خامنئي يدعو إلى «الوحدة الوطنية» ويحذر من «تصدعات»

ربط بين «محاولات القضاء على النظام» والدور الإقليمي لإيران

صورة نشرها موقع خامنئي من خطابه السنوي أمام قادة الجيش في طهران أمس
صورة نشرها موقع خامنئي من خطابه السنوي أمام قادة الجيش في طهران أمس
TT

خامنئي يدعو إلى «الوحدة الوطنية» ويحذر من «تصدعات»

صورة نشرها موقع خامنئي من خطابه السنوي أمام قادة الجيش في طهران أمس
صورة نشرها موقع خامنئي من خطابه السنوي أمام قادة الجيش في طهران أمس

دعا المرشد الإيراني علي خامنئي إلى الوحدة الوطنية، متهماً «الأعداء» بالسعي إلى إثارة الخلافات والارتياب بين المسؤولين الإيرانيين، وفي الوقت نفسه، حذر من تحول «الاختلافات القسرية» إلى «تصدعات»، منتقداً من يحاولون إثارة قضايا المرأة واختلاف الأجيال.
وقال خامنئي؛ في خطاب سنوي أمام قادة القوة الجوية في الجيش الإيراني، إن «الهدف الرئيسي للعدو تركيع الجمهورية الإسلامية على ركبتيها وتدميرها عبر إثارة الخلافات والارتياب». وأضاف: «أهم الواجبات أمام هذه الخطة القذرة حفظ استراتيجية الوحدة» وفق ما أورد موقعه الرسمي.
وفي إشارة ضمنية إلى التظاهرة الاحتفالية السنوية التي تحشد لها مؤسسات الدولة في ذكرى ثورة 1979، والتي تصادف السبت المقبل، قال خامنئي إن «الرسالة التي يوجهها الشعب للخصوم هي أن جهودهم لإشاعة الريبة وتدمير الوحدة الوطنية؛ قد أُجهضت».
ورأى خامنئي أن الشرط الأساسي لاستمرار «حياة وحيوية» الثورة هو «الاهتمام بـ(رفع) الاحتياجات»، من هنا دعا إلى التركيز والتأكيد على «الوحدة الوطنية» بوصفها «الحاجة الأساسية والمهمة» للبلاد. وقال إن «الوحدة الوطنية لعبت دوراً مهماً في انتصار وتقدم الثورة، وشكلت سداً وحائطاً أمام الأعداء» وأضاف: «يجب أن تتضاعف الثورة اليوم قدر الإمكان».
وقال صاحب كلمة الفصل في البلاد: «لا حرج في الخلافات السياسية والاختلاف في وجهات النظر والخلافات الطبيعية، لكن يجب ألا تنتهي بالقذف والافتراءات». ومع ذلك؛ قال في جزء من خطابه إن «خلق النظرة السلبية بين الجماعات السياسية، وعدم ثقة الناس بعضهم ببعض وبالحكومة، وإثارة الارتياب بين المؤسسات، ما هي إلا من بين الاستراتيجيات لتحقيق أهداف الحاقدين على إيران»، وتابع أن «خطة وهدف العدو ضد النظام هما تركيع الثورة». وأشار إلى تلقيه رسالة من الرئيس الأميركي قبل 15 عاماً (باراك أوباما) وقال: «كتب لي الرئيس الأميركي (قائلاً) إننا لا ننوي تغيير نظامكم». وأضاف: «لكننا كانت لدينا تقارير بأنهم يخططون للقضاء على الجمهورية الإسلامية».
وربط خامنئي بين «محاولات القضاء على النظام»، والدور الإقليمي الإيراني، وقال في هذا الصدد: «لقد أخرجت الجمهورية الإسلامية هذه المنطقة المهمة والاستراتيجية والمليئة بالفوائد من قبضتهم».
تمثل دعوة خامنئي إلى «الوحدة الوطنية» تراجعاً عن انتقادات وردت على لسانه في أبريل (نيسان) 2016، بعدما دعا الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، بشدة إلى حوار داخلي في الشهور الأولى من تنفيذ «خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)» بين الدول الكبرى وإيران حول برنامجها النووي في عام 2016، وحينذاك؛ شبه خامنئي دعاة الحوار الداخلي وإطلاق حوار داخلي على غرار المفاوضات النووية، بـ«مضخة الخطاب الأميركي».
يأتي خطاب خامنئي بعد أيام من إعلان القضاء الإيراني موافقة المرشد على «عفو» عن عشرات الآلاف من السجناء، بما يشمل بعض المعتقلين خلال احتجاجات «المرأة... الحرية... الحياة»، التي هزت إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، أثناء احتجازها لدى «شرطة الأخلاق»، ووضع القضاء الإيراني شروطاً عديدة على من يمكن أن يشملهم القرار، وألا يشمل من يواجهون تهماً قد تصل للإعدام، وكذلك يطلب من المعتقلين تقديم التزام خطي تعبيراً عن «الندم».
وكان أكثر من 160 مدينة مسرحاً للاحتجاجات التي ارتفع سقف مطالب المحتجين فيها إلى إطاحة النظام. ورغم انحسار الاحتجاجات؛ فإن بعض أحياء طهران لا تزال تردد هتافات ليلية، مثل: «الموت لخامنئي» و«الموت للديكتاتور».
ورأى خامنئي أن «عودة الديكتاتوريات في الثورات العالمية الكبيرة، مثل ثورتي فرنسا والاتحاد السوفياتي» سببها «إهمال الحاجات والمخاطر الأساسية والانشغال بالقضايا والنزاعات الشخصية»، مضيفاً أن الثورة في إيران «حصنت نفسها من هذه الآفات».
وتطرق خامنئي ضمناً إلى المطالب الشعبية للجيش الإيراني بالتدخل في الاحتجاجات لحماية الشعب من قمع قوات «الحرس الثوري»، خصوصاً بعد تداول أنباء عن حدوث انشقاقات في صفوف الأجهزة العسكرية، واعتقال عدد من العسكريين خلال الاحتجاجات. وقال خامنئي إن الجيش «أصبح أكثر ثورية، وإيماناً وإخلاصاً من الأيام الأولى (في الثورة)».
- اختلافات قسرية
في جزء آخر من كلامه، وجه خامنئي انتقادات ضمنية لأطراف داخلية رغم أنه أشار إلى وجود اختلافات في الداخل وصفها بـ«قسرية». وقال: «يجب ألا تتحول إلى فوالق (تصدعات)». وقال: «يطرحون قضية المرأة تارة؛ وتارة أخرى قضية الشيعة والسنة، وفي وقت آخر اختلاف الأجيال».
قبل خطاب خامنئي بثلاثة أيام، حذر الرئيس الإصلاحي الأسبق، محمد خاتمي، من اتساع الهوة بين الحكام والشعب، خصوصاً الشباب المحتجين. وقال: «الشعب يتخطى جيلنا والأجيال التي كانت حاضرة في الثورة وفي فترة الإصلاحات»، في إشارة إلى تسمية الفترة التي تولى فيها الرئاسة بين 1997 و2005.
وقدم خاتمي 15 مقترحاً في بيان بمناسبة ذكرى الثورة، رغم أنه بدا متشائماً بشأن طروحاته السابقة، قائلاً: «طلب الإصلاحات بالطريقة والنهج اللذين جرت تجربتهما، إذا لم نقل إنه أصبح مستحيلاً؛ ففي الأقل اصطدم بصخرة، ووصل إلى طريق مسدودة».
ومن بين المقترحات الدعوة إلى التضامن الوطني بمشاركة جميع التوجهات والميول والقوميات وإقامة انتخابات حرة وتنافسية، فضلاً عن إنهاء جميع النزاعات في المجتمع وإعادة الهدوء إلى الرأي العام، وإنهاء الإقامة الجبرية عن زعيمي التيار الإصلاحي ميرحسين موسوي ومهدي كروبي، وإغلاق جميع الملفات في المحاكم ضد رجال الدين والشخصيات الأكاديمية والعمالية والفنية والإعلامية والنقابية. وإعلان عفو عام لإطلاق السجناء السياسيين، والأشخاص الذين لا توجد أدلة موثوقة بشأن تورطهم في «أعمال الشغب» و«التمرد».
وشملت مقترحات خاتمي إصلاح أجهزة رقابية على البرلمان والحكومة، مثل «مجلس تشخيص مصلحة النظام» و«مجلس صيانة الدستور».
وتضمن بيان خاتمي تعبيراً عن الأسف لقضيتين: أولاهما عدم إبداء أي إشارة من المؤسسة الحاكمة حيال الإصلاح وتفادي الأخطاء، والثانية «يأس الشعب من النظام السياسي القائم». وقال: «الخطأ الكبير لنظام الحكم في البلاد هو إرضاء جزء صغير من المجتمع يعدّه موالياً له، على حساب زيادة استياء غالبية المجتمع الذين فقدوا الأمل في مستقبل أفضل».
وتباين بيان خاتمي مع بيان آخر لحليفه الإصلاحي، ميرحسين موسوي الذي دعا إلى صياغة دستور جديد وعرضه للاستفتاء، عبر انتخابات «حرة ونزيهة»، لانتقال السلطة إلى بديل للجمهورية الإسلامية. ورأى خاتمي إن الإصلاح ممكن بالعودة إلى روح الدستور الحالي، معلناً أن «إطاحة النظام غير ممكنة»، محذراً بأن دعوات الإطاحة ستؤدي إلى مزيد من «التضييق والاختناق».
وقال موسوي في بيان إن شعاره الذي رفعه في انتخابات الرئاسة عام 2009 بشأن العمل بالدستور دون أي نقص «لم يعد فاعلاً»، بينما تشهد البلاد «أزمات عديدة»، وصرح بأن «أزمة الأزمات هي الهيكل المتناقض والنظام الأساسي الذي لا تمكن استدامته».
- «كيهان» تهاجم خاتمي
ورغم الانقسام الواضح بين موسوي وخاتمي بشأن مستقبل النظام، فإن صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري»، اتهمت خاتمي وموسوي بمتابعة «سياسة العصا والجزرة»، ووصفت خاتمي بأنه صاحب «الجزرة»، بينما يمسك حليفه موسوي «العصا» لتخطي «الجمهورية الإسلامية».
وهاجمت صحيفة «كيهان»، التابعة لمكتب المرشد الإيراني، في عددها الصادر الأربعاء، بياني موسوي وخاتمي. وطلب رئيس تحرير «كيهان»، حسين شريعتمداري، من خاتمي أن «يقرأ البيان الذي أُملي عليه مرة الأخرى»، وتساءل: «ألا تشعر بالخجل لأنك قلق على عنصر الجمهورية في النظام»، واتهمه بتكرار ما يقول مسؤولو دول «متخاصمة» مع إيران. وقال: «ما الاختلاف إذا حذفت اسمك من البيان ووضعت اسم نتنياهو؟». وأضاف شريعتمداري: «أنت (خاتمي) وموسوي تتحدثان كأنكما مدينان للثورة؟ قل لي: ما الخلفية الثورية في سجلك؟».
في المقابل، قال علي شكوري راد، المتحدث باسم «جبهة الإصلاحات»، في تغريدة على «تويتر»، إن «النقطة المشتركة بين رسالة خاتمي وبيان موسوي، شرح الوضع غير الملائم والمأزق السياسي الحالي في البلاد». وأضاف: «بينما لا توافق الهيئة الحاكمة الحالية على أي قبول للإصلاح أو الإطاحة؛ فإن موسوي رسم أفقاً، وخاتمي رسم مساراً». وأضاف: «كلاهما يسعى لتثبيت حكم الشعب وتعزيز الأمل».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
TT

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

وجاء في بيان للوزارة: «تجنّباً لأي عواقب ضارة، أُسقطت الطائرة المسيّرة في منطقة آمنة وبعيدة من أي مناطق مأهولة»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت أنقرة: «تم رصد وتعقب أثر جوي... في إطار الآليات الروتينية» فوق البحر الأسود، و«تبيّن أن الأثر الجوي المعني هو مسيّرة خارج السيطرة». وأضافت: «بهدف ضمان أمن المجال الجوي، تم نشر مقاتلاتنا من طراز (إف-16) تحت قيادة حلف شمال الاطلسي (ناتو) والقيادة الوطنية، في مهمة اعتراض».

ويأتي هذا الحادث بعدما حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، من تحوّل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، وذلك إثر ضربات عدة طالت سفناً في الأسابيع الأخيرة.


مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
TT

مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)

قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن طهران تعارض بشدة ما وصفه بـ«مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترمب» في القوقاز، وذلك عقب اتفاق رعته واشنطن بين أرمينيا وأذربيجان لإنشاء ممر عبور جديد.

وجاءت تصريحات ولايتي لدى استقباله السفير أرمينيا لدى طهران، غريغور هاكوبيان، حيث ناقشا آخر المستجدات بما في ذلك أوضاع جنوب القوقاز.

ووقعت أرمينيا وأذربيجان، في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، اتفاقاً في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يرمي إلى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.

ونصّ الاتفاق على إنشاء «منطقة عبور» عبر أرمينيا تربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غرباً، على أن يُسمى «طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين»، الذي عرف بـ«ممر تريب». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بـ«ممر زنغزور».

مصافحة ثلاثية بين دونالد ترمب وإلهام علييف ونيكول باشينيان في البيت الأبيض يوم 8 أغسطس 2025 بعد توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان (رويترز)

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن ولايتي قوله إن ما يُعرف بـ«مشروع ترمب» في القوقاز، لا يختلف عن «ممر زنغزور»، وأن إيران تعارضه بشكل قاطع. وأضاف أن طهران عارضت منذ البداية مشروع ممر زنغزور، بسبب رفضها أي تغيير في الحدود أو أي تطورات من شأنها تهديد أمنها الإقليمي.

ورأى ولايتي أن «مشروع ترمب» هو عملياً المشروع نفسه مع تغيير في التسمية فقط، ويجري حالياً الترويج له عبر دخول شركات أميركية إلى أرمينيا.

وأوضح ولايتي أن إيران أعلنت معارضتها الحازمة لهذا المشروع، سواء بمشاركة روسيا أو من دونها، حتى في الفترة التي كانت فيها موسكو منشغلة بالحرب في أوكرانيا، مضيفاً أن طهران نجحت في منع تنفيذه؛ لأن هذا الممر كان يمكن أن يفتح الطريق أمام وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) شمال إيران، ويشكّل تهديداً خطيراً لأمن شمال إيران وجنوب روسيا.

وحذر ولايتي من أن «التجربة أثبتت أن الولايات المتحدة تدخل المناطق الحساسة بدايةً عبر مشاريع ذات طابع اقتصادي، قبل أن يتوسع وجودها تدريجياً ليأخذ أبعاداً عسكرية وأمنية»، مشدداً على أن «أي مشروع يفتح الباب أمام الوجود الأميركي على حدود إيران ستكون له تداعيات أمنية واضحة».

وفي أغسطس، توالت المواقف الإيرانية المنددة بمشروع «ممر تريب (طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين)»، منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان.

وقال مسؤولون ونواب إيرانيون إن مشروع «ممر زنغزور» لا يمكن عده قضية عابرة، «بل يمثل خطاً أحمر يتعلق بأمن الحدود والسيادة الإقليمية». وكان ولايتي قد عدّ أن «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذراً من أنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».

وبعد أسبوع من توقيع الاتفاق، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى بريفان، عاصمة أرمينيا، وأجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في محاولة للاطلاع على تفاصيل الاتفاق.

وقلل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حينها من الردود الداخلية، قائلاً إن الاتفاق «يحترم مواقفنا المبدئية، لكن الوجود المحتمل لشركة أميركية يثير القلق، وسنواصل التشاور ومتابعة التطورات من كثب».


برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».