ما الخطوة المقبلة بين مصر وتركيا؟

مصافحة إردوغان والسيسي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح مونديال قطر في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة إردوغان والسيسي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح مونديال قطر في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT
20

ما الخطوة المقبلة بين مصر وتركيا؟

مصافحة إردوغان والسيسي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح مونديال قطر في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة إردوغان والسيسي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح مونديال قطر في نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

جدد اتصال هاتفي ثانٍ بين وزيري الخارجية المصري والتركي في أقل من ثلاثة أسابيع، تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين، بعد سنوات من التوتر والجمود.
وتباحث وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو هاتفيا مع نظيره المصري سامح شكري (السبت) للمرة الثانية بعد الزلزال الذي ضرب الأراضي التركية والسورية في 6 فبراير (شباط) الحالي.
وأفادت وزارة الخارجية التركية، في بيان مقتضب لها، أن الوزيرين «تناولا الوضع الأخير فيما يتعلق بالزلازل التي شهدتها تركيا».
وكان وزير الخارجية المصري قد اتصل بنظيره التركي في السابع من فبراير الحالي، معرباً عن تضامن بلاده مع تركيا، وأكد أن القاهرة سترسل مساعدات إغاثة عاجلة إلى تركيا وسوريا، بحسب تغريدات للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية.
كما أجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، اتصالا في الثامن من فبراير الحالي، بنظيره التركي رجب طيب إردوغان للتعزية في ضحايا الزلزال والإعراب عن استعداد مصر لتقديم جميع أوجه المساعدة المطلوبة في هذا الشأن.
وكان ذاك الاتصال هو الأول بين الرئيسين، بعد المصافحة بينهما في نوفمبر الماضي، على هامش المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم بقطر.
وقدم الرئيس التركي الشكر لنظيره المصري على هذه المشاعر الطيبة، مشيراً إلى أنها تؤكد عمق الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين المصري والتركي «الشقيقين»، وفقاً لبيان رسمي تركي.
وأرسلت مصر إلى تركيا بالفعل أطنانا من المساعدات الإغاثية، عبر طائرات وسفن عسكرية، حسبما أعلن المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، العقيد أركان حرب غريب عبد الحافظ، في وقت سابق، والذي أشار إلى أن المساعدات ساهمت فيها مؤسسات رسمية مصرية، إلى جانب مؤسسات شعبية ومدنية مثل الأزهر الشريف، وجمعية الهلال الأحمر، وصندوق تحيا مصر.
من جانبه، أكد كرم سعيد، الباحث المتخصص في الشؤون التركية، أن الاتصال بين وزيري الخارجية المصري والتركي «يؤكد حرص البلدين على استمرار التواصل، وانتقال العلاقات بين البلدين إلى مستويات أكثر تقدماً».
وأضاف سعيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن الدبلوماسية الإنسانية التي اتبعتها القاهرة في التعامل مع أزمة زلزال 6 فبراير «قد تم تجاوزها»، رغم أنها أتت ثمارها في تحقيق تقارب واضح، وأن استمرار التواصل «يفتح الطريق أمام مزيد من الخطوات بعد تهيئة المناخ في البلدين رسميا وشعبيا».
وأشار الباحث في الشؤون التركية إلى أن العديد من القضايا الخلافية بين البلدين «شهدت تحسنا»، وفي مقدمتها ملف تنظيم «الإخوان»، الذي «لم يعد ذا قيمة كبيرة بالنسبة للقاهرة» بعد بروز تيارات «تأكل بعضها بعضاً» على حد وصفه.
وأوضح سعيد أن التطورات الإيجابية بين اليونان وتركيا في أعقاب كارثة الزلزال «رفعت كثيرا من الحرج عن القاهرة» في ملف شرق المتوسط، بعد زيارة وزير الخارجية اليوناني إلى تركيا وإرسال مساعدات وفرق إغاثة يونانية وترحيب السلطات التركية بالموقف اليوناني.
واعتبر سعيد الملف الليبي هو «الأهم» في مسار العلاقات المصرية التركية، مشيرا إلى أن هناك «تحركات إيجابية» باتجاه إجراء الانتخابات، وتصعيد أطراف متوازنة لا تميل إلى قوى إقليمية بعينها، لكنها تستطيع الحفاظ على المصالح الحيوية للأطراف المعنية في الإقليم.
واتفق محسن عوض الله، الباحث في الشؤون التركية، مع التحليل السابق، مشيرا إلى أن تطور الأحداث خلال الأشهر الأخيرة «سيقود في النهاية لاستعادة العلاقات الكاملة بين الطرفين»، خاصةً في ظل انتهاء مسببات الخلاف والتزام تركيا بشكل كبير بتحجيم عناصر تنظيم «الإخوان» على أراضيها وطرد من لم يلتزم منهم خارج حدودها.
وتابع عوض الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» القول إن الأوضاع «مرشحة لمزيد من التعاون»، خاصةً بعد تصريحات رئيس الوزراء المصري خلال اجتماعه في القاهرة مع عدد من رجال الأعمال الأتراك وتأكيده أن مصر وتركيا تتمتعان بعلاقات تاريخية، وتشديده على التزام حكومته طيلة السنوات الأخيرة بالإبقاء على علاقات طيبة بين الشعبين، وفي المجالات الاقتصادية والتجارية رغم الخلافات السياسية.
ولفت الباحث في الشؤون التركية إلى أن هذه التصريحات «تجسد توجه الدولة المصرية نحو انفتاح أكبر مع تركيا»، مشيرا إلى أهمية التعاون الاقتصادي في دفع العلاقات بين القاهرة وأنقرة قدما في مسارات عدة، وأضاف أن عقد لقاء بين رئيسي البلدين خلال الفترة المقبلة «لن يكون أمرا مستغربا» على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
TT
20

تدمير المركز الوحيد في العالم لأبحاث «المايستوما» بالسودان

مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)
مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم (موقع المركز)

أعلنت منظمة الصحة العالمية الخميس أن المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة، قد دُمّر في الخرطوم بسبب الحرب في السودان.

وصرح مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان لوكالة الصحافة الفرنسية الخميس «لقد تضرر مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم بشدة جراء الحرب وتعرض لدمار كبير». واندلع النزاع في السودان بين الحليفين السابقين، عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ونائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع في 15 أبريل (نيسان) 2023 وسرعان ما امتدت الاشتباكات التي بدأت في الخرطوم إلى معظم ولايات البلد المترامي الأطراف.

وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى وأدت إلى تشريد 13 مليون شخص متسبّبة، وفق الأمم المتحدة، بأكبر أزمة إنسانية في التاريخ الحديث من دون أن تلوح لها نهاية في الأفق. وقد تسببت أيضا بانهيار النظام الصحي.

وفي مقطع فيديو يظهر مركز الأبحاث متضررا بشكل كبير، إذ يمكن خصوصا رؤية أسقف منهارة ورفوف مقلوبة ووثائق متناثرة. وقال أحمد فحل مؤسس المركز «فقدنا كل المحتوى الموجود في بنوكنا البيولوجية وكانت فيها بيانات منذ أكثر من 40 سنة»، مضيفا أن هذا وضع «يصعب تحمله».

ولا يزال متعذرا على السلطات الصحية الوصول إلى موقع المركز، ما يحول دون «إجراء أي تقييم للأضرار»، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وأكدت المنظمة أن المركز الذي تأسس عام 1991 برعاية جامعة الخرطوم هو الوحيد في العالم المخصص لدراسة الورم الفطري. وكان المركز يستقبل كل عام 12 ألف مريض، وفقا لمؤسسه.

في عام 2019، أجرى المركز أول تجربة سريرية في العالم على هذا الورم، بدعم من منظمة الصحة العالمية والحكومة السودانية. وقد عالجت عيادة موقتة في كسلا، في شرق البلاد، 240 مريضا مصابين بالورم الفطري، وفق منظمة الصحة العالمية.

وأُعيد افتتاح مركز طبي آخر في قرية ود أونسة في جنوب شرق البلاد. ويتلقى كلا المرفقين دعما من وزارة الصحة، لكنهما يواجهان تحديات تمويلية كبيرة، حسب منظمة الصحة العالمية. ويمكن للورم الفطري الذي تسببه بكتيريا أو فطريات موجودة في التربة أو الماء، أن يؤدي إلى تآكل العظام.

في عام 2016، صنفت منظمة الصحة العالمية مرض المايستوما الذي يؤثر خصوصا في الفئات السكانية المحرومة وكذلك المزارعين والعمال والرعاة في البلدان النامية، على أنه من بين «الأمراض المدارية المُهمَلة».