حملات دعم إلكترونية لقاتل «فتاة المنصورة» تُثير جدلاً في مصر

بعد تأييد الحكم بإعدامه

نيرة أشرف «فتاة المنصورة» (فيسبوك)
نيرة أشرف «فتاة المنصورة» (فيسبوك)
TT

حملات دعم إلكترونية لقاتل «فتاة المنصورة» تُثير جدلاً في مصر

نيرة أشرف «فتاة المنصورة» (فيسبوك)
نيرة أشرف «فتاة المنصورة» (فيسبوك)

فيما تعالت هتافات أسرة الطالبة نيرة أشرف، المعروفة إعلامياً بـ«فتاة المنصورة»، فرحاً بتأييد حكم الإعدام على قاتلها محمد عادل، ظهرت حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم المتهم وتطالب بإعادة المحاكمة.
أثارت دعوات الدعم الإلكتروني هذه حالة من الجدل؛ لا سيما أنه على الجانب المواجه مشهد ينتصر لحق الضحية التي فقدت حياتها بعد تعدي زميلها، محمد عادل، عليها بسلاح أبيض أمام المارة في محيط جامعة المنصورة، في يونيو (حزيران) الماضي. غير أن ثمة من يعتبر أن المتهم وقع أسير «ابتزاز عاطفي» مارسته الضحية، على حد وصف بعض رواد «السوشيال ميديا».
واشتعل السجال بين الفريقين أكثر بغد ساعات من قرار محكمة النقض برفض الطعن المقدم من محمد عادل على حكم إعدامه، ليظهر عدد أكبر من الصفحات الداعمة للمتهم.
وقد حظيت قضية «فتاة المنصورة» باهتمام بالغ من الرأي العام المصري، ومنذ وقوعها ثمة انقسام يحيط بها، عززته اعترافات المتهم في أولى جلسات محاكمته، متهماً الضحية ومبرراً الجريمة بداعي «انتقام عاشق».
وذكر عادل في أولى جلسات محاكمته أمام محكمة جنايات المنصورة، في يونيو الماضي، أن الضحية «رفضت» الارتباط به. وأخذ يسرد قصة مفادها أنه كان ينفق عليها، وتجمعهما علاقة «وصلت إلى حد الاتفاق على الخطبة، غير أن الأمور لم تسِر على هذا النحو».
حديث عادل لقي دعماً وتعاطفاً من البعض، وتصاعدت نبرة الدعم بعدما قضت المحكمة بتحويل أوراقه لمفتي الجمهورية لأخذ رأيه في الإعدام، ثم جاء رفض الطعن المقدم من محاميه ليُشعل المشهد.
واعتبرت الدكتورة جيهان النمرسي، أستاذة علم النفس في جامعة الأزهر، أن تأييد القاتل «يعكس نزعة دينية مزَعزَعة». وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «قتل فتاة المنصورة حصل على مرمى ومسمع من المارة، ومن ثم لا مجال للشك في ارتكابها. والدين الإسلامي وضع القصاص مرتكزاً أصيلاً في حالة ثبوت جريمة القتل. والحديث بنبرة مناهضة للحكم القضائي يعكس بُعد هؤلاء عن الدين والقانون، وربما عن المنطق أيضاً».
وعن مبررات المناهضين لحكم الإعدام، تقول النمرسي، إن «الرأي العام يتأثر عاطفياً بسهولة، وربما تمكن المتهم من تحقيق ذلك بكلماته خلال المحاكمة». وتردف بأن «الآراء الداعمة للقاتل تعكس مرور متبنيها بتجارب مماثلة؛ حيث إن الشخص يميل عادة إلى دعم موقفه. ربما هؤلاء الداعمون مروا بتجارب عاطفية فاشلة، ومن ثم يحمِّلون المرأة النتائج دون منطق أو أسباب واضحة».
من جانبها، ترى الدكتورة هبة عيسوي، أستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس، وزميلة الجمعية الأميركية للأمراض النفسية، أن سلوك الداعمين للقاتل: «نتاج شعور بالذنب بسبب تكرار الأخطاء، ما يدفع الشخص إلى ترسيخ ثقافة العفو عن المخطئ للتخلص من جلد الذات».
وتعدد عيسوي لـ«الشرق الأوسط» مبررات المدافعين عن القاتل، ومن بينها «ميكانيزم لمحاربة المخاوف الداخلية الناجمة عن الأخطاء، يعكس خللاً في مفهوم الحرية الشخصية وتفسير معاني الحب وحدودها. فهؤلاء يعتبرون المحب شخصاً يحق له تملك الطرف الثاني». وتقول إن «دعم القاتل يقع تحت وطأة التفكير الانفعالي الذي لا يقبل الرفض، وربما يعاني الشخص المؤيد لسلوك القتل بدافع الرفض، درجةً من جنون العظمة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
TT

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)
معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

ضمن مشروع الأفلام الذي يعدّه «مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري» في «مكتبة الإسكندرية» بعنوان «عارف»، يروي فيلم الأقصر التسجيلي الوثائقي تاريخ واحدة من أقوى العواصم في تاريخ الحضارات القديمة، ويستدعي ما تمثّله هذه المدينة من كنز حضاري منذ أن كانت عاصمة مصر في عهد الدولة الوسطى.

في هذا السياق، قال مدير المركز التابع لـ«مكتبة الإسكندرية»، الدكتور أيمن سليمان، إنّ «سلسلة أفلام (عارف) تقدّم القصص التاريخية عن الأماكن والمدن والمعالم المهمة في مصر، بصورة أفلام قصيرة تُصدّرها المكتبة»، موضحاً أنه «صدر من هذه السلسلة عدد من الأفلام ضمن منظور غير تقليدي هدفه توعية النشء والشباب بأسلوب سهل ومبسَّط؛ ولا تتعدى الفترة الزمنية لكل فيلم 3 دقائق، وهو متاح باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «فيلم (الأقصر) يتناول قصة واحدة من أقوى عواصم العالم القديم، عاصمة الإمبراطورية المصرية. طيبة أو (واست) العصية كما عُرفت في مصر القديمة، التي استمدت قوتها من حصونها الطبيعية. فقد احتضنتها الهضاب والجبال الشاهقة من الشرق والغرب، مثل راحتَي يد تلتقيان عند مجرى نهر النيل. وكانت رمز الأقصر عصا الحكم في يد حاكمها الذي سيطر على خيرات الأرض، فقد منَّ الله عليها بنعمة سهولة الزراعة، كما وصفها الإغريق».

«بوستر» الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

ولم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة. فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد كلما عانت التفكك والانقسام. ومن أبنائها، خرج محاربون عظماء، مثل منتُوحتب الثاني الذي أعاد توحيد الدولة المصرية وجعل الأقصر عاصمةً لها، وأحمس الذي صدَّ عدوان الغزاة، وفق ما يشير الفيلم.

وأوضح سليمان أنه «مع استقرار البلاد، تهيّأت الظروف لازدهار الثقافة والحضارة التي تحترم الإنسان وقدراته، رجالاً ونساءً. فقد تركت حتشبسوت نماذج فريدة في العمارة والفنون والثقافة والاستكشاف. وفي ساحات معابد الكرنك، اجتمع الأمراء والطلاب للعلم والعبادة معاً، مُشكّلين بذلك طابعاً خاصاً للشخصية المصرية. وسجّل تحتمس الثالث الحياة اليومية في الإمبراطورية المصرية، جنباً إلى جنب مع الحملات العسكرية، على جدران معبد الكرنك، في حين شيّد أمنحتب الثالث نماذج معمارية مهيبة شرق النيل وغربه».

جانب من الفيلم الوثائقي عن الأقصر (مكتبة الإسكندرية)

وتابع: «الأقصر تحتفظ بدورها الثائر ضدّ المحتل عبر عصور الاضطراب والغزو، مثل حائط صدّ ثقافي حافظ على الهوية المصرية. ودفع هذا الإسكندر والبطالمة والأباطرة الرومان إلى تصوير أنفسهم بالهيئة المصرية القديمة على جدران المعابد، إجلالاً واحتراماً. وقد احتضنت معابد الأقصر الكنائس والمساجد في وحدة فريدة صاغتها الثقافة المصرية، لتشكّل جسراً جديداً من جسور التراث والفكر».

ولفت إلى أنّ «شامبليون طاف بها 6 أشهر كاملةً ليملأ عينيه بجمال آثارها. فهي قبلة الباحثين من شتى أنحاء العالم، الذين يأتون إليها آملين أن تبوح لهم أرضها بأسرار تاريخ البشر، وأن تكشف لهم مزيداً من كنوز الفنون والآداب والعلوم».

وتهدف سلسلة «عارف» إلى تقديم نحو 100 فيلم وثائقي، وأصدرت أيضاً أفلام «توت عنخ آمون»، و«بورتريهات الفيوم»، و«هيباتيا»، و«سرابيوم الإسكندرية»، و«الألعاب في مصر القديمة»، و«القاهرة التاريخية».