«ولا في الأحلام»... عرض مسرحي مصري يستعيد «رومانسية الستينات»

يأخذ الجمهور إلى زمن «الأبيض والأسود»

مسرحية «ولا في الأحلام» تدور أحداثها بحقبة الستينات (مؤلف العمل)
مسرحية «ولا في الأحلام» تدور أحداثها بحقبة الستينات (مؤلف العمل)
TT

«ولا في الأحلام»... عرض مسرحي مصري يستعيد «رومانسية الستينات»

مسرحية «ولا في الأحلام» تدور أحداثها بحقبة الستينات (مؤلف العمل)
مسرحية «ولا في الأحلام» تدور أحداثها بحقبة الستينات (مؤلف العمل)

يبدو أن مسرح قصر النيل العريق، القابع في وسط القاهرة، يأبى أن يتخلى عن رومانسيته المعروفة؛ فذلك الصرح الذي لطالما توافد إليه المصريون من كل مكان منذ منتصف القرن الماضي؛ لحضور حفلات كوكب الشرق أم كلثوم، وهي تشدو على خشبته بروائعها الشهيرة، وكذلك حفلات نجوم الطرب عبد الحليم حافظ، ومحمد عبد المطلب، ومحمد فوزي، ووردة، ها هو يعود بقوة ليتصدر مشهد الرومانتيكية على مشارف عيد الحب بالألفية الثالثة، وذلك من خلال عمل فني جديد اجتذب جمهوراً واسعاً في يوم افتتاحه، مساء (الخميس).
بيد أن المسرح اختار هذه المرة مدخلاً مختلفاً للحب، اتخذ قالب المسرحية الرومانسية؛ حيث قدمت فرقة «المسرح الغنائي المصري» على خشبته عملها الجديد «ولا في الأحلام»، ذا النزعة الغنائية، والتي كانت مصدراً لمتعة جمالية مضافة للنص.
تستمد المسرحية قيمتها الإنسانية مما ترسخه من أفكار تعكس فلسفة عميقة عن الحب والسعادة والأخلاق الطيبة، ولذلك اختار المؤلف والملحن إبراهيم موريس أن تدور الأحداث في حقبة الستينات من القرن الماضي؛ وهو ما يبرره، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هي الحقبة الأكثر بساطة وثراءً ورومانسية في العالم كله، وليس مصر وحدها، وقد أردت أن تتمتع المسرحية بهذه السمات ذاتها، فكان من الطبيعي أن أختار الستينات كبعد زمني لها».

تجري الأحداث في قالب كوميدي - رومانسي بأحد أحياء القاهرة، حين يتوصل مخترع يدعى «برجل» إلى تحضير مادة كيميائية في معمله يطلق عليها اسم «إكسير الحب»، بهدف التأثير على العقل الباطن لمن يتناولها، بحيث تتحقق كل طموحاته في الأحلام، ويختبر المخترع المادة على أخيه الأصغر «سفرجل»، ويتتبع تأثير الدواء على حياته وعلاقته بمحبوبته وبالآخرين.
وتتوالى الأحداث حتى الوصول إلى حقيقة أن السعادة مصدرها الحقيقي داخل الإنسان نفسه، وليست في الأشياء أو الأشخاص المحيطين به، وأن على المرء بدلاً من أن يشعر بالضجر عند تأخر تحقيق أمنياته أن يعمل على تطوير نفسه. وما يُحسب للعمل أنه يجعل المشاهدين يقعون في حيرة كبيرة، ويتساءلون: هل شقيق المخترع استيقظ من الحلم أم أنه لا يزال يحلم؟ إلى أن يتلقوا الإجابة بمفاجأة في النهاية.
بعيداً عن مغزى العمل ومفاجآته، فإن ثمة متعة فنية تغلّف أجواء العرض؛ وأسهم في ذلك عدة عناصر فنية؛ إذ جاءت الحبكة محتدمة والأحداث منطقية على المسرح، تُطرزها أغانٍ حية أداها أبطال العمل -12 ممثلاً- وكان هناك حرص عند اختيارهم على إجادتهم للغناء، فالبطل الرئيسي هو الفنان محمد عبده، أحد أعضاء الفرقة الغنائية «بلاك تيما»، وكذلك سائر الفريق، مثل كريستين عشم وشادي عبد السلام وتالا رضوان ونادين براي وهاني عبد الناصر ومنار الشاذلي وحبيبة وبهاء الطومباري وروبير أمير، حتى بطلة العمل الممثلة العائدة للفن بعد غياب منى هلا قامت بالغناء «لايف» على خشبة المسرح.

يستند البعد الكوميدي في المسرحية إلى كوميديا الشخصيات والمواقف والحوار، دون خروج عن النص أو كوميديا الـ«إفيهات»، مع بعض الإسقاطات على الواقع.
وتأتي الموسيقى في قلب العمل المسرحي ممتزجة بالفعل الدرامي ومشاركة فيه، وليست مجرد عنصر خارجي أو مسجل مفتعل، فضلاً عن الموسيقى التي أطلت على المتلقي عبر خلفية الحوار والمشاهد السردية.
جاء ذلك كله مغلفاً بأجواء رومانسية، «كأنها صرخة تطلقها المسرحية للفت الأنظار إلى الاحتياج للحب في المجتمع»، وفق مؤلف العمل، الذي يضيف: «فقد الناس الحب وابتعدوا عنه، وأصبح الجفاء هو ما يسود مشاعرهم، ويسيطر عليهم، وهو أيضاً سبب صعوبة الحياة، ووراء ارتفاع معدلات الشجار والصراع والطلاق، وقد أرادت المسرحية أن تؤكد أن الحب كفيل بعلاج كل ذلك».
يحمل العمل حنيناً واضحاً إلى الماضي، كأنه يأخذ الجمهور إلى أفلام «الأبيض والأسود» بكل رومانسيتها وقصص الحب الملتهبة؛ ورغم ذلك تمتعت المسرحية بتقنيات حديثة ورؤية عصرية لم تتعارض مع أجوائها، ومن ذلك الشاشات المتحركة في الخلفية، فضلاً عن اللعب بالإضاءة والصوت.
يستمر عرض المسرحية حتى 19 مارس (آذار) المقبل، وهي التعاون الثاني بين مؤلفها إبراهيم موريس ومخرجها هاني عفيفي، بعد مسرحيتهما «ليلة» التي عُرضت عام 2017.


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.