هل يساهم الالتهاب في حدوث العقم؟

اتباع أسلوب الحياة الصحية يُحسّن معدلات الحمل

هل يساهم الالتهاب في حدوث العقم؟
TT

هل يساهم الالتهاب في حدوث العقم؟

هل يساهم الالتهاب في حدوث العقم؟


العقم مشكلة شائعة بصورة ملحوظة. ويؤثر هذا المرض على واحد من كل خمسة أشخاص في الولايات المتحدة يرغبون في حصول الحمل، وعلى 186 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم.

- علاقة خطرة
يمكن للتقييم الطبي الشامل أن يحدد المشاكل الرئيسية المساهمة في كثير من الحالات - سواء لدى المرأة أو الرجل أو كلا الشريكين - التي قد تستجيب للعلاج، أو تستدعي توظيف أدوات الإنجاب المساعدة، مثل الإخصاب في المختبر.
لكن وفي عدد كبير من الحالات، لا يوجد سبب للعقم. هل يمكن أن يكون الالتهاب هو السبب في بعض هذه الحالات كما تشير الأبحاث الحديثة؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يؤدي اتباع نظام غذائي أو نمط حياة مضاد للالتهابات إلى زيادة الخصوبة؟
يرتبط الالتهاب المزمن بكثير من الحالات الصحية، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية والسرطان.
وفي حين أن أهمية الالتهاب في العقم ليست واضحة على الإطلاق، إلا أن بعض الأدلة تدعم وجود صلة ما:
> يزداد خطر العقم في الحالات التي تتميز بالالتهاب، بما في ذلك العدوى، والتهاب بطانة الرحم endometriosis، ومتلازمة تكيس المبايض polycystic ovary syndrome.
> قد يؤثر الالتهاب الجهازي Bodywide (systemic) inflammation (المنتشر في جميع أنحاء الجسم) على الرحم، وعنق الرحم، والمشيمة، مما يُضعف الخصوبة.
> تميل النساء المصابات بالعقم اللاتي خضعن لعملية الإخصاب في المختبر، واتبعن نظاما غذائيا مضادا للالتهابات إلى الحصول على معدلات حمل ناجحة أعلى من النساء اللاتي لم يتبعن النظام الغذائي.

- نظام غذائي
هل يمكن تحسين الخصوبة باتباع نظام غذائي مضاد للالتهابات؟
إنها إمكانية حقيقية. قبل عقود لاحظ الباحثون أن النساء اللاتي يتبعن نظاما غذائيا مُكرسا للخصوبة يحصلن على تبويض أكثر انتظاما، وأنهن أكثر عُرضة للحمل. تشير مراجعة عام 2022 لعدة دراسات في العناصر الغذائية إلى أن اتباع نظام غذائي مضاد للالتهابات يبشر بالخير للأشخاص الذين يعانون من العقم. وقد أجري هذا البحث على مدى سنوات، لكن الأنظمة الغذائية في هاتين الدراستين تشترك في كثير من العناصر.
وجدت مراجعة عام 2022 أن النظام الغذائي المضاد للالتهابات قد يساعد على:
> تحسين معدلات الحمل (رغم عدم اليقين من الكيفية).
> زيادة معدلات نجاح التدابير المساعدة على الإنجاب، مثل الإخصاب في المختبر.
> تحسين جودة الحيوانات المنوية لدى الرجال.
يضيف الباحثون أن تحسين النظام الغذائي قد يقلل حتى من الحاجة إلى علاجات الخصوبة التدخلية والمطولة والمكلفة. ومع ذلك، فقد تباينت جودة الدراسات واتساق النتائج، لذا فهناك حاجة إلى إجراء بحوث أكثر جودة لدعم ذلك.
هل يؤدي اعتماد نمط حياة مضاد للالتهابات إلى تحسين الخصوبة؟
في حين أن الأبحاث الحديثة مثيرة للاهتمام، لا يوجد دليل كاف لإثبات أن خطة العمل لمكافحة الالتهاب سوف تُحسن الخصوبة. يعد النظام الغذائي النباتي مثل حمية البحر الأبيض المتوسط، وغيره من التدابير، جزءا من نمط الحياة المضاد للالتهابات، ويُحسن صحة القلب، وله كثير من الفوائد الأخرى.
ليس من الواضح ما إذا كان هذا بسبب تقليل الالتهاب مباشرة. لكن هذا النهج لا ينطوي إلا على قدر ضئيل من المجازفة. وتشير أدلة مقنعة وفيرة إلى أنه يمكن أن يحسن الصحة بل ويكافح المرض.

- نمط حياة صحي
ما نمط الحياة المضاد للالتهابات؟ لم يتفق خبراء الصحة على تعريف واحد. وفيما يلي بعض التوصيات السائدة:
> اتبع نظاما غذائيا يشجع على تناول الأطعمة النباتية والحبوب الكاملة والدهون الصحية، مثل زيت الزيتون مع تثبيط تناول اللحوم الحمراء، والأطعمة المصنعة، والدهون المشبعة.
> توقف عن التدخين أو التدخين الإلكتروني.
> قلل من الوزن الزائد.
> اهتم بالنشاط البدني.
> نم بصورة كافية.
> عالج الحالات الالتهابية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو الحساسية.
> تجنب الإفراط في تناول الكحول.
> سيطر على التوتر.
قد تساعد الأدوية المضادة للالتهابات في حالات معينة - على سبيل المثال، علاجات أمراض المناعة الذاتية. غير أنها غير مبررة للجميع. وبالنسبة للأشخاص الذين يحاولون الحمل، من غير الواضح على الإطلاق أن أي فائدة محتملة سوف تتجاوز خطر الآثار الجانبية للوالدين والطفل.
وخلاصة القول: من الممكن أن يلعب الالتهاب دورا مهما لا يُقدر حق قدره في العقم، واتباع نظام غذائي أو نمط حياة مضاد للالتهاب يمكن أن يساعد في ذلك. لكننا نحتاج إلى المزيد من الأدلة لتأكيد ذلك. وحتى نعرف المزيد، فإن اتخاذ التدابير لتحسين صحتك العامة، وربما تقليل الالتهاب المزمن، أمران منطقيان.

- مدونات هارفارد الصحية ـ خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
TT

نظام غذائي يحسّن الذاكرة ويقلل خطر الإصابة بالخرف

امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)
امرأة تشتري الخضراوات في إحدى الأسواق في هانوي بفيتنام (إ.ب.أ)

أصبحت فوائد اتباع النظام الغذائي المتوسطي معروفة جيداً، وتضيف دراسة جديدة أدلة أساسية على أن أسلوب تناول الطعام الطازج المدعم بزيت الزيتون يمكن أن يعزز صحة الدماغ من خلال تعزيز بكتيريا أمعاء معينة، وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».

وجد الباحثون في كلية الطب بجامعة تولين الأميركية أن الفئران المعملية التي اتبعت النظام الغذائي المتوسطي طوّرت أنماطاً مختلفة من بكتيريا الأمعاء عن تلك التي التزمت بالنظام الغذائي الغربي.

وجدت الدراسة، التي نُشرت في Gut Microbes Reports، أن التغييرات البكتيرية المرتبطة بالنظام الغذائي المتوسطي أدت إلى تحسن الأداء الإدراكي.

قالت الدكتورة ريبيكا سولش أوتايانو، المؤلفة الرئيسية للدراسة من مركز أبحاث الأعصاب السريرية بجامعة تولين: «لقد علمنا أن ما نأكله يؤثر على وظائف المخ، لكن هذه الدراسة تستكشف كيف يمكن أن يحدث ذلك».

وتابعت: «تشير نتائجنا إلى أن الاختيارات الغذائية يمكن أن تؤثر على الأداء الإدراكي من خلال إعادة تشكيل ميكروبيوم الأمعاء».

النظام الغذائي المتوسطي، الذي تُوج أفضل نظام غذائي على الإطلاق لمدة 8 سنوات متتالية من قبل US News & World Report، قائم على النباتات ويعطي الأولوية للخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والدهون الصحية والمكسرات والبذور مع الحد من اللحوم الحمراء والسكر.

وثبت أن النظام الغذائي المتوسطي يساعد في إنقاص الوزن وتحسين نسبة السكر في الدم وخفض ضغط الدم والكوليسترول. كما ارتبط بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والخرف وأنواع معينة من السرطان.

هذه الدراسة الأخيرة في جامعة تولين هي الأولى التي تبحث في العلاقة بين النظام الغذائي المتوسطي والغربي، والميكروبات والوظيفة الإدراكية.

لنمذجة تأثيرات النظام الغذائي خلال فترة حرجة من التطور، استعان الباحثون بفئران. ووجدوا أن الفئران التي تغذت على نظام غذائي متوسطي، مع تناول كميات كبيرة من زيت الزيتون والأسماك والألياف، أظهرت زيادة ملحوظة في البكتيريا المعوية المفيدة مقارنة بتلك التي تناولت نظاماً غذائياً غربياً عالي الدهون ومنخفض الخضار وغني جداً باللحوم.

وقد ارتبطت التحولات البكتيرية في الفئران المتوسطية، التي تضمنت مستويات أعلى من البكتيريا مثل Candidatus Saccharimonas، بتحسن الأداء الإدراكي والذاكرة. وعلى النقيض من ذلك، ارتبطت المستويات المتزايدة من بعض البكتيريا، مثل Bifidobacterium، في الفئران التي اتبعت نظاماً غربياً بضعف وظيفة الذاكرة.

وقد أثبتت دراسات سابقة وجود صلة بين النظام الغذائي الغربي والتدهور المعرفي، فضلاً عن السمنة والقضايا العاطفية والسلوكية.

ولاحظ الباحثون أن مجموعة النظام الغذائي المتوسطي أظهرت أيضاً مستويات أعلى من المرونة المعرفية، أي القدرة على التكيف واستيعاب المعلومات الجديدة، مقارنة بمجموعة النظام الغذائي الغربي.

وتشير الفوائد الواضحة للالتزام بالنظام الغذائي المتوسطي إلى أن التأثيرات المماثلة قد تنعكس على الشباب الذين لا تزال أدمغتهم وأجسامهم في طور النمو.

وقال المؤلف المشارك الدكتور ديميتريوس م. ماراجانوري: «تشير نتائجنا إلى أن النظام الغذائي المتوسطي أو تأثيراته البيولوجية يمكن تسخيرها لتحسين الأداء الدراسي لدى المراهقين أو أداء العمل لدى الشباب».

وتابع: «في حين أن هذه النتائج تستند إلى نماذج حيوانية، إلا أنها تعكس الدراسات البشرية التي تربط النظام الغذائي المتوسطي بتحسين الذاكرة وتقليل خطر الإصابة بالخرف».

واستناداً إلى هذه النتائج، يدعو الباحثون إلى إجراء دراسات بشرية واسعة النطاق للتحقيق في العلاقة بين الوظيفة الإدراكية والنظام الغذائي وبكتيريا الأمعاء.