مصر تدشن مساراً سياحياً جديداً بالقاهرة الفاطمية

يربط بين 12 موقعاً أثرياً

سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)
سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)
TT
20

مصر تدشن مساراً سياحياً جديداً بالقاهرة الفاطمية

سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)
سبيل خير الدين الأثري ضمن مسار الدرب الأحمر السياحي (الشرق الأوسط)

في إطار خطة مصرية لتنويع المزارات الأثرية والاستفادة منها في زيادة العائدات السياحية، دشّنت وزارة السياحة والآثار المصرية، اليوم الأحد، مساراً سياحياً جديداً بمنطقة القاهرة الفاطمية يربط بين نحو 12 موقعاً أثرياً يجسد عصوراً تاريخية مختلفة تنتهي بالعصر المملوكي.

يحمل المسار الجديد اسم «الدرب الأحمر»؛ نسبة إلى المنطقة التي يقع بها، والتي تُعدّ واحدة من الأحياء الشعبية الشهيرة وسط القاهرة. ويمتد بطول 2 كيلومتر من حديقة الأزهر، مروراً بمنطقة باب زويلة، وحتى نهاية شارع الدرب الأحمر. وهناك روايات متعددة بشأن أصل اسم الدرب الأحمر، «بعضها يربط التسمية بمذبحة القلعة، حيث سالت دماء المماليك من القلعة إلى الشارع»، بينما يتبنى آخرون روايات تتعلق بقرب المنطقة من الجبل الأحمر، أو استخدام أحجار حمراء في البناء.


المسجد الأزرق في الدرب الأحمر (الشرق الأوسط)

ويأمل القائمون على المشروع أن يحظى المسار السياحي الجديد بشهرة مسارات أثرية أخرى مثل شارع المعز، وخان الخليلي، وفقاً للدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصري، الذي أوضح، خلال جولة تفقدية، السبت، لمعالم المسار السياحي الأثرية، أن «فكرة إنشاء مسار سياحي على غرار شارع المعز تعود إلى عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، وهي جزء من خطة لتنويع المزارات السياحية المصرية، وتحسين التجربة السياحية لزوار مصر».


جانب من محراب المسجد الأزرق (الشرق الأوسط)

وعلى مدار سنوات، عمل المجلس الأعلى للآثار المصري بالتعاون مع مؤسسة الأغاخان الثقافية، على ترميم المباني الأثرية، وتهيئة البنية التحتية، وإعداد المسار للزيارة. ووفقاً لما أعلنه الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فإن «زوار المسار سيكون باستطاعتهم دخول 12 موقعاً أثرياً بتذكرة واحدة تبلغ قيمتها 120 جنيهاً للأجنبي، و60 جنيهاً للطالب الأجنبي، في حين تبلغ القيمة 20 جنيهاً للمصري، و10 جنيهات للطالب المصري»، (الدولار بـ30 جنيهاً).

تبدأ الزيارة من حديقة الأزهر حيث مركز الزوار، مروراً بقبة الأمير طرباي الشريفي، والمجموعة المعمارية للأمير خاير بك، والجامع الأزرق، ومدرسة أم السلطان شعبان وقصبة رضوان، وبيت الرزاز، والسور الأيوبي الشرقي داخل حديقة الأزهر، وجامع قجماس الإسحاقي، ومسجد الصالح طلائع، وزاوية فرج بن برقوق.


ضريح إبراهيم أغا من العصر العثماني (الشرق الأوسط)

وتسعى مصر، من خلال المسار، إلى «إتاحة الوصول إلى التراث الثقافي الإسلامي في القاهرة، والحفاظ عليه من خلال تعزيز الدور السياحي كحافز رئيسي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية المحلية»، وفقاً لوزيري الذي أكد أن «وزارة السياحة والآثار بصدد إعداد خطة لإعادة منطقة القاهرة الفاطمية إلى سابق عهدها، بما في ذلك من ترميم للمباني الأثرية، وإعادة الحِرف التقليدية التي تشتهر بها»، لافتاً إلى أن «السنوات الماضية في أعقاب أحداث 2011 تسببت في حالة من الفوضى في المكان، وتخلى الأهالي عن الصناعات التقليدية، وفتحت محالّ تجارية غريبة على شخصية المكان، وهو ما نعمل على تغييره حالياً».


شباك أرابيسك يطل على المسار السياحي الجديد (الشرق الأوسط)

واشتهرت منطقة القاهرة الفاطمية قديماً بصناعات النحاس، والخيامية، وغيرها من الحِرف التقليدية. وبدأت مصر حملة للترويج السياحي للمسار في المعارض الدولية، تستهدف الوصول إلى 5 آلاف سائح، خلال العام الحالي، على أن تجري زيادة العدد تدريجياً، وفقاً لشريف عريان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأغاخان الثقافية، الذي أوضح، في مؤتمر صحافي، اليوم الأحد، أن «المسار ما زال عنصراً جديداً على الخريطة السياحية، وسيقدم تجربة مختلفة للسائح».


سبيل خير الدين (الشرق الأوسط)

وتضم منطقة الدرب الأحمر آثاراً إسلامية متنوعة يمتد تاريخها من القرن الـ11 إلى القرن الـ17 ميلادياً. وقال الدكتور أبو بكر عبد الله، القائم بأعمال تسيير أعمال قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، إن المسار السياحي بمنطقة الدرب الأحمر يضم 12 مجموعة أثرية؛ من بينها مجموعة الأمير طرباي الشريفي، التي شُيّدت عام 1503، والمجموعة المعمارية للأمير خاير بك أحد أمراء المماليك الجراكسة، وجرى تشييدها عام 1502، وجامع آق سنقر الشهير بـ«الجامع الأزرق»، وقد بناه الأمير «آق سنقر» عام 1347، ومدرسة أم السلطان شعبان التي تُنسب إلى خوند بركة خاتون إحدى أشهر سيدات العصر المملوكي، وهي أم السلطان الأشرف شعبان، ومنزل أحمد كتخدا الرزاز، وجامع قجماس الإسحاقي، ومسجد الصالح طلائع، آخِر المساجد التي شُيّدت في العصر الفاطمي.


جانب من مسار الدرب الأحمر الأثري (الشرق الأوسط)

وفي إطار تدشين المسار الجديد، افتتح الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، سبيل وكُتاب عبد الباقي بن خير الدين، الشهير بـ«سبيل الطوبجي» بمنطقة «درب سعادة»، بعد الانتهاء من أعمال ترميمه وصيانته.

ويعود تاريخ السبيل إلى عام 1677، حيث أنشأه الأمير عبد الباقي خير الدين الطوبجي، وللسبيل واجهة بها شباكان لتسبيل ماء الشرب، ويعلوه كُتاب لتعليم الأطفال القراءة والكتابة.


إحدى الغرف داخل سبيل خير الدين (الشرق الأوسط)


مقالات ذات صلة

ثلاث قطع نحتية من موقع سمهرم الأثري في سلطنة عُمان

ثقافة وفنون ثلاث قطع فنية حجرية من «متحف أرض اللبان»

ثلاث قطع نحتية من موقع سمهرم الأثري في سلطنة عُمان

خرجت من موقع سمهرم الأثري في سلطنة عُمان مجموعة من المجامر الحجرية المتعدّدة الأشكال، أشهرها مجمرة حجرية يزيّن واجهتها نقش تصويري ناتئ يتميّز برهافة كبيرة

محمود الزيباوي
يوميات الشرق فكّ ألغاز الماضي (أ.ب)

تحديد عُمر بقايا هيكل عظمي لطفل مات قبل 27 ألف عام

حدَّد باحثون بريطانيون عُمر بقايا هيكل عظمي لطفل قديم أثار اهتماماً واسعاً عند اكتشافه لامتلاكه خصائص مشتركة بين البشر الحديثين وإنسان «نياندرتال» البدائي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق القطع الأثرية المصرية تحكي تاريخاً من الحضارة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

طوكيو تفتح ذراعيها لـ«رمسيس وذهب الفراعنة»

يضم المعرض 180 قطعة أثرية نادرة، تبرز قيمة الملك رمسيس الثاني، أحد أعظم ملوك الفراعنة وأكثرهم تأثيراً في تاريخ مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق متحف أسوان ينتظر الترميم والتطوير (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تبدأ أعمال ترميم وتطوير متحفي أسوان والنوبة

بدأت مصر مشروع ترميم وإعادة تأهيل متحفي أسوان والنوبة بجنوب البلاد لتحسين التجربة السياحية بهما

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تمثال ثلاثي ضمن الكشف الأثري (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف تمائم وخواتم وحلي ذهبية بمعبد الكرنك

أعلنت مصر اكتشاف مجموعة من الخواتم والحلي الذهبية والتمائم بمعابد الكرنك في الأقصر، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

دعوات ليبية لطرد «المهاجرين» مع تصاعد المخاوف من «التوطين»

من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)
من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)
TT
20

دعوات ليبية لطرد «المهاجرين» مع تصاعد المخاوف من «التوطين»

من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)
من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)

تسارعت دعوات ليبية على نحو متزايد للمطالبة بطرد المهاجرين غير النظاميين من البلاد مخافة «توطينهم»، وذلك إثر تصريحات نُسبت لوزير بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.

وتعاني ليبيا من تدفق أفواج المهاجرين غير النظاميين عليها من حدودها المترامية، وسط مخاوف من تفاقم تداعيات هذا الملف المُثقل باتفاقيات دولية، واستغلاله من حكومتين متنازعتين على السلطة لتعزيز فكرة «التوطين» من عدمها، في إطار ما يراه البعض مناكفات سياسية.

جانب من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)
جانب من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)

وتطفو من وقت لآخر على سطح الأحداث في ليبيا مخاوف من تورط سلطات غرب البلاد في «توطين» المهاجرين، غير أن هذه المخاوف عززها هذه المرة «تزايد أعداد المهاجرين»، وتصريح منسوب إلى وزير الحكم المحلي بـ«الوحدة» بدر الدين التومي، قبل أن ينفيه.

ودخل سياسيون ونشطاء وحقوقيون على خط الأزمة، رافضين التوجه لـ«توطين» المهاجرين. وعدَّ خالد المشري، المتنازع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة، هذا التحرك «خطراً ديموغرافياً يُهدد حاضر ومستقبل الأمن القومي الليبي».

وأبدى المشري في بيان، الثلاثاء، «رفضه القاطع لمحاولات بعض المنظمات الدولية الدفع باتجاه توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا». وقال إنه يتابع بقلق التقارير المتداولة حول «تحركات بعض المنظمات الدولية نحو ما يُعرف ببرنامج الإدماج، الذي يهدف إلى توطين آلاف المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا».

إنزال مهاجرين بميناء في غرب ليبيا بعد إنقاذهم من الغرق في وقت سابق (إدارة أمن السواحل)
إنزال مهاجرين بميناء في غرب ليبيا بعد إنقاذهم من الغرق في وقت سابق (إدارة أمن السواحل)

وتحدَّث المشري عن «غياب موقف واضح من المؤسسات الحكومية المعنية إزاء هذه التحركات»، وشدد على «رفضه القاطع لتوطين المهاجرين في ليبيا تحت أي ذريعة»، مبرزاً أن «هشاشة الوضع الأمني في ليبيا دفعت بعض المهاجرين للانخراط في عصابات إجرامية منظمة، أو تشكيلات مسلحة محلية، بحثاً عن المال والحماية، ما يُمثل تهديداً إضافياً يدفع لرفض محاولات التوطين».

كما عبَّر المشري عن «احترامه الاتفاق الموقع مع المنظمة الدولية للهجرة لعام 2005 إلى حين إعادة مراجعته»، مؤكداً «رفض أي نتائج لاجتماعات تعقد مع المنظمات الدولية في هذه المرحلة التي تتطلب وجود حكومة موحدة واستراتيجية وطنية متكاملة».

مهاجرون تم تحريرهم من الاحتجاز وتظهر عليهم آثار التعذيب (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)
مهاجرون تم تحريرهم من الاحتجاز وتظهر عليهم آثار التعذيب (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)

وانتهى المشري إلى «ضرورة احترام إنسانية وآدمية المهاجرين»، لكنه لفت إلى أن «رعاية هؤلاء الأشخاص ليست مسؤولية ليبيا وحدها، بل مسؤولية تضامنية مع المجتمع الدولي، وفي مقدمتها الدول التي تعاني من تدفق المهاجرين إلى أراضيها».

وأمام تزايد دعوات طرد المهاجرين، وللتظاهر يوم الجمعة المقبل في بعض المدن، من بينها طرابلس ومصراتة، للغرض ذاته، رأى الحقوقي الليبي طارق لملوم أنه بدلاً من ذلك يجب «الاحتشاد والتظاهر أمام نقاط إعادة المهاجرين من البحر إلى البر».

ووجّه لملوم انتقادات لإعادة المهاجرين من البحر، ودعا لمطالبة أمن السواحل والمجموعات المسلحة «بالتوقف عن إعادة المهاجرين من البحر، ومنعهم من الوصول إلى أوروبا». ودعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» خالد المشري إلى الاهتمام «بقضية الاتجار بالبشر في مدينته الزاوية؛ ومخازن الاتجار التي لا تبعد سوى أمتار عن محل إقامته، بدلاً من الاستغلال السياسي لفكرة غير موجودة من الأساس».

وكان التومي قد عقد لقاءً مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، تناول «التحديات الراهنة التي تواجهها ليبيا في مجالات الهجرة». لكن بعد ذلك، انتشرت تصريحات نُسبت إلى التومي، تحدَّثت عن تبنيه عملية «توطين» المهاجرين في ليبيا، وهو ما نفته الوزارة وعدّته «مغالطات».

ومذاك الحين، تتصاعد مخاوف «التوطين»، ودعا «شباب مصراتة»، الذي رفض هذه التوجه إلى الخروج في مظاهرة حاشدة الجمعة المقبل، أمام قاعة الشهداء بالمدينة، للضغط على الحكومة لطرد المهاجرين.

عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة الدبيبة (المكتب الإعلامي للوزارة)
عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة الدبيبة (المكتب الإعلامي للوزارة)

وسبق أن لوَّح عماد الطرابلسي، وزير الداخلية في حكومة «الوحدة»، بأن ليبيا قد تلجأ إلى «الترحيل القسري» للمهاجرين في حال تقاعس المجتمع الدولي عن دعمها في تنفيذ عمليات «العودة الطوعية». وقال إن بلده «لن يكون دولة لتوطين المهاجرين؛ ولن يستطيع تحمل تكاليف عودة المهاجرين واللاجئين إلى بلدانهم، خصوصاً البلدان البعيدة في آسيا وأفريقيا».

ومن دون إحصاءات رسمية، قال الطرابلسي إن ليبيا تحتضن أكثر من 3 ملايين مهاجر غير نظامي، وإنها الأكثر تضرراً من تدفقات الهجرة.

وانضمت المحامية الليبية، ثريا الطويبي، إلى المطالبين بطرد المهاجرين، قائلة: «على كل مواطن ليبي يحب بلده الخروج في الميادين للاحتجاج على التوطين، وإلزام مجلس النواب بإلغاء الاتفاقية التي وقعها فائز السراج (رئيس حكومة الوفاق الوطني السابقة)، ومنع أي اتفاقيات أخرى».

ووقعت ليبيا وإيطاليا اتفاقيات كثيرة تتعلق بمكافحة الهجرة غير المشروعة. وكان السراج قد وقَّع في روما في فبراير (شباط) 2017 مذكرة تفاهم، بشأن التعاون في مجالات التنمية ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر والتهريب وتعزيز أمن الحدود بين البلدين.