قمة الاتحاد الأفريقي... تطلعات قارية في «مناخ ملتبس»

الدورة الـ36 دفعت باتجاه تعزيز التعاون

مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا (شاترستوك)
مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا (شاترستوك)
TT

قمة الاتحاد الأفريقي... تطلعات قارية في «مناخ ملتبس»

مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا (شاترستوك)
مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا (شاترستوك)

تتوسط أفريقيا خريطة العالم، إلا أنها تشهد اليوم تنافساً دولياً غير مسبوق، وتشوه ملامحها عشرات الصراعات المسلحة، وتزيدها تغيرات المناخ وأزمات العالم نحولاً وهزالاً. هذه الأجواء ربما أضفت مزيداً من الاهتمام بالقمة الـ36 للاتحاد الأفريقي، التي استضافتها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (مقر الاتحاد) خلال الفترة من 17 إلى 19 فبراير (شباط) الحالي، بحضور 35 رئيس دولة و4 رؤساء حكومات، ووفود ممثلة لدول القارة جميعاً. بيد أن الواقع يشير إلى أن تلك الأجواء لم تكن وحدها السبب وراء الاهتمام بأعمال ونتائج القمة. القمة «العادية» ربما مثلت هذا العام فرصة «غير عادية» لإعادة النظر في سياسات العمل الأفريقي المشترك، بعدما أتم الاتحاد الأفريقي عقده الثاني، ومضى على ميلاد المنظومة الأفريقية الأم (منظمة الوحدة الأفريقية) 6 عقود كاملة. وهي مناسبة يراها كثيرون فرصة سانحة لمراجعة الماضي، ونقطة ارتكاز لانطلاق نحو المستقبل، يسعى إلى تغيير واقع القارة التي تموج بصراعات محتدمة داخلها، أو من حولها، ويحقق حلم «الآباء المؤسسين» في ستينات القرن الماضي بأن ينال أبناء القارة السمراء ما يكفيهم من «الخبز والحرية».

«التحديات»... ربما هي الكلمة الأكثر تردداً في الخطاب الأفريقي على مدى السنوات الماضية، مع أن القمة الـ36 سعت إلى الحديث عن «الفرص». مع هذا، الكلام عن الفرص لم يستطع إغفال الهواجس والمخاوف القائمة نتيجة أزمات العالم المحتقن بفعل الحرب الروسية - الأوكرانية، وقبلها تداعيات جائحة «كوفيد - 19»، التي أدت إلى تفاقم أزمات القارة، لا سيما على مستوى تدهور أمنها الغذائي. إذ تفاقم تراكم الأزمات نتيجة الحرب والجائحة، وتزايدت معاناة القارة، التي تمتلك 60 في المائة من مساحات الأراضي القابلة للزراعة عالمياً، لكنها تتصدر في الوقت ذاته لائحة المناطق الأكثر استيراداً لغذائها.
هذا الواقع جعل أفريقيا القارة الأكثر عُرضة للمجاعات، فضلاً عن كونها، وفقاً للبنك الدولي، موطناً لأكثر من 60 في المائة من فقراء العالم المدقعين. وإذا أضفنا تصاعد أعمال العنف والإرهاب، وانتشار التنظيمات المتشددة التي تُحاصر القارة شرقاً وغرباً، وتُضاعِف موجات اللاجئين والمهاجرين، وتزيد من خسائر غياب التنمية، واتساع رقعة التحولات «غير الدستورية»، ستطول لائحة «التحديات» التي تواجهها أفريقيا وتنوء تحت ثقلها.

- منطقة التجارة الحرة
القمة الأفريقية التي تولى رئاستها رئيس جزر القُمُر خلفاً لنظيره السنغالي، جاءت تحت شعار «تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة الأفريقية القارية»، وسط تحديات اقتصادية بالغة الخطورة تواجه شعوب القارة. وسعى المجتمعون إلى تجاوز التباطؤ الذي اعترى إجراءات تنفيذ تلك السوق، منذ وقّع القادة الأفارقة اتفاق تأسيسها عام 2018 في العاصمة الرواندية (كيغالي)، ودخلت حيز التنفيذ في 30 مايو (أيار) 2019. إلا أنها منذ ذلك الحين، تواجه عثرات داخلية بسبب قلة توافق الأنظمة المالية والتجارية للدول الأفريقية، وزادت الأزمات الدولية، وخصوصاً «كوفيد - 19»، المشروع تعثراً.
كان طموح القادة الأفارقة أن يكون قرارهم بتخصيص 2023 «عام منطقة التجارة الحرة القارية» طوق نجاة لتلك السوق التي من المتوقع، بحسب تقرير للبنك الدولي، أن تُخرج في حال تطبيقها بالكامل 50 مليون أفريقي من الفقر المدقع، وترفع المداخيل بنسبة 9 في المائة بحلول 2035. في حين وصفت مفوضية الاتحاد الأفريقي في بيان قبيل القمة، اتفاق التجارة الحرة بأنه «سيغير قواعد اللعبة»، وسيخرج 30 مليون شخص من الفقر المدقع، و68 مليون شخص من الفقر المعتدل، وتزيد دخل أفريقيا بمقدار 450 مليار دولار بحلول عام 2035.
وهنا نشير إلى أن القادة توافقوا على «اتفاقية التجارة الحرة» التي تعد واحداً من 15 مشروعاً رئيسياً لأجندة 2023 للاتحاد الأفريقي، ووقعت 54 دولة أفريقية على الاتفاقية، بينما كانت إريتريا الدولة الوحيدة التي رفضتها.
وتنص «الاتفاقية» على إنشاء سوق قارية واحدة للسلع والخدمات، وحرية حركة رجال الأعمال والاستثمارات، وتطوير البنية التحتية المادية والرقمية. ويفترض أن تضم 1.3 مليار شخص، مع إجمالي ناتج محلي قدره 3.4 تريليون دولار، بحيث تصبح أكبر سوق في العالم، وتسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الأساسية لدول القارة، مثل الأدوية والأغذية والأسمدة، إضافة إلى توفير مزيد من الفرص للنساء والشباب للحد من الفقر وعدم المساواة.
ولفتت المفوضية إلى أن «منطقة التجارة الحرة القارية» الأفريقية ستعزز التجارة بين الدول الأفريقية بنسبة 60 في المائة بحلول عام 2034، بينما لا تتجاوز تلك النسبة حالياً 15 في المائة من السلع والخدمات، مقارنة بأكثر من 65 في المائة مع دول أوروبية، إضافة إلى إحداث طفرة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تحتاجها القارة لتنويع صناعاتها.

- أحلام كبيرة... وواقع صعب
هذه الطموحات الواعدة لن تجد في سبيل تحقيقها طريقاً معبدة، بل ربما تصطدم بواقع غير مواتٍ في عديد من الدول الأفريقية، وربما أيضاً في البيئة الدولية. وهي بيئة «مجحفة» بالنسبة لأفريقيا على حد وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي شارك في القمة، وقال إن أفريقيا تواجه «نظاماً مالياً عالمياً غير فعال ومجحف». وإن ذلك ربما يكون من تحديات القارة العديدة التي حُرم كثير من دولها من الإعفاء من الديون، والتمويل الميسر الذي تحتاجه، وفُرضت عليها أسعار فائدة، اعترف غوتيريش بأنها «ابتزازية».
وحقاً تضاعفت ديون البلدان الأفريقية 5 مرات خلال الفترة بين عام 2000 ونهاية 2022، لتصل إلى نحو تريليون دولار، وسط توقع تخلف واسع عن السداد في العام الحالي.
وتلتهم أقساط الديون - بحسب تقارير أممية - نحو 100 مليار دولار سنوياً من ميزانيات الدول الأفريقية، وتستقطع أكثر من 15 في المائة من الناتج الإجمالي.
ولقد تخلفت غانا عن سداد ديونها الدولية العام الماضي، بينما أعلنت نيجيريا عجزها عن تسديد متأخرات تصل إلى 50 مليار دولار من إجمالي ديونها البالغة 102 مليار دولار. وخفضت أيضاً مؤسسات دولية مرموقة التصنيفات الائتمانية لعدد من البلدان الأفريقية، الأمر الذي يزيد من معدلات الفوائد على قروضها.
وفي هذا السياق، يعترف خبراء اقتصاديون بالاتحاد الأفريقي، عقدوا جلسة تشاورية بدعوة من مفوضية الاتحاد والبنك الأفريقي للتنمية، على هامش القمة السادسة والثلاثين، بأن تغيير واقع القارة «يتطلب الحفاظ على معدلات نمو سنوية لا تقل عن 7 إلى 10 في المائة خلال السنوات الـ40 المقبلة إذا أُريد لخطة 2063 أن تتحقق»، وهو ما يبدو «حلماً» بالنظر إلى معدلات النمو الحالية التي لا تزيد على 3.5 في المائة في معظم الدول الأفريقية.
وهنا يوضح البروفسور كيفين أوراما، كبير الاقتصاديين بالإنابة ونائب رئيس البنك الأفريقي للتنمية، أن أداء النمو الحالي لأفريقيا «ليس كافياً للقضاء على الفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وخطة 2063»، لافتاً إلى أنه «لم تحقق أية دولة أفريقية معدلات نمو ثابتة لعقود طويلة من النمو».
هذا الواقع الأفريقي الصعب، لا يقتصر على البعد الاقتصادي، بل يزداد قسوة عند تأمل خريطة الصراعات المسلحة في القارة، حيث تتسع مساحة النزاعات بشكل لافت لأسباب دينية أو قبلية أو بحثاً عن الثروة والسلطة. وهذا فضلاً عن تفشي التنظيمات الإرهابية التي تستفيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية، والتفتت العرقي في عديد من بلدان القارة.
للعلم، الاتحاد الأفريقي كان قد تبنّى مبادرة «إسكات البنادق» عام 2013 بوصفه أحد محاور الخطة العشرية لأجندة 2063، الهادفة إلى جعل أفريقيا آمنة بحلول 2020 عبر إنهاء الحروب والنزاعات الأهلية جميعاً، ووأد كل ممارسات العنف القائم بسبب العرق أو الجنس أو اللون. إلا أن الفشل الواضح في تحقيق هذا الهدف دفع إلى تمديد المبادرة إلى عام 2023، ثم اتخذ القادة الأفارقة قراراً بتمديدها إلى 2030، وهو ما يعكس حقيقة أن توفير الأمن لا يزال معضلة حقيقية في القارة. إذ إنه بين 41 صراعاً مستمراً حتى الآن في مختلف بقاع الأرض، يدور 23 منها داخل القارة السمراء، بما يمثل 56 في المائة من صراعات العالم الممتدة، بحسب تقرير لـ«مجموعة الأزمات الدولية».
وخلال الفترة من 2012 إلى 2020 ازدادت أعمال العنف في القارة بمعدل أربعة أضعاف، من 508 عمليات عام 2012 إلى 2034 في 2020، وفق تقديرات «المركز الأفريقي لدراسات وبحوث الإرهاب»، التابع للاتحاد الأفريقي ومقره الجزائر.

- تعليق وطرد
من جهة أخرى، فإن قمة الاتحاد الأفريقي لم تحفل فقط بالمناقشات، بل شهدت أيضاً مجموعة من القرارات والمواقف اللافتة. وتكررت قرارات «تعليق العضوية» بحق عدد من الدول، سواء تلك المنتمية إلى القارة، أو حتى التي جاءت من خارجها بحثاً عن موطئ قدم لتعزيز النفوذ.
قرار «التعليق» الأول كان من نصيب 4 دول أفريقية هي: بوركينا فاسو ومالي وغينيا والسودان، التي أخفقت مساعيها في العودة إلى المنظمة القارية. فقد أظهر قادة الاتحاد الأفريقي تشدداً واضحاً وتأكيداً لـ«رفضهم المطلق التسامح» إزاء «التغييرات غير الدستورية»... وهو الوصف الأكثر لطفاً لمصطلح «الانقلابات» الذي بات تكراره خلال الآونة الأخيرة «مزعجاً» للقارة التي كان إرساء الديمقراطية من أهدافها الأولى منذ موجة الاستقلال في منتصف القرن الماضي.
أما قرار «التعليق» الثاني، فقد كان من نصيب إسرائيل، مقترناً بـ«طرد» شارون بار لي، نائبة الشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية والوفد المرافق لها خارج قاعة «نيلسون مانديلا» التي انتظمت فيها أعمال الجلسة الافتتاحية للقمة.
ولم تكن واقعة الطرد، التي أثارت تنديداً إسرائيلياً وهجوماً على عدة دول مثل إيران والجزائر وجنوب أفريقيا، مجرد واقعة منزوعة السياق، بل جاءت وسط جلسة شهدت إلقاء خطابين عربيين للأمين العام لجامعة الدول العربية، ولرئيس الوزراء الفلسطيني، وبيان ختامي حفل بعبارات الدعم والمساندة للقضية الفلسطينية.
ولقد أعادت هذه الواقعة الكلام عن محاولات إسرائيل بسط نفوذها في القارة، حيث إن لديها حالياً علاقات دبلوماسية مع 46 دولة أفريقية. وكانت بعد تأسيس الاتحاد الأفريقي عام 2002، قد تقدمت بطلبين للحصول على صفة «عضو مراقب» في الاتحاد مرتين، عامي 2003 و2016، إلا أن الطلبين قوبلا بالرفض. وتجدد الأمر عام 2020 للمرة الثالثة، وهو المطلب الذي استجاب له موسى فقي، رئيس المفوضية الأفريقية، من دون التشاور مع الدول الأعضاء، الأمر الذي تسبب في أزمة عام 2021، وتقرر «تعليق» عضوية إسرائيل، وتشكيل لجنة من 7 رؤساء دول لدراسة الموقف.
اليوم، تبدو المساعي الإسرائيلية جزءاً من تحركات إقليمية ودولية لتعزيز الحضور في أفريقيا. ذلك أن هناك تنافساً يزداد عمقاً واتساعاً بين الولايات المتحدة - التي استضافت قمة حضرها 49 زعيماً أفريقياً نهاية العام الماضي - وروسيا، التي يُنتظر أن تستضيف قمة مشابهة منتصف العام الحالي، ناهيك عن اتساع رقعة المشروعات الصينية في أنحاء القارة، بعدما صارت بكين شريكاً اقتصادياً سخياً وموثوقاً، وحليفاً مهماً لمعظم دول القارة.
وفي حين يكثّف وزراء ومسؤولون بارزون من دول كبرى وقوى وتكتلات إقليمية ودولية تحركاتهم في أرجاء القارة، تتزايد وتيرة الاستقطاب الحاد. وهي تظهر عبر أدوات تتراوح بين توريد الأسلحة التي تعد الآن سلعة مطلوبة بشدة في قارة تشهد العدد الأكبر من النزاعات عالمياً، ووعود التنمية وتوفير الاحتياجات الغذائية في قارة يتنازع الجوع والفقر غالبية سكانها.


مقالات ذات صلة

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

أفريقيا هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

هل تنجح دعوات استعادة الجواهر الأفريقية المرصِّعة للتاج البريطاني؟

بينما تستعد بريطانيا لتتويج الملك تشارلز الثالث (السبت)، وسط أجواء احتفالية يترقبها العالم، أعاد مواطنون وناشطون من جنوب أفريقيا التذكير بالماضي الاستعماري للمملكة المتحدة، عبر إطلاق عريضة للمطالبة باسترداد مجموعة من المجوهرات والأحجار الكريمة التي ترصِّع التاج والصولجان البريطاني، والتي يشيرون إلى أن بريطانيا «استولت عليها» خلال الحقبة الاستعمارية لبلادهم، وهو ما يعيد طرح تساؤلات حول قدرة الدول الأفريقية على المطالبة باسترداد ثرواتها وممتلكاتها الثمينة التي استحوذت عليها الدول الاستعمارية. ودعا بعض مواطني جنوب أفريقيا بريطانيا إلى إعادة «أكبر ماسة في العالم»، والمعروفة باسم «نجمة أفريقيا»، وا

أفريقيا «النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

«النقد الدولي»: أفريقيا الخاسر الأكبر من «الاستقطاب العالمي»

مع تركيز مختلف القوى الدولية على أفريقيا، يبدو أن الاقتصادات الهشة للقارة السمراء في طريقها إلى أن تكون «الخاسر الأكبر» جراء التوترات الجيو - استراتيجية التي تتنامى في العالم بوضوح منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية. وتوقَّع تقرير صدر، (الاثنين)، عن صندوق النقد الدولي أن «تتعرض منطقة أفريقيا جنوب الصحراء للخسارة الأكبر إذا انقسم العالم إلى كتلتين تجاريتين معزولتين تتمحوران حول الصين وروسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في المقابل». وذكر التقرير أن «في هذا السيناريو من الاستقطاب الحاد، ما يؤدي إلى أن تشهد اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى انخفاضا دائماً بنسبة تصل إلى 4 في الما

أفريقيا السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

السعودية والاتحاد الأفريقي يبحثان وقف التصعيد العسكري في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فكي، اليوم (الثلاثاء)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاهية البلاد وشعبها. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية السعودي، برئيس المفوضية، وتناول آخر التطورات والأوضاع الراهنة في القارة الأفريقية، كما ناقش المستجدات والموضوعات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا «مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

«مكافحة الإرهاب» تتصدر الأجندة الأوغندية في «السلم والأمن» الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تؤرق غالبية دول القارة الأفريقية، الأجندة الأوغندية، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن، التابع للاتحاد الأفريقي، في شهر مايو (أيار) الجاري. ووفق المجلس، فإنه من المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان له، أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيناقش نتا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

مكافحة «الإرهاب» تتصدر أجندة أوغندا في مجلس الأمن الأفريقي

تتصدر جهود مكافحة ظاهرة «التطرف والإرهاب»، التي تقلق كثيراً من دول القارة الأفريقية، أجندة أوغندا، خلال رئاستها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في مايو (أيار) الحالي. ومن المقرر عقد اجتماع تشاوري في بروكسل بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي؛ لمناقشة النزاعات والأزمات في البحيرات الكبرى والقرن والساحل، والصراع المستمر في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومكافحة تمرد حركة «الشباب الإرهابية» في الصومال، والتحولات السياسية المعقدة، فضلاً عن مكافحة «الإرهاب» في بلدان منطقة الساحل، كبنود رئيسية على جدول الأعمال. وأوضح المجلس، في بيان، أنه سيناقش نتائج الحوار الوطني في تشاد، ولا سيما المسألتين ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

قادة غرب أفريقيا يعقدون قمة «عادية» لنقاش ملفات «استثنائية»

رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)
رئيس مفوضية «إيكواس» أليو عمر توري خلال اجتماع في مقر المنظمة بأبوجا 11 ديسمبر (د.ب.أ)

يعقد قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، الأحد، قمة «عادية» تشارك فيها 12 دولة من أصل 15، هم أعضاء المنظمة الإقليمية، فيما يغيب قادة كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي قررت الانسحاب من المنظمة، بسبب موقف الأخيرة من الأنظمة العسكرية التي تحكم هذه الدول، والمحسوبة على روسيا.

ورغم أن هذه القمة «عادية»، فإنها توصف من طرف المراقبين بأنها «استثنائية»؛ بسبب حساسية الملفات التي سيناقشها قادة دول غرب أفريقيا، التي في مقدمتها الملفات الأمنية بسبب تصاعد وتيرة الإرهاب في المنطقة، وملف العلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، والسعي لإقناعها بالتفاوض والتراجع عن قرار الانسحاب.

قرار نهائي

وفيما يسعى قادة المنظمة الإقليمية التي ترفع شعار الاندماج الاقتصادي، لإقناع دول الساحل الثلاث بالبقاء في المنظمة، إلا أن الأخيرة أعلنت، الجمعة، أن قرارها «لا رجعة فيه»، وجدّدت اتهامها للمنظمة الإقليمية بأنها «أداة» تتحكم فيها فرنسا. وتمسّكت الدول الثلاث بالمضي قدماً في تشكيل منظمتها الخاصة، حيث أعلنت قبل أشهر إقامة «تحالف دول الساحل»، وبدأت التحضير لتحويله إلى «كونفيدرالية» تلغي الحدود بين الدول الثلاث، وتوحد عملتها وجواز سفرها، بالإضافة إلى قدراتها العسكرية والأمنية لمحاربة الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.

قرار انسحاب دول الساحل من منظمة «إيكواس»، يدخل حيز التنفيذ يوم 29 يناير (كانون الثاني) المقبل (2025)، فيما يسعى قادة المنظمة إلى إقناع هذه الدول بالتراجع عنه أو تأجيله على الأقل، بسبب تداعياته الاقتصادية والأمنية على المنطقة.

إلغاء التأشيرة

جانب من الاجتماع بين قادة «إيكواس» في أبوجا ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

وقبل انعقاد قمة دول «الإيكواس» بعدة ساعات، أصدرت دول الساحل بياناً قالت فيه إنها قرّرت إلغاء التأشيرة عن مواطني جميع دول غرب أفريقيا، في خطوة لتأكيد موقفها المتمسك بقرار مغادرة المنظمة الإقليمية.

وقالت الدول الثلاث المنخرطة في كونفدرالية دول الساحل، إنها أصبحت «منطقة خالية من التأشيرات لجميع مواطني المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)». البيان الذي قرأه وزير خارجية مالي، عبد الله ديوب، عبر التلفزيون الحكومي المالي، مساء السبت، أكّد أن «لرعايا دول (إيكواس) الحق في الدخول والتنقل والإقامة والاستقرار والخروج من أراضي البلدان الأعضاء في كونفيدراليّة دول الساحل وفقاً للقوانين الوطنية السارية».

ولا يغير القرار أي شيء، حيث إن قوانين منظمة «إيكواس» كانت تنص على الشيء نفسه، وتتيح حرية التنقل والتملك لمواطني الدول الأعضاء في فضاء المجموعة الاقتصادية الممتد من السنغال إلى نيجيريا، وكان يضم 15 دولة قبل انسحاب مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

توتر ثم قطيعة

وبدأت القطيعة بين تحالف دول الساحل ومنظمة «إيكواس» عقب الانقلاب في النيجر في يوليو (تموز) 2023، وهو الانقلاب السادس في المنطقة خلال ثلاث سنوات (انقلابان في مالي، انقلابان في بوركينا فاسو، وانقلاب في غينيا)، بالإضافة إلى عدة محاولات انقلابية في دول أخرى.

وحاولت المنظمة الإقليمية الوقوف في وجه موجة الانقلابات، وفرضت عقوبات على مالي وبوركينا فاسو، وهدّدت بالتدخل العسكري في النيجر بعد أن فرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية، قبل أن تُرفع تلك العقوبات لاحقاً.

وتضامنت مالي وبوركينا فاسو مع النيجر، وأعلنت أن أي تدخل عسكري في النيجر يُعدّ انتهاكاً لسيادتها وسيجعلها تتدخل لدعم المجلس العسكري الحاكم في نيامي، لتبدأ مرحلة جديدة من التوتر انتهت بقرار الانسحاب يوم 28 يناير 2024.

قمة لم الشمل

قوات «إيكواس» خلال تأدية مهامها العسكرية في مالي (أرشيفية - رويترز)

من المنتظر أن يُخصّص قادة دول غرب أفريقيا حيزاً كبيراً من نقاشهم للعلاقة مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في دول الساحل، حيث لا تزالُ المنظمة الإقليمية متمسكة بالطرق الدبلوماسية لإقناع الدول الثلاث بالتراجع عن قرار الانسحاب.

ذلك ما أكده رئيس نيجيريا، بولا تينيبو، وهو الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، حيث أكد الأربعاء أن «الدبلوماسية والحكمة هي السبيل الوحيد لإعادة دمج هذه الدول في المنظمة الإقليمية».

وأشار الرئيس النيجيري إلى أن المجالس العسكرية التي تحكم الدول الثلاث «لا تزالُ مترددة في وضع برامج واضحة لمرحلة انتقالية محددة من أجل تسليم السلطة إلى المدنيين والعودة إلى الوضع الدستوري»، ورغم ذلك، قال تينيبو: «ستستمر علاقة الاحترام المتبادل، بينما نعيد تقييم الوضع في الدول الثلاث». وأضاف في السياق ذاته أن منظمة «إيكواس» ستترك الباب مفتوحاً أمام عودة الديمقراطية إلى البلدان المعنية، مشدداً على أن احترام المؤسسات الدستورية وتعزيز الديمقراطية «هو ما تدافع عنه المنظمة».

مفترق طرق

أما رئيس مفوضية «إيكواس»، أليو عمر توري، وهو الشخصية الأهم في المنظمة الإقليمية، فقد أكّد أن «منطقة غرب أفريقيا تقف عند مفترق طرق غير مسبوق في تاريخها كمجتمع».

وقال توري في تصريحات صحافية، الخميس، إنه «في الوقت الذي تستعد الدول الأعضاء في (الإيكواس) للاحتفال باليوبيل الذهبي لجهود التكامل الإقليمي العام المقبل، تواجه أيضاً احتمالية انسحاب بعض الدول الأعضاء»، وأضاف أنه «من الضروري التأمل في الإنجازات الكبيرة التي حققتها (إيكواس) على مدى العقود الماضية، وكذلك التفكير في مستقبل المجتمع في ظل التحديات السياسية التي تواجه شعوبنا».

وفيما يرفعُ قادة المنظمة الإقليمية خطاباً تصالحياً تجاه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو، تواصل الأخيرة في خطاب حاد يتهم «إيكواس» بالتبعية إلى القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا).