جدد اتصال هاتفي ثانٍ بين وزيري الخارجية المصري والتركي في أقل من ثلاثة أسابيع، تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من التوتر والجمود.
وتباحث وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو هاتفيا مع نظيره المصري سامح شكري (السبت) للمرة الثانية بعد الزلزال الذي ضرب الأراضي التركية والسورية في 6 فبراير (شباط) الحالي.
وأفادت وزارة الخارجية التركية، في بيان مقتضب لها، أن الوزيرين «تناولا الوضع الأخير فيما يتعلق بالزلازل التي شهدتها تركيا».
وكان وزير الخارجية المصري قد اتصل بنظيره التركي في السابع من فبراير الحالي، معرباً عن تضامن بلاده مع تركيا، وأكد أن القاهرة سترسل مساعدات إغاثة عاجلة إلى تركيا وسوريا، بحسب تغريدات للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية.
كما أجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اتصالا في الثامن من فبراير الحالي، بنظيره التركي رجب طيب إردوغان للتعزية في ضحايا الزلزال والإعراب عن استعداد مصر لتقديم جميع أوجه المساعدة المطلوبة في هذا الشأن.
وكان ذاك الاتصال هو الأول بين الرئيسين، بعد المصافحة بينهما في نوفمبر الماضي، على هامش المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم بقطر.
وقدم الرئيس التركي الشكر لنظيره المصري على هذه المشاعر الطيبة، مشيراً إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي «الشقيقين»، وفقاً لبيان رسمي تركي.
وأرسلت مصر إلى تركيا بالفعل أطنانا من المساعدات الإغاثية، عبر طائرات وسفن عسكرية، حسبما أعلن المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ، في وقت سابق، والذي أشار إلى أن المساعدات ساهمت فيها مؤسسات رسمية مصرية، إلى جانب مؤسسات شعبية ومدنية مثل الأزهر الشريف، وجمعية الهلال الأحمر، وصندوق تحيا مصر.
من جانبه، أكد كرم سعيد، الباحث المتخصص في الشؤون التركية، أن الاتصال بين وزيري الخارجية المصري والتركي «يؤكد حرص البلدين على استمرار التواصل، وانتقال العلاقات بين البلدين إلى مستويات أكثر تقدماً».
وأضاف سعيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الدبلوماسية الإنسانية التي اتبعتها القاهرة في التعامل مع أزمة زلزال 6 فبراير «قد تم تجاوزها»، رغم أنها أتت ثمارها في تحقيق تقارب واضح، وأن استمرار التواصل «يفتح الطريق أمام مزيد من الخطوات بعد تهيئة المناخ في البلدين رسميا وشعبيا».
وأشار الباحث في الشؤون التركية إلى أن العديد من القضايا الخلافية بين البلدين «شهدت تحسنا»، وفي مقدمتها ملف تنظيم «الإخوان»، الذي «لم يعد ذا قيمة كبيرة بالنسبة للقاهرة» بعد بروز تيارات «تأكل بعضها بعضاً» على حد وصفه.
وأوضح سعيد أن التطورات الإيجابية بين اليونان وتركيا في أعقاب كارثة الزلزال «رفعت كثيرا من الحرج عن القاهرة» في ملف شرق المتوسط، بعد زيارة وزير الخارجية اليوناني إلى تركيا وإرسال مساعدات وفرق إغاثة يونانية وترحيب السلطات التركية بالموقف اليوناني.
واعتبر سعيد الملف الليبي هو «الأهم» في مسار العلاقات المصرية التركية، مشيرا إلى أن هناك «تحركات إيجابية» باتجاه إجراء الانتخابات، وتصعيد أطراف متوازنة لا تميل إلى قوى إقليمية بعينها، لكنها تستطيع الحفاظ على المصالح الحيوية للأطراف المعنية في الإقليم.
واتفق محسن عوض الله، الباحث في الشؤون التركية، مع التحليل السابق، مشيرا إلى أن تطور الأحداث خلال الأشهر الأخيرة «سيقود في النهاية لاستعادة العلاقات الكاملة بين الطرفين»، خاصةً في ظل انتهاء مسببات الخلاف والتزام تركيا بشكل كبير بتحجيم عناصر تنظيم «الإخوان» على أراضيها وطرد من لم يلتزم منهم خارج حدودها.
وتابع عوض الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» القول إن الأوضاع «مرشحة لمزيد من التعاون»، خاصةً بعد تصريحات رئيس الوزراء المصري خلال اجتماعه في القاهرة مع عدد من رجال الأعمال الأتراك وتأكيده أن مصر وتركيا تتمتعان بعلاقات تاريخية، وتشديده على التزام حكومته طيلة السنوات الأخيرة بالإبقاء على علاقات طيبة بين الشعبين، وفي المجالات الاقتصادية والتجارية رغم الخلافات السياسية.
ولفت الباحث في الشؤون التركية إلى أن هذه التصريحات «تجسد توجه الدولة المصرية نحو انفتاح أكبر مع تركيا»، مشيرا إلى أهمية التعاون الاقتصادي في دفع العلاقات بين القاهرة وأنقرة قدما في مسارات عدة، وأضاف أن عقد لقاء بين رئيسي البلدين خلال الفترة المقبلة «لن يكون أمرا مستغربا» على حد تعبيره.
ما الخطوة المقبلة بين مصر وتركيا؟
ما الخطوة المقبلة بين مصر وتركيا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة