عائلة تركية تعيش تجربة الزلزال والتشرد: سمعنا الجيران يصرخون لثلاثة أيام... ثم اختفى الصوت

أحد شوارع أنطاكيا (أ.ف.ب)
أحد شوارع أنطاكيا (أ.ف.ب)
TT

عائلة تركية تعيش تجربة الزلزال والتشرد: سمعنا الجيران يصرخون لثلاثة أيام... ثم اختفى الصوت

أحد شوارع أنطاكيا (أ.ف.ب)
أحد شوارع أنطاكيا (أ.ف.ب)

لم يقتل الزلزال أفراد عائلة المقاول إبراهيم في قلب أنطاكيا، لكنه أعطاهم تجربة جعلت هذا الزلزال تقويمهم التاريخي الجديد، «فكل شيء سيكون من اليوم فصاعداً قبل الزلزال وبعده»، كما يقول الأب الذي يقيم مع عائلته وأقاربه في مبنى متوسط العمر مؤلف من 3 طبقات في وسط مدينة أنطاكيا.
بدأت قصة العائلة، كما قصص جميع أهالي المدينة بعيد الرابعة من فجر يوم الاثنين الماضي، «بدأت البناية تموج بنا ويتساقط كل شيء حولنا»، كما تقول والدة إبراهيم، «وسيلة» البالغة من العمر نحو 80 عاماً. تضيف: «لا نعرف كيف خرجنا من المنزل، ليستقبلنا الشتاء الغزير الذي كان ينهمر بقوة». وتشير إلى «أن الأصوات العالية التي سمعتها من هدير الزلزال كانت هي الأكثر رعباً. يأتي هدير الهزة فترتعب العائلة، يليها صوت الرعد الذي يهز المنزل أيضاً، وكنا نقوم فنقع أرضاً ثم نقوم مجدداً ونصطدم بكل ما حولنا إلى أن أصبحنا في الخارج تحت رحمة الطبيعة التي لم ترحم».

أنطاكيا صباح اليوم الأحد (د.ب.أ)

تبكي وسيلة مدينتها «الجميلة» التي لن تعود أبداً كما كانت، «كل شيء انتهى»، تضيف بأسى. كما تبكي جيرانها الذين قتل العديد منهم جراء الزلزال، وأختها التي دفنت في قرية بعيدة في الوقت الذي كانت تحدثنا فيه. تقول باكية: «أختي ماتت، كانت تعيش في وسط أنطاكيا، ولم أستطع وداعها. هم يدفنونها الآن، وأنا هنا لا أعرف ما سيكون عليه يومي».
يتدخل شقيقها يونال (60 عاماً) ليصف تجربة مماثلة في مواجهة الزلزال وخوفه على أولاده. لا يتذكر يونال نزوله من الطابق الثالث مع 3 من أولاده وزوجته: «كل شيء حصل بسرعة وببطء في الوقت نفسه». يضيف: «قالوا لنا إن الزلزال استمر أقل من دقيقة، لكننا كنا نشعر أنه استمر لساعات ولن ينتهي. ما زلنا إلى الآن نشعر باهتزاز الأرض، وكلما عادت إلينا هزة (ارتدادية) عاد معها إحساسنا بالزلزال وخوفنا منه. أي شي يتحرك نعتقد أنه الزلزال».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1624703873624707072
اهتز المنزل بقوة، لكنه لم يسقط. يعتقد إبراهيم أن السبب هو أنه بناه بنفسه «وما كان يحتاج طناً من الحديد، وضعت فيه طنين»، يقول: «لقد بنيته بنفسي وأحسنت بناءه. لقد اهتز وتحطم، لكنه لم يسقط ولم يقتلنا. رغم اعتقاد إبراهيم بمناعة منزله، إلا أن الأمر أيضاً ينطبق على العديد من المنازل الأخرى في المحيط. هذه المنازل هجرها أصحابها إلى أماكن أخرى. أما إبراهيم وعائلته فلم يذهبوا إلى أي مكان: «لا مكان لدينا نذهب إليه».
يونال أرسل ابنه إلى إسطنبول إلى أولاد عمه، وأرسل البنتين إلى ابن عم آخر في أنقرة... «حتى يستحموا وينالوا بعض الراحة مما عانيناه». ماذا بعد؟ يقول: «ننتظر الحكومة وما سوف تقرره بشأننا».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1624717088215670785
منذ الزلزال، تقيم العائلة في سياراتها أمام المنزل. ينامون فيها ويديرون محركاتها لبعض الوقت للتدفئة «فالبرد شديد ومستحيل أن ننام من دون تدفئة». يقننون في استعمال الوقود، «وعندما ينتهي ما لدينا سنفكر بحل آخر»، يقول يونال، ويشير إلى جرابه، قائلاً: «اليوم استطعت أن أغيره. ندخل إلى منزلنا بسرعة ونخرج منه بسرعة أكبر لأخذ ما نحتاجه. مجرد الدخول مغامرة غير محسوبة».
تركت العائلة وحيدة أمام منزلها لثلاثة أيام قبل وصول طلائع وحدات الإنقاذ. تقول «وسيلة»: «ثلاثة أيام لم يأتنا أحد. كنا مذعورين وجائعين ونشعر بالبرد الشديد». وتضيف: «الكهرباء ذهبت منذ الهزة الأولى، ولحقتها المياه والهاتف والإنترنت. شربنا مياه الأمطار، وننام في سيارتنا... عزلنا عن العالم وبقينا وحدنا تحت رحمة الطقس العاصف وعصابات اللصوص التي بدأت تحوم في المنطقة».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1624703606770520065
التجربة الأسوأ كانت في أصوات جيرانهم العالقين تحت الأنقاض. تقول زوجة إبراهيم، أوزلام، «كنا نسمع بعضهم يصرخ طلباً للنجدة، ولم يكن في يدنا ما نفعله، فالبناء مهدم والاقتراب منه مستحيل من دون معدات وقوة رجال». وتضيف بصوت يتحشرج كلما استفاضت بالحديث عن هذه العائلات، وبين هؤلاء عائلة سورية من أم وثلاثة أولاد. تقول: «كان الصبي يصرخ طالباً مساعدة عائلته العالقة تحت الأنقاض، كان محشوراً تحت جدار وقع عليه. يصرخ ويصرخ إلى أن (طق ومات). الابنة الصغيرة مصابة أيضاً وكانت تصرخ (كرمال الله خلصوني)، لكن ما من مجيب. بعد ثلاثة أيام لم نعد نسمع شيئاً. لقد تأخروا كثيراً، وكان بالإمكان إنقاذهم. ما زلت أذكرهم، كانوا عائلة فقيرة هربت من الموت في سوريا ومات أفرادها هنا»، مشيرة إلى مبنى قريب متهدم، مؤكدة أن الجثث لا تزال في مكانها حتى الآن.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إيران تعتقل مغنية بثت حفلاً على «يوتيوب» دون حجاب

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تعتقل مغنية بثت حفلاً على «يوتيوب» دون حجاب

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اعتقلت السلطات الإيرانية مغنية بعد أن أدت حفلاً افتراضياً على «يوتيوب»، حسبما أفاد محامٍ.

وقال ميلاد بناهيبور، المحامي الإيراني، إن باراستو أحمدي (27 عاماً)، اعتُقلت في مدينة ساري، عاصمة محافظة مازندران الشمالية، يوم السبت.

يوم الخميس، أقامت السلطة القضائية قضية تتعلق بأداء باراستو أحمدي في الحفل؛ حيث غنت مرتدية فستاناً أسود طويلاً بلا أكمام ولا ياقة ودون حجاب، وكان برفقتها 4 موسيقيين ذكور.

ونشرت باراستو أحمدي حفلها على «يوتيوب» قبلها بيوم، قائلة: «أنا باراستو، فتاة تريد أن تغني للناس الذين تحبهم. هذا حق، الغناء لأرض أحبها بشغف». وقد تمت مشاهدة الحفل الافتراضي أكثر من 1.4 مليون مرة.

قال بناهيبور، لوكالة «أسوشييتد برس»: «للأسف، لا نعرف التهم الموجهة ضد باراستو أحمدي، أو من اعتقلها، أو مكان احتجازها، لكننا سنتابع الأمر من خلال السلطات القانونية».

وأضاف أن اثنين من الموسيقيين في فرقة أحمدي، هما سهيل فقيه نصيري وإحسان بيرغدار، اعتُقلا في طهران يوم السبت.

شهدت إيران احتجاجات في عام 2022 بعد وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، بعد اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق في البلاد بسبب عدم ارتدائها الحجاب.