في زيارته الأولى إلى السعودية، كشف إدوارد ميرملستين، مفوض مكتب عمدة مدينة نيويورك للشؤون الدولية، عن رغبة مشتركة، لتعظيم الخبرات المالية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي في نيويورك، العاصمة التجارية المالية الأميركية، متطلعاً إلى بناء جسور حكومية واجتماعية واقتصادية بين نيويورك والمملكة.
توجّه مشترك
وعن التوجه السعودي للاستثمار في أميركا بشكل عام وفي نيويورك بشكل خاص، قال ميرملستين لـ«الشرق الأوسط»: «ظل اتجاه الاستثمار بين السعودية والولايات المتحدة ثابتاً بشكل عام. وأظهرت بيانات سابقة صادرة عن الحكومة الأميركية أن المملكة ضمن أكبر 30 شريكاً تجارياً واستثمارياً للولايات المتحدة». ووفق ميرملستين، فإن العلاقة التجارية والاستثمارية بين واشنطن والرياض، التي تبلغ قيمتها 54 مليار دولار، تخلق آلاف الوظائف في كلا البلدين، مبيناً أنه في عام 2020، تجاوزت صادرات السلع الأميركية إلى السعودية 10.9 مليار دولار، في حين كانت الواردات الأميركية تزيد قليلاً على 9 مليارات دولار وفقاً لمكتب الإحصاء الأميركي. وأضاف ميرملستين: «بشكل عام، نشهد إقبالاً كبيراً جداً على الاستثمار في مدينة نيويورك من دول مجلس التعاون الخليجي. ويعزى ذلك في المقام الأول إلى العلاقات القوية بين الطرفين، فضلاً عن عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في مجالات الاستثمار الشعبية الأخرى في أنحاء العالم الأخرى، التي فقدت شعبيتها أخيراً».
استثمار سعودي
إلى ذلك، يعتزم صندوق الاستثمارات العامة السعودي فتح مكتب في ولاية نيويورك؛ إذ يعلن مبعوث عمدة نيويورك عن ترحاب مدينته بأن يكون هناك وجود «PIF» في العاصمة المالية للعالم: «تفخر إدارتنا بكونها صديقة للأعمال وترحب بالاستثمار الدولي في مدينتنا... إدارتنا على يقين من أن الصندوق السعودي، سيكون لديه خبرة مالية كبيرة في مدينة نيويورك». وتابع: «تساعد الاستثمارات الأجنبية المباشرة المدن والبلدان على تعزيز اقتصاداتها... وفي مدينة نيويورك، نتحفز لاحتضان وجذب الشركات الدولية؛ لأنها تستثمر في تنمية اقتصادات أحيائنا الخمسة، وتساعد في خلق وظائف ذات رواتب جيدة لسكان نيويورك... نسعى أيضاً إلى العمل مع أصحاب المصلحة هؤلاء، لضمان أن تكون هذه الاستثمارات مفيدة للطرفين وتضيف إلى جودة حياة سكان نيويورك».
التجارة والاستثمار
وشدد مبعوث عمدة نيويورك، على أن العلاقة التجارية والاستثمارية بين الولايات المتحدة والسعودية تعكسها الأرقام؛ إذ تقدر بنحو 54 مليار دولار اعتباراً من عام 2022: «وفقاً لوزارة التجارة، حافظت الصادرات الأميركية من السلع والخدمات إلى السعودية أيضاً على ما يقدر بنحو 165 ألف وظيفة في عام 2015، منها 101 ألف مرتبطة بصادرات السلع، و63 ألفاً مرتبطة بصادرات الخدمات».
وبلغ الاستثمار الأجنبي الأميركي المباشر في المملكة 10.8 مليار دولار اعتباراً من عام 2019 وفقاً لمكتب التجارة الأميركي؛ إذ يقود الاستثمار شركات قابضة غير مصرفية وتجارة الجملة والتعدين، في حين تمتد العلاقة أيضاً عبر العديد من القطاعات بما في ذلك الأمن والرعاية الصحية والمعلومات والتكنولوجيا.
فرص التعاون
وعن فرص التعاون بين ولاية نيويورك والرياض، قال ميرملستين: «مدينة نيويورك هي مدينة عالمية. لدينا اقتصاد قوي ومرن. عند الاجتماع مع الشركاء العالميين، نناقش مجموعة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. كمدينة، نحن نستثمر بغية مساعدة شبابنا لأن يصبحوا مواطنين عالميين، يتمتعون بفهم قوي للشؤون العالمية». وزاد ميرملستين: «عملنا مع نظرائنا العالميين لتحديد الطرق التي يمكن لطلابنا من خلالها التواصل مع بعضهم، والتعرف على وجهات النظر... وعلى صعيد التنمية الاقتصادية، نحن في وضع جيد كمدينة للترحيب بالشركات الدولية التي تتطلع إلى النمو عالمياً». وأضاف ميرملستين: «تساعد أحياؤنا الخمسة الشركات على الوصول إلى العالم دون الحاجة إلى مغادرة شواطئنا، كما أننا نؤمن أن طريقة التغلب على الأزمات الحالية هي من خلال التعلم المشترك، لذلك لدينا فرص للخبراء من كلا الجانبين لتبادل معارفهم لتعزيز الابتكار».
استراتيجية نيويورك
ولفت ميرملستين، إلى أن نيويورك هي مدينة المهاجرين، حيث يجتمع الناس من كل بلد وخلفية، مستطرداً: «نحن مسؤولون عن خدمة هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 8.6 مليون شخص، وضمان وصولهم إلى الموارد والفرص، بما في ذلك الوظائف ذات الأجور الجيدة».
ويرتبط مكتب عمدة مدينة نيويورك للشؤون الدولية، بالعالم ويحافظ على علاقات جيدة مع الأمم المتحدة، كأكبر مجتمع دبلوماسي في العالم يتألف من 193 بعثة دائمة، و116 قنصلية، وأكثر من 70 لجنة تجارية، وأصحاب المصلحة من القطاع الخاص والمجتمع المدني.
وتابع ميرملستين: «يتمثل جزء أساسي من استراتيجيتنا في التأكد من أن الجميع يعرفون أن مدينة نيويورك عادت وتتعافى من الوباء أقوى من أي وقت مضى. نريد أيضاً مشاركة استعدادنا للتعاون مع المدن والبلدان الكبيرة والصغيرة بشأن الأولويات الاجتماعية والاقتصادية».
النتائج المتوقعة
وقال ميرملستين: «نريد تشجيع الاستثمارات المستمرة في القطاعات المزدهرة لتسريع توافر الوظائف لسكان نيويورك... ومهتمون أيضاً بتعلم أفضل الممارسات بشأن قضايا مثل التخفيف من حدة المناخ والصحة... نؤكد أننا على استعداد لتبادل معرفتنا مع السعودية».
وأضاف ميرملستين: «هدفنا من هذه الرحلة هو إعادة تقديم مدينة نيويورك لأصحاب المصلحة... نريد مشاركة أولوياتنا الرئيسية والتعرف على أولويات نظرائنا لتحديد مجالات المواءمة. نريد أيضاً مشاركة أخبار التنمية الاقتصادية والتزام إدارتنا بالإنصاف والإدماج كمحفزات أساسية للعمل الذي نقوم به نيابة عن سكان نيويورك».