رغم أن الجيش الإسرائيلي يضع على رأس سلم اهتماماته حماية المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، وفي بعض الأحيان يضحي بجنوده لأجل سلامتهم، شكا قادته من التعرض لاعتداءاتهم الجسدية، التي بلغت حد محاولة دهس أحد ضباطه بسيارتهم ومهاجمة مجموعة جنود حاولوا فرض النظام. وقد طرحوا شكواهم في العديد من اللقاءات مع الوزراء في الأسابيع الأخيرة، لكن ظاهرة اعتداء المستوطنين تزداد حدة وعنفاً.
وتقول مصادر في الجيش إن مجموعات كبيرة من المستوطنين المتطرفين تحاول فرض منظومة جديدة من العلاقات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، تلائم الأجواء السياسية الجديدة التي أنشأتها حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، والروح القتالية التي يفرضها في الحكومة والشارع كل من وزير المالية بتسليل سموترتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وبموجبها «كل يهودي سيد على الفلسطينيين»، وليس فقط ضباط الجيش.
وكانت قناة التلفزيون الرسمي «كان 11»، كشفت أن مجموعة من الجنود في «لواء غولاني» في الجيش ضبطوا مجموعة من المستوطنين اليهود يحاولون إحراق سيارات فلسطينية في بلدة حوارة الواقعة جنوب نابلس. وعندما طلبوا توقيفهم، لأن تصرفهم يعد اعتداءً على مواطنين أبرياء لم يفعلوا لهم شيئاً، هربوا. فطاردهم الجنود حتى مستوطنة «يتسهار» التي تبين أنهم يعيشون فيها. هناك، أعد لهم المستوطنون كميناً فطوقوهم وراحوا يقذفون الحجارة عليهم. وعندما نزل الجنود من السيارة حاولوا دهس قائدهم. وأشارت القناة إلى أن «الجيش الإسرائيلي يأخذ محاولة دهس المستوطنين في يتسهار أحد ضباطه وجنوده على محمل الجد، ويدين أي أعمال عنف ضد جنوده وقوات الأمن». وأفاد مصدر في الجيش بأن المستوطنين ينفذون العديد من الاعتداءات التي لا تظهر في الإعلام بغرض فرض سيطرتهم على الشارع الفلسطيني، وتلقين الجنود الذين يحاولون في بعض الأحيان فرض النظام درساً مفاده بأنهم أصحاب السيادة، تماماً كما يفعل سموترتش، الذي يطالب بالحصول على صلاحيات مطلقة عن المستوطنين والإدارة المدنية في الضفة الغربية.
وحسب ضابط عسكري، فإن سموترتش يريد السيطرة في الضفة، وإيتمار بن غفير يريد السيطرة في القدس، وكلاهما يطالبان بإقامة ميليشيات مسلحة للمستوطنين تستبدل بالجيش. وكان سبق للمستوطنين أن اصطدموا مع الجيش وقوات حرس الحدود التي جاءت لإخلاء كرم في بؤرة للمستوطنين بمنطقة شيلو في منطقة نابلس يوم الأربعاء الماضي.
وجاء هذا الإخلاء تنفيذاً لقرار المحكمة الإسرائيلية العليا، بعد أن ثبت أن الكرم أقيم على أرض فلسطينية منهوبة. وتصدى المستوطنون بعنف للقوات، وحصل اشتباك أسفر عن اعتقال 40 مستوطناً. وادعى المستوطنون أن الجنود وبينهم عرب مارسوا العنف بشكل فاحش. واتهموا ضابطاً عربياً منهم بالتحرش الجنسي بامرأة، هي عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب بن غفير. وقال مقربون منها إن الضابط العربي فعل ذلك لدوافع سياسية، إذ توجد أشرطة فيديو تبين أنه كان قد استضاف في بيته سياسيين من حزب يائير لبيد رئيس المعارضة.
وكشف مصدر في الشرطة أن قائد حرس الحدود أوقف هذا الضابط عن العمل، وأوقف معه ثلاثة جنود آخرين ممن شاركوا في منع هار ميلخ من دخول الكرم الذي تم إخلاء قسم منه، علماً بأن نتنياهو، الذي أعطى موافقته لإخلاء الكرم، عاد وأمر بوقف الإخلاء بعدما هدد الوزير سموتريتش بالاستقالة وإسقاط الحكومة.
يذكر أن قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية توجهوا بطلب رسمي إلى نتنياهو، بأن يلجم هجمات المستوطنين من جهة، ويلجم خطط الوزير بن غفير في القدس، والوزير سموترتش في الضفة الغربية، وحذروه من أن هذه الخطط تتسبب في تصعيد أمني واسع مع الفلسطينيين. لكن نتنياهو لم يتوجه بنفسه إلى الوزيرين، في أعقاب التحذيرات الأمنية التي تلقاها، وإنما أرسل سكرتيره العسكري، لمحاولة إقناعهما.
وقد انفجر خلاف وتراشق اتهامات بين بن غفير وبين رؤساء أجهزة الأمن خلال جلسة خاصة عقدها نتنياهو لتقييم الأوضاع الأمنية بمشاركة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ووزير الأمن يوآف غالانت، ووزير الأمن القومي بن غفير، وبحضور رئيس أركان الجيش، والمفتش العام للشرطة، ورئيس الشاباك، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.
وحسب التقارير، فإن الجلسة شهدت مشادات حادة بين بن غفير وقادة أجهزة الأمن الذين طالبوا بالتعامل مع العمليات الفلسطينية الأخيرة في القدس بـ«حذر واعتدال» منعاً لتصعيد أكبر قبل شهر رمضان، فيما اتهم بن غفير قادة الأجهزة الأمنية بأنهم «أسرى للفرضيات الفاشلة التي لم تنجح في توفير الأمن في الماضي».
وحذر قادة الأجهزة الأمنية من سياسة بن غفير، وقالوا إنه «وفقاً لتقديراتنا، سيزداد التصعيد في العمليات، الإنذاران في زيادة مستمرة»، وقالوا إنهم يرصدون «ديناميات سيئة على الأرض؛ المواد الاستخباراتية تشير إلى تعاظم الدافع (لدى المقدسيين) لتنفيذ عمليات». وشددوا على أنه «في الشهر الذي يسبق شهر رمضان، يجب توخي الحذر والاعتدال، لا نريد إشعال المنطقة أكثر».
مستوطنون يهاجمون قوة للجيش الإسرائيلي ويحاولون دهس ضابط
مستوطنون يهاجمون قوة للجيش الإسرائيلي ويحاولون دهس ضابط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة