يعيش آلاف السوريين في مناطق إدلب وشمال حلب، منذ كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وشمال غربي سوريا في 6 فبراير (شباط)، حالة من الخوف والتأهب الدائم، والشعور بعدم الأمان بالإقامة ضمن الأبنية الخرسانية، ما دفع إلى تشييد الخيام في الشوارع بعيداً عن المنازل المتصدعة لإيواء النساء والأطفال، والنوم في السيارات والعراء.
ويستغل السوريون المساحات الخالية من الأبنية السكنية والحدائق للإقامة بها ضمن خيام بلاستيكية، هرباً من منازلهم المتصدعة بفعل الزلزال والآيلة للسقوط في أي لحظة، حيث شيدت عشرات العائلات في مدينة الأتارب على مسافة 15 كيلومتراً غرب حلب، الخيام بالقرب من منازلها التي صنفتها لجان من المهندسين والمختصين في مجال العقارات، «غير صالحة للسكن» نظراً للأضرار الجسيمة التي لحقت بقواعد البناء والجدران والأسقف التي تظهر عليها تشققات، لا سيما أن مئات الهزات الارتدادية عقب الزلزال أسقطت عشرات المباني في المدينة.
وعلى مسافة 15 متراً تفصلهم عن منزلهم، وضمن مساحة خالية من الأبنية السكنية في الأتارب، تقضي عائلة أبو محمود وعشرات العائلات الأخرى، حياتها منذ كارثة زلزال تركيا وسوريا، ضمن خيمة بلاستيكية تحوي بعض الفرش والأغطية والمدافئ.
ويقول أبو محمود (48 عاماً) إنه بعدما كتب الله له ولعائلته النجاة من الزلزال، ومشاهدته انهيار أجزاء من منزله قبيل خروجهم منه بلحظات قليلة، صار عنده خوف وذعر على حياته وزوجته وأولاده، ولم تعد أعصابه قادرة على تحمل العيش في منزل معرض للانهيار في أي لحظة، الأمر الذي دفعه للإقامة في خيمة مستغلاً الهدوء وتوقف الهزات الارتدادية لإخراج ما تحتاجه عائلته من المنزل، بحذر شديد وهو ينظر إلى الأعمدة والسقف خوفاً من انهيارها وهو في داخل المنزل.
وأضاف: «اعتدنا سابقاً على النزوح لأيام بسبب العمليات العسكرية لقوات النظام والقصف الجوي الروسي، ومع عودة الهدوء نعود إلى منازلنا، ولكن هذه المنازل بعد الكشف عليها عقب الزلزال المدمر لم تعد صالحة للسكن بحسب تقديرات لجان من المهندسين، ويفكر البعض في بناء منازل جديدة، كل بحسب إمكاناته المادية، إلا أن الحديث عن طريقة البناء مستقبلاً، يعتمد على أن تكون الأسقف خفيفة جداً أو من التوتياء والخشب، بحيث لا تسبب أضرارا بشرية في حال حدوث زلازل أو اهتزازات أرضية قوية».
«كنا نقول سابقاً كان الله في عون اللاجئين الذين يقطنون الخيام في المخيمات... أما اليوم فصار العكس، حيث يقول النازحون الله يكون في عون الأهالي القاطنين في الأبنية»، هكذا كانت إجابة سعيد، عندما لجأ إلى أحد أقاربه في مخيم دير حسان، تاركاً منزله في الطابق الرابع في مدينة الدانا شمال إدلب، خوفاً من انهياره بسبب الهزات الارتدادية التي لا تتوقف فضلاً عن مخاوفه من الشائعات التي تدور حول حدوث زلازل لاحقة ستضرب المنطقة من جديد.
ويقول سعيد (38 عاماً): «نستطيع القول إن حياتنا عقب الزلزال وفي ظل الأخبار التي تتحدث عن وقوع زلازل جديدة ستضرب المنطقة، باتت معقدة للغاية، حيث يقضي معظم من يقطنون الطوابق العلوية في المباني حياتهم إما في الحدائق المجاورة للأبنية أو لدى أقاربهم في أبنية ذات طابق واحد، بينما آخرون يلجأون إلى أقاربهم في المخيمات القريبة عند المساء للمبيت عندهم تحت الخيام التي باتت تبعث شعورا بالأمان للجميع خاصةً النساء والأطفال».
ويرى أيهم (28 عاماً) أنه «مع الزلزال الأخير الذي ضرب ولاية هطاي التركية وشمال غربي سوريا، الاثنين الماضي، وتسببه بوقوع عشرات الجرحى، وانهيار عشرات المباني السكنية (المتصدعة) من الزلزال السابق، زادت مخاوف السوريين في مناطق إدلب وأرياف حلب المحاذية لتركيا، وراحوا إلى البحث عن الأمان بوسائل مختلفة، وأكثرها غرابة، هو تقسيم ساعات النوم بالتناوب بين الزوج والزوجة أثناء ساعات الليل، ترقبا لأي اهتزاز أو حركة لتحذير باقي أفراد العائلة للخروج من المنزل في أسرع وقت ممكن».
ولفت إلى أنه «يقضي معظم المواطنين أوقاتهم منذ وقوع الزلزال المدمر في 6 فبراير (شباط) وحتى الآن، في متابعة حثيثة لأي أخبار تتعلق بالزلزال، والتوقعات بأوقات حدوثها وفي مقدمتها المواقع التي تعود للخبير الجيولوجي الهولندي فرانك هوغربيتس، الذي لاقى متابعة كبيرة في أوساط السوريين، عند توقعه المسبق بحدوث زلزال في 20 الشهر الجاري».
العائلات السورية تتقاسم النوم في الليل للتحذير من الزلازل والهزات المفاجئة
تبيت في العراء خوفاً من تساقط الأبنية المتصدعة
العائلات السورية تتقاسم النوم في الليل للتحذير من الزلازل والهزات المفاجئة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة