الداخلية العراقية تتلقى 96 ألف بلاغ عن «محتوى هابط» في وسائل التواصل

وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري يترأس اجتماعاً أمنيا في بغداد أول من أمس (تلغرام)
وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري يترأس اجتماعاً أمنيا في بغداد أول من أمس (تلغرام)
TT

الداخلية العراقية تتلقى 96 ألف بلاغ عن «محتوى هابط» في وسائل التواصل

وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري يترأس اجتماعاً أمنيا في بغداد أول من أمس (تلغرام)
وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري يترأس اجتماعاً أمنيا في بغداد أول من أمس (تلغرام)

ما زالت النقاشات الحامية بين المؤيدين والمعترضين متواصلة، حول حملة القضاء ووزارة الداخلية ضد ما يوصف بـ«المحتوى الهابط»، الذي يقدمه بعض المشاهير والمدونين في مواقع التواصل الاجتماعي، وما نجم عنها من اعتقال وأحكام بالسجن تراوحت بين 6 أشهر إلى سنتين لبعض صناع المحتوى.
وفي آخر تطورات القضية، أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، في مؤتمر صحافي عقده أمس، بمقر الوزارة، أن وزارته تلقت 96 ألف بلاغ ضد ما يعد محتوى هابطاً في مواقع التواصل الاجتماعي، عبر منصة استقبال الشكاوى والإخبارات التي أطلقتها الوزارة مؤخراً لهذا الغرض.
وعدّ المحنا «تجاوب المواطنين دليلاً ومؤشراً» على صحة الإجراءات التي قامت بها وزارته بشأن عمليات الاعتقال، التي طالت بعض صناع المحتوى. وقال إن «قيادة وزارة الداخلية اتخذت قراراً لمنع نشر أي شيء مسيء، وكان هناك تعاون كبير بين وزارة الداخلية والقضاء العراقي».
وكرر المحنا ما أعلنته الوزارة سابقاً وهو أن «هذا الإجراء لا يستهدف تكميم الأفواه أو محاربة الحريات، إنما مكافحة المحتويات ذات المعالم المحددة التي تعد خرقاً صريحاً وواضحاً للقانون العراقي».
ورداً على سؤال بشأن علاقة بعض ناشري المحتوى (خصوصاً من النساء وما يعرفن بالموديلات) بضباط وزارة الداخلية والرتب العسكرية، أكد المحنا، أن «الوزارة ستحاسب أي شخص يثبت تورطه بعلاقة مع ناشري المحتوى الهابط والمنتهك للقانون، وهناك إجراءات إدارية خاصة بوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى، وإجراءات خاصة بناشر المحتوى الذي يسيء للمؤسسة الأمنية والمجتمع».
وعن حملة التشكيك التي يحاجج بها المعترضون على الحملة والمتعلقة بالمعايير التي تعتمدها الوزارة لتمييز المحتوى الجيد من الهابط، قال المحنا إن «المعيار الأول هو مدى الانتهاك القانوني، فالدستور العراقي كفل الحريات لكل المواطنين، لكن تبقى هذه الحرية مقيدة بشرط ألا تتعارض مع حريات الآخرين وسلامة وحياة الآخرين».
وكشف المحنا عن وجود «لجنة لفحص المحتوى، تعرض الموضوع على الجهة الأمنية، وهي من تقوم بعرضه على قاضي التحقيق، وهو من يحدد، فيما إذا كان هناك تجاوز على القانون أم لا؛ ليتم بعد ذلك اتخاذ الإجراءات القضائية».
وكان مجلس القضاء الأعلى، قد وجّه نهاية الأسبوع الماضي، باتخاذ إجراءات مشددة بحق أصحاب المحتوى المسيء للذوق العام على مواقع التواصل الاجتماعي، وطلب «اتخاذ الإجراءات القانونية المشددة بحق من يرتكب تلك الجرائم، بما يضمن تحقيق الردع العام».
ومن ضمن ما عدت جرائم يتطلب محاسبة مرتكبيها «نشر محتويات (عبر مواقع التواصل) تسيء للذوق العام، وتشكل ممارسات غير أخلاقية، إضافة إلى الإساءة المتعمدة، وبما يخالف القانون للمواطنين ومؤسسات الدولة بمختلف العناوين والمسميات».
وينظر المعترضون إلى قضية «الإساءة لمؤسسات الدولة بمختلف العناوين والمسميات» بوصفها أداة قد تفتح باباً واسعاً لملاحقة المعارضين للسلطة، وجماعات الرأي، ولا تقتصر القضية على أصحاب المحتوى الهابط.
ورغم اتفاقه على ضعف مستوى بعض المحتويات في مواقع التواصل الاجتماعي وهبوط مستواها، شكك قاضي النزاهة السابق رحيم العكيلي، في إمكانية ضبط عملية تمييز المحتوى الهابط من غيره، سواء على مستوى الأشخاص العاديين أو حتى على المستوى القضائي.
ونشر العكيلي مقالاً أمس، قال فيه: «ينبغي ألا يكون استهجان، ورفض، ومناهضة ظاهرة المحتويات الهابطة مبرراً لعدم نقد، وتقييم إجراءات الدولة للحد من تلك الظاهرة».
وأضاف العكيلي أن «الخطر الأكبر هو أن يساء استخدام القانون بحجة تطبيقه، ليتحول - عمداً أو تساهلاً، إلى أداة قمع تمس الحريات والحقوق، ويذهب بعض المستضعفين كأكباش فداء لها».
ورأى العكيلي، أن المادة (403) من قانون العقوبات الصادر عام 1969، والتي اعتُمدت لإدانة أصحاب المحتوى السيئ «كانت نادرة التطبيق، أو شبه منعدمة التطبيق، في ضوء ما يتراءى لي من متابعاتي لما يجري في المحاكم، لعدم وجود إحصاءات معلنة يمكن الرجوع إليها»، وأشار إلى أن «المفاهيم القانونية الفضفاضة يعجز المختصون عن إيراد تعريف قاطع ومحدد لها، ويختلفون فيما بينهم فيما يعد داخلاً فيها أو خارجاً عنها».
ويعتقد العكيلي أن «الدولة التي ينص دستورها على أنها (ديمقراطية) يكون واجب حكوماتها ومؤسساتها العامة حماية (الحقوق والحريات)، وليس (حماية الأخلاق)، وليس لها تالياً، أن تنصب نفسها (حارساً للأخلاق)، ولا وصياً على تصرفات الأفراد، لتحدد ما هو أخلاقي وغير أخلاقي، وما هو هابط أو غير هابط».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

معاوية صياصنة مراهق أشعل شرارة الثورة في درعا... وعاش نصر سقوط الأسد

مراهق كتب «حان وقتك يا دكتور» أشعل شرارة الثورة السورية (أ.ف.ب)
مراهق كتب «حان وقتك يا دكتور» أشعل شرارة الثورة السورية (أ.ف.ب)
TT

معاوية صياصنة مراهق أشعل شرارة الثورة في درعا... وعاش نصر سقوط الأسد

مراهق كتب «حان وقتك يا دكتور» أشعل شرارة الثورة السورية (أ.ف.ب)
مراهق كتب «حان وقتك يا دكتور» أشعل شرارة الثورة السورية (أ.ف.ب)

في غمرة غضبهم من الحياة تحت حكم بشار الأسد، كتب معاوية صياصنة الذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً وأصدقاؤه أربع كلمات على جدار في ملعب مدرستهم عام 2011.

أربع كلمات تحدٍ أدت إلى سجن المراهقين وتعذيبهم لأسابيع، مما أدى إلى اندلاع أول احتجاجات في سوريا في أوائل هذا العام.

أربع كلمات أشعلت ثورة تحولت إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في العصر الحديث.

أربع كلمات تقول ببساطة: «حان دورك يا دكتور»، كانت إشارة إلى الأسد، الذي كان طبيب عيون في لندن قبل أن يعود إلى سوريا لمواصلة حكم عائلته الوحشي، وفق تقرير لصحيفة «إندبندنت».

يتذكر معاوية وهو يقف أمام الجدار نفسه في مدينة درعا: «لقد قضينا 45 يوماً تحت التعذيب في السجن بسبب هذه الكلمات. كان الأمر لا يوصف. كنا أطفالاً - معلقين، ومضروبين، ومصعوقين بالكهرباء».

انتهى الأمر بمعاوية بالقتال مع «الجيش السوري الحر»، وبعد سنوات، انضم إلى التنظيم المسلح الذي لم يطرد الجيش السوري من درعا الأسبوع الماضي فحسب، بل كان أول من استولى على العاصمة دمشق.

ويقول معاوية لصحيفة «الإندبندنت»: «في عام 2011، بعد بدء الثورة، طالبت المنطقة بأكملها بعودة أطفالها. نحن فخورون بما فعلناه لأن الكبار لم يتمكنوا من القيام بذلك».

قضى معاوية ورفاقه 45 يوماً تحت التعذيب في السجن بسبب هذه الكلمات (أ.ب)

الآن، وهو في الثلاثين من عمره وأب، لم يكن هناك أي طريقة يمكن أن يتنبأ بها معاوية بالتأثير الذي أحدثه فعله البسيط في سن المراهقة.

لم يكن ليتخيل قط أنه بعد أكثر من عقد من الزمان، وبعد فراره من القصف المكثف للجيش السوري على درعا وتحوله إلى لاجئ، سيعود ويتبع الفصائل المسلحة ليعلن سقوط الأسد.

وقال وهو يمسك ببندقيته في ساحة الشهداء بالعاصمة: «حدثت المعركة في درعا فجأة. لقد فوجئنا - في لحظات، غزونا المدينة ثم دمشق، وكانت هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها في العاصمة».

أضاف: «عندما كتبنا هذه الكلمات قبل سنوات عديدة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى هذا. بصراحة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى انتفاضة كل سوريا ودرعا. لكننا طالبنا بحريتنا، والآن نحن باقون على أرض وطننا».

وفق ما روى: «كانت الحرب صعبة. أصيب العديد. مات العديد من الناس. فقدنا الكثير من الأحباء، ومع ذلك نشكر الله. لم يضيّع دماء الشهداء. سادت العدالة، وانتصرت الثورة».

وقع هجوم الصوان الذي أشعل كل هذا في هذه المدينة الجنوبية الصغيرة التي لم يسمع عنها سوى القليل قبل عام 2011.

وتقع درعا على مسافة أميال قليلة من حدود سوريا مع الأردن، وكان عدد سكانها قبل الحرب 117000 نسمة فقط. قبل الانتفاضة، كانت الحياة صعبة.

ويلقي معاوية باللوم على وصول رئيس الأمن الجديد في المنطقة، عاطف نجيب، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وكان سيئ السمعة بسبب قوانينه القمعية، ولأنه أشرف شخصياً على سجن معاوية وأصدقائه.

تم القبض على ما لا يقل عن 15 فتى من عائلات مختلفة وتعرضوا لتعذيب شديد (أ.ب)

وبحلول أوائل عام 2011، كانت الشوارع تخنقها نقاط التفتيش التابعة للشرطة. ويتذكر معاوية: «لم يكن بوسعك الدخول أو الخروج. كنا نشاهد الاحتجاجات في مصر وتونس، حيث كانت الأنظمة تنهار. لذلك كتبنا (الدور عليك يا دكتور)، وأحرقنا نقطة التفتيش التابعة للشرطة».

تم القبض على ما لا يقل عن 15 فتى من عائلات مختلفة، وتعرضوا لتعذيب شديد. ويقال إن أحدهم توفي متأثراً بجراحه.

ويتذكر معاوية كيف أخبرت السلطات والديهم: «انسوا أطفالكم. أنجبوا أطفالاً جدداً. وإذا نسيتم كيف تفعلون ذلك، فأحضروا زوجاتكم».

وبحلول شهر مارس (آذار)، بدأ الآلاف ــ ثم عشرات الآلاف ــ يتجمعون بانتظام حول مسجد العمري في المدينة، مطالبين بعودة الأطفال. وأشعل ذلك احتجاجات المواطنين المحبطين في مختلف أنحاء البلاد.

ووفق معاوية: «لقد فوجئنا بما حدث. وطالب الجميع بعودة الأطفال ــ الأسر داخل درعا، ولكن أيضاً في مختلف أنحاء سوريا».

ويقول إيهاب قطيفان، 50 عاماً، الذي كان من بين حشود المحتجين في ذلك الوقت، إن احتجاز الأطفال كان القشة التي قصمت ظهر البعير.

ويتذكر من خارج المسجد نفسه، بعد 13 عاماً: «كنا في وضع بائس، كما رأيتم بأم أعينكم السجون، والمعتقلات، وآلات التعذيب. لقد تعرضنا للقمع من قِبَل كل فرع من فروع الجيش السوري».

لكن الاحتجاجات قوبلت بالعنف من قِبَل السلطات، وتصاعدت الأمور من هناك. واستمر القتال لمدة سبع سنوات وحشية، وخلال هذه الفترة دمر الجيش السوري درعا. ومن بين القتلى والد معاوية، الذي قُتل بقنابل الجيش السوري في عام 2014 في أثناء ذهابه إلى صلاة الجمعة.

وبحلول عام 2018، استسلمت الفصائل المسلحة، وبموجب شروط الاتفاق، أُجبرت على الجلاء نحو محافظة إدلب في شمال غربي البلاد. ومن بين الذين فروا هناك معاوية، الذي هرب بعد ذلك إلى تركيا، حيث تحمل مصاعب الحياة بصفته لاجئاً.

في حالة من اليأس والإفلاس، عاد في نهاية المطاف إلى مسقط رأسه عبر طرق التهريب، وفي وقت سابق من هذا الشهر - مع اجتياح قوات المعارضة من إدلب لحلب وحماة وحمص - انضم إلى شباب درعا المحبطين، الذين انقلبوا مرة أخرى على الحكومة السورية. وبشكل فاجأ الجميع، تمكن الجنود السوريون الذين كانوا يخشونهم لعقود عديدة قد اختفوا.

في درعا، كانت ندوب المعارك التي خلفتها سنوات طويلة قد حفرت مساحات شاسعة من المدينة. والآن يلعب الأطفال كرة القدم في ظلال الهياكل الشاهقة لمباني الشقق. وحاولت الأسر إعادة بناء منازل مؤقتة في أطلال منازلها السابقة. هناك، لم يعرف المراهقون سوى الحرب.

يقول صبي يبلغ من العمر 16 عاماً، وهو يراقب أصدقاءه يلعبون كرة القدم بجوار المدرسة حيث بدأت رسومات الغرافيتي التي رسمها معاوية: «دُمر منزلي، واختفى والدي قسراً، وقتل أخي. لا أتذكر أي شيء قبل ذلك باستثناء القتال». ويضيف بحزن: «أولى ذكرياتي هي رؤية الجنود السوريين يطلقون النار على الناس».

لكن معاوية، الذي يبلغ ابنه الآن ست سنوات، لديه أمل - ليس لنفسه - بل للجيل الجديد.