القضاء التونسي يحقق مع 14 محامياً بسبب الاحتجاجات

الرئيس سعيد رفض التدخل الأجنبي... ودعا لإسقاط الديون عن بلاده

جانب من مظاهرة نظمها إعلاميون احتجاجاً على التضييق على الصحافيين في تونس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة نظمها إعلاميون احتجاجاً على التضييق على الصحافيين في تونس (إ.ب.أ)
TT

القضاء التونسي يحقق مع 14 محامياً بسبب الاحتجاجات

جانب من مظاهرة نظمها إعلاميون احتجاجاً على التضييق على الصحافيين في تونس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة نظمها إعلاميون احتجاجاً على التضييق على الصحافيين في تونس (إ.ب.أ)

وجهت السلطات القضائية التونسية أمس، استدعاء لـ14 محامياً، للمثول أمام قاضي التحقيق يومي 12 و13 مارس (آذار) المقبل، وذلك بسبب مشاركتهم قبل أشهر في وقفة احتجاجية، عقب إيقاف السياسي المعارض نور الدين البحيري، أثناء إخضاعه للإقامة الجبرية.
وقال محامون اليوم، إن «السلطات أخطرت مجلس الفرع الجهوي للمحامين بتونس العاصمة بشأن أسماء المحامين، فيما أكد المحامي سمير بن عمر، الذي ورد اسمه في القائمة، أن الأمر موجه لاستهداف المحامين وتكميم الأفواه». ووفق المعلومات التي قدمها بن عمر، فقد شارك المحامون المعنيون، الذين ينتمي أغلبهم إلى هيئة الدفاع عن نور الدين البحيري نائب رئيس حركة النهضة، ووزير العدل التونسي السابق، في وقفة احتجاجية في مقر للحرس الوطني، رداً على اعتقال البحيري، القيادي في حزب حركة النهضة، من قبل قوات الأمن وإخضاعه للإقامة الجبرية، بعيداً عن مقر سكنه بالعاصمة، وذلك بعد التحقيق معه في قضية ترتبط بتزوير وثائق رسمية، بصفته كان وزيراً للعدل بين عامي 2011 و2013. لكن حزبه حركته النهضة، التي تعد أبرز معارضي الرئيس قيس سعيد، أكد في المقابل، أن القضية «ملفقة».
وتضم قائمة المحامين أيضاً زوجة البحيري، المحامية سعيدة العكرمي، وأنور أولاد علي، رئيس المرصد التونسي للحقوق والحريات، وعبد الرزاق الكيلاني، العميد السابق للمحامين التونسيين وأحد أعضاء هيئة الدفاع عن البحيري، علاوة على سامي الطريقي وسمير ديلو، وهم من المحامين المعارضين للمسار السياسي الذي اقترحه الرئيس، وما زال محل معارضة جل الأطراف السياسية والمنظمات الحقوقية والاجتماعية.
من جهته، قال ديلو إن القضية المرفوعة ضد المحامين تقدمت بها نقابة أمنية منذ 14 شهراً بدعوى تحريض رجال الأمن على عصيان الأوامر، وعدم الانصياع لقرار احتجاز البحيري دون اتهامات واضحة، مضيفاً أنه «لا يمكن الحديث عن القضاء حالياً، لأن ما يحدث لا علاقة له بالقانون ولا بالإجراءات القانونية». على صعيد آخر، قررت محكمة الاستئناف بالعاصمة التونسية اليوم، رفض طلب الإفراج عن علي العريض، نائب حركة النهضة والإبقاء عليه في السجن، وحدد يوم 2 مارس (آذار) المقبل، موعداً لإعادة النظر في هذا الطلب، علماً بأن العريض يوجد في السجن منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لاتهامه بالمسؤولية عن تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر سنتي 2012 و2013 عندما كان رئيساً للحكومة ووزيراً للداخلية التونسية.
من ناحيتها، عبّرت الرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان اليوم، عن رفضها لكل أشكال التضييق غير القانونية في حقّ النشطاء النقابيين والسياسيّين والإعلاميين والمحامين، بسبب آرائهم وممارستهم حقهم في التعبير والنقد، مؤكّدة أنّ سلسلة التوقيف التي وقعت إثر مداهمات ليلية، اتسمت بعدة خروقات قانونية. وأدانت ما اعتبرته «خطاب التحريض والتخوين الذي ينتهجه الرئيس، وتأثيره على القضاء من خلال إدانته للخصوم السياسيين، وإصداره أحكاماً مسبقة، وصفهم من خلالها بالمجرمين والإرهابيين، حتى قبل انتهاء الأبحاث والتحقيق، وإصدار أحكام قضائية، ما يمثّل انتهاكاً لقرينة البراءة، وخرقاً لمبادئ المحاكمة العادلة المنصوص عليها بالمواثيق والمعاهدات الدولية»، مؤكدة رفضها إحالة بعض السياسيين على خلفية قانون الإرهاب.
في السياق ذاته، أكد الرئيس سعيد خلال لقاء جمعه أمس، برئيسة الحكومة، نجلاء بودن، أنّ «تونس دولة مستقلّة ذات سيادة، وليست تحت الاستعمار أو الحماية أو الانتداب»، مشدداً على أن سيادة بلاده «فوق كل اعتبار»، وأنه يعمل في ظل احترام كامل للقانون، وذلك رداً على مواقف الدول والأطراف الأجنبية على الاعتقالات الأخيرة، من بينها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، والولايات المتحدة الأميركية.
وأضاف الرئيس سعيد موضحاً أنّ الاعتقالات الأخيرة «كانت في ظل احترام القانون»، مؤكداً أنّ الحقائق «ستأتي مزلزلة مدوية حتى يعرف الشعب ما دبّر له في السنوات والعقود الماضية». كما دعا الدول التي تريد حقاً مساعدة تونس إلى «الوقوف بجانب شعبها، وأن تعيد لها أموالها المنهوبة، أو أن تسقط عنها الديون التي تتراكم السنة تلو الأخرى».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
TT

الجزائر وتونس وليبيا لحل «أزمة المياه الجوفية المشتركة»

الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
الاجتماع التشاوري المغاربي الذي عقد في تونس 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

سيكون تسيير المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وليبيا وتونس، واستغلالها بما يحفظ حقوق وحاجيات كل بلد للموارد المائية، أحد الملفات الأساسية التي ستبحثها «القمة المغاربية المصغرة»، المقرر تنظيمها في طرابلس، التي لم يحدد لها تاريخ بعدُ.

وزراء الموارد المائية الجزائري والليبي والتونسي في اجتماعهم يوم 24 أبريل 2024 (وكالة الأنباء الجزائرية)

وتضمن العدد الأخير من الجريدة الرسمية الجزائرية، الصادر الأسبوع الحالي، مرسوماً يخص تصديق الرئيس عبد المجيد تبون على اتفاقية ثلاثية تخص إطلاق «آلية للتشاور حول المياه الجوفية المشتركة» مع تونس وليبيا، على مستوى الصحراء الشمالية. علماً أن وزراء الزراعة والموارد المائية بالدول الثلاث التقوا بالجزائر في 24 من أبريل (نيسان) الماضي لبحث التعاون بشأن تسيير المياه الجوفية المشتركة.

وأكد المرسوم أن «الآلية» التي لم يحدد اسمها حتى الساعة، سيكون مقرها بالجزائر، وسيتمثل دورها في «التشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بين الجزائر وتونس وليبيا؛ تنفيذاً لمخرجات اللقاء التشاوري الأول لقادة الدول الثلاث: عبد المجيد تبون، وقيس سعيّد، ومحمد يونس المنفي، الذي عقد بتونس في 22 أبريل الماضي». في إشارة إلى «القمة المغاربية المصغرة» التي عقدت اجتماعها الثاني بالعاصمة التونسية، بعد أن عقدت اجتماعها الأول بالجزائر في فبراير (شباط) الماضي، بمبادرة من الرئيسين الجزائري والتونسي، عبد المجيد تبون وقيس سعيّد، ورئيس «المجلس الرئاسي» الليبي، يونس المنفي.

صورة توضح حجم الجفاف الذي تعاني منه مناطق بجنوب الجزائر (أ.ف.ب)

وأكدت مصادر دبلوماسية تابعت لقاء تونس أن القادة الثلاثة «اتفقوا على تعميق التبادل حول تسيير المياه الجوفية بالمناطق الحدودية المشتركة، في اجتماع طرابلس» المنتظر.

يشار إلى أن اتفاقاً مبدئياً تم بين الزعماء الثلاثة أثناء إطلاق «القمة المصغرة»، يقضي بعقدها مرة كل ثلاثة أشهر في أحد البلدان الثلاثة، لبحث مختلف القضايا، وعلى رأسها الأمن بالحدود، وتعزيز الأمن الغذائي والمائي.

وطرحت فكرة «التشاور حول المياه الجوفية» في «قمة المناخ» التي عقدت بمصر عام 2022، حيث دعا نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، الحكومات بدول شمال أفريقيا إلى «إنشاء لجنة مشتركة لتطوير الموارد المائية، في الأحواض النهرية المشتركة»، وكان يقصد، ضمناً، نزاعاً خفياً بين الجزائر وتونس وليبيا حول تقاسم المياه الجوفية.

وكانت تقارير صحافية في تونس قد نقلت أن الجزائر «تأخذ كميات كبيرة من المياه الجوفية بالمنطقة الحدودية التي تتبع تونس»، كما تحدثت عن تضرر منسوب وادي مجردة وضفافه، بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة، وبناء الجزائر سدوداً على مستوى المنبع بمنطقة سوق أهراس (جنوب شرقي الجزائر)، الأمر الذي أثّر على الكميات التي تصل إلى المصب، حسب التقارير ذاتها. لكن امتعاض التونسيين من هذه المشكلة لم يتطور إلى احتجاج رسمي ضد الجزائر.

ووفق خبراء جزائريين في مجال الزراعة والموارد المائية، فإن الدول الثلاث «تفطنت إلى أهمية إطلاق تشاور حول المياه الجوفية المشتركة بينها، لتفادي أزمة سياسية محتملة، وهذا بسبب الجفاف الذي يضرب منطقة شمال أفريقيا عموماً، حيث بات مصدر تهديد لمياه الشرب والسقي في المنطقة، وهو ما يهدد الحياة برمتها في شمال أفريقيا».

بسبب قلة التساقطات باتت تونس وليبيا والجزائر تعاني من شح في المياه الجوفية (رويترز)

وعلى الرغم من أن كميات المياه المشتركة بين تونس والجزائر في المنطقة الشمالية محدودة، فإن هناك منطقة جوفية كبيرة في الجنوب تشترك فيها الدول الثلاث، وهي «حوض غدامس» التي قد تصبح مصدراً للنزاعات حول توزيع حصص استغلاله بين هذه الدول، في تقدير الخبراء نفسه.

ويمتد الحوض المشترك بين الدول الثلاث على مساحة تبلغ مليون متر مربع، حسب بيانات توفرها وزارة الموارد المائية الجزائرية، يشغل الجزء الأكبر منها 700 ألف كيلومتر مربع في الجزائر، ونحو 260 ألف كيلومتر مربع في ليبيا، ونحو 60 ألف كيلومتر مربع في تونس. ويعد هذا الحوض أكبر خزان للمياه الجوفية في المنطقة، إلا أن معدلات تجديده ضئيلة للغاية، بحسب خبراء جزائريين.

وفي الوقت الحالي، يتركز استغلال المياه في عدد من النقاط والآبار، حيث يوجد نحو 6500 بئر في الجزائر، و1200 بئر في تونس، ونحو 1000 بئر في ليبيا. وتقدر الكميات المستغلة بنحو 2.2 مليار متر مكعب، منها 1.33 مليار في الجزائر و0.55 مليار في تونس و0.33 مليار في ليبيا.