«حماس» تواصل مشاوراتها في القاهرة لليوم الثاني... و«التهدئة» تتصدر الأولويات

مصادر لم تستبعد مناقشة ملفَي «تبادل الأسرى» و«المصالحة»

قادة «حماس» (alarabiya.net)
قادة «حماس» (alarabiya.net)
TT

«حماس» تواصل مشاوراتها في القاهرة لليوم الثاني... و«التهدئة» تتصدر الأولويات

قادة «حماس» (alarabiya.net)
قادة «حماس» (alarabiya.net)

لليوم الثاني، يواصل وفد حركة «حماس» مشاوراته مع المسؤولين الأمنيين في القاهرة، بهدف بحث إجراءات التهدئة في الأراضي المحتلة، والحد من التصعيد.
وكان وفد الحركة بدأ لقاءاته مع مسؤولي الاستخبارات المصرية، فور وصول إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إلى القاهرة، أمس (الأربعاء)، ويضم وفد الحركة، بحسب مصادر فلسطينية، صالح العاروري نائب رئيس الحركة، وخالد مشعل رئيس الحركة في الخارج، وخليل الحية رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية، وروحي مشتهى عضو المكتب السياسي للحركة.
وأفادت مصادر فلسطينية مطلعة على مجمل المشاورات التي يجريها وفد «حماس» في القاهرة، بأنه من المقرر أن تُعقد جلسات عدة للنقاش، خلال اليوم الثاني، حيث سيطرح وفد حركة «حماس» رؤيته بشأن مجموعة من الملفات الأساسية، في مقدمتها تهدئة الأوضاع في الداخل الفلسطيني، وسيركز على ضرورة وقف إسرائيل لاقتحاماتها للمناطق والبلدات الفلسطينية، ووقف الاستفزازات في الأماكن المقدسة، خصوصاً زيارات مسؤولين إسرائيليين إلى المسجد الأقصى.
وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن وفد «حماس» أكد للمسؤولين المصريين أن الحركة «لم تشارك حتى الآن في أي عمليات ضد قوات الاحتلال»، وأن ما وقع خلال الآونة الأخيرة كان مجرد «عمليات فردية من قبل عناصر محسوبة على الحركة، نتيجة الاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية»، وأن الحركة «لا تزال ملتزمة ومتمسكة بالتهدئة».
وكانت مصر دعت حركة «حماس» لإجراء مشاورات في القاهرة، عقب التصعيد الأخير في الأراضي المحتلة، حيث بدأت القاهرة سلسلة من الاتصالات المكثفة مع مختلف الأطراف، سواء في السلطة الفلسطينية، أو على صعيد الفصائل، إضافة إلى اتصالات مع الحكومة الإسرائيلية، بهدف الحد من الإجراءات التصعيدية من الجانبين.
وتشهد الأراضي المحتلة، خلال الأسابيع الأخيرة، حالة من التوتر، بعد تصاعد انتهاكات القوات الإسرائيلية، ووقوع سلسلة من الحوادث الدامية أوقعت العديد من القتلى والجرحى بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأشارت المصادر إلى أن مشاورات «حماس» في القاهرة ستتطرق كذلك إلى ملف المصالحة الفلسطينية، والأسرى، وتحسين الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، وتنظيم إجراءات دخول العمالة الفلسطينية إلى المناطق الإسرائيلية.
ورجحت المصادر أن تقتصر المشاورات التي يجريها المسؤولون الأمنيون المصريون على حركتي «حماس» و«الجهاد»، وأضافت أن القاهرة على تواصل مستمر مع حركة «فتح»، وأنه جرت اتصالات مع قيادات الحركة بالضفة الغربية في وقت سابق، وأنه «لا مجال حتى الآن لتوسيع دائرة تلك المشاورات».
وكان وفد «حركة الجهاد الإسلامي»، برئاسة زياد النخالة، الأمين العام للحركة، أجرى، في القاهرة، على مدى خمسة أيام، مشاورات مع المسؤولين المصريين، وعقد، بحسب بيان سابق للحركة، اجتماعاً مع الوزير عباس كامل، في إطار تحركات القاهرة الهادفة إلى تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، التي «تنذر بانفجار خطير بسبب سياسات الاحتلال والهجمات الدامية في القدس والضفة، وبسبب المخططات الاستيطانية الجديدة، والهجمات ضد الأسرى».
من جانبه، شدد الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، على أهمية المشاورات التي أجرتها حركة «الجهاد»، وتجريها حالياً حركة «حماس»، في القاهرة، لافتاً إلى أن هذه المشاورات تستهدف عدم جر الفصائل الفلسطينية، خصوصاً في قطاع غزة، إلى «حرب بالوكالة» يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني، في ظل حكومة إسرائيلية «هي الأكثر تطرفاً في تاريخ الحكومات الإسرائيلية»، مشدداً على أن ذلك يمثل «مصلحة فلسطينية ومصرية».
وأضاف الرقب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن القاهرة تبذل جهداً مقدَّراً من أجل ضمان عدم التصعيد في الأراضي المحتلة، لكن من الواضح أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي «لا توفر مساحة كافية لجهود القاهرة من أجل تحقيق التهدئة»، مشيراً في هذا الصدد إلى استمرار الاقتحامات والاغتيالات الإسرائيلية لمواطنين فلسطينيين، من بينهم خمسة عناصر في أريحا ينتمون إلى حركة «حماس».
وحول طرح ملف المصالحة الفلسطينية في ظل أجواء التوتر الراهنة في الأراضي الفلسطينية، أشار الرقب إلى أن ملف المصالحة «مفتوح دائماً». وأضاف أن القاهرة لديها اتصالات مع مختلف الفصائل الرئيسية صاحبة التأثير، وهي حركتا «فتح» و«حماس» إضافة إلى بقية الفصائل، مرجحاً أن تمتد المشاورات التي تجريها «حماس» في القاهرة إلى هذا الملف، لكنه شدد على أن «الأولوية ستكون بالتأكيد لملف التهدئة».
واستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أن تُعقد اجتماعات موسعة للفصائل في القاهرة، مشيراً إلى أن مصر جربت هذا الأسلوب من قبل «ولم يحقق النتائج المرجوة»، وأضاف أن القاهرة باتت تفضل أسلوب اللقاءات المركّزة والمكثّفة، بما يفضي إلى نتائج والتزامات محددة وفعالة، وأشار إلى أن نجاح التوصل إلى تهدئة يمكن أن يفتح المجال أمام خطوات أكبر مستقبلاً، منها ملف تبادل الأسرى، الذي توليه «حماس» اهتماماً كبيراً.
وكان لمصر دور حاسم في إنجاح صفقة تبادل الأسرى الأولى التي عُقِدت عام 2011، وتم بموجبها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المحتجَز لدى «حماس»، جلعاد شاليط، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين لدى إسرائيل.
في السياق ذاته، أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن مختلف الفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة «حماس»، تدرك أن الحفاظ على الاستقرار في قطاع غزة أولوية يجب أن تستمر، رغم كل ما يجري من تهديدات وتصعيد.
وأضاف فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن حركة «حماس» تدير الأمور حالياً بمنطق سياسي، وهو ما يجعلها ترفض الاندفاع نحو مواجهات غير محسوبة مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً في هذا الصدد إلى أن حركة «حماس» رفضت الدخول في المواجهة الأخيرة ضد إسرائيل إلى جانب حركة «الجهاد»، الأمر الذي دفع الحكومة الإسرائيلية إلى تقديم مزيد من التسهيلات لسكان قطاع غزة، من بينها دخول العمالة الفلسطينية للمناطق الإسرائيلية، وتيسير حركة التنقل في المعابر، وغيرها من التدابير التي ساعدت في تحقيق قدر من «الاستقرار الهش» في القطاع خلال الفترة الأخيرة.
وتوقع أستاذ العلوم السياسية أن تتجاوب حركة «حماس» مع الجهود المصرية الرامية إلى وقف التصعيد في الأراضي المحتلة، لاعتبارات متعلقة برغبة الحركة في تطوير تحركاتها على الصعيد الإقليمي، وبناء علاقات أكثر موثوقية مع دول إقليمية وقوى دولية، فضلاً عن تحقيق مكاسب داخلية تساعدها على توفير واقع أفضل، سواء لسكان القطاع الذي يعاني على المستوى الاقتصادي بشكل واضح، أو على مستوى علاقتها مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، خصوصاً حركة «الجهاد».


مقالات ذات صلة

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

استمرار القتل في المجتمع العربي... وأم الفحم تتهم الأمن الإسرائيلي بالتقصير

اتهمت بلدية أم الفحم في إسرائيل الأجهزة المكلفة تطبيق القانون، التي يقف على رأسها وزير الأمن إيتمار بن غفير، بالتقصير في محاربة جرائم القتل، وموجة العنف التي تعصف بالمجتمع العربي، واعتبرت أن هذا التقصير هو السبب الرئيسي في استمرار وتفاقم الجريمة. وجاء بيان البلدية بعد مقتل الشاب مهدي حريري البالغ من العمر 19 عاما من سكان أم الفحم، بإطلاق النار عليه على طريق بالقرب من (الطبية)، وهو الحادث الذي أصيب فيه كذلك شاب عشريني من سكان برطعة بجروح بين طفيفة ومتوسطة، وفي ضوء تحريض علني من صحيفة «الصوت اليهودي» التابعة لحزب «القوة اليهودية» الذي يتزعمه بن غفير، على أبناء أم الفحم في قضية الجريمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

محمد بن سلمان ومحمود عباس يستعرضان مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية

اجتمع الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في جدة اليوم، مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وجرى خلال الاجتماع استعراض مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والتأكيد على مواصلة الجهود المبذولة بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

أبو مرزوق ينأى بـ«حماس» عن تصريحات السنوار

قال موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، إن حركته ليست جزءاً من أي محور سياسي أو عسكري في المنطقة، بغض النظر عن الاسم والعنوان، في تصريح يناقض فيه تصريحات رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار التي قال فيها إن حركته جزء مهم من المحور الذي تقوده إيران في سوريا ولبنان واليمن. وجاء في تغريدة لأبو مرزوق على حسابه على «تويتر»: «نحن حركة مقاومة إسلامية، ونسعى لعلاقات مع كل القوى الحية في المنطقة والعالم، وليس لنا عداء مع أي مكون، سوى العدو الصهيوني». وأضاف مسؤول مكتب العلاقات الدولية في المكتب السياسي لحركة «حماس»: «نشكر كل من يقف معنا مساعداً ومعيناً، وليس هناك من علاقة مع أي طرف على حساب طرف

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

عباس: الأمم المتحدة ستحيي ذكرى النكبة «لأول مرة» في مايو المقبل

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن الأمم المتحدة ستحيي الذكرى 75 لنكبة الشعب الفلسطيني لأول مرة، في 15 مايو (أيار) المقبل. كلام عباس جاء خلال إفطار رمضاني أقامه في مقر الرئاسة بمدينة رام الله (وسط)، مساء السبت، بحسب وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا». وشارك في الإفطار قادة ومسؤولون فلسطينيون، ورجال دين مسلمون ومسيحيون، وعدد من السفراء والقناصل، وعائلات شهداء وأسرى وجرحى. وبحسب «وفا»، طالب عباس «الفلسطينيين في كل مكان بإحياء الذكرى 75 للنكبة، لأنه لأول مرة، لا يتنكرون (الأمم المتحدة) فيها لنكبتنا».

«الشرق الأوسط» (رام الله)

تراكم أحداث وصدامات أدى إلى القطيعة بين الجزائر وفرنسا

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

تراكم أحداث وصدامات أدى إلى القطيعة بين الجزائر وفرنسا

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

في وقت سابق، كانت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تجد من يأخذ بها إلى مخرج من المطبات التي تقع فيها بأقل الأضرار... أما منذ بداية العام، فلا يبدو أن هناك استعداداً لدى الطيف السياسي الحاكم في البلدين، للبحث عن أي صيغة لوقف الأزمة بينهما، وهي تكبر مثل كرة ثلج تتدحرج في منحدر شديد الانخفاض.

كتب صحافي جزائري مقيم بفرنسا: «لم تصل العلاقات بين باريس والجزائر إلى حافة القطيعة كما هي الآن. لقد غطيت الجزائر، وما زلت، تحت 6 رؤساء: جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند وإيمانويل ماكرون، و(الراحل) عبد العزيز بوتفليقة وعبد المجيد تبون، وعرفت العديد من السفراء من كلا الجانبين، ولم أرَ قَطّ تصعيداً من هذا النوع. لقد تم قطع جميع الروابط، ولا يبدو لي أن هناك في أي من الجانبين، سبلاً حكيمة للعمل على التهدئة».

وزير خارجية فرنسا (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وثبت من خلال رد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الأحد، على اتهامات جزائرية لمخابرات بلاده بـ«محاولة ضرب استقرارها»، أن الحوار منعدم بين البلدين المتوسطيين الكبيرين؛ إذ قال في مقابلة مع إذاعة «فرنسا أنتر»، إن الاتهامات «لا أساس لها من الصحة وخيالية»، مؤكداً ما نشرته صحف جزائرية بأن الخارجية الجزائرية استدعت السفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتيه، للاحتجاج ضد «ممارسات الأمن الخارجي الفرنسي». وأضاف: «أنا أؤكد هذا الاستدعاء وأعبر عن أسفي له... لقد اتصلت بسفيرنا عبر الهاتف لأؤكد له دعمنا».

وتابع بارو: «في ما يتعلق بعلاقتنا مع الجزائر، قلنا، بل كتبنا حتى في عام 2022، إن الرئيس تبون والرئيس ماكرون وضعا خريطة طريق لتمتين العلاقة بين بلدينا في المستقبل، ونحن نأمل أن تستمر هذه العلاقة، فهذا في مصلحة كل من فرنسا والجزائر»، في إشارة إلى زيارة قادت ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، وتتويجها بـ«وثيقة شراكة متجددة». يومها، قال مراقبون إن العلاقات «في أفضل حالاتها»، خصوصاً أن ماكرون كان قد دان «الجريمة الاستعمارية في الجزائر»، عندما زارها في 2017 وهو مرشح للرئاسة.

الرئيس الفرنسي أمام «مقام الشهيد» في العاصمة الفرنسية عام 2022 (رويترز)

وأعلنت عدة وسائل إعلام جزائرية، بما في ذلك الصحيفة الحكومية «المجاهد»، الأحد، أن وزارة الشؤون الخارجية أبلغت السفير روماتيه «رفض السلطات العليا في الجزائر للعديد من الاستفزازات والأعمال العدائية الفرنسية تجاه الجزائر»، مبرزة أن غضب السلطات «ناتج عن الكشف عن تورط أجهزة المخابرات الفرنسية في حملة تجنيد إرهابيين سابقين في الجزائر بهدف زعزعة استقرار البلاد». كما قالت إن الجزائر «تأخذ على باريس احتضانها التنظيمين الإرهابيين: حركة الحكم الذاتي في القبائل، وجماعة رشاد الإسلامية». غير أن هذه الاتهامات غير المعتادة في خطورتها، سبقتها أحداث ومواقف وتصريحات شكلت تراكماً مستمراً حتى وصلت العلاقات بين البلدين إلى القطيعة، آخرها كان احتجاج السلطات الفرنسية على اعتقال الكاتب بوعلام صنصال ومطالبتها الجزائر بـ«الإفراج عنه فوراً». هذا الخطاب رأى فيه الجزائريون «وصاية يريد مستعمر الأمس أن يفرضها علينا».

وقبل «حادثة صنصال»، سحبت الجزائر سفيرها من باريس بعد أن وجّه ماكرون خطاباً إلى تبون نهاية يوليو (تموز) الماضي، يعلمه فيه أنه قرر الاعتراف بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء. وعدّت الجزائر ذلك «تفاهماً بين القوى الاستعمارية القديمة والحديثة». وكان هذا «الصدام» كافياً، من جانب الجزائر، لإلغاء زيارة لرئيسها إلى باريس، اتفق الجانبان على إجرائها في خريف هذا العام.

الروائي المسجون بوعلام صنصال (متداولة)

ومنذ بداية 2024 توالت أحداث مهّدت للقطيعة الحالية، كان أقواها سياسياً هجمات مكثفة لليمين الفرنسي التقليدي والمتطرف على «اتفاق 1968» الذي يسيّر الهجرة والإقامة و«لمّ الشمل العائلي» والدراسة والتجارة في فرنسا، بالنسبة للجزائريين. وفي تقدير الجزائر، فقد «بقي ماكرون متفرجاً أمام هذه الهجمات». ومما زاد الطينة بلّة، رفض الحكومة الفرنسية تسليم الجزائر برنس وسيف الأمير عبد القادر، رمز المقاومات الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، والذي عاش أسيراً في قصر بوسط فرنسا بين 1848و1852.

أمّا الفرنسيون، فيرون أن ماكرون خطا خطوات إيجابية في اتجاه الاعتراف بالجريمة الاستعمارية، لكنها لم تلقَ التقدير اللازم من جانب الجزائريين، أبرزها الإقرار بتعذيب وقتل عدد من المناضلين على أيدي الشرطة والجيش الاستعماريين، في حين كانت الرواية الرسمية تقول إنهم «انتحروا»، وهو ما زاد من حدّة التباعد بين الطرفين.