غازي عنتاب سليمة بين مدينتين مدمرتين

الحياة تدب فيها ببطء بعد الزلزال... لكن الخوف مقيم بين سكانها

انتشال جثة من بين الأنقاض في غازي عنتاب أمس (د.ب.أ)
انتشال جثة من بين الأنقاض في غازي عنتاب أمس (د.ب.أ)
TT

غازي عنتاب سليمة بين مدينتين مدمرتين

انتشال جثة من بين الأنقاض في غازي عنتاب أمس (د.ب.أ)
انتشال جثة من بين الأنقاض في غازي عنتاب أمس (د.ب.أ)

عادت، أمس، مدينة غازي عنتاب إلى الحياة الطبيعية على خجل. بعد ثمانية أيام على الزلزال الذي ضرب تركيا وضرب أساساً مدينة كهرمان مراش المجاورة وصولاً إلى أنطاكيا. كانت عنتاب محظوظة لتلقي هذا القدر فقط من الضرر.
أسقط الزلزال الكبير الذي ضرب البلاد العديد من المباني في وسط المدينة وأطرافها، لكن الضرر بقي قليلاً مقارنة بقوة الزلزال الذي ضرب البلاد فتضررت منه مراش المجاورة وأنطاكيا البعيدة، فيما كان ضرر عنتاب الموجودة وسط المدينتين المنكوبتين ضئيلاً مقارنة بهما، وكثيراً بنظر سكانها الذين عاشوا ساعات من الرعب تلتها أيام من القلق.
يقول عبد الوهاب إن الزلزال كان من القوة بحيث «إننا لم نعتقد أننا سنبقى على قيد الحياة». وأضاف: «كنت نائماً فاستيقظت على الاهتزازات العنيفة، وقفت ثم وقعت، ثم نهضت راكضاً نحو سرير طفلتي. وقفت معها ومع زوجتي بعض الوقت تحت عتبة الباب، ثم أخذنا قرار النزول من المبنى لأن الهزات لم تنتهِ، بل زادت عنفاً». وتابع: «ربما كنت مخطئاً بهذا القرار، فالنزول على الدرج كان شبيهاً بالركض داخل خلاط كبير، لكننا كنا نتحرك من دون وعي حتى وصلنا إلى الحديقة المجاورة، وقفنا تحت المطر والثلج نشاهد الأبنية حولنا تتراقص، فلا نشعر بالبرد ولا الألم... فقط بالرعب».
انتهت الهزات، لكن القلق لم ينتهِ، نام أفراد العائلة في السيارة كبقية العائلات، ولاحقاً أرسل ابنته وزوجته إلى عائلتها في العمق التركي «لتجنيبهما المزيد من الخوف مع استمرار الهزات الارتدادية المخيفة... فكل هزة تعيدنا إلى رعب الزلزال».

فريق إنقاذ ماليزي يبحث عن جثث تحت أنقاض مبنى في غازي عنتاب أمس (د.ب.أ)

أما جلال، فكانت تجربته مشابهة أيضاً، يقول: «لم أعرف كيف أصبحنا في الشارع. هذه المرحلة ما زالت ضبابية، كل ما أذكره هو هدير قوي من الأرض وتأرجحنا واصطدامنا المتكرر بالأشياء من حولنا». ستبقى هذه الذكرى ضبابية لجلال، لكن الرعب الذي عاشه مع عائلته «سيبقى ماثلاً إلى الأبد».
زوجة جلال عادت إلى المدينة لتوها. غادرت لنحو أسبوع إلى منزل عائلتها في بورصة، قبل أن تحتكم إلى «الواقعية» وتعود. تقول: «منزلنا لم يتضرر، وعلينا أن نكمل حياتنا. أعتقد أنني تسرعت بالمغادرة، لكن الاحتياط واجب».
السير في عنتاب يعكس هذا الواقع. حركة السير مقبولة، والمتاجر الصغيرة فتحت أبوابها، حتى إن الكثير من الأهالي نزلوا إلى المقاهي. مقهى «ستاربكس» في وسط عنتاب كان يشهد حركة مقبولة لواقع أنه في مدينة ضربها زلزال للتو. يقدم المقهى القهوة لزواره مجاناً، لكنه لا يبيع أي شيء آخر، لأن «النظام متوقف»، كما يقول عامل في المقهى. يقول أحد رواد المقهى إن سلسلة المقاهي العالمية لم تصدر أي تعليق مواساة مع الزلزال في الأيام الثلاثة الأولى، فكانت حملة كبيرة من المواطنين الأتراك عبر وسائل التواصل الاجتماعي تدعو لمقاطعتها و«ربما هذه طريقتهم في الاعتذار».
أضرار عنتاب كانت أكبر في القرى المحيطة بها، والتابعة لها إدارياً، لكن عنتاب خسرت مع ذلك قلعتها التاريخية التي أصيبت بأضرار بالغة، أما الكهرباء فلم تنقطع، وكذلك التغطية الهاتفية والإنترنت. المياه عادت يوم السبت، والجميع ينتظر عودة الغاز لتكتمل صورة الخدمات الأساسية.
وفي الانتظار، يتأقلم السكان الباقون في المدينة مع نحو 70 هزة يومياً. يقول عبد الوهاب إن هذه الهزات باتت هاجسه. «في الأيام الثلاثة الأولى لم أنم سوى ساعتين. كلما هدأت أحس بأن الأرض تهتز، ويعود خوف الزلزال إلى الظهور. الخبراء يطمئنوننا بأن هذه الهزات لا توحي بزلزال قادم ما دام معدلها لا يتجاوز أربع درجات... لكن مع هذا من سيقنع من عاش التجربة بالعودة إلى حياة طبيعية وكأن شيئاً لم يكن؟».


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات. وبينما قتلت الغارات الإسرائيلية 3 فلسطينيين بينهم طفلان في قصف جوي، واصلت عمليتها البرية في شمال غزة وقالت إنها تقترب من «هزيمة (حماس)» هناك.

وقتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في قصف جوي في بلدة «طمون» شمال الضفة، بينهم آدم بشارات (24 عاماً)، الذي يعتقد أنه الهدف الرئيسي، والطفلان رضا بشارات (8 سنوات) وحمزة بشارات (10 سنوات) ما يرفع عدد من قتلهم الجيش منذ بدأ عملية واسعة في شمال الضفة إلى 6 فلسطينيين، وكان ذلك بعد مقتل 3 إسرائيليين في هجوم فلسطيني قرب قلقيلية يوم الاثنين الماضي. وقتلت إسرائيل 3 فلسطينيين آخرين، يوم الثلاثاء، في طمون وقرب نابلس.

مشيعون يحملون جثمان جعفر دبابسة (40 عاماً) خلال جنازته في قرية طلوزة بالقرب من مدينة نابلس الثلاثاء (إ.ب.أ)

وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن طائرة تابعة لسلاح الجو هاجمت «خلية إرهابية» شمال الضفة، لكن بعد اكتشاف مقتل طفلين في القصف، قال الجيش إنه فتح تحقيقاً حول الأمر.

وقال الجيش في بيانه إن «الغارة جاءت بعد رصد إرهابي يقوم بزرع عبوات ناسفة في منطقة تنشط فيها قوات الأمن».

وبحسب مصادر عسكرية فإن التحقيق «يشمل إعادة النظر في تحديد أهداف الغارة، والتأكد من عدم وجود أخطاء في عملية الاستهداف».

ساحة رئيسية

التصعيد في الضفة جاء بعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه صادق على زيادة العمليات الدفاعية والهجومية في الضفة الغربية، رداً على عملية قلقيلية.

وقال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» في خريطة التهديدات الإسرائيلية.

ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن كاتس قوله في لقاء جمعه مع قادة ورؤساء المستوطنين ومجالسهم في الضفة، إن «يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل ونحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وأضاف: «إننا نرى تهديدات متزايدة للمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ونحن نستعد مع الجيش الإسرائيلي لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا».

قوة إسرائيلية خلال غارة على مخيم الفرا للاجئين قرب مدينة طوباس بالضفة الغربية الثلاثاء (د.ب.أ)

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ رؤساء السلطات بالخطوات الفورية التي وجه الجيش الإسرائيلي باتخاذها لتعزيز الأمن في المنطقة، بما في ذلك زيادة النشاط العسكري، وتنفيذ إجراءات مضادة واسعة النطاق في البلدات وتعزيز إنفاذ القانون على طول طرق المرور، والتزام الجهاز الأمني بتوسيع العمليات العملياتية في كل ساحة يتم فيها تنفيذ هذه العمليات.

ضغط بموازاة المفاوضات

وبينما قرر الجيش التصعيد في الضفة الغربية، وأنه حولها إلى ساحة تهديد رئيسية، واصلت القوات الإسرائيلية عمليتها البرية في قطاع غزة، في الشمال والوسط والجنوب.

وتعهد رئيس الأركان هيرتسي هاليفي بمواصلة القتال في غزة، حتى تصل حماس إلى «نقطة تفهم فيها أن عليها إعادة جميع المختطفين».

وقالت «القناة 12» الإسرائيلية إن الجيش يواصل عمليته في شمال قطاع غزة بالتوازي مع المفاوضات الجارية للتوصل إلى اتفاق، وقام بتعميق نشاطه في مناطق مختلفة في الأيام الأخيرة بينها بيت حانون، وهي المنطقة التي تدور فيها المعارك الأعنف في قطاع غزة خلال هذه الفترة.

وقالت القناة إن «القوات في المراحل النهائية لتطهير شمال قطاع غزة من الإرهابيين».

ونقلت القناة العبرية أن «الشعور السائد لدى الجنود أن (حماس) قد تنازلت عن شمال القطاع». وزعموا أن انخفاضاً كبيراً في الاحتكاك حدث في جباليا وبيت لاهيا وأن «العديد من المسلحين يفرون إلى الجنوب بأعداد غير مسبوقة».

لكن الجيش الإسرائيلي أعلن مراراً خلال حربه على غزة سيطرته على شمال القطاع، قبل أن يعود المسلحون الفلسطينيون لمفاجأته بعمليات وإطلاق صواريخ تجاه المستوطنات.

صاروخ اعترضه الدفاع الجوي الإسرائيلي يوم الأربعاء فوق بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن «المعارك مستمرة، وما يجري (من تحريك للمسلحين) هو تكتيك». وأضافت أن طبيعة المعارك تفرض «قاعدة الكر والفر» في العمل الميداني.

ويواجه الجيش الإسرائيلي معارك عنيفة في شمال غزة، إذ أعلن، الثلاثاء، عن مقتل المزيد من جنوده في المعارك الدائرة هناك. وإلى جانب المعركة في الشمال، واصلت إسرائيل قصف مناطق في القطاع في مدينة غزة، وخان يونس، وقتلت 15 فلسطينياً على الأقل، الأربعاء.

وقالت وزارة الصحة، إن حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ارتفع إلى 45.936 و 109.274 مصاباً منذ السابع من أكتوبر 2023.