مصر تدشن مساراً سياحياً جديداً بالقاهرة الفاطمية

يربط بين 12 موقعاً أثرياً

سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)
سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)
TT

مصر تدشن مساراً سياحياً جديداً بالقاهرة الفاطمية

سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)
سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)

في إطار خطة مصرية لتنويع المزارات الأثرية والاستفادة منها في زيادة العائدات السياحية، دشّنت وزارة السياحة والآثار المصرية، اليوم الأحد، مساراً سياحياً جديداً بمنطقة القاهرة الفاطمية يربط بين نحو 12 موقعاً أثرياً يجسد عصوراً تاريخية مختلفة تنتهي بالعصر المملوكي.

يحمل المسار الجديد اسم «الدرب الأحمر»؛ نسبة إلى المنطقة التي يقع بها، والتي تُعدّ واحدة من الأحياء الشعبية الشهيرة وسط القاهرة. ويمتد بطول 2 كيلومتر من حديقة الأزهر، مروراً بمنطقة باب زويلة، وحتى نهاية شارع الدرب الأحمر. وهناك روايات متعددة بشأن أصل اسم الدرب الأحمر، «بعضها يربط التسمية بمذبحة القلعة، حيث سالت دماء المماليك من القلعة إلى الشارع»، بينما يتبنى آخرون روايات تتعلق بقرب المنطقة من الجبل الأحمر، أو استخدام أحجار حمراء في البناء.


المسجد الأزرق في الدرب الأحمر (الشرق الأوسط)

ويأمل القائمون على المشروع أن يحظى المسار السياحي الجديد بشهرة مسارات أثرية أخرى مثل شارع المعز، وخان الخليلي، وفقاً للدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، الذي أوضح، خلال جولة تفقدية، السبت، لمعالم المسار السياحي الأثرية، أن «فكرة إنشاء مسار سياحي على غرار شارع المعز تعود إلى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، وهي جزء من خطة لتنويع المزارات السياحية المصرية، وتحسين التجربة السياحية لزوار مصر».


جانب من محراب المسجد الأزرق (الشرق الأوسط)

وعلى مدار سنوات، عمل المجلس الأعلى للآثار المصري بالتعاون مع مؤسسة الأغاخان الثقافية، على ترميم المباني الأثرية، وتهيئة البنية التحتية، وإعداد المسار للزيارة. ووفقاً لما أعلنه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن «زوار المسار سيكون باستطاعتهم دخول 12 موقعاً أثرياً بتذكرة واحدة تبلغ قيمتها 120 جنيهاً للأجنبي، و60 جنيهاً للطالب الأجنبي، في حين تبلغ القيمة 20 جنيهاً للمصري، و10 جنيهات للطالب المصري»، (الدولار بـ30 جنيهاً).

تبدأ الزيارة من حديقة الأزهر حيث مركز الزوار، مروراً بقبة الأمير طرباي الشريفي، والمجموعة المعمارية للأمير خاير بك، والجامع الأزرق، ومدرسة أم السلطان شعبان وقصبة رضوان، وبيت الرزاز، والسور الأيوبي الشرقي داخل حديقة الأزهر، وجامع قجماس الإسحاقي، ومسجد الصالح طلائع، وزاوية فرج بن برقوق.


ضريح إبراهيم أغا من العصر العثماني (الشرق الأوسط)

وتسعى مصر، من خلال المسار، إلى «إتاحة الوصول إلى التراث الثقافي الإسلامي في القاهرة، والحفاظ عليه من خلال تعزيز الدور السياحي كحافز رئيسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية»، وفقاً لوزيري الذي أكد أن «وزارة السياحة والآثار بصدد إعداد خطة لإعادة منطقة القاهرة الفاطمية إلى سابق عهدها، بما في ذلك من ترميم للمباني الأثرية، وإعادة الحِرف التقليدية التي تشتهر بها»، لافتاً إلى أن «السنوات الماضية في أعقاب أحداث 2011 تسببت في حالة من الفوضى في المكان، وتخلى الأهالي عن الصناعات التقليدية، وفتحت محالّ تجارية غريبة على شخصية المكان، وهو ما نعمل على تغييره حالياً».


شباك أرابيسك يطل على المسار السياحي الجديد (الشرق الأوسط)

واشتهرت منطقة القاهرة الفاطمية قديماً بصناعات النحاس، والخيامية، وغيرها من الحِرف التقليدية. وبدأت مصر حملة للترويج السياحي للمسار في المعارض الدولية، تستهدف الوصول إلى 5 آلاف سائح، خلال العام الحالي، على أن تجري زيادة العدد تدريجياً، وفقاً لشريف عريان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأغاخان الثقافية، الذي أوضح، في مؤتمر صحافي، اليوم الأحد، أن «المسار ما زال عنصراً جديداً على الخريطة السياحية، وسيقدم تجربة مختلفة للسائح».


سبيل خير الدين (الشرق الأوسط)

وتضم منطقة الدرب الأحمر آثاراً إسلامية متنوعة يمتد تاريخها من القرن الـ11 إلى القرن الـ17 ميلادياً. وقال الدكتور أبو بكر عبد الله، القائم بأعمال تسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، إن المسار السياحي بمنطقة الدرب الأحمر يضم 12 مجموعة أثرية؛ من بينها مجموعة الأمير طرباي الشريفي، التي شُيّدت عام 1503، والمجموعة المعمارية للأمير خاير بك أحد أمراء المماليك الجراكسة، وجرى تشييدها عام 1502، وجامع آق سنقر الشهير بـ«الجامع الأزرق»، وقد بناه الأمير «آق سنقر» عام 1347، ومدرسة أم السلطان شعبان التي تُنسب إلى خوند بركة خاتون إحدى أشهر سيدات العصر المملوكي، وهي أم السلطان الأشرف شعبان، ومنزل أحمد كتخدا الرزاز، وجامع قجماس الإسحاقي، ومسجد الصالح طلائع، آخِر المساجد التي شُيّدت في العصر الفاطمي.


جانب من مسار الدرب الأحمر الأثري (الشرق الأوسط)

وفي إطار تدشين المسار الجديد، افتتح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، سبيل وكُتاب عبد الباقي بن خير الدين، الشهير بـ«سبيل الطوبجي» بمنطقة «درب سعادة»، بعد الانتهاء من أعمال ترميمه وصيانته.

ويعود تاريخ السبيل إلى عام 1677، حيث أنشأه الأمير عبد الباقي خير الدين الطوبجي، وللسبيل واجهة بها شباكان لتسبيل ماء الشرب، ويعلوه كُتاب لتعليم الأطفال القراءة والكتابة.


إحدى الغرف داخل سبيل خير الدين (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

«رجل التنين» يكشف هويته بعد 90 عاماً من الغموض

يوميات الشرق العلم ينتصر على الغموض (متحف التاريخ الطبيعي)

«رجل التنين» يكشف هويته بعد 90 عاماً من الغموض

حدَّد باحثون هوية جمجمة بشرية غامضة عُثر عليها في ثلاثينات القرن الماضي، بعدما اعتُقد سابقاً أنها تعود إلى نوع بشري جديد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق سور الرقة من المعالم التاريخية المهمّة في سوريا (الشرق الأوسط)

الرقة تُرمّم ذاكرتها... سور المدينة ينهض من ركام الحرب

بدأت عمليات ترميم السور الأثري في الرقة، العائد تاريخه إلى الحقبة العباسية (772 ميلادياً)، بعد تعرّضه لأضرار جسيمة نتيجة العمليات العسكرية والظروف المناخية.

كمال شيخو (الرقة (سوريا))
يوميات الشرق توثيق حكايات الشوارع والأماكن التراثية بمصر (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

مصر لرقمنة المباني التراثية وتوثيق حكايات الشوارع القديمة

تبذل مصر جهوداً متواصلة لرقمنة المباني التراثية وتوثيق حكايات الشوارع القديمة عبر العديد من المشروعات التي أطلقها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق كابا كاميني في إحدى زياراته لمصر (صفحته على «فيسبوك»)

حملة على مواقع التواصل ترفض دخول أحد قيادات «الأفروسنتريك» إلى مصر

عادت قضية «الأفروسنتريك» للواجهة مجدداً في مصر، مع انتشار إعلان لأحد قيادات حركة «الأفروسنتريك» ودعاتها المشهورين، يدعي البروفسير كابا كاميني، عن إنتاج فيلم.

محمد الكفراوي (القاهرة)
ثقافة وفنون حلل أنثوية مصدرها قبرين من مدفن جبل البُحَيْص في إمارة الشارقة

حُلي نسائية جنائزية من جبل البُحَيْص

كشفت أعمال التنقيب المتواصلة في دولة الإمارات المتّحدة خلال العقود الأخيرة عن سلسلة من المدافن الأثرية

محمود الزيباوي

مصر تؤكد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات

تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
TT

مصر تؤكد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات

تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)
تصل القدرة الاستيعابية لمطار الغردقة إلى 12 مليون راكب سنويّاً (وزارة الطيران)

دعت مصر كبرى الشركات العالمية العاملة في تشغيل المطارات الدولية لزيارة البلاد من أجل التطلع للفرص الاستثمارية المتاحة في المطارات المختلفة، في خطوة تشير إلى تأكيد تعويلها على القطاع الخاص في إدارة المطارات.

وعقد وزير الطيران المصري، سامح الحفني، عدة لقاءات مع عدد من مسؤولي كبرى الشركات العالمية المتخصصة في تشغيل وإدارة المطارات، على هامش مشاركته في فعاليات الدورة الخامسة والخمسين من معرض باريس الدولي للطيران والفضاء «لوبورجيه».

ووفق إفادة لوزارة «الطيران المدني»، الجمعة، استهدفت اللقاءات بحث فرص التعاون المشترك في مجالات الرقمنة، والتشغيل الذكي، والاستدامة البيئية، وتبادل الخبرات، بما يدعم رؤية الدولة المصرية 2030، الرامية إلى تحويل المطارات المصرية إلى مراكز إقليمية متقدمة، تعتمد على أحدث النظم التشغيلية العالمية.

وأكّد الوزير أن اللقاءات تمثل خطوة مهمة نحو تطبيق نماذج فعّالة من الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إدارة وتشغيل وتطوير المطارات، بما يعزز كفاءة الأداء ويواكب تطورات صناعة النقل الجوي عالمياً، مشيراً إلى العمل بين الحكومة ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، المستشار الاستراتيجي، على طرح المطارات المصرية أمام القطاع الخاص للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الحالي، على أن يكون مطار الغردقة الدولي أول هذه المشروعات.

تستهدف الحكومة إدارة وتشغيل المطارات عبر شراكة مع القطاع الخاص (وزارة الطيران)

ومطار الغردقة الذي تأسس عام 1977 يوجد في المدينة المطلة على البحر الأحمر، ويضم مبنيين للركاب ومدرجين، بطاقة استيعابية تصل إلى 12 مليون راكب سنوياً، ومزود بإنارة ليلية لاستقبال الرحلات، وتنظم إليه العديد من رحلات الطيران للمنتجعات السياحية القريبة، على غرار «الجونة» و«مكادي» و«مرسى علم» التي تضم مطاراً دولياً آخر.

ومنذ العام الماضي، أعلنت الحكومة المصرية رغبتها في إسناد إدارة المطارات المصرية وتشغيلها إلى القطاع الخاص، ضمن تصور لتطوير «منظومة الطيران المدني»، مع وجود 23 مطاراً في البلاد، «تستهدف زيادة طاقاتها الاستيعابية من 66.2 مليون راكب سنوياً إلى 109.2 مليون بحلول 2030»، وفق البيانات الرسمية.

وعدّ وكيل لجنة «السياحة والطيران» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، أحمد الطيبي، «الخطوة الحكومية تتوافق مع الاتجاه العام، بعدد من كبرى المطارات العالمية، بشأن إسناد الإدارة للقطاع الخاص، وهو أمر يستغرق في الاتفاق على تفاصيله وقت، ربما يكون أطول قليلاً بسبب كثرة التفاصيل التي تجري مناقشتها، بما يخدم مصالح الطرفين».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «اتخاذ هذه الخطوة أمر لا يحدث إلا بعد دراسات جيدة لوضعية كل مطار، والمطلوب من الشركة التي ستتولى إدارة المطار تنفيذه»، مشيداً بتحسن ترتيب شركة «مصر للطيران» الناقل الوطني عالمياً، بما يسمح بقيمة مضافة للمطارات المصرية.

وزير الطيران خلال اللقاءات التي عقدها في باريس (وزارة الطيران)

وتطرق الطيبي إلى وجود بعض الأمور التفصيلية التي ترغب الشركات الدولية في تنفيذها، ويجري النصّ عليها في العقود، بما فيها بعض التجهيزات داخل المطارات والمناطق المخصصة للمطاعم وغيرها من الخدمات التي قد تحتاج لتعديلات داخل المباني المقامة، بما يسمح بتحقيق استفادة أعلى للشركة المشغلة.

رأي يدعمه عضو «اتحاد الغرف السياحية» في مصر، حسام هزاع، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود القطاع الخاص في إدارة المطارات وتشغيلها سيمثل قيمة مضافة حقيقية للخدمات المتاحة للسائح عند الوصول والمغادرة، وهو أمر معمول به في العديد من المطارات الرئيسية حول العالم».

مصر تشجع الحركة السياحية (وزارة الطيران)

وأضاف أن «القطاع الخاص بطبعه يبحث عن الربح، الأمر الذي سيجعل وجوده إضافة للمطارات المصرية، بما يساعد في تطويرها بشكل حقيقي، وهو أمر نحتاجه في الوقت الحالي لأسباب عدة. في مقدمتها أن المطار أول وآخر مكان يستقبل السائح، ويجب أن يحصل منه على انطباع إيجابي».

ووفق بيانات رسمية صادرة عن وزارة الطيران، «بلغ إجمالي عدد الركاب بالمطارات المصرية خلال العام الماضي أكثر من 22 مليون راكب، مقارنة بنحو 20.276 مليون راكب في 2023»، في حين «زاد عدد الرحلات الجوية بنسبة 3 في المائة في 2024، مقارنة بعام 2023، ليسجل 167684 رحلة بمختلف المطارات».