ماذا تعني تحركات مصر للتقارب مع سوريا؟

تخصيص حساب للتبرعات... وإطلاق نداء للتضامن الدولي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي (الرئاسة المصرية)
TT

ماذا تعني تحركات مصر للتقارب مع سوريا؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي (الرئاسة المصرية)

تسارعت وتيرة التحركات المصرية الداعمة لسوريا على مدى الأيام الماضية، والتي اتخذت نسقاً إنسانياً منذ ضربَ زلزال، فجر الاثنين 6 فبراير (شباط) الحالي، الأراضي السورية، إذ أرسلت مصر فرقاً للإغاثة ومساعدات، وبدأت مؤسسات مصرية جمع تبرعات لدعم السوريين، كما أطلقت مؤسسات حقوقية نداءات للتضامن الدولي، فضلاً عن اتصالات لمسؤولين مصريين كانت الأولى منذ سنوات، وكسرت «صمتاً» بين القاهرة ودمشق.
وأعلن صندوق «تحيا مصر» التابع للرئاسة المصرية عن تخصيص حساب لإغاثة سوريا في كل البنوك المصرية، وحسب بيان للصندوق، فقد جاء فتح الحساب «بأمر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتلقي المساهمات من داخل وخارج مصر لإغاثة ضحايا الزلزال الذي تعرضت له سوريا».
وكانت جمعية الهلال الأحمر المصري قد أطلقت حملة تبرع، تحت شعار «سوريا تستغيث... أنقذ منكوبي زلزال سوريا».
وفي السياق ذاته، أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان، تضامنه مع الشعبين السوري والتركي في الكارثة التي ألمّت بهما جراء الزلزال الذي ضرب البلدين، مؤكداً في بيان (الأربعاء)، «أهمية تنحية السياسة جانباً، وتكاتف الجهود لتقديم المزيد من الدعم والمساعدة للمساهمة في تخفيف معاناة الشعبين السوري والتركي».
وأطلق المجلس، وهو مؤسسة حقوقية شبه رسمية، نداءً دولياً للتضامن مع الشعب السوري، وحثّ المجتمع الدولي والمنظومة الأممية على القيام بدورهما في جانب الإغاثة الإنسانية وتقديم المزيد من المساعدات للضحايا.
وكان الرئيس المصري قد أجرى بعد أقل من يومين على وقوع الزلزال، اتصالين هاتفيين مع نظيريه السوري بشار الأسد، والتركي رجب طيب إردوغان، وقبلها كان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد أجرى اتصالين بنظيريه في البلدين، للتعزية في ضحايا الهزة الأرضية بالبلدين.
وكان اتصال الرئيس المصري بنظيره السوري، هو الأول بين الرئيسين، والأول لرئيس مصري مع الرئيس السوري منذ أكثر من عقد كامل، إذ شهدت العلاقات بين البلدين جموداً منذ عام 2011،
وكشف الرئيس المصري خلال حضوره القمة العالمية للحكومات 2023، التي استضافتها إمارة دبي خلال الأسبوع الحالي، عن مطالبته الشيخ محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات، بزيادة الدعم الإنساني الموجّه إلى سوريا.
وعدّ محمد بسام الملك، الناشط السياسي السوري، والقيادي السابق في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، التحركات المصرية «استمراراً لعلاقة شعبية وطيدة بين المصريين والسوريين»، مضيفاً أن مصر «كانت من أولى الدول التي استضافت آلاف السوريين الذي فرّوا من الصراع المسلح منذ 2011».
وأوضح المعارض السوري المقيم في القاهرة، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن «مصر حافظت على نهج سياسي متوازن تجاه الأزمة السورية منذ بدايتها، وكانت على اتصال بمختلف القوى السياسية السورية، واستضافت عدة اجتماعات سابقة لقوى المعارضة المدنية». لافتاً إلى أن الاحتضان الرسمي والشعبي للسوريين في مصر «يعبّر عن تقدير مصر للعلاقات التاريخية بين البلدين، وأن فرص التقارب موجودة».
وكان الرئيس السوري، قد رحّب (الأربعاء) خلال لقائه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، بأي «موقف إيجابي» يصدر من الدول العربية، التي قطع عدد منها علاقته مع دمشق منذ بداية النزاع في سوريا.
ومنذ وقوع الزلزال، تلقى الأسد الكثير من الاتصالات من قادة دول عربية، كما زار عدة مسؤولين عرب دمشق للمرة الأولى منذ سنوات.
وقال الأسد، وفق ما نقلت حسابات الرئاسة السورية، إن «الشعب السوري يرحب ويتفاعل مع أي موقف إيجابي تجاهه خصوصاً من الأشقاء العرب».
وأشار الدكتور عماد جاد، عضو مجلس النواب المصري السابق، ومستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، إلى أن «البعد الإنساني كان أحد العناصر البارزة في السياسة المصرية الخارجية في السنوات الأخيرة»، لافتاً إلى «مبادرة القاهرة لتقديم العون لدول صديقة وشقيقة في مواقف الأزمات، مثل أزمة فيروس كورونا، وكذلك في مواجهة الكوارث الطبيعية».
وأوضح جاد لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وسوريا من الدول التي جمعتهما علاقات وطيدة عبر سنوات طويلة ماضية، وكانا شريكين في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، إلا أن مواقف السياسة السورية في عهد الرئيس بشار الأسد أدت إلى تباعد بين البلدين، خصوصاً فيما يتعلق بارتباط دمشق بالمحور الإيراني، وابتعادها عن الحاضنة العربية».
وتابع مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية أن «سوريا تدرك جيداً أنها بحاجة إلى مصر على أكثر من مستوى، سواء من أجل العودة إلى الجامعة العربية، أو للحصول على دعم مهم في المحافل الدولية، خصوصاً في ظل تراجع القدرة الإيرانية على توفير الدعم للسياسة السورية، نتيجة أزمات طهران الداخلية وتعقُّد علاقاتها مع كثير من القوى الكبرى على الساحة الدولية».
ولفت جاد إلى أن المواقف المصرية الأخيرة ركزت بشكل واضح على البعد الإنساني، لكنّ «أي تحركات لتقارب سياسي ترتبط في المقام الأول بالمصالح المتبادلة والوضع الإقليمي، ويمكن أن يكون التقارب الإنساني (بداية جيدة)، لكن الأمر يتطلب أيضاً تقديم دمشق مؤشرات على تفهمها للمتغيرات الإقليمية والدولية، والتخلي عن النهج المتشدد في المواقف، والذي أدى إلى فقدانها الكثير من علاقاتها العربية في السنوات الماضية».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
TT

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)

بينما تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني والفصائل الموالية له ضد «قوات الدعم السريع» في ثلاثة محاور على تخوم ولاية الجزيرة وسط البلاد، تتداول منصات إعلامية معلومات عن إحراز الجيش تقدماً في الجبهة الشرقية خلال معارك، الأربعاء، في ظل عدم توفر أي معلومات رسمية صادرة عن طرفي القتال.

ووفق مصادر محلية ونشطاء، تدور معارك شرسة على كل الجبهات، حيث بدأ الجيش في شن هجوم واسع ضد دفاعات «الدعم السريع» للسيطرة على القرى، التي تشكل مداخل رئيسية إلى مدينة ود مدني، عاصمة الولاية.

ونشرت عناصر من قوات «درع البطانة»، وهي أحد الفصائل المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش، مقطع فيديو تقول فيه إنها سيطرت على جسر «بلدة والمهيدي»، الواقع على بعد نحو 30 كيلومتراً عن ود مدني، وذلك بعد يومين من استعادة السيطرة على مدينة أم القرى، التي تعد منطقة استراتيجية في أرض المعارك.

وتعد هذه المعارك الأعنف التي تدور في تلك المحاور، بعد التقدم الكبير للجيش خلال الأسابيع الماضية، وقدرته على استعادة غالبية مدن ولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي.

وقال شهود عيان إن «قوات الدعم السريع» تنتشر بأعداد كبيرة على طول الجبهات القتالية على حدود ولاية الجزيرة، وتحدثوا عن «معارك واشتباكات عنيفة من عدة محاور»، مؤكدين أنها «لم تتخطَّ بعد بلدات رئيسية إلى حدود المدينة».

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفَّذ سلسلة غارات جوية استهدفت مناطق الكومة والزرق ومليط، شمال دارفور، خلَّفت مئات القتلى والجرحى.

وأضاف البيان، الذي نُشر على منصة «تلغرام»، أن الطيران نفَّذ «هجوماً غادراً» على منطقة الكومة، راح ضحيته أكثر من 47 مواطناً، بين قتيل وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال. مشيراً إلى أن الطيران كثف هجومه على الكومة، ونفّذ 72 طلعة جوية خلال الأشهر الماضية، خلَّفت مئات القتلى والمصابين، وأحدثت دماراً واسعاً في البنى التحتية والمنازل.

كما ذكر البيان أن «العدوان الجوي للجيش» استهدف خلال الساعات الماضية بلدة الزرق ومدينة مليط، مرتكباً «مجازر مماثلة».

ودعت «قوات الدعم السريع» الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، إلى الإسراع والتقصي بشأن «الانتهاكات وجرائم الإبادة التي تُرتكب بواسطة الطيران الحربي التابع للجيش السوداني»، والتي أودت، حسبه، بحياة أكثر من 3 آلاف من المدنيين خلال الشهرين الماضيين. وأكدت استعدادها للتعاون في إطار تقصي الحقائق، ومنح الجهات المختصة الأدلة المادية على «جرائم الطيران الحربي للجيش السوداني بحق المواطنين العزل».

ولا تزال «قوات الدعم السريع» داخل جُلّ أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافةً إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.