القاهرة وأنقرة... هل تُمهد الاستثمارات لتحريك العلاقات السياسية؟

رئيس الوزراء المصري التقى وفداً من رجال الأعمال الأتراك

جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع ممثلي شركات تركية (الحكومة المصرية)
جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع ممثلي شركات تركية (الحكومة المصرية)
TT

القاهرة وأنقرة... هل تُمهد الاستثمارات لتحريك العلاقات السياسية؟

جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع ممثلي شركات تركية (الحكومة المصرية)
جانب من اجتماع رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع ممثلي شركات تركية (الحكومة المصرية)

جدد استقبال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لوفد من رجال الأعمال الأتراك التساؤلات بشأن إمكانية مساهمة ملف الاستثمارات في تحريك العلاقات السياسية بين البلدين، خصوصاً أن اللقاء الذي بحث تطوير التعاون الاقتصادي في مجالات عدة يعد الأول من نوعه منذ نحو 10 سنوات والذي يتخذ طابعاً رسمياً، وعقد (مساء الأربعاء) في مقر الحكومة المصرية بالعاصمة الإدارية.
وتوترت العلاقات بين القاهرة وأنقرة على المستوى السياسي منذ عام 2013 على خلفية الإطاحة بحكم تنظيم «الإخوان»، لكن مصافحة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان خلال حفل افتتاح كأس العالم بقطر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعادت الزخم للتكهنات بشأن إمكانية استئناف العلاقات بين الجانبين على الجانب السياسي. وخلال اللقاء الذي استضافته مصر، شارك ممثلو 14 شركة تركية متخصصة في مجالات استثمارية مختلفة، «تعمل في مصر أو ترغب في بدء استثمارات جديدة بالمرحلة المقبلة»، وفقاً لبيان مجلس الوزراء المصري.
وأظهر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ترحيباً بالوفد التركي، وخاطبهم بالقول: «مرحبا بكم هنا في مقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، إذ تعد المرة الأولى التي يلتقي خلالها رئيس وزراء مصري بممثلي الشركات التركية منذ 10 سنوات، وهذا من دواعي سروري أن ألتقي بكم اليوم».
وأضاف مدبولي، بحسب بيان رسمي، أن «رسالة الاجتماع مهمة وواضحة لأنها خطوة للتأكيد على أهمية العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وتركيا». معرباً عن «تعازيه في ضحايا الزلزال المأساوي الذي وقع في تركيا، ومساندة القاهرة لأنقرة في هذه الظروف الصعبة».
وبدا لافتاً أن مدبولي تطرق إلى العلاقات «التاريخية» بين البلدين، وقال إنه «رغم أي اختلافات سياسية قد حدثت خلال فترات سابقة، فقد حرصنا في مصر على أن تظل العلاقة بين شعبينا، وأن يظل تعاوننا في المجالات الاقتصادية والتجارية وثيقاً».
وقال كرم سعيد الباحث في الشؤون التركية بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» لـ«الشرق الأوسط» إن «الاجتماع إيجابي ويمكن أن يمهد لتحريك العلاقات السياسية». مستشهداً بأن «العلاقات الاقتصادية بين الجانبين لم تتأثر بالخلافات السياسية، إذ كان هناك ما يمكن اعتباره اتفاقاً ضمنياً بين الدولتين على تحييد ملف العلاقات الاقتصادية بعيدا عن الخلافات السياسية». وبحسب سعيد فإنه «يتوقع أن يؤدي تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين إلى قفزة كبيرة في العلاقات السياسية، وتجاوز القضايا الخلافية حول بعض الملفات، خاصةً أن أنقرة تثمن دعم مصر ومساندتها منذ وقوع كارثة الزلزال».
وأجرى الرئيس المصري اتصالاً هاتفياً بنظيره التركي عقب الزلزال المدمر الذي وقع في 6 فبراير (شباط) الجاري لتعزيته، والتأكيد على تقديم كل أشكال الإغاثة والمساعدة.
ويبلغ حجم الميزان التجاري بين القاهرة وأنقرة نحو 7 مليارات دولار، منها 2.5 مليار دولار (الدولار يعادل 30.6 جنيهاً مصرياً تقريباً) صادرات مصرية لتركيا، وفقاً للسفير نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري.
ويذهب محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق أيضاً إلى أن «تعزيز الاستثمارات التركية في مصر من شأنه أن يساهم في تحريك العلاقات السياسية، خاصةً أن الجو العام مبشر، حيث فرضت كارثة الزلزال متغيرات عدة»، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» بأن «بعض القضايا والملفات الخلافية ستظل عالقة وبحاجة إلى نقاشات».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.