تشكيل مجلس سعودي لتحولات الاقتصادات المستدامة

متحدثو «ليب» يؤكدون أن المملكة باتت وجهة استثمارية عالمية في قطاع التكنولوجيا

توقيع اتفاقية ثلاثية لتشكيل مجلس استشاري للتحولات الاقتصادية المستدامة خلال مؤتمر «ليب» أمس (واس)
توقيع اتفاقية ثلاثية لتشكيل مجلس استشاري للتحولات الاقتصادية المستدامة خلال مؤتمر «ليب» أمس (واس)
TT
20

تشكيل مجلس سعودي لتحولات الاقتصادات المستدامة

توقيع اتفاقية ثلاثية لتشكيل مجلس استشاري للتحولات الاقتصادية المستدامة خلال مؤتمر «ليب» أمس (واس)
توقيع اتفاقية ثلاثية لتشكيل مجلس استشاري للتحولات الاقتصادية المستدامة خلال مؤتمر «ليب» أمس (واس)

في الوقت الذي تم الإعلان عن تشكيل أول مجلس استدامة استشاري سعودي للاقتصادات المستدامة، دعا رؤساء تنفيذيون لشركات تقنية عالمية إلى قيمة الاستثمار في التعليم والتدريب ورعاية المواهب وتنمية الكفاءات لرفع مستوى كفاءة التحول التقني في العالم، وتحقيق الاستفادة المثلى من تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة في تلبية الحاجة الدولية إلى نمط جديد من القيادة وإدارة الموارد وحماية البيئة، فيما أكد متحدثون تحول السعودية إلى وجهة استثمارية مهمة في القطاع التقني وتوفر الفرص النوعية الواعدة.
وأعلنت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار في السعودية، وشركة «مايكروسوفت»، عن تشكيل «مجلس الاستدامة»؛ للاستجابة لتحولات الاقتصادات المستدامة، وذلك ضمن التزام المملكة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتطلعات رؤيتها الطموحة 2030 في مجالات التخطيط، وتأسيس البنية التحتية، وتطوير السياسات والاستثمار، وذلك على هامش أعمال المؤتمر التقني الدولي «ليب 23» أمس.
وقال رئيس المدينة الدكتور منير الدسوقي، إن تأسيس «مجلس الاستدامة» يتماشى مع مبادرتَي ولي العهد «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، وقيادة موجة جديدة من الاستثمارات السعودية الخضراء ذات الطبيعة الاقتصادية المستدامة في كل المجالات والأنشطة.
وأكد الدسوقي أن مجلس الاستدامة سيعمل على تعزيز الابتكار وبناء الشراكات من خلال تحفيز أصحاب المصلحة لضمان تحقيق أهداف المملكة وتطلعاتها في هذا الاتجاه وريادتها على مستوى خريطة التنافسية العالمية.
من جانبه، أوضح رئيس شركة «مايكروسوفت العربية» المهندس ثامر الحربي، أن المجلس سيساعد المؤسسات على تحويل أعمالها وزيادة الإنتاجية ودفع الابتكار وإدارة عمليات أكثر استدامة، وذلك من خلال تقديم مناقشات المائدة المستديرة للقادة، والتقارير ذات العلاقة، وتحفيز البحث العلمي الأساسي من خلال البحث والتطوير والابتكار، وفعاليات هاكاثون الذكاء الاصطناعي، وذلك بهدف حل القضايا الملحة للمؤسسات المشاركة.
وسيؤدي المجلس دوراً محورياً في تمتين أواصر التعاون بين رواد القطاعين العام والخاص محلياً ودولياً، حيث سيشارك أعضاء المجلس في اجتماعات نصف سنوية؛ لتبادل أفضل الممارسات واتخاذ قرار بشأن الخطوات المستقبلية.
ويعد «مجلس الاستدامة»، الذي تم إعلانه على هامش أعمال المؤتمر التقني الدولي (LEAP)، منصة استشارية تجمع أصحاب المصلحة الأساسيين في قطاعات الصناعة والأوساط الأكاديمية والهيئات الحكومية والخبراء الدوليين، لتيسير اجتماعات وتبادل المعرفة بصورة منتظمة بين القادة.
من جانب آخر، قال سيبي غورناني الرئيس التنفيذي لشركة «تيك ماهندرا» الرائدة عالمياً في حلول تكنولوجيا المعلومات، إن هذا عصر التعامل مع السعودية بعد أن ارتفعت القدرة التنافسية للبلاد، مما جعل لدى الجميع الرغبة في التعامل معها، والاستثمار فيها في الفرص المتوفرة، لا سيما في القطاع التقني الواعد.
وأضاف غورناني، خلال جلسة في اليوم الثاني لمؤتمر «ليب» الدولي، أن لديه أعمالاً متعددة في 19 دولة، تجعله يسافر باستمرار حول العالم، جعلت لديه رؤية واضحة أن السعودية واعدة بالاستثمارات التقنية في عدد من المجالات، وعلى رأسها مجال الطاقة والبيئة، لافتاً إلى أن الأمير محمد بن سلمان لديه خطة واضحة لمواجهة التحديات وبناء شراكات واسعة في مجال الأتمتة والابتكارات والهندسة البشرية.
وأضاف: «نحن فخورون بشراكتنا مع السعودية، ورؤية أعداد ضخمة في مؤتمر (ليب) تدل على أن عملية التحول الرقمي حقيقية وجادة، الأمر الذي يؤكد الحاجة لحِزم من الاستثمار في دعم المشاريع التقنية، في ظل الفرصة الواسعة للنمو في السعودية».
وختم غورناني بالحديث عن محركات النجاح في التحول التقني، مشيراً إلى أن التعليم هو محرك النجاح الأول، لتلبية حاجة الطلاب في التدريب على التقنية، وقال إن الموهبة لا تكمن في حجم الأعداد بل في المضمون والقدرات النوعية التي تحتاج إليها الصناعة التقنية الضرورية لعالم اليوم.
من جانبه، قال راجيف راماسوامي، الرئيس التنفيذي لشركة «ناتانيكس»، إن السعودية أطلقت رؤية ملهمة وجريئة تقود تحولات اجتماعية واقتصادية كبيرة وتوظّف التقنية لخدمة الإنسانية.
وقال: «لدينا أكثر من 250 عميلاً في السعودية، بين جهات حكومية وتجارية، نركّز في العمل معهم على المفهوم الإنساني للتقنية، ومن ذلك تجربتنا مع وزارة التعليم في السعودية، التي قامت بتحديث البنية التحتية الرقمية بشكل كامل، لتقديم تجربة طلابية وتعليمية مختلفة، كما لدينا جهات صحية سعودية قامت بتوظيف تقنياتنا لتحسين تجربتهم في التشخيص والتداوي وإدارة الوقت، وقدموا تجربة ثرية لإنقاذ حياة المرضى بوتيرة أكثر فاعلية وكفاءة».
وأشار راماسوامي إلى أن هذا يحدث في ظل «رؤية السعودية 2030» التي ضاعفت من دور الفاعل التقني في جهود الدولة للتحول وبناء مرحلة وطنية جديدة، لبناء أمة طموح وحكومة شفافة، حيث قام وزراء الحكومة السعودية بعمل الكثير من الجهود لزيادة كفاءة كياناتهم، والمضيّ في بناء اقتصاد متنوع بعيد عن الموارد النفطية وحدها، وجذب المواهب وزيادة كفاءة التعليم.
وقال فالغون كومبالي، الرئيس التنفيذي لشركة «آب - غراد»، إن التحديات التي فرضتها أجواء جائحة «كوفيد - 19» على بيئة الأعمال ما زالت قائمة حتى اليوم، وعلى الرغم من أنه كان وقتاً مناسباً لبناء تجربة التعليم الافتراضي، وتسارع رحلة التحول للتعليم والعمل عن بُعد خلال ظروف الجائحة العالمية، فإن هناك تحديات على مستوى تمويل البرامج التعليمية، وتحولات في التشريعات لملاءمة التحول الكفء إلى التقنية، وإن العالم يمر بمرحلة من اكتشاف وجهات نظر الشركاء في بناء منظومات عمل وتعليم متكاملة. وأضاف: «لمسنا تحولاً في مسائل التعليم المتطور تقنياً، نحن نستكشف أنواعاً جديدة من التعليم عن بُعد الذي تطور بشكل كبير وأبعد من توقعاتنا، ولتحقيق نتائج أفضل نحتاج إلى بناء شراكات واسعة لدعم هذا التحول بكفاءة عالية».
وأشاد كومبالي بما لمسه في السعودية من حماس وشغف كبير لفهم وتبني تكنولوجيات كبيرة، وبالفرص الكبيرة المتاحة للاستثمار في التكنولوجيا لتغطية احتياجات مجالات الصناعة والتعليم والصحة وقطاعات خدمية ولوجيستية أخرى.
من جانبه قال مدثر شيخة، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لتطبيق «كريم»، إن السعودية تعد واحدة من كبرى مناطق الفرص في العالم، مستطرداً: «هناك تغييرات كبيرة وفرص سانحة لتطوير الخدمات وللتحسن المستمر وجذب المواهب ورؤوس الأموال، لتمكين التغيير بشكل أفضل».
وقال شيخة إن هناك تحديات كبيرة لدى الشركات الناشئة في القطاع الرقمي، وخلال السنوات الثلاث الماضية تركز الكثير من جهود رواد الأعمال على الاقتصاد الرقمي، ودعم النظام البيئي، مضيفاً: «لدينا شغف كبير في هذا المجال، نحتاج معه إلى سياسات كبيرة تتبناها الحكومات في هذه المنطقة لدعم هذا الشغف، وبناء عناصر دعم، وتوفير منصة استثمار تخص المناطق الأكثر احتياجاً، وتوفير تسهيلات وسياسات رسمية وحكومية داعمة، وتسهيل توظيف قدرات الأذكياء والمواهب كعنصر مهم لدعم عملية الانتقال الكفء إلى التقنية».
من جهته، قال تشيب باوسيك الرئيس التنفيذي لـ«تو يو إنك»، إن العالم موعود بمليار وظيفة متاحة في المنطقة التي تنتمي إليها السعودية، بسبب تغيرات التكنولوجيا والتوسع في استخدامات الذكاء الاصطناعي.
وزاد: «الشراكات بين القطاعين العام والخاص تعطي فرصة أكبر للنجاح في مجالات التعليم وتوفير المنصات الملائمة لمساعدة الناس على الوصول إلى خدمات وإمكانات التكنولوجيا المتقدمة، وتوطين التقنية في البلدان، لأن القدرات المحلية هي أساس نجاح كل بلد».
وقال باوسيك إن الظروف التي عرفها العالم مؤخراً أثبتت الحاجة إلى التعلم بشكل مستمر لصالح التطوير، والتوسع في التعاون الدولي لضمان نجاح رحلة «الرقمي»، لا سيما خلال الأوقات الصعبة، وذلك بالاعتماد على بناء القدرات المحلية، ثم الانتقال إلى التنظيم الدولي وتوفير كل أسباب نجاح المستقبل الواعد للقطاع الرقمي.


مقالات ذات صلة

«صندوق الاستثمارات» يعزز انتشار العلامات السعودية في الأسواق الحرة العالمية

الاقتصاد السوق الحرة في مطار الملك خالد الدولي بالرياض (الشرق الأوسط)

«صندوق الاستثمارات» يعزز انتشار العلامات السعودية في الأسواق الحرة العالمية

اتخذ صندوق الاستثمارات العامة خطوة جديدة تعزز انتشار العلامات السعودية في الأسواق الحرة العالمية.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

«بلومبرغ»: السعودية تخطط لزيادة قدرة مراكز البيانات 37 % حتى 2027

تكثف السعودية جهودها لتعزيز رقمنة اقتصادها لترسيخ مكانتها مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي؛ مما يجعلها السوق الأسرع نمواً لمراكز البيانات في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر السوق المالية السعودية في الرياض (أ.ف.ب)

«تداول» توافق لـ«مورغان ستانلي السعودية» بمزاولة أنشطة صناعة السوق

وافقت شركة «تداول» السعودية أن تزاول شركة «مورغان ستانلي السعودية» أنشطة صناعة السوق على ثمانية أوراق مالية مدرجة في السوقين الرئيسية والموازية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد مشاريع وزارة البلديات والإسكان السعودية (الشرق الأوسط)

نسبة تملك المساكن في السعودية تقترب من مستهدفات 2030

تقترب الحكومة السعودية من تحقيق مستهدفات برنامج الإسكان؛ أحد برامج «رؤية 2030»، بعد أن حققت ارتفاعاً بنسبة تملك الأُسر المساكن إلى 63.7 في المائة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

الاقتصاد السعودي ينمو في أعلى وتيرة من عامين

حقق الاقتصاد السعودي نمواً قوياً في الربع الرابع من عام 2024، مسجلاً أسرع وتيرة توسع فصلي خلال عامين، مدعوماً بتسارع الأنشطة غير النفطية، مما يعكس زخم التعافي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»: يجب إعادة التفكير في خطط التحول بمجال الطاقة

الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

الرئيس التنفيذي لـ«أرامكو»: يجب إعادة التفكير في خطط التحول بمجال الطاقة

الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر خلال مشاركته في مؤتمر «سيرا ويك» العام الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

قال الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية» أمين الناصر، يوم الاثنين، إن صانعي السياسات والمسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة بحاجة إلى إعادة التفكير في خطط التحول في مجال الطاقة، وإلى التوقف عن التركيز على عناصر التحول التي فشلت، مشدداً على الحاجة إلى الاستثمار في الوقود الأحفوري؛ لتلبية الطلب العالمي.

تأتي تصريحات الناصر في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى زيادة إنتاج النفط والغاز إلى أقصى حد، وهو تحول دراماتيكي في سياسة الطاقة الأميركية، بعد أن كان الرئيس السابق جو بايدن قد سنّ تشريعاً لتسريع التحول عن الوقود الأحفوري في أكبر اقتصاد في العالم، وفق «رويترز».

أما في أوروبا، فقد أبطأ صانعو السياسات في أوروبا من طرح سياسات الطاقة النظيفة وتأخير أهدافها مع ارتفاع تكاليف الطاقة عقب الحرب الروسية - الأوكرانية في عام 2022، مما أدى إلى تحويل تركيزهم إلى أمن الطاقة. وقد تراجعت شركات النفط الأوروبية الكبرى عن خططها الرامية إلى بناء تكنولوجيات أكثر مراعاةً للبيئة لأنها أثبتت أنها غير مربحة.

وقال الناصر أمام المديرين التنفيذيين من كبرى شركات الطاقة في العالم في مؤتمر «سيرا ويك» في هيوستن: «يمكننا جميعاً أن نشعر برياح التاريخ في أشرعة صناعتنا مرة أخرى». وأضاف: «لقد حان الوقت للتوقف عن تعزيز الفشل»، مشيراً إلى الهيدروجين الأخضر كمثال على الوقود الذي كان محور سياسات تحول الطاقة، ولكنه لا يزال مكلفاً للغاية بحيث لا يمكن استخدامه تجارياً على نطاق واسع.

وأوضح أن مصادر الطاقة الجديدة يمكن أن تكون مكملة للوقود الأحفوري ولكن لا يمكن أن تحل محله. وشدد على أن هناك حاجة إلى الاستثمار في جميع مصادر الطاقة لتلبية الطلب العالمي على الطاقة، قائلاً: «لقد كانت الاستراتيجية الحالية المتمثلة في التحول المبكر إلى بدائل غير ناضجة مدمرة للغاية. ولا يمكن للمصادر الجديدة أن تلبي حتى النمو في الطلب».

ولفت إلى أن إلغاء الضوابط التنظيمية وتقديم حوافز أكبر للمؤسسات المالية لتوفير «تمويل غير متحيز» ضروريان لضمان استثمارات كافية في مجال الطاقة.

وقال الناصر إن «أرامكو» استثمرت أكثر من 50 مليار دولار العام الماضي، في مشاريع الطاقة التقليدية والمتجددة. وأضاف أن الشركة تستهدف الاستثمار فيما يصل إلى 12 غيغاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2030.

ودعا الناصر في كلمته أمام المؤتمر العام الماضي الصناعة إلى «التخلي عن خيال التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري».