نصف اللغات التي يتحدثها عالم اليوم مهدد بالانقراض

لغة واحدة تخرج من نطاق الاستخدام كل أسبوعين

نصف اللغات التي يتحدثها عالم اليوم مهدد بالانقراض
TT

نصف اللغات التي يتحدثها عالم اليوم مهدد بالانقراض

نصف اللغات التي يتحدثها عالم اليوم مهدد بالانقراض

اللغة هي العدسة التي نتعرف بها على الآخر والعنصر الأساس في تكوين أفكارنا، ليس من صياغتها من كلمات ورموز فحسب، بل أيضاً من أنها نسق يضم الكلمات والرموز والمعاني مختلطة بالمشاعر والتصورات والقصد، فضلاً عن أبعادها التربوية والثقافية والحضارية. واللغة والفكر متلازمان، إذ يعتمد الفكر على اللغة في إنجاز مختلف العمليات الذهنية، خصوصاً تلك ذات المستويات العليا في التعقيد. فكلما كان تمكن المتعلم من اللغة راسخاً كانت هذه العمليات أسهل عليه.
وفي غالب الأمر، اللغة تولد الهوية، فالعلاقة بين اللغة والهوية تُعَد إحدى أهم ركائز المجتمع وتتجلى بوضوح في الوظائف التي تنجزها اللغة في إطار التعبير عن الهوية واستمرار حيويتها، باعتبارها وعاءً للفكر وأداة للتفكير، إضافة إلى كونها وسيلة للتفاهم والتواصل الاجتماعي، وعنوان هوية الفرد والمجتمع.
ولقد أوضح الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا هذا المفهوم بقوله: «لو تحدثت إلى شخص بلغة يفهمها، يدخل حديثك رأسه. لكن لو تكلمت إليه بلغته، يدخل حديثك قلبه». فالكلمات إذاً أحجار لبناء المشاعر الأساسية. وفي ثقافاتنا، صنع البشر بهذه الأحجار مداميك المباني والمعاني اللغوية على مدى آلاف السنين. ويتبدل التعبير اللغوي بتبدل بيئاته والتصورات الذهنية عند الأفراد الذين يتشاركون لغة محددة.
ولنأخذ تسميات الأشياء على سبيل المثال... بعض اللغات ينجح في تمييز لونٍ يتدرج بين الأزرق والأخضر، في حين تعجز لغات أخرى عن تمييزه لأسباب كثيرة، منها غياب هذا التدرج عن يومياتها أو لقلة جدوى هذا التمييز، كأن نجد أن لكلمة «ثلج» عند العرب صورة ذهنية واحدة، أما عند شعب الإسكيمو، فتصويراته وفيرة. والعكس صحيح حين نتحدث عن «الجمل»، حيث لكل شكل من أشكاله عند العرب اسم خاص به يمثله.
لغات كثيرة باتت تختفي حالياً بوتيرة متسارعة تبعث على القلق. ووفق تقديرات الباحثين، فإن نصف سكان العالم يتحدثون 50 لغة من الـ7 آلاف لغة الموجودة في العالم، والنصف الآخر يتحدث البقية، أي 6050 لغة. ومنذ سنوات، أصدرت منظمة اليونيسكو «أطلس لغات العالم» التي تواجه خطر الاندثار. والقاسم المشترك بين كثير من اللغات المهددة بالانقراض هو أنه ليس لها أبجدية مكتوبة، أي أنها لغات محكية.
إن انقراض أي لغة يعني خسارة ثقافية لا تعوض. بمعنى آخر، فناء عالم خاص بأكمله له تقاليده وثقافته وناسه، عالم كامل تطويه صفحات التاريخ من دون أثر يدل عليه.
نصف اللغات المندثرة لم تكن مكتوبة، فتعلَن وفاتها بوفاة آخر الأشخاص المتحدثين بها، واختفاؤها لا يترك قاموساً أو نصاً أو سجلاً لنبشها ومحاولة استعادتها، أي أن مصيرها الاختفاء.
في أستراليا، على سبيل المثال، رصد الباحثون 3 أشخاص فقط يتحدثون لغة «ماغاتي كي» عند الحدود الشمالية للبلاد، وشخصاً واحداً يتحدث لغة «أمور داغ» التي أعلن وفاتها بعدما قضى، و3 آخرين يتحدثون لغة «ياوورو» في الغرب.
وتعرفوا على شخص وحيد يتحدث لغة «سيليتز دي ني» التي كان يستخدمها السكان الأصليون المقيمون في محمية سيلتز في ولاية أوريغون الأميركية.
وقد أثبتت الدراسات أن ثمة 5 مناطق تختفي فيها اللغات بسرعة، هي شمال أستراليا 153 لغة، أميركا الوسطي والجنوبية 113 لغة، في كل من الإكوادور وكولومبيا والبرازيل وبوليفيا. وفي شمال المحيط الهادي 54 لغة، بما فيها كولومبيا البريطانية في كندا. وفي شرق سيبيريا والصين واليابان 23 لغة. وفي جنوب غربي الولايات المتحدة، تقطن مجموعات من السكان الأصليين يتحدثون لغات كثيرة تصل إلى 383 لغة، عددها يتضاءل باستمرار.
وبحسب الإحصائيات الأخيرة، فإن بعض اللغات قد تنقرض حالاً خلال أيام. فعلى سبيل المثال، لغة (تاوشيرو TAUSHIRO) للسكان الأصليين في بيرو لم يبقَ ينطق بها سوى شخص واحد. وكذلك لغة (كايخانا KAIXANA)، وهي لغة إحدى قبائل الأمازون في البرازيل، ستنقرض هي الأخرى برحيل الشخصين الوحيدين اللذين يتحدثان بها.
ويستمر موت اللغات في كل الأصقاع؛ كانت لغة (ليميريغ LEMERIG) منتشرة في جزيرة فانواتو بالجزء الجنوبي للمحيط الهادي، ولغة (تانيما TANEMA) في جزر سليمان بالمحيط الهادي، ولغة (أنجيريب NJEREP)، ولغة ألبانتويد في نيجيريا، ينطق بكل منها 4 أشخاص من كبار السن. ولغة (ليكي LIKI) يتحدثها 5 أشخاص في إحدى جزر إندونيسيا. ولغة (أونغوتا ONGOTA) يتحدثها 6 أشخاص من قبيلة تعيش بقرية صغيرة على الضفة الغربية لنهر ويتو في إثيوبيا. ولغة (دومي DUMI) يتحدثها 8 أشخاص في إحدى المناطق الجبلية النائية بمنطقة خوتانغ في نيبال.
ثمة من يظن أن تسليط الضوء على المكونات اللغوية غير العربية التي اندثرت أو ما زالت متداولة في الوطن العربي يُعَد تهديداً للهوية العربية، في حين أن التنوع اللغوي والثقافي، في الحقيقة، هو مصدر ثراء معرفي وغنى جمالي. وقد رأينا أن بعض الدول والمجتمعات التي تحتضن تعددية ثقافية بقيت متماسكة وقوية، وتلك التعددية عززت في السكان الشعور بالأمان والانتماء والاستقرار.
هناك ما يصل إلى 420 مليون شخص حول العالم يتحدثون اللغة العربية. وهي اليوم من أهم 5 لغات في الكوكب، لكن ما يجب أن يشار له اليوم هو شقيقات اللغة العربية في النسب والمكان.
إن اللغات القديمة للجزيرة العربية تساعد على معرفة الماضي وفهم الحاضر، وتفيد في المستقبل. ومن المهم إعادة إحيائها من خلال تعلمها وفهم أبعادها الإنسانية. وكما نعرف، فإن الجزيرة العربية كانت مهداً لكثير من الحضارات العريقة التي توالت عبر العصور. وليس هناك نظام كتابي لأغلب هذه اللغات، فهي في الأغلب لغات شفهية لها لهجات متعددة تحمل سماتٍ صوتية ونحوية وصرفية ودلالية مختلف بعضها قليلاً عن بعض. وتختلف هذه اللغات حالياً عن العربية الفصحى في كثير من الجوانب، لكنها تشترك معها في الأصل، فجميعها لغات سامية تنتمي إلى العائلة الأفروآسيوية.
وتبقى المَهَرية أكثر هذه اللغات حظاً بالنسبة إلى عدد متحدثيها، الذي يصل اليوم إلى 300 ألف، وإن ظلت تُعد من اللغات المهددة بالانقراض. وهي منتشرة بين قبائل في شرق اليمن، وعُمان، والكويت، والإمارات، والسعودية، وتحديداً في خرخير بالربع الخالي ومناطق متفرقة من شرورة ونجران والمنطقة الشرقية. ويعتقد بعض اللغويين أنها متطورة أو منبثقة من اللغات العربية الجنوبية القديمة أو لغة عاد.
وهناك أيضا اللغة الشحرية أو الجبالية، ويتحدث بها حوالي 150 نسمة. وهي تعتبر لغة رسمية في إقليم ظفار، إلا أنها غير مكتوبة ولم تدخل الإعلام ولا التعليم. ويتحدث باللغة البطحرية سكان منطقة ساحلية صغيرة بشرق ظفار، ولا يزيد عدد المتحدثين بها عن 100 متحدث. فالبطحرية لم يعُدْ يتحدث بها الأصغر سناً، وهي من اللغات المهددة بالانقراض، لأن الناطقين بهذه اللغة يتحولون مع مرور الوقت إلى الناطقين باللغات المحيطة بهم كالمهرية والجبالية. أما اللغة الحرسوسية، وهي لغة قريبة جداً من المهرية، فهي تستخدم في جدة الحراسيس في مقاطعة ظفار وسط عُمان، وقد لا يتعدى عدد متحدثيها 2000 تقريباً. ولا بد أن نذكر هنا أن المهرية أثرت في هذه اللغات المتقهقرة، وباتت الأجيال الجديدة من هذه القبائل تتحدث المهرية. وأحياناً يظهر أهل هذه اللغة في إحصاءات اللغة المهرية. أما اللغة الهبيوتية فلا يصل عدد المتحدثين بها إلى 1000 نسمة، وينتشرون عند الحدود اليمنية العمانية.
يهتم الباحثون وعلماء بالحفاظ على تنوع العالم البيولوجي، ويشددون على إيلاء اهتمام أكبر بالحفاظ على اللغات المهددة بالانقراض، خاصة أن أحدث تقارير اليونيسكو أشارت إلى أن نصف اللغات التي يتحدثها عالم اليوم، والبالغ عددها 7 آلاف لغة، بات مهدداً بالانقراض. ويُرجح اختفاؤها خلال القرن الحالي. ويتحدث 80 في المائة من سكان العالم 83 لغة، و20 في المائة فقط يتبادلون لغات نادرة، يصل عددها إلى 3500 لغة. والمثير الذي حذر منه التقرير أن لغة واحدة تختفي كل أسبوعين تقريباً، بعد خروجها من نطاق الاستخدام.
* كاتب سعودي


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.