انقلابيو اليمن يحولون 10 آلاف طفل إلى وقود للحرب خلال 9 سنوات

الميليشيات تتنصل من التزاماتها وتستغل المساعدات الأممية للتجنيد

أطفال مجندون مع الحوثيين جرى إعادة تأهيلهم في مأرب بدعم سعودي (أ.ب)
أطفال مجندون مع الحوثيين جرى إعادة تأهيلهم في مأرب بدعم سعودي (أ.ب)
TT

انقلابيو اليمن يحولون 10 آلاف طفل إلى وقود للحرب خلال 9 سنوات

أطفال مجندون مع الحوثيين جرى إعادة تأهيلهم في مأرب بدعم سعودي (أ.ب)
أطفال مجندون مع الحوثيين جرى إعادة تأهيلهم في مأرب بدعم سعودي (أ.ب)

لم تحترم الميليشيات الحوثية في اليمن التزاماتها مع الأمم المتحدة بمنع تجنيد الأطفال بموجب اتفاق تم توقيعه في أبريل (نيسان) الماضي، على الرغم من قيامها بتشكيل لجنة فنية من هيئات انقلابية بتمويل أممي لتنفيذ خطة لإنهاء تجنيد الأطفال، حيث يؤكد تقرير دولي حديث استمرار عمليات التجنيد في عشرات المراكز.
في هذا السياق، اتهم «المركز العربي - واشنطن دي سي» الانقلابيين الحوثيين بالاستمرار في تجنيد الأطفال رغم الهدنة، مؤكداً أنه رغم تعهدهم للأمم المتحدة في أبريل الماضي بإنهاء هذا الانتهاك فإنهم مستمرون بالدفع بأطفال اليمن إلى الخطوط الأمامية بمكائد القادة المستثمرين، والحاجة المالية، والتضامن القبلي، محذراً من تراكمات هذه الممارسات لسنوات قادمة، مما سيؤثر على المجتمع اليمني بأسره.
وتقول مصادر في العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون إن خلافات كبيرة حدثت منذ وقت ليس بالقصير بين قيادات وأجنحة الميليشيات حول مسألة تجنيد الأطفال، وإن الأمم المتحدة تتحاشى الحديث عن جدول تنفيذ الاتفاقية إلى حين يتم حسم تلك الخلافات.
ووفقاً للمصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فبينما ترى القيادات التي تسيطر على مؤسسات الدولة في صنعاء كالرئاسة والخارجية والدفاع والمخابرات والداخلية ضرورة الالتزام، ولو شكلياً، بالاتفاقية الموقعة مع الأمم المتحدة، ترفض القيادات الميدانية وتلك المسؤولة عن التجنيد تنفيذ الاتفاقية تماماً، ومنعت اللجنة الفنية من زيارة معسكراتها.
وأوضحت المصادر أن استجابة الميليشيات الحوثية لمساعي الأمم المتحدة، واتفاقها معها على الخطة كان من أجل تحسين صورة الميليشيات التي باتت متهمة في مختلف الأوساط العالمية بتجنيد الأطفال من ناحية، ولجهة الحصول على تمويل أممي لإنهاء تجنيد الأطفال من ناحية أخرى.
وبناء على ذلك جرى تشكيل اللجنة من المؤسسات التي سيطرت عليها الميليشيات، مثل رئاسة الجمهورية والخارجية والدفاع والداخلية والإعلام والشؤون الاجتماعية والعمل والتربية والتعليم والصحة العامة والسكان وحقوق الإنسان والمخابرات والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة.
وأوردت المصادر أسماء ثلاثة قادة من الميليشيات الحوثية التي ترفض زيارة اللجنة للمعسكرات، الأول وهو محمود زبيبة المسؤول عن استقطاب وتجنيد الأطفال في الأحياء الشرقية للعاصمة صنعاء، والثاني عقيل الشامي المشرف على عمليات التجنيد في الساحل الغربي، وتحديداً في محافظتي حجة والحديدة، والثالث عبد اللطيف المهدي «أبو نصر»، ويعد مشرفاً على الميليشيات في محافظتي إب وتعز.
وتشير التقارير الحقوقية إلى استمرار عمليات التجنيد، حيث كشف أحدها أخيرا عن 83 مركزا حوثيا لاستقطاب وتجنيد الأطفال، رغم مضي ما يقارب العام منذ توقيع الاتفاقية، في وقت تتجاهل فيه الأمم المتحدة الرد على الاستفسارات حول تنفيذ الخطة والالتزام بها، حيث تفيد المصادر بعلم المسؤولين الأمميين بسعي الميليشيات الحوثية إلى الاستفادة من التمويل الأممي دون الالتزام بالاتفاقية.
ويستند تقرير «المركز العربي - واشنطن دي سي»، إلى إفادات وتقارير جهات أممية، مثل مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بأن غالبية التقارير التي تلقاها عن تجنيد الأطفال ارتكبتها الميليشيات الحوثية، وطبقاً لبيانات قام المركز بجمعها من منظمات محلية، فإنه وحتى العام 2021، جندت الميليشيات عشرة آلاف و333 طفلاً منذ العام 2014.
ويوضح التقرير أن الميليشيات تجبر الأطفال الذين تجندهم على القتال والتجسس وزراعة الألغام والعمل عند نقاط التفتيش الأمنية، وأنها تجري عمليات استدراج لهم من خلال الإغراءات براتب قدره 20 ألف ريال (الدولار يساوي 560 ريالا)، وإمدادات يومية من نبتة «القات» المخدرة والتبغ، ما يوهم الأطفال بأنهم سيكونون في وضع اقتصادي أفضل.
كما اتهم التقرير الميليشيات بنهب المساعدات الإنسانية الدولية، التي لعبت دورا مهما في عمليات تجنيد الأطفال، حيث عملت ميليشيات الحوثي على نهب المساعدات الإنسانية واستغلال حاجة الناس لها، ومساومتهم بتجنيد أطفالهم مقابل الحصول عليها.
وطبقاً للتقرير فإن للميليشيات نظام تجنيد متقدما بالنظر إلى تاريخها الطويل وخبرتها في استقطاب الأطفال منذ التسعينات، وهو نظام يشمل السماسرة والمشرفين الحوثيين والمدرسين ومسؤولي الأحياء، كما يجري جلب الأطفال إلى المخيمات الصيفية التي تحولت لاحقاً إلى معسكرات مفتوحة طوال العام، إضافة إلى تحويل المدارس التقليدية لتصبح أشبه بالمعسكرات الصيفية القديمة.
ونوه التقرير إلى التغييرات المكثفة داخل المناهج الدراسية التي يشرف عليها يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الميليشيات المنتحل صفة وزير التعليم، منبهاً من تأثير تجنيد الأطفال على أي عملية سلام مزمعة، حيث إن التجنيد المتزايد للأطفال يزيد من احتمالية اندلاع الصراع في المستقبل، في حال تحقق السلام على المدى القصير.
وشدد التقرير على ضرورة تضمين أي مفاوضات أو اتفاقيات لإنهاء النزاع في اليمن بنداً يحظر تجنيد الأطفال واستخدامهم في أي شكل من أشكال الأعمال العدائية.
ويقول مطهر البذيجي المدير التنفيذي للتحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن (تحالف رصد)‎ إن الميليشيات الحوثية عملت على تجنيد الأطفال بخطة استراتيجية طويلة الأمد، وذلك من خلال تطييف المجتمع وأدلجة الأطفال لتجنيدهم وحشدهم إلى الجبهات واستخدامهم كوقود للمعارك، وسيطرت في سبيل ذلك على المنظومة التعليمية وذهبت إلى تعديل المناهج وحشد طاقاتها من أجل هذا الغرض.
ويضيف البذيجي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية تتباهى بالأطفال المقاتلين في صفوفها، ولا تسميهم أطفالاً، بل تصفهم بالرجال والمجاهدين، وأنها عادة ما تُخضع قطاعات سكانية كبيرة لعمليات التجنيد من خلال حملات منظمة، تهدف إلى إغراء العائلات بتجنيد أبنائها مقابل رواتب تتراوح بين 20 و60 ألف ريال يمني.
وبحسب مدير «تحالف رصد» لوحظ أن كثيرا من الأطفال الذين وقعوا في الأسر لدى القوات الحكومية والمقاومة الشعبية في جبهات تعز وشبوة ومأرب والحديدة؛ أعيد تجنيدهم من طرف الميليشيات الحوثية، وأن كثيرا منهم ينتمون إما إلى عائلات موالية عقائديا للميليشيات الحوثية، وإما تم غسل أدمغتهم وإقناعهم بمزاعم قدسية القتال في صفوف الميليشيات.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.