مماثلة، واقتراباً أكثر من الشأن السياسي، جاء رد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الذي أشاد بدور مصر وموقفها المساند لتركيا في كارثة الزلزال. وبعدما ثمَّن وقفة مصر إلى جانب تركيا عقب كارثة الزلزال، فإنه قال إن بلاده «تسعى لفتح صفحة جديدة من العلاقات مع مصر».
وزاد أن «الصداقة والأخوة تتضح في الأيام العصيبة، وقد تلقينا المساعدات كافة من الجانب المصري، ومصر بلد مهم بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع». وتعهد بأن تركيا «ستضع الخطوات الملموسة من أجل الارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين».
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، أن «المقدمات التي سبقت الزيارة بين مصر وتركيا تشير بوضوح إلى دلالات سياسية على الرغم من الطابع الإنساني لتلك المرحلة».
وأشار هريدي إلى أن «كل هذه الإشارات الإيجابية، ستعبّر عن نفسها وتتبلور في المستقبل القريب، أخذاً في الاعتبار أن تركيا نفسها بدأت في محاولة التقارب مع سوريا، ومن المحتمل أن نشهد اجتماعات قريبة بين مسؤولين أتراك وسوريين برعاية روسية». وإجمالاً يرى هريدي أن هناك «زخماً عربياً في اتجاه إسدال الستار على عشرية ما يُعرف بـ(الربيع العربي)».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


المغرب: مهنيو الصحة يتوعدون بشل المستشفيات مجدداً الأسبوع المقبل

من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
TT

المغرب: مهنيو الصحة يتوعدون بشل المستشفيات مجدداً الأسبوع المقبل

من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)
من مظاهرة سابقة للأطباء والممرضين في مدينة الرباط (الشرق الأوسط)

يعتزم مهنيو القطاع الصحي في المغرب مواصلة إضرابهم الوطني المفتوح حتى نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي، وذلك بالقيام بمظاهرتين متتاليتين يومي الاثنين والأربعاء المقبلين، حسبما أورده موقع «لوسيت إنفو»، وصحف محلية.

وسيشمل الإضرابان، اللذان أعلنت عنهما الجامعة الوطنية للصحة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، مختلف المؤسسات الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش. وستسطر الجامعة بحسب بيان لها، «برنامجاً نضالياً يلائم العطلة الصيفية لمعظم الموظفين والإدارات شهر أغسطس (آب)» الماضي، قالت إنه «سيتضمن حمل الشارة الاحتجاجية، وتنفيذ وقفات أسبوعية محلية، وإقليمية وفي مواقع العمل».

وكان المئات من موظفي الصحة قد احتشدوا يوم الخميس أمام مقر البرلمان في العاصمة الرباط، للاحتجاج من جديد ضد الحكومة، بعد أقل من 3 أيام على الاتفاق الذي وقعه وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد أيت الطالب، بتفويض من رئيس الحكومة مع النقابات.

وشمل الاتفاق الذي جرى توقيعه يوم الثلاثاء الماضي كلاً من «النقابة الوطنية للصحة»، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة الوطنية للصحة العمومية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والنقابة المستقلة للممرضين، إضافة إلى الجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والجامعة الوطنية لقطاع الصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل، والمنظمة الديمقراطية للصحة المنضوية تحت لواء «المنظمة الديمقراطية للشغل».