نيرودا... هل مات مسموماً؟

50 سنة مرت وموته لا يزال قضية مفتوحة

نيرودا... هل مات مسموماً؟
TT

نيرودا... هل مات مسموماً؟

نيرودا... هل مات مسموماً؟

4 قضاة و3 فرق من الخبراء الدوليين أمضوا ما يزيد على 10 سنين يبحثون عن أسباب وفاة شاعر تشيلي الأكبر، بابلو نيرودا، الذي انطفأ في أحد مستشفيات سانتياغو، بعد 12 يوماً من الانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال آوغوستو بينوتشيت في 11 سبتمبر (أيلول) عام 1973، وأطاح بالرئيس الاشتراكي سالفادور الليندي.
التقرير الأخير الذي صدر يوم الخميس الماضي عن فريق الخبراء الدوليين المكلفين البحث أسباب الوفاة، والذي أصبح في عهدة القضاء التشيلي المخوّل إصدار الحكم النهائي في هذه القضية، يفيد بأنهم لم يتوصلوا إلى توافق في الآراء. لكن ابن أخي الشاعر، وهو أحد أطراف الادعاء، يقول إنه اطلّع على خلاصة التقرير التي تؤكد أن السمّ كان سبب الوفاة.
عندما تُوفّي نيرودا على سرير بمستشفى سانتا ماريّا، جاء في التقرير الذي صدر عن الأطباء الذين كانوا يعالجونه أن سبب الوفاة انتشار الورم الخبيث الذي كان أصابه في البروستاتا. بعد وفاته، نُقل جثمان نيرودا (وكان اسمه الحقيقي نفتالي ريّس استبدل به اسماً مستعاراً ليرفع الحرج عن والده الذي كان يخجل أن يكون له ابن شاعر) ليُوارى في منزله الأثير الواقع على بُعد 100 كيلومتر من العاصمة، في بلدة إيسلا نيغرا، «الجزيرة السوداء»، التي ليست جزيرة ولا سوداء، بل قصيدة أبدية مطلَّة على المحيط الهادي. وكان قد تولّى نقله إلى المستشفى، ثم من المستشفى إلى المنزل، سائقه مانويل آرايا، برفقة زوجة الشاعر الثالثة ماتيلدي أورّوتيا.
لكن بعد مرور 38 عاماً على وفاة صاحب «20 قصيدة حب وأغنية يائسة» خرج ابن أخي الشاعر عن صمته الطويل ليقول إن نيرودا مات بالسمّ بعد حقنه بمادة مجهولة في المستشفى، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة بساعات قليلة. واستناداً إلى ذلك التصريح، على لسان الذي رافق الشاعر في السنوات الأخيرة من حياته، تقدّم الحزب الشيوعي التشيلي، الذي كان نيرودا ينتمي إليه، بدعوى قضائية لفتح تحقيق حول أسباب وفاته، استمرّ 12 عاماً، ومرّ بمراحل عديدة كان آخرها التي انتهت هذا الأسبوع بتصريحات لابن أخيه غير الشقيق، رودولفو ريّس، يؤكد فيها أن نيرودا اغتيل بسلاح بيولوجي.
يستند ريّس في تصريحاته إلى استنتاجات فريق الخبراء بعد التحاليل التي أجريت في الدنمارك وكندا على جرثومة «كلوستريديوم بوتولينوم» الموجودة في أحد أضراس الشاعر، ليتبيّن أنه كان قد تمّ حقنه بها عندما كان لا يزال حيّاً، ثم جرت في الدورة الدموية لتستقرّ في لباب الضرس الذي وقع الاختيار عليه لاعتباره منطقة عقيمة خالية من الجراثيم.
وكان المختبر الكندي قد اختار ضرساً كاملاً وعَظْمة من جمجمة نيرودا، بينما اختار المختبر الدنماركي عظمة الفخذ وأحد أنيابه، وكانت النتيجة في الحالتين أن الشاعر قد حُقن بتلك الجرثومة.
هذه الاستنتاجات التي وردت في التقرير الأولي الذي تسلمته يوم الخميس الماضي القاضية باولا بلازا المكلّفة التحقيق في ظروف وفاة نيرودا، وهي التي دفعت بابن أخيه إلى التأكيد أن السمّ كان سبب الوفاة. لكن هذا التقرير الذي وضعته الطبيبة التشيلية غلوريا راميريز، التي ترأست فريق الخبراء الذين ينتمون إلى 7 جنسيات مختلفة، ليس مُلزِماً بالنسبة للقرار الذي يجب أن تتخذه القاضية، التي لها أن توازن بين آراء الخبراء ومئات الشهادات والسوابق التي يزخر بها ملفّ نيرودا. ومن بين هذه السوابق نتائج التحاليل التي أجراها فريق الخبراء الأول على رفات نيرودا، في عام 2013، عندما تمّ نبش جثته، وأجمعت الآراء على أنه مات بالسرطان، أو تقرير الفريق الثاني من المختصين الدوليين الذين عثروا، عام 2017، على الجرثومة في أحد أضراسه، واستبعدوا أن يكون المرض سبب الوفاة، فضلاً عن أن شهادة الوفاة لم تحدد ذلك السبب. وكان هذا الفريق الأخير قد أجرى فحصاً جنائياً على حزام نيرودا، خلص بنتيجته إلى أن الشاعر لم يكن قد فقد من وزنه عند الوفاة كما كان مفترضاً لو أن الوفاة كانت ناجمة عن انتشار الورم السرطاني.
ومن السوابق الأخرى التي يمكن للقاضية بلازا أن تستند إليها قبل أن تلفظ قرارها، الدراسات العديدة حول عمليات التسميم التي نفّذتها مخابرات ديكتاتورية بينوتشيت العسكرية ضد معارضي النظام بعد وفاة نيرودا، والتي استخدمت فيها غاز «سارين» وجراثيم أخرى سامّة.
وكانت القاضية بلازا قد تسلّمت ملفّ التحقيقات في قضية وفاة نيرودا عام 2020 من القاضي ماريو كارّوزا الذي أمضى 9 سنوات يشرف على البحوث الجنائية وتقارير الخبراء والتحقيقات، قبل تعيينه عضواً في المحكمة العليا مكلّفاً تنسيق قضايا انتهاكات حقوق الإنسان في تشيلي بعد الانقلاب العسكري. وعندما تسلّم كارّوزا الملفّ، في عام 2011، كان أول قرار اتخذه استعراض الأيام الأخيرة من حياة نيرودا عندما كان في منزله بالجزيرة السوداء، أي قبل نقله إلى المستشفى حيث تُوفي بعد أيام قليلة. ويقول كارّوزا إن المعلومات التي جمعها آنذاك من الأشخاص الذين حقق معهم؛ من أقرباء الشاعر وجيرانه وبعض العمال الذين كانوا يترددون على المنزل، فيها كثير من التناقض حول حالته الصحية، ولم تساعده في الوصول إلى استنتاج حاسم.
لكن المرحلة الثانية من التحقيقات، التي تركّزت على وجود نيرودا في المستشفى حيث فارق الحياة، كشفت أن الطبيب سرجيو درابير الذي كان يشرف على علاجه، والذي توفي العام الماضي، سلّمه، قبل يوم من وفاته، لطبيب آخر ذكره بالاسم وأعطى مواصفاته، لكن التحقيقات والجهود التي بُذلت للعثور عليه باءت جميعها بالفشل. وينقل محامي درابير عنه أنه لم يكن قد رأى الطبيب المذكور من قبل، لكنه لم يكترث يومها للأمر، لأن البلاد كانت تعيش فترة مضطربة جداً، بعد أيام من الانقلاب العسكري. وكان كارّوزا قد خلص في تقريره الثاني والأخير إلى أن «المؤكد هو حقن نيرودا قبل يوم من وفاته، لكن من غير تحديد المادة التي حُقِن بها».
أما المرحلة الثالثة من التحقيقات التي انتهت هذا الأسبوع، واستندت إلى البحوث المخبرية التي قام بها فريق المختصين الدوليين؛ فقد أصبحت نتائجها في عهدة القاضية بلازا التي يعود لها لفظ الحكم النهائي حول الأسباب الحقيقية التي أدَّت إلى وفاة الشاعر الذي كان دائماً مثيراً للجدل في حياته، كما هو اليوم بعد مماته. لكن أيّاً كانت تلك الأسباب؛ ورماً خبيثاً أو سمّاً حقنه به أعداؤه السياسيون، فهي لن تقوى على قصائده الشاهقة التي وصفها غارسيا ماركيز بالمستحيلة، والتي ستبقى حيّة إلى الأبد.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

لأول مرة... علماء يرسمون ملامح «أغنى رجل عاش على الإطلاق»

محاولة رسم وجه الملك أمنحتب الثالث جد الملك توت عنخ آمون (موقع «بين نيوز»)
محاولة رسم وجه الملك أمنحتب الثالث جد الملك توت عنخ آمون (موقع «بين نيوز»)
TT

لأول مرة... علماء يرسمون ملامح «أغنى رجل عاش على الإطلاق»

محاولة رسم وجه الملك أمنحتب الثالث جد الملك توت عنخ آمون (موقع «بين نيوز»)
محاولة رسم وجه الملك أمنحتب الثالث جد الملك توت عنخ آمون (موقع «بين نيوز»)

عمل علماء ومصممون على رسم ملامح «أغنى رجل عاش على الإطلاق»، في إشارة لجد الملك الفرعوني «توت عنخ آمون» الملك أمنحتب الثالث.

ووضع العلماء وجهاً متخيَّلاً بعد إعادة بناء ملامح أمنحتب الثالث، وهي المرة الأولى التي يتم فيها محاولة رسم ملامح وجه الملك الشهير منذ 3400 عام.

وعدَّت صحيفة «نيويورك بوست» الصور التي تبرز ملامح أمنحتب الثالث إنجازاً كبيراً فيما يتعلق بالتمثيل التاريخي، والذي كان أحد أعظم الفراعنة في التاريخ، وترأَّس حقبة لا مثيل لها من السلام والازدهار خلال فترة حكمه في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وبحسب ما ورد كان أيضاً أحد أغنى الرجال الذين عاشوا على الإطلاق.

وقال مصمم الغرافيك البرازيلي شيشرون مورايس، الذي رسم ملامح وجه الفرعون الشهير، لموقع «بين نيوز» عن المشروع: «إذا لم نكن مخطئين، فهذا هو أول تقريب لوجه أمنحتب الثالث. إنها هديتنا لجميع أولئك الذين يقدرون التاريخ».

ووفقاً لمورايس، فقد تم بناء صورة لجمجمة أمنحتب الثالث أولاً باستخدام بيانات وصور من موميائه. ثم استخدمت بيانات من متبرعين أحياء لتقريب أبعاد وموضع أنف الملك وأذنيه وعينيه وشفتيه.

وتابع مورايس: «استناداً إلى المعرفة التاريخية، كان أمنحتب الثالث يتمتع بمظهر قوي، ولهذا السبب استخدمنا بيانات من أفراد لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع».

وأوردت الصحيفة الأميركية أن ثروة أمنحتب الثالث كانت لا مثيل لها، كما يتضح من المراسلات مع الدبلوماسيين في تلك الحقبة.

وتشير التقديرات إلى أن أمنحتب الثالث تُوفي عن عمر يناهز 40 أو 50 عاماً، عام 1353 قبل الميلاد، في الوقت الذي كانت الإمبراطورية في أوج قوتها.

وقال مايكل هابيشت، عالم الآثار في جامعة فلندرز في أستراليا، إن الصور المتخيلة لأمنحتب الثالث تظهر ارتفاع جسمه، إذ يبلغ نحو 156 سم (حوالي 5 أقدام)، مما «يجعله أحد أصغر الملوك الذين نعرفهم من مومياواتهم المحفوظة». وأضاف: «هذا الارتفاع الصغير إلى حد ما لا ينعكس في الفن؛ فهو مشهور في الأعمال الفنية بتماثيله العملاقة».

ووصف هابيشت وجه آمون: «إنه وجه هادئ لرجل روج للسلام وعاش في زمن أعظم ازدهار اقتصادي».

ويخطط فريق العلماء من جامعة لودز في بولندا لنشر نتائجهم في مجلة علمية.


دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو 5 سنوات بحلول 2050

دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو 5 سنوات بحلول 2050
TT

دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو 5 سنوات بحلول 2050

دراسة: توقعات بزيادة متوسط الأعمار بنحو 5 سنوات بحلول 2050

كشفت دراسة جديدة أنه من المتوقَّع أن يرتفع متوسط الأعمار على مستوى العالم بمقدار 5 سنوات تقريباً بحلول عام 2050.

وذكرت وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية أن التوقُّعات تشير إلى أنه خلال الفترة ما بين عامي 2022 و2050 فإن متوسط الأعمار بالنسبة للرجال من المتوقَّع أن يزداد من 1.‏71 عام إلى 76 عاماً، وبالنسبة للنساء من 2.‏76 إلى 5.‏80 عام.

ووفقاً لدراسة «عبء المرض العالمي» لعام 2021، فإن الدول التي يكون فيه متوسط الأعمار حالياً أقل، فإنه من المتوقَّع أن تشهد تلك الدول أكبر زيادة.

ويقول الخبراء إن هذا المسار يعود إلى حد كبير إلى الإجراءات الصحية التي تمنع وتحسِّن مستوى النجاة من أمراض القلب والأوعية الدموية و«كوفيد - 19» ومجموعة من الأمراض المعدية.

وقال الدكتور كريس موراي رئيس قسم علوم القياسات الصحية والتقييم بجامعة واشنطن بالولايات المتحدة ومدير «معهد القياسات الصحية والتقييم»: «إنه بالإضافة إلى الزيادة في متوسط الأعمار إجمالاً، وجدنا أن التفاوت في متوسط الأعمار بناء على الجغرافيا سوف يتقلص».

وتابع أن «هذا مؤشر على أنه في حين أن عدم المساواة الصحية بين الأقاليم ذات الدخل الأعلى والدخل الأدنى سوف تستمر، فإن الفجوة سوف تتقلص، حيث من المتوقَّع أن تكون الزيادة الأكبر في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى».

وأشارت الدراسة إلى أنه رغم أنه من المتوقع أن يعيش الناس لفترات أطول، فإنهم سوف يقضون سنوات أكثر في حالة صحية سيئة.

واعتمدت الدراسة في توقعاتها على 88 عامل خطورة والنتائج الصحة المرتبطة بها في 204 دول ومناطق، خلال الفترة من 1990 إلى 2021.


وثائقي «زيارة»... «ستّ الدنيا» مُكرَّمة بعيون 12 فناناً لبنانياً

رسم غرافيتي شهير لصباح في بيروت يمرّ في الوثائقي (صور دنيز جبور)
رسم غرافيتي شهير لصباح في بيروت يمرّ في الوثائقي (صور دنيز جبور)
TT

وثائقي «زيارة»... «ستّ الدنيا» مُكرَّمة بعيون 12 فناناً لبنانياً

رسم غرافيتي شهير لصباح في بيروت يمرّ في الوثائقي (صور دنيز جبور)
رسم غرافيتي شهير لصباح في بيروت يمرّ في الوثائقي (صور دنيز جبور)

بلُغة سينمائية خاصة، استطاع وثائقي «زيارة» حصد أكثر من 45 جائزة عالمية. صاحبتا الفكرة؛ منتجته دنيز جبور ومخرجته موريال أبو الروس، وضعتا مشاعر ضيوفه عنصراً أساسياً لاستمرار مواسمه الثمانية. ورغم أنه نتاج جهد حرّ ومستقلّ، ولا جهات تموّله، فإنه صنع الفارق، فصار مبادرة تكريمية تلاقي منذ عام 2016 النجاح تلو الآخر.

يضيء العمل على حكايات أشخاص وذكرياتهم ومشاعرهم، وعلى قضايا اجتماعية شائكة، ويدخل أحياناً مواقع لبنانية ومرات أماكن خارج البلاد. ومن أحدث حلقات هذه السلسلة؛ «زيارة إلى صنعاء» التي صُوِّرت هناك وأجرت حوارات مع الأهالي.

وبعد مواسم اختلطت فيها المشاعر الدافئة والتجارب الإنسانية، يحوّل اهتمامه اليوم إلى العاصمة اللبنانية بيروت. فموسمه الثامن يتناول أهمية هذه المدينة انطلاقاً من موقعها الثقافي والفنّي. وتحت عنوان «زيارة تكريمية لبيروت»، تُعرض حلقاته في وسطها يوم 30 مايو (أيار) الحالي. ذلك بالتزامن مع إقامة «مهرجان ربيع بيروت» لمؤسّسة سمير قصير، فيفتتح «زيارة» الحدث بعد كلمة يكرّم فيها الأخير مؤسِّسته الإعلامية الراحلة جيزيل خوري.

يُعرض «زيارة تكريمية لبيروت» في 30 مايو بوسط المدينة (صور دنيز جبور)

على شاشة عملاقة ترتفع في «ساحة الشهداء» بوسط المدينة، ستُتاح الفرصة أمام الجميع لحضور هذا العرض الذي يستغرق نحو 70 دقيقة، ويتألف من 12 حلقة، مدة الواحدة 5 دقائق. في كلّ منها، يتحدّث فنان لمع في ذاكرة بيروت؛ فيحضُر روجيه عساف، ورفعت طربيه، وجورجيت جبارة، ورندة كعدي، ورندة الأسمر، وميراي معلوف، وفايق حميصي، ونقولا دانيال. وكذلك يطلّ هاروت فازليان، وتقلا شمعون، وزياد الأحمدية، وأميمة الخليل.

في هذا السياق، تشير منتجة العمل دنيز جبور في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أهمية هذا الموسم والمعاني التي يحملها. وتتابع: «أردنا تكريم مدينتنا التي عاشت الأمرَّين وبقيت صلبة. ونمرّ في الحلقات الـ12 على تاريخ بيروت الفنّي، وعلى ذكريات يحفظها الضيوف عن أهم مراحلها منارةً للثقافة».

بحماسة كبيرة، تتحدّث عن عمل تعدّه الأقرب إلى قلبها: «أنا عاشقة لبيروت وزواياها، فهي مدينتي التي أفتخر بانتمائي إليها. مشاعر مشتركة تكنّها المخرجة موريال أبو الروس، فأنجزنا هذه المبادرة التكريمية لردّ الجميل لمدينة أعطتنا كثيراً، وتجاوز عطاؤها حدود لبنان ليصل إلى أصقاع الأرض».

من كواليس تصوير «زيارة تكريمية لبيروت» (صور دنيز جبور)

وعن كيفية اختيار الأسماء المُشاركة من الضيوف الفنانين، تجيب: «في مواسم (زيارة)، نختار الصادقين والحقيقيين لمشاركة مشاعرهم من دون فرض أي رقابة ذاتية على أحاسيسهم. لذلك حملت المواسم جرأة وتجارب إنسانية ومشاهد حياة عاشها ضيوفنا. وفي (زيارة تكريمية لبيروت)، وانطلاقاً من المبدأ عينه، اخترنا فنانين أحبّوها وبذلوا الجهد للمحافظة على دورها الريادي. إنهم صادقون، لم يحاولوا الاستفادة من شهرتهم على حساب مدينتهم وأهلها. سيرتهم الفنية التي يتضمّنها الوثائقي دليل على ذلك».

وترى جبور أنّ كل فنان من ضيوفها شكّل نموذجاً حياً عن بيروت الجميلة. فهم، ورغم الصعاب، بقوا متمسّكين ومثابرين على تقديم ما يفتخر به جيل الشباب اللبناني: «من خلال إطلالاتهم في الوثائقي، يعلّمون الجيل الجديد حبّ الوطن. فربما يستطيعون بذلك دفعهم إلى التعلُّق بجذورهم ومدينتهم، فيخرقون بذلك الجدار الأسود الذي يحاول البعض إحاطته بمدينتنا».

عرض الموسم الثامن على شاشة عملاقة لم يأتِ بالصدفة، فتوضح: «عادة ما تعرُض الحلقات عبر الإنترنت، ولكن هذه المرّة أردنا تكريم بيروت واستقطاب أكبر عدد من اللبنانيين، فقرّرنا تخصيص (ساحة الشهداء) لاستضافة العرض، وذلك بإضاءة شوارع وسط المدينة، وإحضار شاشة عملاقة تُبهر الجمهور. نرغب في إزاحة اليأس والحزن عن مدينتنا. هذه الخطوة ثورة نخوضها ضدّ تعتيم بيروت. إنها تظاهرة ثقافية تحمل الإيجابية والرقي. عاصمتنا لن تموت، وسنثابر على إبراز وجوهها المضيئة. وبموازاة مهرجان (ربيع بيروت)، ستكون المناسبة مضاعفة لإبراز وجهها المضيء».

«زيارة 8» يطلّ أيضاً على مسرح «البيكاديللي» (صور دنيز جبور)

بالنسبة إلى المنتجة والمخرجة، فإنّ «زيارة تكريم بيروت» من أجمل المواسم التي نفّذتاها. ويتحدّث ضيوف هذه السلسلة عن مراحل مختلفة شهدتها مدينتهم، «منذ أيام مجدها والفورة الثقافية، مروراً بالانفجار والأزمة الاقتصادية، ووصولاً إلى ما هي عليه اليوم».

استغرق تحضير «زيارة 8» وتنفيذه نحو 45 يوماً، فطرحت دنيز جبور الأسئلة على ضيوفها الـ12، بينما تولّت أبو الروس عمليتَي التصوير والإخراج. ومن المتوقّع أن يجول هذا الوثائقي، كما سابقيه، على مدارس لبنانية. تختم جبور: «نرغب في أن يعي تلامذتنا وطلابنا أهمية مدينتنا الخالدة، وضرورة تمسّكهم بالأمل من خلال نماذج حيّة سيرونها في الوثائقي».


رقاقة بطاطا حارّة جداً تقتل مراهقاً أميركياً

الطعم القاتل (شاترستوك)
الطعم القاتل (شاترستوك)
TT

رقاقة بطاطا حارّة جداً تقتل مراهقاً أميركياً

الطعم القاتل (شاترستوك)
الطعم القاتل (شاترستوك)

أظهر تشريح لجثّة مراهق أميركي يبلغ 14 عاماً أنه تُوفّي جراء تناوله رقاقة بطاطا حارّة جداً، في إطار تحدٍّ مثير للجدل شارك فيه.

وأُصيب هاريس وولوبا، المقيم في ماساتشوستس شمال شرقي البلاد، بـ«سكتة قلبية إزاء تناول مادة غذائية تحتوي على كمية كبيرة من مادة (الكابسيسين)»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية» نقلاً عن تقرير التشريح.

و«الكابسيسين» عنصر نشط في الفلفل الحارّ يسبب إحساساً حارقاً لمَن يتناوله.

وذكرت وسائل إعلام محلية أنّ المراهق توفّي بعد تجربة «تحدّي رقاقة البطاطا الواحدة»، وهو تحدٍّ مثير للجدل يتمثّل في تناول هذه الشريحة التي تحتوي على كمية كبيرة من التوابل، من دون شرب الماء لأطول فترة ممكنة.

ويحتوي المنتَج المعني على فلفل كارولاينا ريبر، وهو أقوى نوع من الفلفل في العالم، وفق موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. وتُباع رقاقة البطاطا داخل كيس موضوع في علبة على شكل نعش، ومزيّنة بجمجمة. وسحبت الشركة المصنِّعة لهذه الرقائق المنتَج من الأسواق بعد وفاة هاريس.

وأوضح تقرير تشريح الجثّة أنّ الشاب كان يعاني مرضاً في القلب والأوعية الدموية؛ ما قد يكون عاملاً في وفاته.


دراسة تربط بين قضاء كثير من الوقت على وسائل التواصل وإقبال الأطفال على التدخين

طفلتان تسخدمتان مواقع التواصل  (رويترز)
طفلتان تسخدمتان مواقع التواصل (رويترز)
TT

دراسة تربط بين قضاء كثير من الوقت على وسائل التواصل وإقبال الأطفال على التدخين

طفلتان تسخدمتان مواقع التواصل  (رويترز)
طفلتان تسخدمتان مواقع التواصل (رويترز)

أظهرت دراسة بريطانية جديدة أن الأطفال الذين يقضون كثيراً من الوقت على وسائل التواصل الاجتماعي أكثر عرضة للتدخين الإلكتروني أو تدخين السجائر.

وذكرت وكالة «بي إيه ميديا» البريطانية أن هذا كان واضحاً في المستويات العالية من الاستخدام، وأن هؤلاء الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي أكثر من 7 ساعات يومياً من المرجَّح أن يكونوا أكثر عرضة للتدخين بـ8 مرات من الذين لا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي.

وتضمنت الدراسة التي نُشِرت في دورية «ثوراكس جورنال» الأكاديمية بيانات لـ10 آلاف و808 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 10 و25 عاماً من الدراسة المطولة للأسر في المملكة المتحدة خلال الفترة بين عامي 2015 إلى 2021.


تغير المناخ قد يزيد حالات القلق والاكتئاب

تغير المناخ قد يؤثر سلباً على صحة الدماغ (رويترز)
تغير المناخ قد يؤثر سلباً على صحة الدماغ (رويترز)
TT

تغير المناخ قد يزيد حالات القلق والاكتئاب

تغير المناخ قد يؤثر سلباً على صحة الدماغ (رويترز)
تغير المناخ قد يؤثر سلباً على صحة الدماغ (رويترز)

حذّرت دراسة بريطانية من أن تغير المناخ وأنماط الطقس والأحداث الجوية المتطرفة تؤثر سلباً على صحة الأشخاص الذين يعانون من أمراض الدماغ.

وأوضح الباحثون بكلية لندن الجامعية، أن التأثيرات المحتملة لتغير المناخ تشمل زيادة في حالات السكتة الدماغية وتأثيرات على النوم وزيادة في القلق والاكتئاب، مع احتمال تفاقم وضع من يعانون بالفعل من حالات دماغية، ونشرت النتائج، الأربعاء، بدورية «لانسيت نيورولوجي».

ويعد تغير المناخ من العوامل التي تُشكل تهديداً خطيراً لصحة الإنسان، بما في ذلك صحة الدماغ. وتشير الدراسات إلى وجود كثير من التأثيرات السلبية التي تشمل اضطرابات المزاج وضعف الإدراك.

للوصول إلى النتائج، استعرض الفريق 332 ورقة بحثية نُشرت حول العالم بين عامي 1968 و2023.

وراجع الباحثون العلاقة بين تغير المناخ و19 حالة مختلفة في الجهاز العصبي، بما في ذلك السكتة الدماغية، والصداع النصفي، وألزهايمر، والتهاب السحايا، والصرع، والتصلب المتعدد.

فحص الفريق أيضاً تأثير تغير المناخ على عدة اضطرابات نفسية خطيرة ولكن شائعة، بما في ذلك القلق والاكتئاب والفصام.

وإجمالاً، وجد الباحثون أن حجم التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على خطر الإصابة بالأمراض العصبية كان كبيراً.

كما وجدوا أن هناك زيادة في الإصابات أو الإعاقة أو الوفيات نتيجة للسكتة الدماغية في درجات الحرارة الأعلى أو موجات الحر.

وذكر الفريق أن المصابين بالخرف أكثر عرضة للضرر الناجم عن التقلبات المتطرفة في درجات الحرارة، مثل الإصابة بالحرارة أو الإغماء بسبب البرد، والظواهر الجوية، مثل الفيضانات أو الحرائق الكبيرة، حيث تتأثر قدرتهم على التكيف مع التغيرات البيئية بسبب الإعاقة المعرفية.

وارتبط ذلك بانخفاض الوعي بالمخاطر، مع تراجع القدرة على طلب المساعدة أو تخفيف الضرر المحتمل، مثل شرب المزيد من المياه في الطقس الحار أو تغيير الملابس.

وبناءً على ذلك، يؤدي التباين الأكبر في درجات الحرارة، والأيام الأكثر سخونة، وموجات الحرارة إلى زيادة حالات دخول المستشفى والوفيات المرتبطة بالخرف.

بالإضافة إلى ذلك، ترتبط حالات الإصابة ودخول المستشفى ومخاطر الوفاة لكثير من اضطرابات الصحة العقلية بزيادة درجة الحرارة أو التقلبات اليومية في درجات الحرارة.

وفقاً للفريق، يرتبط الكثير من حالات الدماغ بزيادة خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية، مثل القلق والاكتئاب، ويمكن لمثل هذه الأمراض المتعددة أن تزيد من تعقيد آثار تغير المناخ والتكيفات اللازمة للحفاظ على الصحة. يشير الباحثون إلى أهمية درجات الحرارة أثناء الليل، حيث إن درجات الحرارة المرتفعة خلال الليل يمكن أن تعطل النوم، وتفاقم الكثير من حالات الدماغ.

ودعا الباحثون إلى إجراء مزيد من البحث لفهم هذه التأثيرات، وتطوير استراتيجيات التكيف اللازمة، مؤكدين أن التوعية والتحرك هما السبيل للحد من التأثيرات السلبية لتغير المناخ على صحة الدماغ.


مهرجانات الصيف في لبنان بين الإبقاء والإلغاء

واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك
واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك
TT

مهرجانات الصيف في لبنان بين الإبقاء والإلغاء

واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك
واحدة من حفلات مهرجانات بعلبك

هي الفترة التي تُعلِن فيها المهرجانات اللبنانية عن برامجها بأجواء احتفالية إيذاناً باقتراب موسم الصيف والإجازات، ووصول المغتربين والسياح الذين بلغ عددهم ما يقارب المليون ونصف المليون زائرٍ العام الماضي. لكن الوضع المتأزم والحرب في الجنوب، وما تعيشه غزة من مآسٍ، دفع مهرجانات بيت الدين بعد تريّث على الإعلان النهائي، مساء الأربعاء، عن تعليق برنامجها للعام الحالي، فيما لا تزال مهرجانات بعلبك تعطي لنفسها مهلة، قد تتغيّر خلالها معطيات، علماً أنها تقام في القلعة التاريخية لمدينة الشمس، الموقع الأكثر حساسية، مقارنة بالمهرجانات الرئيسية الأخرى. فقد قصفت إسرائيل منطقة البقاع ما يقارب 15 مرة خلال الحرب الدائرة حالياً، ومع ذلك لا تريد لجنة المهرجانات أن تستسلم، ولا تزال تأمل.

وقالت رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية نايلة دو فريج: «نحن ننتظر تطور الوضع الأمني في المنطقة قبل أن نتخذ قرارنا»، كاشفة أن برنامجاً مصغراً ورمزياً أُعدّ له. وأضافت: «أردنا أن نقدّم صيغة تتناسب مع ما يحصل من أحداث. لكنّ لا قرار نهائياً بعد». وأوضحت أن اللجنة المنظمة تنتظر لتعرف «ما إذا كان وقفاً لإطلاق النار، إذ لا يمكن في الوقت الراهن تنظيم نشاط في منطقة البقاع (شرق لبنان)، التي تتعرض بين الحين والآخر لضربات جوية إسرائيلية». لهذا «سننتظر قليلاً قبل اتخاذ القرار الرسمي».

وبالتواصل مع مهرجانات «بيبلوس»، علمت «الشرق الأوسط» أنه يُعمل على برنامج فني، ولا نيّة أبداً للتعليق أو الإلغاء أو التأجيل إلا في حال حدثت تطورات جديدة، حالت دون تقديم النشاطات. وبالتالي في حال بقاء الأمور على ما هي عليه، فإن مدينة جبيل ستستقبل روادها، وسيُعلن عن البرنامج الفني في مؤتمر صحافي فور انجلاء الأمور.

أما مهرجانات بيت الدين، فقد أصدرت رئيسة لجنتها المنظمة نورا جنبلاط بياناً أعلنت فيه «تعليق الأنشطة التي كانت مقررة لهذا العام، بسبب ما يمرّ به جنوب لبنان وأهله من أوقات عصيبة وقاسية، وما تعيشه فلسطين من حال إبادة جماعية متواصلة على مرأى العالم وصمته». وأشارت إلى أن «لجنة مهرجانات بيت الدين إذ تدرك أن جمهورها سيكون متفهماً لقرار تعليق المهرجان، وإيماناً منها بضرورة الاستمرار في مواصلة الدور الثقافي، حُصرت النشاطات في معارض للفنون تقام في باحات القصر خلال فصل الصيف».

وأملت نورا جنبلاط أن «يستعيد الجنوب اللبناني الهدوء والاستقرار، وأن تتوقّف الحرب في غزة وتعود فلسطين»، متطلّعة إلى أن «تتحسّن الظروف العامة لمواصلة الدور الفني والثقافي الذي لعبته المهرجانات بشكل متواصل منذ عام 1984 إيماناً منها بدور لبنان ورسالته».

غي مانوكيان على مسرح جبيل العام الماضي

ومنذ اندلاع ثورة 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019 ولجان المهرجانات تقوم بجهد جبار كي لا تتوقف. فقد تلا الحركة الاحتجاجية انهيار اقتصادي كبير، تزامن مع وباء «كوفيد - 19»، الذي شكّل مانعاً آخر أمام إمكانية إقامة حفلات. ومع ذلك، فقد أصرّت لجنة مهرجانات «بعلبك» خلال فترة الحجر، على تنظيم حفلات إما بعددٍ محدودٍ من المتفرجين الحاضرين، مع نقل مباشر، أو بلا حضور أصلاً. وفي كل الحالات، يسجل لسيدات لجان المهرجانات، إصرارهن على أن تكون الموسيقى حاضرة، في أصعب الظروف، ببرنامج مختصر، أو بالتعاون مع فنانين لبنانيين يريدون إعادة الأمل للناس، ولو بالمجان، وهؤلاء كان لهم فضل كبير بعدم إطفاء شعلة المهرجانات.

العام الماضي، وبعد 3 سنوات عجاف، كانت بالفعل النقلة التي يمكن القول إنها ستُعيد الصيف اللبناني إلى ما كان عليه قبل الانهيار. حضور كبير على المدرجات، وحفلات ذات مستوى، مع أن غالبية ما قُدّم كان من صنع فنانين لبنانيين، لكنها كانت مناسبة لإبراز المواهب المحلية التي قليلاً ما أُعيرت اهتماماً.

جاءت الحرب على غزة، والنار التي لا تهدأ في جنوب لبنان، بمثابة فرامل كابحة للبعض، خصوصاً أن التصوّرات الأولى ما كانت لتدلّ على حربٍ سيصل الصيف قبل أن تهدأ. لجان المهرجانات تنتظر على وقع طبول الحرب، هناك حقاً من يريد أن يتحدّى الموت بالموسيقى.


الأوبرا المصرية و«القومي» يحتفلان بالموسيقار الراحل عمار الشريعي

الموسيقار الراحل عمار الشريعي قدّم عشرات الألحان والأغاني للمطربين العرب (دار الأوبرا المصرية)
الموسيقار الراحل عمار الشريعي قدّم عشرات الألحان والأغاني للمطربين العرب (دار الأوبرا المصرية)
TT

الأوبرا المصرية و«القومي» يحتفلان بالموسيقار الراحل عمار الشريعي

الموسيقار الراحل عمار الشريعي قدّم عشرات الألحان والأغاني للمطربين العرب (دار الأوبرا المصرية)
الموسيقار الراحل عمار الشريعي قدّم عشرات الألحان والأغاني للمطربين العرب (دار الأوبرا المصرية)

تحتفي وزارة الثقافة المصرية بالموسيقار الراحل عمار الشريعي ضمن خطتها لاستعادة أعمال رموز وأعلام الموسيقى والغناء، خلال حفل تقيمه دار الأوبرا، الاثنين، 20 مايو (أيار) الحالي، يشارك فيه المطربان علي الحجار ومحمد الحلو، وحفل آخر يقيمه المسرح القومي لتكريم اسم الموسيقار الراحل.

ويشارك كورال الأطفال في حفل الأوبرا، كما تشارك عازفة الماريمبا نسمة عبد العزيز، ونجوم الغناء بالأوبرا، ويتضمن الحفل باقة من ألحان الشريعي التي قدّمها لكبار المطربين والمطربات المصريين والعرب، إضافة إلى «تترات» المسلسلات الشهيرة التي وضع موسيقاها.

ويشارك بالغناء في احتفالية المسرح القومي عدد كبير من المطربين. من بينهم على الحجار وهشام عباس وهدى عمار، بحضور فنانين ومخرجين رافقوا الموسيقار الراحل في مشواره الفني.

وقالت الإذاعية ميرفت القفاص، أرملة الموسيقار الراحل، إن الاحتفاء بعمار الشريعي كان يتم في حفلات مشتركة تجمعه هو والأبنودي مثلاً، وأبدت سعادتها لتخصيص حفلين للاحتفاء بالموسيقار الراحل، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «الشريعي يستحق حفلاً مستقلاً، وكذلك الأبنودي وكافة المبدعين الكبار»، متمنية أن يكون ذلك بداية لإقامة حفلات شهرية لكل منهم، ولا سيما أن تلك الاحتفالات تحظى بإقبال جماهيري.

محمد الحلو من المشاركين في حفل عمار الشريعي (دار الأوبرا المصرية)

وعن مشاركتها في الترتيب للحفلين اللذين يقامان في الأوبرا وفي المسرح القومي، أوضحت أن «التكريمين جاءا في وقت متقارب بالصدفة، إذ تفصل بينهما عدة أيام، وقد وجّهت لي الأوبرا الدعوة للحفل، لكن في احتفالية (القومي) أشركوني في كافة التفاصيل وعرضوا عليّ الأعمال التي ستقدم له، والمطربين المشاركين، وأحاول مساعدتهم باقتراح شخصيات كانت مقربة له لتتحدث عنه».

لم تكن ميرفت القفاص زوجة فقط، بل كانت شريكة لعمار الشريعي في كل أعماله، مثلما تقول: «كنت معه في كل شيء حتى عند صياغة ألحانه لأن الاستديو يقع في منزلنا»، وكشفت ميرفت عن وجود أعمال موسيقية تركها الموسيقار الراحل لا تزال حبيسة الأدراج، وأكدت: «بالطبع هناك أعمال موسيقية تركها، وأحتفظ بكل شيء يخصّه، وسيأتي وقت تظهر فيه للنور، وقد تركت أمرها لنجلنا مراد، فهو من يراعي أعمال والده».

12 سنة مرت على رحيل عمار الشريعي، منذ عام 2012 عن 64 عاماً، بعد إصابته بأزمة قلبية إثر مشاركته في ثورة يناير (كانون الثاني) 2011 التي زادت من متاعب قلبه، بحسب ما تقول أرملته، مضيفة أنه «عاش وعاشت معه أصعب عامين في حياته، حيث تعرض لمتاعب كثيرة وقضى فترات طويلة بالمستشفى».

وتابعت: «لم يفارقني عمار في أي وقت منذ رحيله، فلا تمر لحظة ولا يوم من دونه، أحاول أنا وابننا مراد أن نحقق كل ما كان يتمناه، وقد كان عليّ أن أبدو قوية أمام ابننا الذي لم يكن عمره وقتها تجاوز 15 عاماً، فواصل دراسته بإنجلترا ودرس هندسة الكمبيوتر، وتخرج في الجامعة هناك».

وكان مراد قد تسلم تكريم الرئيس السيسي لوالده العام الماضي في إطار تكريم النماذج المشرفة من أبناء محافظة المنيا التي ينتمي إليها الموسيقار الراحل.

ويعد عمار الشريعي نموذجاً لتحدي الإعاقة البصرية، وقد تعلق منذ طفولته بالموسيقى، وأجاد العزف على البيانو والعود والأوكورديون والأورج، وقدّم نحو 150 لحناً للمطربين المصريين والعرب، وبرع في وضع الموسيقى التصويرية لنحو 150 مسلسلاً، من أبرزها «رأفت الهجان»، وكوّن فرقة «الأصدقاء» التي ضمّت منى عبد الغني وعلاء عبد الخالق وحنان، كما كان وراء اكتشاف أصوات كثيرة. من بينها، آمال ماهر، وريهام عبد الحكيم، ومي فاروق، وهدى عمار، وحقّق برنامجه الإذاعي «غواص في بحر النغم» نجاحاً كبيراً على مدى سنوات.


10 آلاف وفاة بأوروبا يوميا نتيجة الإفراط بتناول الملح

10 آلاف وفاة بأوروبا يوميا نتيجة الإفراط بتناول الملح
TT

10 آلاف وفاة بأوروبا يوميا نتيجة الإفراط بتناول الملح

10 آلاف وفاة بأوروبا يوميا نتيجة الإفراط بتناول الملح

أصدر المكتب الإقليمي الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية بيانا كشف فيه «ان الاستهلاك المفرط للملح في أوروبا هو السبب الرئيسي لوفاة 10 آلاف شخص يوميا بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية».

وجاء في البيان ان «معظم الأشخاص في أوروبا يستهلكون الكثير من الملح؛ فيما يعاني أكثر من واحد من كل ثلاثة بالغين تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عاما من ارتفاع ضغط الدم. وان أمراض القلب والأوعية الدموية هي سبب رئيسي للإعاقة والموت المبكر، والوفيات المبكرة في المنطقة الأوروبية تشكل أكثر من 42.5 % من إجمالي الوفيات سنويا، وهذا يعني أن 10 آلاف شخص يموتون يوميا». وذلك وفق ما نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية.

ونقل البيان عن المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أوروبا هانز كلوغ، قوله «ان أربعة ملايين شخص (وهو رقم مذهل) يموتون كل عام بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، معظمهم من الرجال، وخاصة في القسم الشرقي من أوروبا الذي تشرف عليه منظمة الصحة العالمية، هذه هي الحقائق، ولكن هذا شيء يمكننا تغييره؛ نحن نعرف الآليات الناجحة في محاربة هذا الأمر، لكننا نفشل مرة تلو الأخرى في تنفيذ الأساليب القائمة على الأدلة، ما يؤدي إلى مستويات عالية بشكل غير مقبول من الوفيات التي يمكن الوقاية منها. ان تنفيذ السياسات للحد من استهلاك الملح بنسبة 25 % يمكن أن ينقذ حياة نحو 900 ألف شخص بحلول عام 2030».

ووفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية فإن الرجال في أوروبا أكثر عرضة للوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 2.5 مرة مقارنة بالنساء، كما توجد اختلافات جغرافية لاحتمالات الوفاة في سن مبكرة (ما بين 30 إلى 69 عاما) بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، فهذه الاحتمالات في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى أكبر بخمسة أضعاف مما هي عليه في أوروبا الغربية.


«ليتني شمعة»... مرويات فلسطينية في معرض جماعي بالقاهرة

الفنانة لينا أسامة تبرز موتيفات فلسطينية في إحدى لوحاتها بالمعرض (الشرق الأوسط)
الفنانة لينا أسامة تبرز موتيفات فلسطينية في إحدى لوحاتها بالمعرض (الشرق الأوسط)
TT

«ليتني شمعة»... مرويات فلسطينية في معرض جماعي بالقاهرة

الفنانة لينا أسامة تبرز موتيفات فلسطينية في إحدى لوحاتها بالمعرض (الشرق الأوسط)
الفنانة لينا أسامة تبرز موتيفات فلسطينية في إحدى لوحاتها بالمعرض (الشرق الأوسط)

«وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكر بنفسك وقل: ليتني شمعة في الظلام»... تصدرت هذه الأبيات الشعرية لمحمود درويش معرضاً للفن التشكيلي في القاهرة يحمل عنوان «ليتني شمعة»، يضم لوحات تعبر عن مرويات فلسطينية لعدد من الفنانين الذين ينتمون لمدارس وأجيال مختلفة.

تتصدر أبيات درويش بهو المعرض الذي يستضيفه غاليري «آرت توكس إيجيبت» حتى 21 مايو (أيار) الجاري؛ مصحوبة ببورتريه بالأبيض والأسود للشاعر الفلسطيني الراحل، في حضور لافت لرموز الثقافة الفلسطينية في المعرض.

يضم المعرض المخصص لدعم القضية الفلسطينية أعمال 40 فناناً وفنانة، ويذهب جانب من ريعه لصالح فلسطين. ويبرز ضمن الأعمال بورتريه للأديب الراحل غسان كنفاني (1936 - 1972)، وآخر مرسوم له على جدار في محاكاة لفنون الجداريات، يُصور غسان وهو يكتب: «لك شيء في هذا العالم... فقُم»، وهي واحدة من أشهر عبارات الكاتب الفلسطيني الراحل.

تفاعل مع أطفال غزة الشهداء في إحدى لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

تقدم أعمال المعرض مرويّة فنية وتوثيقية عبر الاتجاهات التشكيلية المختلفة، بداية من البورتريهات التي تعرض لرموز ثقافية وفكرية، وكذلك إعلامية مثل الصحافية والمراسلة الفلسطينية الراحلة شيرين أبو عاقلة (1971 - 2022)، مروراً بتوظيف مختلف الوسائط الفنية لتشكيل حالة حوارية متسعة مع القضية والأرض الفلسطينية.

كما تم توظيف أخبار الحرب والصحافة وطوابع البريد التي تحمل الخريطة الفلسطينية في تكوينات فنية للتوثيق التاريخي في مواجهة محاولات طمس حكاية الأرض، كما يوظف فنانون خامات من أقمشة تستوحى أكفان الشهداء، والتطريز التراثي، في مقاربات فنية بين الحياة والموت، وما بينهما من مقاومة مستمرة، ويبرز مشروع فني يحاكي علب السجائر عليها صورة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مضمخة بالدماء.

أعمال مركبة حملت رموزاً ودلالات شتى بخصوص الحرب على غزة (آرت توكس إيجيبت)

وتصوّر الفنانة المصرية لينا أسامة فلسطين بطبيعتها الريفية البسيطة الجميلة، وأشجار الزيتون والبرتقال بما تحمله من رمزية، مستخدمة الأسلوب التجريدي لتحاكي وجه الحياة، وليس وجه الدمار والحرب، بالإضافة إلى تقنيات تلامس التراث مثل الطباعة بورق الحنة، كما تجسد الشخصيات الشعبية كفلاحة أشبه بالعروس المصنوعة من ورق الأرز.

الفنان عبد الرحمن شرف مع جانب من أعماله (الشرق الأوسط)

وفيما يطغى على لوحاتها اللونان الأحمر والأبيض بدلالتهما التراثية، تقول لينا: «فلسطين كبيرة، ويجب أن تظل حاضرة في الذاكرة بوصفها بلاداً حيّة، وليست فقط مرتبطة بالاحتلال، فتاريخها قديم ولا يمكن أن تنال منها الحرب، وأهمية الفن أنه يقدم صورة بهذا البعد الذي يجعلها دائماً حاضرة في الأذهان بجمالها وبساطتها وأبعادها الثقافية الثرية».

وتوضح لـ«الشرق الأوسط» رؤيتها للتعامل مع القضية الفلسطينية، قائلة: «رغم أنها قضية محسومة بالنسبة لنا في العالم العربي، فإننا في لحظة مصيرية الآن، يبدو فيه العالم شديد الاهتمام بفهم القضية الفلسطينية، وتتنازعه الآراء ما بين تحيّز الإعلام الغربي، وسيل المعلومات التي تصله من (السوشيال ميديا)».

عدد من الفنانين المشاركين بالمعرض (آرت توكس إيجيبت)

وتبدو ألوان العلم الفلسطيني مُتداخلة في نسيج العديد من الأعمال، وكذلك وجوه الأطفال الذين راحوا ضحية الحرب، فالفنان المصري عبد الرحمن شرف، يستعين بتقنية الديجيتال في صنع مفارقات حول الموت، ويقول: «ارتبطت كثيراً كغيري بصور أطفال غزة الشهداء، وحاولت المشاركة في تخليد سيرتهم، من بينهم الطفل يوسف ونبيلة نوفل الصغيرة، وأبو الورد وسوسو، قمت برسمهم، واستعنت بالخامات المتعددة من ورق وتطريز في اللوحات»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «كما استخدمت رموزاً متفرقة دالة على الموت مثل الغراب، والثعبان وسمومه، والجماجم التي هي أثر الدمار، والتيجان الذهبية التي تحيط برؤوس الشهداء، بوصفها رمزاً للعِزة التي ماتوا من أجلها».