تجارة المواد الغذائية تحقق أرباحاً قياسية نتيجة الارتفاع المستمر للأسعار

شركة أميركية تحقق أفضل نتائجها منذ 157 عاماً

حقل قمح بمحافظة المنوفية شمال القاهرة وسط ارتفاعات قياسية في أسعار الحبوب (رويترز)
حقل قمح بمحافظة المنوفية شمال القاهرة وسط ارتفاعات قياسية في أسعار الحبوب (رويترز)
TT

تجارة المواد الغذائية تحقق أرباحاً قياسية نتيجة الارتفاع المستمر للأسعار

حقل قمح بمحافظة المنوفية شمال القاهرة وسط ارتفاعات قياسية في أسعار الحبوب (رويترز)
حقل قمح بمحافظة المنوفية شمال القاهرة وسط ارتفاعات قياسية في أسعار الحبوب (رويترز)

في الوقت الذي يواجه فيه العالم أزمة في الإمدادات الغذائية، مع زيادة نسبة وحجم الجوع حول العالم، تحقق شركات التجارة الغذائية أرباحاً قياسية، مع اضطراب الإمدادات وشح المعروض، مما يعرض الأمن الغذائي بعدد من الدول للخطر.
حققت الشركات الأربع الكبرى التي تهيمن على التجارة العالمية للحبوب، أرباحاً استثنائية منذ عام 2021 بفضل فورة الأسعار، وهي متهمة بالافتقار إلى الشفافية في ظل الأزمة الغذائية.
بلغت أسعار القمح والذرة والزيوت النباتية مستويات قياسية في مايو (أيار) 2022 في أسواق عمّتها البلبلة؛ نتيجة تفشي وباء «كوفيد - 19»، ثم الحرب في أوكرانيا. وإن تدنت منذ ذلك الحين، فإنها تبقى مرتفعة بمستويات تاريخية.
ولفتت جينيفر كلاب، الخبيرة الاقتصادية المتخصصة في الأمن الغذائي في جامعة واترلو في كندا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أن شركات «آرتشر دانيالز ميدلاند (إيه دي إم)»، و«بانج»، و«كارغيل»، و«لويس دريفوس» المعروفة بالأحرف الأولى من أسمائها «إيه بي سي دي»، «تسيطر على ما بين 70 و90 في المائة من تجارة الحبوب في العالم».
وتوضح الأرقام أن الشركة الأميركية العملاقة «كارغيل»، كبرى شركات التجارة بالمواد الغذائية في العالم، حققت أفضل نتائجها منذ 157 عاماً بحسب وكالة «بلومبرغ»، حيث جنت 6.68 مليار دولار من الأرباح الصافية، بزيادة 35 في المائة في ختام سنتها المالية 2021 - 2022 التي انتهت في 31 مايو.
كذلك كان عام 2022 استثنائياً لشركة «إيه دي إم» الأميركية التي حققت أرباحاً صافية قياسية وصلت إلى 4.34 مليار دولار بزيادة 60 في المائة.
وأعلنت المنظمة السويسرية غير الحكومية «بابليك آي (Public Eye)» في منتصف يناير (كانون الثاني) أن «في وقت يواجه فيه الأمن الغذائي وأمن الطاقة لملايين الأشخاص تهديداً بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواد الأولية، يحقق التجار أرباحاً قياسية».
وقالت جينيفر كلاب: «إن كانت (الشركات) اشترت كميات من القمح في يناير 2022 تسليم بعد ثلاثة أشهر، قبل أن ترتفع الأسعار بسبب الحرب، فهي تمكنت من بيعها لاحقاً بسعر أعلى بكثير».
ولم يتراجع الطلب على الحبوب منذ ذلك الحين، وقال غريغ هيكمان رئيس مجلس إدارة شركة «بانج» في فبراير (شباط): «نبقى في موقع جيد للاستفادة من فرص الارتفاع التي تنتظرنا».
وأشارت «كارغيل» إلى أن الشركة ليست من «يحدد أسعار المواد الغذائية»، نافية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن تكون «استفادت من الأزمة»، بل أكدت أنها أسهمت في استقرار النظام الغذائي العالمي بدفع مساعدات بقيمة تقارب 162 مليون دولار لمنظمات إنسانية.
وتشير الشركات الأربع كذلك إلى الارتفاع الكبير في تكاليفها، من أسعار الأسمدة الأزوتية إلى النقل البحري، مروراً بالمحروقات.
فهذه الشركات الأربع غير المعروفة كثيراً من الجمهور العريض لا تكتفي بلعب دور الوسيط، بل أوضحت «إيه دي إم» أن أنشطتها «تمتد من دالاس إلى دلهي»، إذ تملك أراضي وتؤمّن بذوراً وأسمدة للمزارعين وتشتري محاصيلهم من الحبوب، ثم تنقلها في سفن وتخزنها وتعيد بيعها.
ولفتت جينيفر كلاب إلى أنها تملك بالتالي «امتيازاً في الوصول إلى المعلومات» حول المحاصيل وحاجات العالم إلى الحبوب، ما يمنحها موقعاً مهيمناً.
وقال بات موني، مؤسس منظمة «إي تي سي» الكندية غير الحكومية، وخبير عمليات التركيز في الصناعات الغذائية: «من المستحيل القول: لن أتعامل مع (كارغيل) أو (إيه دي إم)». ولم تشأ «إيه دي إم» و«لويس دريفوس» و«بانج» التعليق رداً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية».
ورأى بات موني أن «شركات (إيه بي سي دي) لم تقم بمهمتها الأساسية، وهي ضمان وصول الطعام إلى الأشخاص الذين يحتاجون إليه بسعر مستقر».
غير أن أرباحها الطائلة لم تواجه التنديد ذاته الذي واجهته الشركات النفطية الكبرى بسبب أرباحها الطائلة.
ولفتت «مجموعة الخبراء الدولية حول الأنظمة الغذائية المستدامة (IPES-Food)»، وبين أعضائها جينيفر كلاب وبات موني، إلى أن فرض ضريبة خاصة تؤيدها منظمة «أوكسفام» الخيرية يمكن أن يصحح بعض الثغرات، لكن مفعول هذه الضريبة سيكون مؤقتاً.
وقال الخبراء في تقرير إن الشركات الأربع الكبرى «غير ملزمة بكشف ما تعرفه عن الأسواق العالمية، بما في ذلك مخزونها هي نفسها من الحبوب».
وهذا الغموض يشجع، برأيهم، المضاربة وقد يشجع الشركات على «تأخير عملياتها ما دامت الأسعار لا يبدو أنها بلغت مستوى الذروة».
وأكد بات موني: «حان الوقت للمطالبة بتحليل دقيق للسلسلة الغذائية. كيف يمكن تحسين نظام لا يعمل لصالح الذين يزرعون ولا الذين هم بحاجة إلى الغذاء؟ هذه ثالث أزمة غذائية في القرن (بعد 2008 و2011) والمشكلة سوف تطرح مجدداً».


مقالات ذات صلة

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

الاقتصاد عمال يرصُّون أجولة من السكر لشحنها في ميناء بولاية غوجارات الهندية (رويترز)

السكر يقود قفزة شاملة بأسعار الغذاء العالمي في سبتمبر

أظهرت بيانات أن مؤشر أسعار الغذاء العالمية قفز في سبتمبر (أيلول) مسجلاً أكبر زيادة له في 18 شهراً بدعم من ارتفاع أسعار السكر.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون لتلقي المساعدات بما في ذلك الإمدادات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي خارج مركز توزيع تابع للأمم المتحدة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في جباليا شمال قطاع غزة 24 أغسطس 2024 (رويترز)

مصادر: تراجع المساعدات الغذائية لغزة بعد قواعد إسرائيلية جديدة

قالت مصادر مشاركة في توصيل البضائع إلى غزة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الإمدادات الغذائية للقطاع تراجعت بصورة حادة في الأسابيع القليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك رجل يختار حبات من الفواكه في إحدى الأسواق (أرشيفية - رويترز)

أطعمة تساعد على تقليل الالتهابات بصورة طبيعية

يصف بعض الخبراء أحياناً الالتهابات بأنها شر لا بد منه، لأنها تعد الرد الأساسي من الجهاز المناعي للجسم حتى يبقى في دائرة الأمان ويشفى من الأمراض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد إحدى مزارع إنتاج الدواجن في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تُحقق قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول

حققت السعودية قفزة جديدة في حجم إنتاج لحوم الدواجن خلال النصف الأول من 2024، بتسجيلها رقماً قياسياً بلغ 558 مليون كيلوغرام.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
TT

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)
أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

كان الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي «البنك الجديد للتنمية»، الذي عقد يوم 31 أغسطس (آب) الماضي في كيب تاون بجنوب أفريقيا، وافق رسمياً على انضمام الجزائر إلى هذه المؤسسة.

لكن تبون، الذي كان يتحدث لوسائل إعلام محلية ضمن لقاء دوري، مساء السبت، أكد أنه لا يفكر في الانضمام إلى التكتل الاقتصادي «بريكس»؛ بسبب مواقف بعض أعضاء هذه المجموعة.

واستطرد: «كنا نريد الدخول إلى (بريكس) ككتلة، غير أن بعض الأعضاء قاموا بعرقلة انضمام الجزائر. وتيقنوا أنهم لن يؤثروا فيها ولا في نخوتها. ومن عارضوا دخول الجزائر أفادوها. وأصدقاؤنا يبقون أصدقاءنا».

من جهة أخرى، كشف تبون عن أن الأولوية حالياً هي لبناء «اقتصاد قوي، وجعل الجزائر في مناعة من التقلبات الدولية، ثم التوجه لبناء ديمقراطية حقة».

وأكد تبون أن غايته الرئيسية هي ليس جعل كل الجزائريين أغنياء، ولكن ضمان العيش لهم بكرامة وانتشالهم من الفقر، مشدداً على التزامه بألا ينقص المواطن أي شيء.

وأبرز أن الجهود ترتكز حالياً على ضمان الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية كالقمح والشعير، لافتاً إلى تغطية 80 في المائة من الحاجيات الوطنية من القمح خلال العام الحالي بفضل الإنتاج المحلي.

ونوه بأن إقامة مناطق حرة مع دول الجوار ستحدّ من المضاربة في السلع، مستدلاً بالمنطقة الحرة مع موريتانيا وقريباً مع النيجر ثم تونس وليبيا.