إلى أين يتجه الاقتتال في «أرض الصومال»؟

استمرار المواجهات وسط اتهامات بمنع وصول المساعدات الإنسانية

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يلوح لمناصريه (أ.ف.ب)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يلوح لمناصريه (أ.ف.ب)
TT

إلى أين يتجه الاقتتال في «أرض الصومال»؟

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يلوح لمناصريه (أ.ف.ب)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يلوح لمناصريه (أ.ف.ب)

تتواصل الاشتباكات العنيفة بين قوات السلطات الانفصالية في إقليم أرض الصومال ومسلحين من عشائر محلية موالية للحكومة المركزية في مقديشو، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني.
واشتعل فتيل العنف بين الطرفين في 6 فبراير (شباط) في مدينة «لاسعانود»، المتنازع عليها بين منطقة «بونتلاند»، التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي والموالية لمقديشو، وإدارة إقليم «أرض الصومال» المعلنة كجمهورية من جانب واحد. وفي العاشر من فبراير، توصّل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنّ الطرفين يتبادلان الاتّهامات بانتهاكه.
ويدور القتال في المدينة التي تقع في إقليم سول بين مسلحين من عشيرة طلبهنتي والقوات المحلية. وكان زعماء طلبهنتي، التي تقطن 3 أقاليم في ولايتي بونتلاند و«أرض الصومال»، وهي سول وسناغ وعين، أعلنوا، في بيان هذا الشهر، اندماجهم في الحكومة الفيدرالية الصومالية، وأن «مناطق العشيرة لم تعد جزءاً من إدارة الإقليم».
وأشاروا إلى أن هذا القرار جاء عقب ما وصفوه بـ«سياسات تطهير» مارستها السلطات لأكثر من 15 سنة ضد سكان لاسعانود. وأوضح البيان أن «مسألة الانفصال عن الصومال من قبل السلطات في أرض الصومال تمت دون الحصول على موافقة عشيرة طلبهنتي».
ووفق مصادر صحية محلية، الأربعاء، قتل 96 شخصاً على الأقل خلال الاشتباكات، فيما قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي طلبت الوصول إلى المنطقة المتضررة، إن ما لا يقل عن 150 شخصاً لقوا مصرعهم وأصيب 600 بجروح في الاشتباكات. ودعت اللجنة، في بيان لها، «جميع المتورطين في أعمال العنف في المدينة إلى ضمان وصول المساعدات بأمان ودون عوائق لمساعدة المتضررين من الاشتباكات المسلحة».
ووفق مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة فقد تسببت الاشتباكات في فرار نحو 200 ألف شخص من سكان المنطقة أغلبهم من النساء والأطفال».
والأسبوع الماضي، قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إن «حكومة أرض الصومال يجب أن تستمع لرغبات أهالي إقليم سول»، مؤكداً أن الوحدة التي يسعى إليها السكان المحليون يمكن تحقيقها عبر السبل السلمية فقط، ودعا الأطراف المتصارعة إلى أن «يجتمعوا حول طاولة المفاوضات».
وجدد شيخ محمود التأكيد على أن موقف الحكومة الفيدرالية الصومالية هو موقف وحدة، وأنهم لن يتنازلوا أبدا عنه لكنهم يسعون لتحقيق ذلك عبر طاولة الحوار. وعلَّقت الولايات المتحدة الأميركية بشأن النزاع، داعية إلى إنهاء الحرب وبدء المحادثات. وقال السفير الأميركي في الصومال لاري أندريه، إنه «اتصل بالأطراف المتنازعة، وأعرب عن رغبته بنزع فتيل النزاع وخفض التصعيد».
ويطالب كل من إقليم أرض الصومال وإقليم بونتلاند الانفصاليين بالسيطرة على لاسعانود ذات الموقع التجاري الاستراتيجي.
وكانت أرض الصومال أعلنت استقلالها عام 1991 من دون أن تحظى باعتراف دولي. وعلى الرغم من كونها منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي من دون أن يُعترف بها كدولة، فإن لأرض الصومال صلات تجارية ودبلوماسية مع أكثر من 20 دولة، وآخرها إعلان فتح قنوات دبلوماسية مباشرة مع كينيا.
وللإقليم علاقات دبلوماسية مع إثيوبيا والإمارات، بالإضافة إلى وجود قنصلية تركية في مدينة هرجيسا، تابعة للسفارة التركية في مقديشو.
ولم تحقق المفاوضات التي دارت بين الصومال وإدارات الإقليم منذ عام 2012، نتائج مرجوة، بسبب تعنت إقليم صومالاند بخصوص مبدأ الانفصال، وإصرار حكومة مقديشو على البقاء، وهو ما جعل كل الوساطات الدولية والإقليمية تصل إلى طريق مسدود.
وتخصص الحكومة الصومالية مقاعد نيابية في مجلسي الشيوخ والشعب، للحفاظ على تمثيلها السياسي، وليبقى الإقليم جزءاً من الأنظمة الفيدرالية التي تتألف منها الجمهورية الصومالية الفيدرالية.
ويرى أحمد جيسود، الصحافي والباحث الصومالي، أن «الأزمة مرشحة للتصاعد ما لم تتدخل المنظمات والقوى الدولية». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الصراع قد يؤدي إلى مطالبات قبلية شبيهة برفع ما يرونه اضطهاداً على أسس قبلية من جانب السلطات الانفصالية، وهو ما قد يتسبب في تفكك أكبر يشهده الإقليم».
وقال جيسود: «يشمل ذلك قبائل مثل هبرجعل وهبر يونس من الدر تقطن في محافظتي سناغ وتغ طير»، متوقعاً أن «تمارس المنظمات والقوى الدولية ضغوطاً على إدارة أرض الصومال بسبب التعامل العسكري المفرط وغير الإنساني».
وقال: «يمكن أيضاً أن نشهد قطعاً للمنح والمساعدات التي تتلقاها الإدارة». ورأى أن «الفترة المقبلة قد تشهد تدخلاً قوياً في الجوار مثل كينيا عبر لعب دور الوسيط لإنهاء العنف».


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

العالم العربي الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

أعلن الجيش الصومالي نجاح قواته في «تصفية 60 من عناصر حركة (الشباب) المتطرفة»، في عملية عسكرية مخططة، جرت صباح الثلاثاء، بمنطقة علي قبوبي، على مسافة 30 كيلومتراً جنوب منطقة حررطيري في محافظة مذغ وسط البلاد. وأكد محمد كلمي رئيس المنطقة، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية، أن «الجيش نفذ هذه العملية بعد تلقيه معلومات عن سيارة تحمل عناصر من (ميليشيات الخوارج) (التسمية المتعارف عليها حكومياً لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة) وأسلحة»، مشيراً إلى أنها أسفرت عن «مقتل 60 من العناصر الإرهابية والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم وسيارتين عسكريتين». ويشن الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد «الشباب» بدعم من مقات

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار

رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

(حوار سياسي) بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إليها مستقبلاً...

خالد محمود (القاهرة)
العالم رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار حمزة بري أكد ضرورة القضاء على أزمة الديون لإنقاذ وطنه من المجاعة والجفاف بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إ

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

رفض مجلس النواب الأميركي مشروع قانون، قدمه أحد النواب اليمينيين المتشددين، يدعو الرئيس جو بايدن إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال في غضون عام واحد. ورغم هيمنة الجمهوريين على المجلس، فإن المشروع الذي تقدم به النائب مات غايتس، الذي لعب دوراً كبيراً في فرض شروط الكتلة اليمينية المتشددة، قبل الموافقة على انتخاب كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، رفضه غالبية 321 نائباً، مقابل موافقة 102 عليه. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية التي تنتشر في الصومال، قد تراجع كثيراً، عما كان عليه في فترات سابقة، خصوصاً منذ عام 2014، فإن البنتاغون لا يزال يحتفظ بوجود مهم، في الصومال وفي قواعد قريبة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

عقدت الدول المشاركة في بعثة قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في الصومال (أتميس)، اجتماعاً (الثلاثاء)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، لبحث «سبل تعزيز العمليات العسكرية الرامية إلى القضاء على (حركة الشباب) المتطرفة». ويأتي الاجتماع تمهيداً للقمة التي ستعقد في أوغندا خلال الأيام المقبلة بمشاركة رؤساء الدول المنضوية تحت بعثة «أتميس»، وهي (جيبوتي، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا)، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية. وناقش الاجتماع «سبل مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على فلول (حركة الشباب)، كما تم الاستماع إلى تقرير من الدول الأعضاء حول ذلك»، مشيدين بـ«سير العمليات

خالد محمود (القاهرة)

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
TT

إطلاق نار كثيف في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق بجنوب السودان

جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)
جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

وقع إطلاق نار كثيف، الخميس، في جوبا عاصمة جنوب السودان بمقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، أكول كور، الذي أقيل الشهر الماضي، حسبما أكد مصدر عسكري، فيما تحدّثت الأمم المتحدة عن محاولة لتوقيفه.

وبدأ إطلاق النار نحو الساعة السابعة مساء (17.00 ت.غ) قرب مطار جوبا واستمر زهاء ساعة، بحسب مراسلي «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأبلغت الأمم المتحدة في تنبيه لموظفيها في الموقع، عن إطلاق نار «مرتبط بتوقيف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات»، ناصحة بالبقاء في أماكن آمنة.

وقال نول رواي كونغ، المتحدث العسكري باسم قوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان، لإذاعة بعثة الأمم المتحدة في البلاد (مينوس) إنه «حصل إطلاق نار في مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق».

وأضاف: «شمل ذلك قواتنا الأمنية التي تم نشرها هناك لتوفير مزيد من الأمن».

وتابع: «لا نعرف ماذا حدث، وتحول سوء التفاهم هذا إلى إطلاق نار»، و«أصيب جنديان بالرصاص». وأضاف: «بعد ذلك هرعنا إلى مكان الحادث... وتمكنا من احتواء الموقف عبر إصدار أمر لهم بالتوقف».

وقال: «مصدر عسكري مشارك في العملية» لصحيفة «سودانز بوست» اليومية، إن أكول كور أوقف بعد قتال عنيف خلف «عشرات القتلى والجرحى من عناصره»، لكن التوقيف لم يتأكد رسمياً حتى الآن.

وأظهرت صور انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى نشرتها الصحيفة شبه توقف لحركة المرور بالقرب من مقر إقامة رئيس الاستخبارات السابق، حيث فر سائقون خائفون بعد سماع إطلاق النار تاركين سياراتهم، وفقاً لصحيفة «سودانز بوست».

وأقال رئيس جنوب السودان سلفاكير في أكتوبر (تشرين الأول) رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية أكول كور الذي تولى منصبه منذ استقلال البلاد عام 2011، وكلّفه تولي منصب حاكم ولاية واراب التي تشهد اضطرابات.

ولم تُحدّد أسباب هذه الخطوة. ويأتي هذا القرار بعد أسابيع من إعلان الحكومة تأجيلاً جديداً لعامين، لأول انتخابات في تاريخ البلاد، كان إجراؤها مقرراً في ديسمبر (كانون الأول).

بعد عامين على استقلاله، انزلق جنوب السودان إلى حرب أهلية دامية عام 2013 بين الخصمين سلفاكير (الرئيس) ورياك مشار (النائب الأول للرئيس)، ما أسفر عن مقتل 400 ألف شخص وتهجير الملايين.