فيما تسعى معظم القوى النافذة بالبرلمان، وفي مقدمتها قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، إلى إجراء تغيير جوهري على قانون الانتخابات والعودة به إلى صيغة قانون «سانت ليغو» القديم، يناضل «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر ومعظم القوى المدنية والعلمانية والأحزاب الصغيرة، على جبهة الإبقاء على القانون الحالي الذي تمت بموجبه الانتخابات البرلمانية بدورتها الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وأدى اعتماد نظام الدوائر المتعددة إلى صعود أكبر المرشحين الفائزين ضمن الدائرة الواحدة إلى البرلمان، فيما لا يشترط ذلك قانون «سانت ليغو» الذي اعتمد في معظم الدورات السابقة، وكان يمكن في ضوئه حصول أكبر الخاسرين على مقعد برلماني بالنظر لفوز قائمة ائتلافه أو حزبه بأعلى عدد من الأصوات ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة، وعادة ما تكون محافظة، مثل بغداد أو غيرها. والصيغة الأخيرة التي تسمح بفوز الخاسرين هي النقطة الجوهرية التي كانت وما زالت محل اعتراض الشخصيات المستقلة والأحزاب الصغيرة، لأنها تسمح للقوى الكبيرة بابتلاع معظم أصوات الناخبين. أما بالنسبة للصدريين فإنهم يريدون الإبقاء على قانون الدوائر المتعددة بحكم الانضباط الكبير الذي يطبع المتعاطفين والموالين لتيار، وقد حققوا فعلاً فوزاً بأعلى المقاعد البرلمانية في الانتخابات الأخيرة (72 مقعداً)، قبل أن يقرر مقتدى الصدر انسحاب نوابه في أغسطس (آب) 2022.
و«سانت ليغو» طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، والغاية من هذه الصيغة توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، بطريقة أكثر عدالة. لكن التجربة العراقية، أثارت جدلاً بعد استخدام هذه الصيغة لأول مرة في الانتخابات البرلمانية عام 2014، وكان من نتائجها أن حصلت القوائم الصغيرة على مقاعد محدودة، ما أثار السخط، خصوصاً من جانب المستقلين والقوى المدنية.
حملة الاعتراضات على تعديل القانون التي يشنها الصدريون وغيرهم، يبدو أنها وجدت سنداً لها في خطبة لممثل مرجعية النجف الشيخ عبد المهدي الكربلائي قبل سنوات، حين قال في إحدى خطبه: «نقول ونبين رأي المرجعية ونقول: لا لنظام القائمة المغلقة، لا لنظام الدائرة الانتخابية الواحدة، هذه مسألة خطيرة ولا نريد تكرار التجربة الفاشلة في القائمة المغلقة، وكذلك نقول: لا للدائرة الواحدة».
وفي سياق المواقف الصدرية، أعلن نائب رئيس البرلمان المستقيل والقيادي في «التيار الصدري» حاكم الزاملي، اعتراضه على تعديل قانون الانتخابات. ونشر الزاملي عبر «تويتر» مقطع فيديو لممثل المرجعية الدينية عبد المهدي الكربلائي، وكتب عليه: «لا للقائمة المغلقة، لا للدائرة الواحدة».
وإلى جانب تذكير الزاملي بخطبة مرجعية النجف، عمد كثير من الناشطين إلى إعادة نشر الخطبة على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، أمس، وقال الناطق الرسمي لحركة «وعي» حامد السيد، إن «سعي قوى الإطار وحلفائه في تجاوز إرادة النجف ومرجعيتها بالعودة لسانت ليغو، جاء نتيجة فشلها في الحفاظ على حاضنتها الشيعية».
وإلى جانب الاعتراض على صيغة القانون التي تجري بضوئها العملية الانتخابية، تعترض أطراف غير قليلة على ذهاب التعديل الجديد إلى الدمج بين الانتخابات البرلمانية العامة والانتخابات المحلية في قانون وصيغة واحدة.
كان النائب حيدر المطيري، أعلن، أول من أمس، جمع أكثر من 70 توقيعاً نيابياً لسحب مقترح تعديل قانون الانتخابات المحلية. وقال خلال مؤتمر صحافي: «نعترض بشدة على تعديلات قانون انتخابات مجالس المحافظات، وهي غير منسجمة مع تطلعات الشعب العراقي الساعي للتغيير. إن مقترح قانون انتخابات مجالس المحافظات يكرس استمرار وبقاء السلطة في يد جهة دون أخرى والالتفاف على أصوات الناخبين العراقيين».
وفيما يبدو محاولة منها لتقليل الضغط على البرلمان الذي يناقش نسخة التعديل الجديد، ترى لجنة الأقاليم في البرلمان، أنَّ مقترح قانون مجالس المحافظات بمثابة نقطة الشروع لمناقشته.
وقال عضو اللجنة محمد الشمري في تصريحات صحافية، إنَّ «قانون مجالس المحافظات الذي قرئ قراءة أولى، ولم يُبدأ بالتعديل بعد، ما زالت اللجنة تنتظر الآثار التي تترتب عليه والتعديلات المقترحة من النواب، ومن ثم إجراء التغييرات لحين الوصول إلى صيغة نهائية للقانون».
الصدريون يلوذون بموقف النجف لرفض تعديل قانون الانتخابات
الصدريون يلوذون بموقف النجف لرفض تعديل قانون الانتخابات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة